عنف ومحاولات للطيران.. بعد مشاهدتهم أفلام الكرتون على الفضائيات
إشراف/محرر الصفحةراجت أفلام الكرتون المستوردة والمدبلجة الموجهة للأطفال عبر قنوات فضائية متخصصة، ووقف الأهالي عاجزين عن منع أطفالهم من تقليد مشاهد العنف وتقمص شخوصها الخيالية، حائرين في تفسير بعض الشعارات المرددة أو الرموز الموجودة فيها، والتي تنتمي بالغالب إلى ثقافة مغايرة وغريبة على البيئة العربية.هذا ما اعتبره خبير نفسي بأنه «يشكل خطراً على الطفل خاصة عندما تكون هذه الأفلام مستوردة، في هذه الحالة يكون الطفل متلقيا سلبيا لهذه القيم الجديدة ويحاول قدر الإمكان التعايش معها والانغماس بأحداثها حسياً وفكرياً».[c1] رموز وأشكال غير مفهومة [/c]من خلال هذا الموضوع رصدنا تأثير هذه المسلسلات الكرتونية على سلوك الأطفال لدى بعض الأسر، وحاولت الوقوف على تفاصيلها في المدرسة والمنزل، محاولاً تفسيرها نفسياً، وقال أبو أحمد ملحم وهو أب لـ3 أولاد: إن « طفلي وهو في السادسة من عمره، مدمن على مشاهدة التلفاز، وخاصة أفلام الكرتون التي تعرض على قناة mbc3 “.. مضيفاً” ومن خلال مراقبتي لبعض مسلسلاتها الكرتونية، وجدت فيها رموزاً سياسية ودينية وأشكال أناس غير موجودين في الواقع، ما أثر سلباً على ابني الذي بدأ بجمع صور لهذه الرموز ، من دون أن يفهم معناها، ناهيك عن تقليده لهم عبر الصراخ والقفز على أثاث المنزل، ظاناً نفسه يملك قدرات خارقة”.وأردف ملحم” يصعب التحكم في هذا الموضوع، ويحتاج لخبراء نفسيين لمعالجته، لكنني أحاول أن أراقب المسلسلات التي يشاهدها أطفالي، ومنعهم من المسلسلات غير المفيدة، ففي إحدى المرات وعندما منعت ابني من مشاهدة مسلسل “يوغي” عاملني كأحد الأشرار في المسلسل، وهاجمني ونعتني باسم أحد الأشرار”.[c1] طفل يحاول الطيران [/c]احد الاطفال تأثر بالإعلانات التي تستخدم الصور المتحركة فيها، قال والده بلال «تأثر ابني بإحدى الإعلانات التي تستخدم أفلام الكرتون للترويج لمنتجاتها، مع أنها ليست موجهة للأطفال، ففي إعلان لمشروب الطاقة «ريد بول» كان ابني عماد( 10 سنوات)، ينشد إليها بطريقة غريبة، حتى أنه بات يطلب المشروب كل يوم».وأضاف «فضلاً عن ذلك كان عماد يشرب المشروب ويحاول الطيران، أو يحاول الوصول إلى شيء منعناه من الوصول إليه، ظاناً نفسه بطلاً خارقاً، وكان ينزعج في بعض الأحيان من أنه لم يحصل على الاجنحة المرجوة من المشروب، ويطلب مشروباً مرة أخرى كي تظهر هذه الأجنحة».وفي المدرسة، لم يكن تأثير أفلام الكرتون غائباً عن الأطفال، وقالت أم حنان، إن «ابنتي الصغيرة (8 سنوات) مولعة بمسلسل يسمى (الساحرات الصغيرات) وعلى الرغم من أن الفتيات في المسلسل الكرتوني يدافعن عن الخير، إلا أن ابنتي تقلدهن في الشجار وأفعال العنف اللواتي يقمن بها ضد الأشرار، وعلى هذا تتقمص ابنتي وصديقاتها أدوار البطلات، ويتعمدن الشجار مع الفتيات الأخريات في المدرسة».وتابعت «تحاول ابنتي بعد كل حلقة من حلقات المسلسل، أن تجرب قواهن الخارقة كالطيران مثلاً، معتقدةً أنها تمتلك قدرات خارقة مثلهن، فضلاً عن محاولتها لتقليد بطلات المسلسل بلباسهن».[c1] الشجار ينتقل إلى المدرسة [/c]وفي هذا الجانب، قالت المدرسة شادية السعدي إن» تأثر الطلاب في المدارس وخاصة الأعمار الصغيرة، يكون بأفلام الكرتون المدبلجة للعربية والمستوردة من الغرب، والتي تعكس عادات ومبادئ غير معتادين عليها في مجتمعاتنا، والخطورة تكمن بتقليدهم لها وخاصة في مشاهد العنف».وأردفت السعدي « يقوم الأطفال في المدرسة بتقليد الشجار الذي دار بين أبطال المسلسل الكرتوني في اليوم السابق للمدرسة، وينعتون أنفسهم بألقابهم، ويتشاجرون أحياناً على لقب أحد شخوص الفيلم الكرتوني، ويستخدمون أدواتهم في المنازعة، كالسيوف أو مسدسات الخرز، أو حتى صور أبطالها التي يضعونها على دفاترهم، أو المنتجات التي تتسابق مصانع الألعاب لإنتاجها محاكاةً لأدوات الفيلم الكرتوني المستخدمة في الصراع».وعن أكثر المسلسلات الكرتونية تأثيراً على الأطفال في المدارس مؤخراً، قالت السعدي» في الفترة الأخيرة انتشرت بين أطفال المدارس صور شخصيات غير بشرية مرسومة على بطاقات كرتونية، تابعة للمسلسل الكرتوني «يوغي»، حيث أخذ الطلاب يقلدون قواعد اللعبة وشخصياتها في كل فرصة، ولا يخلو الأمر من المشاجرات والمشادات الكلامية».أما حول التحصيل الدراسي فأرجعت السعدي ضعف بعض الطلاب دراسياً إلى « الجلوس مطولاً أمام شاشة التلفاز، ومشاهدة أفلام الكرتون، بحيث يجدون فيها التسلية على خلاف الكتاب المدرسي، الذي يتحول أمامهم إلى قطعة جامدة مقارنةً بالحركة في أفلام الكرتون، والمتعة التي يحصلون عليها خلال مشاهدتها».[c1] عنف وتخبط وحيرة [/c]بحسب الخبير النفسي والاجتماعي أسامة خليفة فان «التفسير النفسي واسعاً، ويحتمل الكثير من التأويلات، والأسباب « مضيفا ان « أفلام الكرتون والرسوم المتحركة الموجهة للأطفال من الممكن أن تكون خطيرة، وخاصة عندما تكون هذه الأفلام مستوردة من مجتمع مغاير لمجتمعنا الشرقي، في هذه الحالة يكون الطفل متلقياً سلبياً لهذه القيم الجديدة ويحاول قدر الإمكان التعايش معها و الانغماس حسياً وفكرياً مع أحداثها».وعن تأثير هذه الأفلام الكرتونية على ثقافة الطفل ، أردف خليفة إن « هذه الأفلام تجعل الطفل يتلقى القيم والأخلاق الصالحة في إطار بيئي جديد بعيد جداً عن البيئة العربية وثقافتها، ما يؤدي إلى تخبط داخله وحيرة بين ما يتلقاه وبين حياته المعاشة في بيئته الواقعية، ومن هنا تكون نقطة البداية للآثار السلبية».«العنف وتكريس ثقافة الغرب وتقليد نمط حياتهم « كانت اغلب الآثار السلبية على الأطفال جراء الجلوس لساعات طويلة أمام التلفاز لمشاهدة أفلام الكرتون ، حسب ما قاله خليفة، وأردف في ذلك أن « تبرير أعمال العنف في أفلام الكرتون والمرتكبة من قبل بطل القصة الذي يكون في العادة هو الرجل المدافع عن الخير، يجعل الطفل راضياً عن العنف لذي يرتكبه، ويشعر بأن هذا التصرف هو الصحيح لأن بطل الفيلم الكرتوني قام بذلك».ويضيف خليفة» في بعض الأحيان يتم تصوير العنف بصورة مضحكة، أو في مواقف طريفة، تظهر للطفل بأن العنف يحوي شيئاً من المتعة، فضلاً عن غرس فكرة إمكان الإفلات من الجريمة».[c1] الحل بتوجيه ورقابة الأهل [/c]أما عن كيفية الإفادة من أفلام الكرتون، فأوضح خليفة أن «لكل أفلام الكرتون قيماً معينة، لذلك يجب على الأهل في المنزل عدم ترك الأطفال وحدهم يشاهدون التلفاز، وتوجيههم إلى القيم الإيجابية في المسلسل الكرتوني أثناء المشاهدة، فمثلاً الفيلم الكرتوني «غرينديزر» يحوي الكثير من مشاهد العنف والخيال، ما يؤدي بالطفل إلى تقمص شخصية البطل العنيفة وابتعاده عن القيمة الأصلية للفيلم وهي الدفاع عن الوطن، ويكون ذلك في حال غياب توجيه الأهل أثناء المشاهدة».وهناك آثار سلبية عدة، غير العنف وسوء الفهم للقيمة وتقليد الغرب بحسب خليفة» من الممكن أن تصيب أفلام الكرتون وخاصة المدبلجة الطفل بحالة من الاغتراب والعجز عن التفريق بين الخيالي المعروض و الحقيقي المعاش ما يؤدي إلى آثار سلبية تابعة لهذا العجز خصوصاً اذا تحول بطل الفيلم الكرتوني إلى قدوة للطفل».