كلمات
لا أعرف سبباً واحداً لهذا التعنت والاستفزاز الذي يحدث من جانب صانعي قانون انتخابات مجلس النواب الأخير. والذي يرفضه أي قانوني، أو باحث عن الحق.. وقد أكد معظم فقهاء الدستور أن مواد القانون سترجع من المحكمة الدستورية بعد العرض عليها، لأنها منافية للصالح العام،وغير منطقية، ولم تضع النقاط على الحروف. وأهم ما يشغل الجميع مجموعة من المواد، وهى قضية الدوائر وعددها، ودور المرشح الفردي والمستقل فيها.. ثم الاستثناء من الخدمة العسكرية، ثم الموقف من الشعارات الدينية. وكلها مواد مهمة ولكنها معلقة، ولا نعرف لمصلحة من تحدث تلك المراوغة، وتمييع الأمور، هذه المماطلة ما هي إلا مخدر لا نعرف ماذا وراءه.لقد أكدت المحكمة الدستورية على ضرورة التمثيل العادل، ثم ماذا يفعل المرشح الفردي والمستقل الذي لا يحميه حزب.. هل ينتحر وسط هذه القيود واللامبالاة من جانب القوانين المفترض أن تحميه وترعى مصالحه؟!.. فلا أحد يدافع عنه، ولا أحد يبحث عن سبل إدارة مشروعه الانتخابي وسط نفي العدل في توزيع الدوائر، وكما قلت من قبل إن هذه الدوائر تحتاج إلى سوبر مان وليس مجرد مرشح مستقل يحاول أن يقدم برنامجه.. لقد فوجئت بالقانون الذي وافق عليه مجلس الشورى بصورة نهائية وجاء في حواشي التصريح أن هناك تعديلا لبعض المواد للتيسير على الناخبين.. والمؤسف أن كل هذه التعديلات لا تجيء بالاقتراحات التي يمكن من خلالها حل أزمات كثيرة.. لا تزال تؤرق المرشحين.. وكلما طرحنا محاولة للخروج من الأزمة.. نفاجأ بحلول بعيدة عن الحقيقة، وكأنهم يعملون في غرف مغلقة، بعيدة عن أرض الواقع، وكانت هناك مجموعة من المقترحات تم تنفيذ بعضها، وتم إهمال الآخر، وهو الأهم والأكثر جدوى.ولكن حل هذه الأزمة كان باللف والدوران، فلم يعطنا القانون بديلاً شافياً.. الشعارات الدينية سلاح ذو حدين، ولكني أرى أنه سلاح ضد الجميع، وأن هذين الحدين سامان، وتقع نتائجهما السلبية على الجميع، لا يربح في هذه المعركة الساذجة أحد.. ولكن المؤسف أن القانون الجديد لم يلب رغبة المجموع.. وارتضى أن يقف إلى جانب فئة صغيرة في مواجهة الأغلبية.. الشعارات الدينية تضر الانتخابات ضرراً بالغاً، وكنت أتخيل أن تكون أولى المواد التي يتم حسمها ونزعها، حتى لا تشتعل في وجوهنا جميعاً.. ولازلت أصر على إلغاء الشعارات الدينية. وعدم الزج بها في الانتخابات. وأتمنى أن أرى حسماً لهذه القضية الغائبة الحاضرة في أذهان الناس جميعاً.. إذ هي نواة لأزمات نحن في غنى عنها.. أما الاستثناء من الخدمة العسكرية، فهذا خداع لا أعرف لمصلحة من ذلك.. فالمعروف أن الشرط الأساسي للخوض في الانتخابات، أن يكون إما انتهى من تأدية الخدمة العسكرية، أو تم إعفاؤه.. وغير ذلك ليس مسموحاً له بخوض الانتخابات، أما اللعب في تلك الشروط، فهو مرفوض، أو نقول إن هناك أهواء شخصية تقابلنا.. إن هذه المواد التي تتمثل في تقسيم الدوائر، والاستثناء من الخدمة العسكرية، والشعارات الدينية، ومكافأة النواب وتفرغهم.. في ظل احترام الدستور.. لابد من معالجتها بصدق وبدقة بعيداً عن الانحياز لمصلحة أحد ضد أحد، إنها ليست ثورة تصحيح بل هي أهواء شخصية.. إنها تفصيل قوانين لا يليق بمصر بعد الثورة، إننا نحس أن بها عوارا وأشياء لغرض في نفس يعقوب.. كل هذا يؤدي إلى انهيار الدولة!