يوم المعلم .. يوم لتكريم الرسالة التربوية
لقاءات أجراها/ مصطفى شاهر (قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا) بيت شعر لطالما رددناه وسمعناه منذ أن كنا صغاراً هل هذه المقولة فعلاً في محلها اليوم.. هل هذا الرسول الذي علمنا الأحرف الأبجدية والأعداد الحسابية نمجده ونعطيه حقه كمعلم أفنى حياته في تربية الأجيال حيث وصل البعض منا إلى قمة السلطة من وزراء ومستشارين وخبراء وأطباء وكباتنة في السماء والبحر..وظل المعلم هو المعلم ساكناً متمترساً في محله يزرع الزهور ويسقي التربة من أجل أن يحصد ثماراً يانعة متفتحة تملأ الروضة الواناً وتمد يديها نحو السماء وعيونها على مدى الوطن الكبير شرقاً وغرباً يتجدد منها وفيها نسيم الحياة المتوارثة جيلاً بعد جيل..بهذه المقدمة البسيطة نتجه نحو مجموعة من الرسل الذين أمدونا برسالتهم التربوية منذ عشرات السنين واضعين لهم هذه الصفحة البيضاء من أجل أن يسطروا فيها بأحبارهم ما يمتلكون في أفكارهم من آراء وحسابات يريدون أن يضعوها في عيدهم هذا.. عيد المعلم الذي نحتفل به في بلدنا في الخامس من مايو هذا العام وهذه هي الحصيلة: تحدثت الأستاذة/ مريم محمد عبدالله الوهابي مديرة مدرسة أبو بكر الصديق:في البداية نهنئ كافة المعلمين والمعلمات بمناسبة يوم المعلم ونستطيع أن نقول "عيد المعلم" ونشكر معالي وزير التربية والتعليم "الدكتور عبد الرزاق الأشول" لهذه اللفتة الكريمة للمعلم وأن يجعل الوزير يوم 5 مايو كل عام يوم إجازة رسمية للشموع المضيئة التي تحترق بدون أي مقابل جزيل الشكر والتقدير للمبدع وزير التربية والتعليم.وهنا وفي هذا اليوم بالذات نستطيع أن نتساءل ونقول ماذا يريد المجتمع منا؟ وماذا نحن التربويين نريد من المجتمع والدولة؟.- في الحقيقة المجتمع يريد المعلم الجاد والمخلص في عمله ويجب علينا جميعاً نحن التربويين أن نتفانى في عملنا ونعمل بصدق وأن نحب مهنتنا بل نعشقها وعلى المعلمين أولاً الالتزام بالعمل والمواظبة فيه وعدم التقاعس وأن نبذل قصارى جهدنا في توصيل المعلومة للطالب وأن نكون أولاً وقبل كل شيء قدوة حسنة لأن الطالب يتأثر بالمعلم فعلينا كتربويين أن نتحلى بالأخلاق قبل كل شيء .إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.المجتمع يريد من المعلم أن يخرج أجيالا قوية متسلحة بالعلم النافع الذي يرفع من شأن اليمن ويمحو أميته وعلينا جميعاً كتربويين محاربة ظاهرة الغش الذي يعتبر وباء انتشر في كافة مدارسنا.. نعم يجب على الجميع ومهما كان الثمن محاربة الغش، قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" "من غشنا فليس منا".وهنا أنتهزها فرصة وأقول لأولياء الأمور تركوا أولادكم يذهبون إلى مدارسهم دون أن تتجمعوا على أبواب مدارسهم فلا داعي أن تساعدوا أولادكم على الغش وأنا أقول السبب الرئيسي أنتم يا أولياء الأمور في فساد أولادكم شجعوا أولادكم على المذاكرة اليومية والاهتمام بالدروس واهتموا بأولادكم كثيرا فسوف يعتمدون على أنفسهم..وبالمقابل المعلم يريد من الدولة عدم هدر وتجاهل حقوق المعلمين سواءً كانت في الترقيات أو العلاوات وتسوية أوضاع المعلمين وخاصة المعلمين الذين عينوا في 2011م، وأن تمنح رواتبهم شهرياً وليس كل ثلاثة أشهر أو أكثر من ذلك.. حتى يتسنى للإدارات المدرسية أن تقوم بدورها تجاه المدرس المتقاعس والمتغيب..وعلى الجميع أن يعرف أن مهنة التدريس من أقدس وأنبل المهن التي يمارسها الإنسان.ونطالب الدولة بالاهتمام بالمعلم ومساواته مع موظفي أجهزة الدولة في معظم المرافق الحكومية وأن يمنحونا البطاقة الطبية وأن يطبقوا قانون التطبيب الذي كان يتعامل به المعلمون في العلاج على نفقة الدولة.كما وجه الأستاذ/ سمير عبدالله محمد سالم رسالة إلى المعلم قائلاً:الزملاء الكرام أحييكم في اليوم العالمي لتكريمكم وكل يوم من أيام العام هو يوم تكريم لكم في الرسالة التربوية، في يوم المعلم نعيش فرح الروح.. روح العطاء معكم.. فرح القيمة الإنسانية.. أسمحوا لي أن أعتمد على رحابة صدوركم وحسن أخلاقكم وحلمكم لأضع أمامكم بعض المعاني المهمة في الرسالة التعليمية.إن المعلم أيها الزملاء الكرام هو روح العملية التعليمية ولبها وأساسها الأول وركنها الركين.. المعلم هو الركيزة الأساسية وحجر الزاوية في نظام التعليم، لا نكران لأثر المناهج الجيدة والكتب الجذابة والمباني النموذجية لكن هذه الأشياء وسواها على أهميتها تأتي بعد المعلم المقتدر المتألق الذي يعلم بعقله وقلبه وسلوكه.أن تكون معلماً يعني أن تكون رسولاً، ذلك أنك تتعاطى مع أنفس وأرواح وعقول تبنيها لتنتج إنساناً متعلماً متفكراً متدبراً، ولتحقيق هذه الغاية لابد أن تكون مربياً مهذباً ومؤدباً.. وهنا يبدأ جهاد النفس.كي تكون كل ذلك لابد أن تبدأ بتعليم نفسك وتربيتها لترتفع إلى مستوى أصحاب الرسالات، أيها الإخوة المعلمون المكرمون، أنتم الركن الذي لا غنى عنه مهما تقدمت التقنيات، وتنوعت الوسائل والاختراعات، لأنكم تتحلون بالفضائل وتتسمون بالروح، وتوجهون بالقدوة والأسوة، وتعملون بالحكمة والموعظة الحسنة. أما الآلات، فعلى أهميتها التي لا تنكر، فهي أدوات، لا تحس، ولا تعقل، ولا تحنو، ولا تقدر وكذلك الكتب، هي ثمار عقول مؤلفيها: فيها الصالح، والطالح، والمفيد وغير المفيد، والصعب الذي يحتاج إلى تسهيل، والغامض الذي يحتاج إلى شرح.لابد أن يدرك المعلم المثالي أنه"صاحب رسالة، يستشعر عظمتها، ويؤمن بأهميتها، ولا يظن على أدائها بغال ولا رخيص، ويستصغر كل عقبة دون بلوغ غايته من أداء رسالته. وإن اعتزاز المعلم بمهنته وتصوره المستمر لرسالته، ينأيان به عن مواطن الشبهات ويدعوانه إلى الحرص على نقاء السيرة، وطهارة السريرة، حفاظاً على شرف مهنة التعليم، ودفاعاً عنه.أخي المعلم، أختي المعلمة، أنت سبب نجاح المجتمع ونيله السبق بين الأمم، فأنت عنوان نهضة الأمة وتقدمها وأنت عند التربويين تعد منزلتك أعلى من درجة الوالدين.قال الإمام الغزالي:" حق المعلم أعظم من حق الوالدين، فإن الوالدين سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية، والمعلم سبب الحياة الباقية فأبو الإفادة أنفع من أبي الولادة".أنت سبب انتصار الأمة في معركتها المصيرية أو هزيمتها، فقد أرجعت فرنسا هزيمتها في الحرب الثانية إلى المعلم قائلة:" إن التربية الفرنسية متخلفة" وقال قائد الأمريكان لما غزا الروس الفضاء: ماذا دها نظامنا التعليمي؟". "الأمة في خطر".في يومكم هذا دعوني باسم الآباء والأمهات أحييكم أجمل تحية وأزجي الشكر لكل واحد منكم فانتم الأمناء على أغلى ما وهبنا الله، وأنتم محط الرجاء، وأنتم الذين يعول المجتمع عليكم ـ بعد الله ـ في ان تهيئوا أبناء أمتكم ليكونوا كما أراد الله مواطنين صالحين، بجهدكم ووعيكم يتحدد مستقبل الوطن وتتبلور صورته ويعلو شأنه.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [c1] يوم المعلمكما تحدث الأستاذ/ أنور أحمد صالح قائلاً :[/c]إن قيمة المعلم أغلى من الذهب ومن يغفل هذه القيمة أو يتجاهلها فهو حاقد على ذاته أي لا يحب الأجيال من أهله وأقاربه ومن صلبه.. المعلم تشهد له العقود والسنون التي تسطر مرجعيتها الأجيال تلو الأجيال والمعلم صفوة المجتمع ونخبته التربوية والتعليمية.. وحيث لا يوجد المعلم لا توجد العلوم والمعارف.. فالمعلم صانع المجتمع بكوادره بانية الأرض والإنسان.لم يبخل عليه الشعراء أو الأدباء والمفكرون التربويون الضالعون في علوم التربية والنفس فقدموا حقائق عن المعلم ووصفوه بأبلغ الصفات والتعبيرات فالمعلم شمعة تضيء طريق الآخرين ووصفه بأروع الوصف المفكر التربوي العملاق المرحوم والأستاذ القدير عبدالله فاضل بقوله «ليس للمعلم ما يميزه عن الآخرين سوى نكران دوره الحقيقي وراء الطباشير، الذي يحمله معه في حياته العملية وتقاعده وموته وكأنما قدر له أن لا يرى من الحياة غير سوادها رغم انه يصنع جواهرها الناصعة التي يتفاضر الجميع ببهائها ورونقها الأخاذ!!الجميع سلطة ومجتمعاً يدرك أن المعلم يستحق كل الحب والاحترام والتقدير لأنه يحمل رسالة تربوية سامية بالرغم من تجاهل البعض في السلطة والمجتمع لهذا الدور الوطني والإنساني وهذه حالة المعلم في بلادنا يقدم جهوداً مضنية في التعليم والتربية على مستوى التعليم الأساسي والثانوي في ظل رسائل وأدوات تربوية وتعليمية إن لم تكن متخلفة فهي بدائية وفي ظل استقرار دارسي معدوم ومناخ دراسي غير متوفر وهناك حقائق موجعة ومؤلمة يعاني منها المعلم وطلابه يدركها الجميع بما فيها وزارة التربية والتعليم ومكاتبها الفرعية في المحافظات والمديريات والسبب تقليدية قيادات هذه المكاتب واعتبار أن عمل التربية والتعليم وظيفة إدارية وفنية وليست رسالة سامية يحملها المعلم المظلوم في مستحقاته وفي وسائل عمله التي لم ترتق إلى المستوى المطلوب وأقصد الوسائل التقنية العلمية الحديثة أسوة ببلدان عربية سبقتنا لا تنعم (بالثروة النفطية) والحليم تكفيه الإشارة أي بمعنى أن الفساد المالي داخل حقيبة التربية والتعليم تسبب في ثقبها وتوجيه المخصصات إلى الطريق الخطأ أي (الجيوب). ولذا ضاعت الامتيازات وحرمت مدارس التعليم من الوسائل المتطورة والمباني المدرسية المؤهلة علماً وتعليماً والدراسة غير المستقرة والمناخات الدراسية الملوثة التي افسدت الحياة الدراسية داخل الصفوف وفي الفضاءات المدرسية.هناك من يحترم ويقدر المعلم من أولياء الأمور والطلاب بالرغم من تجاهل السلطة هذا الاحترام والتقدير غير المتجسد في الاهتمام المسؤول بـ (يوم المعلم) واحكي حكاية تقدير ولي أمر مسؤول أحب المعلم وأثبت ذلك في موقف إنساني رائع ونادر والحكاية بإيجاز شديد هي:ـ«وقف المدير العام حين دخل عليه في مكتبه أحد المعلمين.. وطلب من المتواجدين في المكتب الوقوف مردداً القول المأثور (قم للمعلم وفه التبجيلا) وقف الجميع مذهولين ثم حيا المعلم وطلب منه الجلوس قبله وهو يقول (كاد المعلم أن يكون رسولا) أجلس يا من تصنع الأجيال. لكن حين يدخل المعلم إلى أحد مكاتب التربية لا يقف له مديرها!!.. وهذا هو الفرق الغريب!!. وهذا دليل افتقار المعلم إلى تقدير رؤسائه التربويين!!.أتمنى أن يتفق زملائي وغيرهم أن الاحتفاء (بيوم المعلم) لايرتقي إلى ما يقدمه المعلم من عطاءات جزيلة تستحق التكريم اللائق. فالاحتفاء أصبح تقليداً سنوياً روتينياً لا يسمن ولا يغنى من جوع مجرد ورقة شكر وتقدير وحوافز رمزية استعراضية خالية من تقدير مشترك بين السلطة والمجتمع أي بين مكتب التربية والتربويين وأولياء الأمور وفي تنظيم احتفال واسع ولائق وفي اختيار عادل وغير مكرر للمعلمين والمكرمين لا تتدخل المعرفة والمسئولية والمجاملة والكسب الرخيص في عملية الاختيار.ومن يبرر أن المعلم ضعيف في عطاءاته بنسبة معينة فهذا دليل على ضعف التقدير والدعم المادي والمعنوي بسبب الفساد المنتشر داخل ديوان وزارة التربية وفي مكاتبها للأسف الشديد.لقد سلمنا مقترحاً للاحتفال التكريمي للمعلم والمعلم المتقاعد لمكتب التربية بعدن ولكن دون جدوى.. ولقد نشرنا هذا المقترح في مقال على هذه الصحيفة وهذا المقترح يتضمن تكريم المعلم المتقاعد كل عام بيوم خاص يسمى (يوم المتقاعد التربوي).نطالب بتعزيز ودعم عطاءات المعلم بالوسائل والمستلزمات الدراسية المتطورة والتقنية كي يتطور أداء المعلم بتطور هذه الوسائل وتهيئة المناخات الدراسية المرتبطة بالغرف الدراسية المطلوبة والمشروطة لنجاح الحصة الدراسية وخلوها من العوامل المعرقلة مثل الكثافة الطلابية وقلة التهوية والاضاءة إضافة إلى توفير فضاء مدرسي مناسب للنشاط التربوي الروحي والإبداعي.. وتمييز المعلم عن غيره مالياً ونفسياً ومعنوياً لتوفير حياة مستقرة تترافق مع استقرار دراسي للمعلم والطلاب.مع تنظيم احتفالات لائقة بمكانة المعلم وتكريم رفيع بعيداً عن التقليد المتعارف عليه الرخيص الخالي من إسعاد المعلم ورفع محاسن صورته المشرقة في المجتمع لأنه المعلم الصفوة والشمعة التي تحترق لتضيء طريق الآخرين وكما قال المرحوم الأستاذ الفاضل عبدالله فاضل أن للمعلم ديناً علينا.. وهذا الدين من النوع الخاص والمحفور في السلوك والعقول وفي ابجديات الحياة.فلنعط للمعلم حقه ليعطي لنا حقنا. وهذا الحق يتجسد في مستوى تكريمه السنوي (بيوم المعلم) وحتى لا تصبح الاحتفالات (بيوم المعلم) السابقة والقادمة لها تأثيرات سلبية على النفسية والمعنوية العقلية والروحية وبالذات للمعلمين المنتظرين تكريمهم هذا العام لان هذه الاحتفالات الشكلية والاستعراضية ينتهي تأثيرها الإيجابي في معنويات المعلمين المكرمين حال مغادرة الجميع قاعة الاحتفال وهذا التأثير يتسبب بامتعاض ويأس من أي تكريم قادم (بيوم المعلم).