الوهم على (تويتر): قلة يتحولون إلى آلاف ليصنعوا رأي الملايين
لندن/ متابعات:كيف لقلة من الناس أن يوهموك بأنهم آلاف ويتحدثوا بصوت واحد حول فكرة ما ليصنعوا رأي الملايين؟ لم يكن ذلك متاحاً قبل انطلاق (تويتر).ويجد مستخدم (تويتر) حشوداً من التغريدات المجتمعة على موقف موحد - قد يخالف رأيه- حيال قضية معينة، فيعتبر إن هؤلاء أشخاص حقيقيون.. ثم يبدأ بمراجعة نفسه وزحزحة موقفه تجاه ما ظن أنه الرأي السائد وهذا هو الهدف.وفي خضم ما تمر به المنطقة العربية من اضطرابات وثورات وما لوحظ من دور كبير لمواقع التواصل الاجتماعي فيها، وجدت جماعات سياسية، لا سيما الإسلامية منها، في تويتر نافذة واسعة وفاعلة وسهلة في آن معاً لإيصال أفكارها إلى المستخدمين الذين هم في الغالب من فئة الشباب ويسهل التأثير عليهم.وباتت المواقع الاجتماعية تحظى باهتمام كبير باعتبارها الشكل الأحدث من الإعلام في الوقت الراهن وانطلاقاً من مرونتها في الوصول إلى الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة التي بدأت بالانتشار سريعاً في المنطقة العربية.ففي السعودية مثلاً، أفادت دراسة بحثية نشرت مؤخراً بأن عدد الحسابات الوهمية الساعية إلى التأثير في الرأي العام السعودي تبلغ (6) آلاف حساب، في بلد يناهز عدد مستخدمي الانترنت فيه (16) مليون مستخدم.وتقوم هذه الحسابات، وفقاً للباحث أسامة المحيا، بإغراق (الهاشتاغات) بتغريدات متتابعة ومتنوعة تدور حول فكرة واحدة واتجاه واحد، وإعادة تكرارها خلال اليوم والأسبوع من حسابات مختلفة ومتنوعة بإشراك عدد هائل من الحسابات الوهمية.ويبدو أن العمل يتخذ طابعاً تنظيمياً، فيما يرى مراقبون انه أقرب إلى عمل الجماعات الإسلامية وخصوصاً الإخوان المسلمين الذين أسفرت أحداث الربيع العربي عن وصولهم إلى السلطة في أكثر من بلد.وفي بلد مثل السعودية، تنشط جماعة الإخوان المسلمين منذ عقود ولكن دون غطاء سياسي حيث تحظر السلطات تشكيل الأحزاب والجماعات السياسية، إلا أن لها شيوخاً ومريدين يروجون لأفكارها على المواقع الالكترونية وخاصة الاجتماعية منها.وبحسب ما يتيحه تويتر من حجم المشاركات، يكفي أن يضع المستخدم المنظم عدداً قليلاً من الكلمات التي تتوافق مع ما يريده تنظيمه دون أن يكون عليه البرهنة على صحة رأيه.ويشير المحيا في دراسته إلى أن القائمين على الحسابات الوهمية صنفوها إلى مجموعات صغيرة بواقع ثلاثين حساباً للمجموعة، وهي ثلاثة أنواع: الأول حسابات مهمتها الريتويت (إعادة التغريد) فقط، ولا توجد لها أي تغريدة.ويضيف قائلاً إن النوع الثاني هو حسابات تتجه للرأي العام وتدرج تغريدات إخبارية من حسابات إخبارية محددة لتعطيها زخماً ولتشتت الانتباه عن أنها حسابات وهمية تم إنشاؤها لتخدم قضايا معينة فقط.أما النوع الثالث فهو عبارة عن حسابات مخصصة فقط للمشاركة في الهاشتاغات السعودية الساخنة.ومع تنازع الأفكار حول موقف الدين من قضايا كثيرة متنوعة، تريد الحسابات الوهمية أن تقدم رأي القائمين عليها باعتباره الرأي الأوسع انتشاراً وربما وفقاً للقول المعروف (لا يجتمع الناس على باطل).ورغم أنهم ليسوا ناساً بل أسماء وهمية، ففي المجتمعات العربية التي تدين عموماً بالإسلام، يمكن (العزف) أو (التغريد) على الوتر الديني تجاه الكثير من المسائل، بدءاً بلباس المرأة مثلاً إلى الحكم باسم الدين مروراً بالترويج لمرشحي الانتخابات.وهكذا.. وبحسب الدراسة يحجم المغردون عن التغريد بآراء تخالف الرأي السائد، ويوهمهم ذلك بوجود توازن بين المؤيدين والمعارضين، فيخرج كثير من المغردين من (الهاشتاغ) كونه لا يناسب توجهاتهم فيتشتتون وينشئون (هاشتاغات) أخرى وهو أحد أهداف الإغراق.وتنشئ هذه الحسابات الوهمية (هاشتاغات) في قضايا معينة وتغرد فيها بأعداد كبيرة لإشغال المغردين عن (هاشتاغات) تطرح قضايا أخرى قد تكون أهم أو أكثر إثارة للجدل.