في عام 1990م، تم الإعلان عن تحقيق الوحدة تجسيداً لهدف عظيم ناضلت من أجله الحركة الوطنية والعمالية اليمنية حيث كان الجنوب فارس الكفاح من أجل الوحدة وميدانه الرئيسي, ولذلك لم يكن غريباً أن يلتف كل أبناء الجنوب حول هذا القرار التاريخي.وفي عام 2013م تمر ثلاثة وعشرون عاماً على تحقيق الوحدة في مشهد مختلف ، حيث تحولت مدينة عدن وكل مناطق الجنوب إلى ساحات احتجاجية تعلن رفضها للجرائم والسياسات الخاطئة التي ارتكبت باسم الوحدة.. وبدلاً من أن نشاهد مسيرات ضخمة مؤيدة للوحدة ، أصبحنا نشاهد مليونيات يشارك فيها أبناء الجنوب وفي مقدمتهم الشباب بهتافات معادية للوحدة !.هل الخطأ في المشهد ؟.. أم في هؤلاء الشباب الذين ما كانت الوحدة لتتحقق لولا كفاح آبائهم وقناعتهم بالوحدة، قبل أن تستولي عليها وتختطفها مراكز القوى التقليدية وناهبو الأراضي والجبال والبحار.لايستطيع أحد أن يزايد على أن الجنوب كان مهد الكفاح من أجل الوحدة .. وعلى أرض الجنوب وفي مقدمتها عدن ارتفعت شعارات الوحدة اليمنية، في مواجهة الاستعمار والمشاريع الأنجلوسلاطينية التي كانت تستهدف تكريس ليس فقط تجزئة اليمن، بل تجزئة الجنوب، من خلال إقامة اتحاد للإمارات والسلطنات التي كانت تعرف بالمحميات الغربية وبضمنها عدن، بالإضافة إلى إقامة دويلات خارج هذا الاتحاد في ما كان يعرف بالمحميات الشرقية، وهي حضرموت والمهرة وسقطرى .. وبفضل ثورة 14 أكتوبر الشعبية المسلحة انهزمت هذه المشاريع الاستعمارية وتحقق الاستقلال في (30) نوفمبر 1967م، وتم توحيد كامل تراب الجنوب شرقه وغربه في إطار جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كخطوة على طريق الوحدة اليمنية.من نافل القول أن هذه المشاريع سقطت بفضل كفاح شاق وتضحيات جسيمة شارك فيها العمال والمزارعون والقبائل والطلاب والمثقفون والفنانون الذين صاغوا وجدان أبناء الجنوب بروح الإيمان بالوحدة، وحلموا بها من أجل العيش في ظل يمن حر ديمقراطي موحد ، وهو ما يتكامل مع أحلام الشعب اليمني في الشمال وأهداف ثورة 26 سبتمبر.لكن الأخطاء التي رافقت الإعلان عن تحقيق الوحدة بالإضافة إلى الممارسات والسياسات الخاطئة التي تكرست بعد حرب صيف 1994م ، جعلت أبناء الجنوب يشعرون بخيبة أمل عندما وجدوا أنهم لم يفقدوا فقط دولتهم، بل لم يجدوا بالأساس دولة وطنية مدنية يسودها القانون والعدل والمواطنة المتساوية والشراكة في السلطة والثروة.ونتيجة لهذه السياسات الخاطئة التي كانت تنطلق من عقلية ضم الفرع إلى الأصل والتعامل مع الجنوب وثرواته ومؤسساته كغنائم مستباحة للمنتصرين المتنفذين بعد حرب صيف 1994م، اكتشف أبناء الجنوب أنهم ليسوا شركاء في الوحدة والسلطة والثروة، بل مواطنون من الدرجة الثالثة، وهو ما أوجد لديهم وجيل الشباب على وجه الخصوص شعوراً بالإحباط والمهانة عبروا عنه بالغضب والرفض للأوضاع القائمة باسم الوحدة، ما أدى إلى ظهور القضية الجنوبية والحراك الجنوبي السلمي ، كحامل موضوعي لهذه القضية.ولأننا نؤمن بأن الوحدة بريئة من الجرائم التي ارتكبها لصوص الوحدة، وهم بالقطع ممن لا رصيد لهم في الكفاح الوطني من أجلها .. ولم يكونوا أصلاً وحدويين .. فقد قررنا فتح هذا الملف الذي يشارك فيه عدد كبير من الشخصيات والأحزاب والقوى التي لا نشك في أنها ضد الوحدة، ولا نشك أيضاً في أنها ضد الجرائم والسياسات الخاطئة التي ارتكبت باسم الوحدة المعتدى عليها.
كلمـة لا بد منها
أخبار متعلقة