لقاءات أجراها - لؤي عباس غالب لعلـها المرة الأخيرة التي نحتفل فيها بالـوحدة ونحن تحت مظلة حكم الدولة المركزية بنظامها البسيط الحالي ولعل هـذا التاريخ في العام القادم يأتي ونحـن نعيش فيدرالية إقليمية تبعا للمخرجات التي سيتمخض عنها مؤتمر الحوار والتي سيقول فيها الشعب اليمني كلمته “نعم” أو “لا” ...ونحن نعايش الذكرى التاريخية لـرفع العلم الوحدوي بين شـطري اليمـن الواحد ونحـن نقف اليوم -على بعد ثلاثة وعشرين عاما مـن أول لحظة للوحدة في عام 1990م فيها من السلبيات والايجابيات الشيء الكثير- على وضع اختلفت حيثياته وموازينه ومفاعيل قـواه وعليه فالقول الحقيقي بأن اليمن يمر بمرحلة حساسة وخطيرة هو قـول صحيـح .. تمر هذه الـذكــرى اليوم والأصوات معها وضدها تتعالى باسم قضية الجنوب فما هي أهم التحديات التي تمر بها البـلد وما هو الحل الناجع للقضية الجنوبية مرحليا واستراتيجيا وما يتوجب على صانع القرار اتخاذه للحد من التداعيات السلبية على المجتمع اليمني...نستطلع آراء نخبة دبلوماسية حـول هذا الموضوع فإلى التفاصيل:الحل قيام الدولة بواجبها وإعادة الحقوق قال السفير محمد علي شيبان سفير اليمن بنواكشوط إن الظلم والإقصاء وشراء الذمم من أهم التحديات التي تواجه الوحدة . إضافة لهذا وذاك يعد الفقر العدو اللدود لليمن واليمنيين وهو أس المشاكل وأساسها..الحل يكمن في قيام الدولة بواجبها نحو المواطن الجنوبي وذلك بإعادة حقوقه المسلوبة من الوظيفة والراتب والدرجة حتى تعود الثقة ويسود الوئام بين الفرد والدولة فتراكمات أخطاء الماضي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه . اعتقد أن الدولة جادة في إعادة الحقوق لأصحابها ورفع الظلم والمعاناة عنهم . كما يجب أن تسرع الدولة بتنفيذ النقاط العشرين التي أوصت بها اللجنة الفنية للحوار .القضية الجنوبية أصعب قضية وطنية بينما يرى السفير إدريس الشمام من تولّى حكم اليمن وهو علي عبدالله صالح..هو السبب فيما آلت إليه الأوضاع من تدهور واهتزاز لمفهوم الوحدة وطريقة حكمه للبلاد ونظامه المركزي المشخصن بشكل عام ..وباعتبار كونه رأس الدولة فقد ساهم في تحطيم الوحدة التي كان يسعى لها جميع اليمنيين شمالاً وجنوباً.. وجعلها الآن أصعب قضية وطنية..وذلك لأسباب كثيرة وعديدة.. أهمها إدارته للنهب والسلب والظلم والفساد والمفسدين والفوضى طوال توليه الحكم.. شمالاً وجنوباً..وأسوأ السيئين من وجهة نظري .. هم المزايدون من أبناء الجنوب قبل أبناء الشمال .. ممن شاركوا أخطاء علي عبدالله صالح ضد الجنوب .. ومنهم من أصبحوا الآن يتاجرون بالقضية الجنوبية وهم أكثر أسباب تشوهها .. بشراكتهم .. وشراهتهم.. وفسادهم صمتهم .. خلال الفترة السابقة ..هذه التشوهات والاختلالات التي لحقت بالوحدة وكيان الدولة في طريقها للتصحيح عقب الثورة المباركة التي جلبتها رياح التغيير في اليمن.. والمنطقة بما عرف بثورات الربيع العربي.. ووصول قيادة وطنية أفرزتها الانتخابات الرئاسية التوافقية الأخيرة.وفي اعتقادي أن هناك قضايا ومسائل جوهرية ورئيسية تتعلق بشكل الدولة والوحدة ونظام الحكم سينظمها دستور الدولة الاتحادية الجديدة وهي أمور كلها سيتمخض عنها مؤتمر الحوار الوطني الشامل.الوحدة ليست مزاج أشخاص .. ويوجد تيار انفصالي في الشمال كما في الجنوب من جانبه أكد الكاتب والمستشار الإعلامي بسفارتنا بدبي عبدالحكيم الحمادي في إجابته على واحدية الأرض اليمنية تاريخيا وجغرافيا..وقال إنه لمن المؤسف حقا أن يأتي من يقول بأن الوحدة انتهت مؤكدا على أنها “الوحدة” لن تنتهي فهي ليست مزاج أشخاص اتفقوا يوما على إتمامها وعند خلافهم يريدون إنهاءها ...وانتقد محاولات تصوير الشمال بالوحدوي والجنوب بالانفصالي وقال : (البعض يحاول عن -علم أو عن جهل- تصوير ما يجري في اليمن ، بأن هناك شمالاً وحدوياً وجنوباً انفصالياً وهذا محض افتراء لان هناك تياراً انفصالياً متواجداً في الشمال كما هو في الجنوب ، وبالمقابل هناك قوى وحدوية خيرة غالبة تمتد على الساحة اليمنية كلها ، وتسعى لإعادة ألق الوحدة الحقيقية القائمة على الشراكة والمساواة والمواطنة المتساوية وسيادة القانون وتحقيق العدالة.وأضاف: للأسف الشديد أن هناك من يحصر القضية الجنوبية في إطار ضيق من الحقوق المادية وهذا وجه آخر للجهل بالقضية اليمنية الواسعة بشكل عام والجنوبية بوجهها الخاص فمن يظن أن للجنوب حقوقاً فقط سلبت منه ويريد استعادتها فهو مخطئ .. نعم الجنوب له حقوقاً سلبت لكنه بالمقابل شريك في السلطة والثروة وهو يريد استعادة هذه الشراكة في السلطة الفعلية في كل مفاصل الدولة مدنية وعسكرية...ونحن مطالبون اليوم بالاعتراف جميعا أننا نمر بمرحلة أزمة أخلاق تجاه الوطن .. فكثير يتعامل مع الوطن كأنه قطعة أرض يحاول من خلالها إشباع غرائزه كحيوان لا روح ولا عقل له ...وأكد: أن الوحدة ستكون بخير إذا تمكنا من أن نتعايش ونتحاور بشفافية ومسئولية وأن نحدد معالم المستقبل واسلوب الحكم الرشيد، ونحدد الأهداف بوضوح وروية مدركين الصورة التي نريد الوصول إليها في المستقبل.. وعلينا أن نستفيد من الوحدة لتحقيق التطور والمستقبل المنشود لـهـذا الوطن...قائلا “ الاستقرار ضرورة لضمان استمرار الوحدة .. وهــذا يكون مـن خـلال تبني سياسات داخلية وخارجية تكفل: حـلا سريعا للمشاكل الداخلية لاسيما في بعض المحافظات، ودراسة التحولات الإقليمية والدولية القائمة والمتوقعة...علينا أولا قراءة الواقع قرأت متأنية وواضحة.. كما يتوجب أن تكون لدينا الشجاعة الكاملة لقول الحقيقة الكاملة وتشخيص الحالة اليمنية بشكل عام دون تزييف (تشخيص الداء يؤدي إلى علاج ناجع ) وبالتالي معرفة ما يمكن تحقيقه على ضوء ذلك في المدى القريب وصولا إلى حلول استراتيجية على المدى البعيد ..بمعنى أننا الآن بحاجة إلى وضع تصور شامل يتدرج وفق مراحل يصاحبه تغير الوضع الراهن تدريجيا دون مغالاة وصولا إلى ما نطمح إليه و لنبدأ بمعالجة القضايا الحساسة قبل تفاقمها وكما يتوجب علينا أن نستبق الحلول لا أن نجري خلفها.طمع القيادات ..وعدم كفاءتهامن جانبه قال عز الدين عبدالسلام العنسي الأمين العام المساعد لمجلس الشورى: أعتقد أن بداية القضية كانت سابقة لعام 1994م ويمكن رصد بداياتها من عام 1990م أو قبله فالإشكال كان تراكميا ..و النظام الذي حكم في الجنوب آنذاك كان مخالفاً لما هو سائد في المنطقة كلها تقريباً، وهذا دلالة على عدم قدرة فهم المعنيين حينها لطبيعة المنطقة واليمن فالخدمات المجانية التي كان يقدمها الحزب آنذاك ما هو سببها؟ وهل كانت تتكفل بها السلطة هناك من ثروة البلد أم من الديون؟ وهنا تتكشف المنطقة الرمادية إذ تراكمت كثير من الديون على النظام هناك وهو أمر عجل بفرار النظام إلى الأمام نحو الوحدة.. إن ما حدث في عام 94 كان نتيجة طبيعية لتلك الاتفاقات التي حدثت في عام 89 ،90 فلم تكن القيادتان على مستوى البلدين مؤهلتين لأن تخوضا تجربة ما تسمى الوحدة، لسبب واحد أنهما تابعتان لأحزاب شمولية. وقال مختتما كلامه: كانت حرب صيف 94 نتيجة طبيعة بسبب قصر نظر الأطراف وعدم فهم كل طرف للآخر، وبدرجة رئيسة غياب المشروع الوطني الذي كان يمكن أن يكون عامل استقرار لليمن الجديد، وعندما غاب المشروع الوطني بقينا نتكلم على مصالح.وفي هذه المرحلة المصيرية الحرجة والحساسة التي يمر بها البلد وخاصة ونحن نمر بتحدي الحوار ومخرجاته يكون الوضع أكثر تعقيدا وإذا تأخرت المعالجات فنحن قادمون لا محالة على أزمة انفصال وسيزداد تعقيد القضية يوما أثر آخر ...الحقيقة أن ما نحتاجه هـو معالجات على ارض الواقع تخلق رضى شعبياً بالتزامن مع وجود دولة حامية ضابطة.لا حل جاهز ..الكرة في ملعب المتحاورين بينما يرى السكرتير ثالث بوزراة الخارجية الأخ حسين الأشول -الذي تم تعيينه مؤخر لدى بعثتنا في جنيف - أن أغلب اليمنيين ينظرون للقضية الجنوبية كقضية تمثل أولوية خاصة، فهي قضية محورية وأساسية في مؤتمر الحوار الوطني ولا بد من إيجاد حل عادل يرد المظالم ويضمن عدم تكرار ما حدث وكما ذكر مؤخرا المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، جمال بنعمر، أن عدم معالجة القضايا ذات البعد الوطني، والتي تأتي على رأسها القضية الجنوبية، لن يؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار، الذي يتوق إليه كافة اليمنيين من أجل استمرار عجلة التغيير والسير باليمن نحو التقدم والازدهار.مضيفا بأنه “لا بد أن يدرك الجميع أنه لا حل للقضية الجنوبية، وغيرها من القضايا، إلا عن طريق الحوار، كما أكد على ذلك فخامة رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة.. ولذا فإنه لا بد من مشاركة الجميع، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والعمل معاً بعقول مفتوحة وقلوب تتقبل الآخر وضمائر حية همها الأول والأخير مصلحة الوطن والمواطن. يجب على الجميع أن يؤمن أنه لا يوجد حل جاهز وأن الحل بأيدي المتحاورين. فجميل جدا أن نرى رؤى من قوى مختلفة عن جذور المشكلة وتداعياتها، مما سيؤدي بالضرورة إلى ظهور حلول عادلة ومنطقية تعالج تلك الأسباب والتداعيات.مختتما كلامه بالقول “بوجوب أن يتزامن الحوار مع قرارات وأعمال على أرض الواقع تبدأ في حلحلة بعض المشاكل المتراكمة، وقد بدأ ذلك فعلاً متمثلاً في لجنة معالجة قضايا الموظفين المبعدين في الجنوب من السلكين العسكري والمدني، ولكن ينبغي أن يتم تنفيذ بقية النقاط التي أوصت بها اللجنة الفنية للإعداد للحوار”.إعادة الوحدة على أسس اقتصادية تحقق مصلحة الجميعمن جانبه قال الأخ سامي الباشا سكرتير ثالث بوزارة الخارجية “لا شك في أن الاحتفال بعيد الوحدة في هذا العام مختلف تماما عن كل الاحتفالات السابقة نظرا للظرف الاستثنائي الذي يعيشه الوطن والذي يترافق مع بدء الحوار الوطني الهادف لبناء يمن جديد يحتم علينا النظر برؤية جديدة وتقييم موضوعي لمسألة الوحدة التي نسعى جميعا للحفاظ عليها...وعلينا حقيقة في هذه المرحلة التي نعيشها أن نبتعد عن العاطفة قدر الإمكان عند الحديث عن الوحدة لأن العاطفة هي التي جلبت لنا وحدة بغير أهداف ولا رؤى إستراتيجية حيث كانت الوحدة في 1990م مجرد تحقيق حلم عاطفي لشعب عانى طويلا من الانقسام وبذلك حضرت العاطفة وغابت الرؤية والإستراتيجية مما أوصل الوطن لهذا الوضع الذي نعيشه. وأضاف على الجميع بشكل عام وعلى أعضاء مؤتمر الحوار بشكل خاص النظر لمسألة الوحدة بنظرة موضوعية اقتصادية بعيدا عن كل الإشكاليات السياسية والتفكير بالجدوى الاقتصادية الممكن الحصول عليها من استمرار الوحدة أو انتهائها، لأن العالم اليوم يتحرك ويدار بالنظريات الاقتصادية والتكامل الاقتصادي وهو ما جعل العديد من دول العالم وعلى الرغم من التنوع الثقافي والاجتماعي والإثني تتحد في تكتلات مختلفة تجمعها فقط المصلحة الاقتصادية. وبالتالي متى ما ركز الجميع على الاقتصاد والتكلفة المترتبة على الوحدة أو الانفصال فأنا على يقين بأننا سنخرج بالحل الأفضل لليمن.معلقا” أننا تفاءلنا بكون القضية الجنوبية هي القضية الأساس وحجر الزاوية في مؤتمر الحوار ، ولكن ومع الأسف فإن القضية الجنوبية تمر الآن بمرحلة حرجة للغاية خاصة مع الانسحابات الأخيرة لقيادات جنوبية وإحجام قيادات أخرى عن المشاركة في الحوار، وعلى الرغم من قرارات إعادة الهيكلة الأخيرة إلا أن البعد الاقتصادي في جانب الحلول ما زال غائبا أو مغيبا مع أنه يمثل أساس المشكلة الجنوبية حيث أن نسبة البطالة المرتفعة إضافة إلى التسريح القسري للعديد من الموظفين العسكريين والمدنيين بعد حرب 1994م ،هو ما يزيد ويؤجج من مشاعر العداء والكراهية للوحدة التي ينظر إليها إخواننا في الجنوب بأنها فاقمت مشاكلهم الاقتصادية بدلاً من أن تقدم حلاً لها.ومع ذلك ينبغي أن لا يضيع إخواننا في الجنوب هذه الفرصة التاريخية من خلال المشاركة الفاعلة في مؤتمر الحوار الذي تتوفر له الضمانات الدولية والإقليمية والبعد عن الحلول العاطفية المتمثلة بالانسحاب أو تعليق المشاركة لأن هذه الخطوات إنما تضر القضية الجنوبية أكثر مما تصب في صالحها، وحتى المطالبة بحق تقرير المصير أو فك الارتباط كحلول لن يقبلها المجتمع الدولي إلا عن طريق الحوار والاتفاق بين جميع الأطراف في الوطن، وما عدا ذلك سيظل البديل وطناً غير آمن وغير مستقر مما سينعكس بدوره بشكل سلبي ليس على اليمن فقط ولكن على أمن الإقليم والعالم ككل.
سفراء يتحدثون عن القضية الجنوبية
أخبار متعلقة