يكتسب مؤتمر الحوار الوطني أهمية كبيرة ومؤثرة في مسار التسوية السياسية كونه سيضع النقاط على الحروف حول مجمل القضايا والملفات الساخنة التي تشغل الرأي العام المحلي في بلادنا والتي من المقرر ان تطرح للتداول والنقاش على طاولة اجتماعات الأطراف المشاركة في المؤتمر الذي من المقرر أن تبدأ أولى جلسات انعقاده في الـ 18 من مارس الجاري، ومما لا شك فيه أن نجاح مؤتمر الحوار الوطني مرتبط بمدى تفهم الأطراف المشاركة فيه لطبيعة الأوضاع التي يمر بها الوطن وحرصهم على المشاركة الوطنية الفاعلة لنجاح الحوار من خلال تقديم التنازلات والتحلي بالمرونة عند مناقشة القضايا المطروحة وتقبل كل الآراء والعمل في نهاية المطاف على تغليب مصلحة الوطن على المصالح الذاتية والحزبية والسياسية، فلا نريد ان يدخل المتحاورون وهم يرفعون شعار (قلايتي وإلا الديك)، لأن الحوار على هذه الكيفية سيكون عقيماً ولن يثمر أي نتائج إيجابية وسيتحول إلى منطلق لإشعال المزيد من المشاكل والأزمات بعدان كان بالنسبة لنا طوق نجأة يعبر بنا وبوطننا مرحلة الخطر المحدق بنا، لنصل إلى مرحلة الأمان التي سنحصد ثمارها جميعاً في زمن قياسي جداً.لا أبالغ عندما أقول بأن الحوار الوطني طوق نجأة اليمن واليمنيين فهذه هي الحقيقة التي لا يستطيع أحد انكارها وخصوصاً مع استنفاد أطراف الأزمة السياسية في البلاد خيارات التصعيد والتأزيم والحلول الفردية والتي كان كل طرف يسعى من خلالها لايجاد حل مناسب للأزمة يتماشى مع أهدافه ومصالحه إلى أن وصل بهم الحال إلى الاقتراب من الخيار الدموي والمأساوي والكارثي وهو خيار الحرب الأهلية التي كانت طبولها تقرع لولا عناية الله عز وجل ولطفه باليمن واليمنيين التي الهمت أطراف الأزمة سبيل الرشاد وقادتهم إلى تحكيم العقل والقبول بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كخيار توافقي يقود إلى تحقيق تسوية سياسية مرضية لكل الأطراف لا غالب فيها ولا مغلوب، وها نحن اليوم بفضل الله على اعتاب تدشين واحدة من الخطوات المهمة والمفصلية في مسار التسوية السياسية وهي تتمثل في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ينطلق بعد أيام قليلة حيث يأتي انعقاده بعد ان تحققت خطوات سابقة في مسار التسوية السياسية خلال المرحلة الانتقالية الأولى التي انتهت بانتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني مشكلة في الوقت ذاته بداية المرحلة الانتقالية الثانية بحسب الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية والتي كان من أبرز محطاتها اتخاذ خطوات عملية على طريق إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن والعمل على انهاء الانقسام الحاصل في الجيش واخضاع كافة الوحدات العسكرية والأمنية لوزارتي الدفاع والداخلية ليصبح ولاء المنتسبين لها لله وللوطن،لا للأفراد والاحزاب والجماعات.إن استحقاقات المرحلة الراهنة تكاد تكون الأكثر فاعلية وأهمية قياساً على المعالجات والنتائج المتوقع حدوثها والتوصل إليها من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، فالكل مدعوون إلى تحكيم ضمائرهم وإعمال عقولهم وهم يجلسون على طاولة الحوار، نريدهم ان يتحاوروا من أجل الوطن والشعب، لا نريد ان تتحول جلسات الحوار إلى مهاترات ومناكفات وصراعات بين الأطراف المشاركة فيه، لا نريد أي شروط من أي طرف كان فالمرحلة بكل تعقيداتها تحتم على الجميع العمل بروح الفريق الواحد والقبول والتسليم بالآراء والمقترحات السديدة التي تصب في خدمة الصالح العام حتى ولو كانت هذه الآراء لا تخدم هذا الطرف أو ذاك، أو هذا الحزب أو ذاك، فالمصلحة الوطنية مقدمة على ما دونها من المصالح وهذه النقطة المهمة هي التي ستجعلنا جميعاً نفرق بين الوطنيين وأدعياء الوطنية، فمن يقدم التنازلات من أجل الوطن هو الوطني قولاً وعملاً ومن سيعمل على وضع العقبات والعراقيل وتعكير أجواء الحوار فليس بوطني حتى ولو تظاهر بالوطنية.وليعلم الجميع أن فشل الحوار الوطني (لاسمح الله) لن يصب في مصلحة أي طرف سياسي على الاطلاق ولن يكون امام القوى السياسية من خيار سوى الاتجاه نحو الحرب الأهلية ودخول البلاد في نفق مظلم من الأزمات والصراعات والفتن والتي سيكون من الصعب جداً احتواؤها وإيقافها.وليعلم الجميع أنه من خلال الحوار سيتم ايجاد الحلول الوطنية لكافة القضايا وفي مقدمتها بحث القضية الجنوبية من كل ابعادها والعمل على ايجاد حل وطني حقيقي عادل لها، بالإضافة إلى قضية صعدة والتوصل إلى حلول جذرية لها بالإضافة إلى حل كافة القضايا الوطنية وفق رؤية وطنية يتم تنفيذها على أرض الواقع وفق آلية مزمنة للحيولة دون الوقوع في دوامة المماطلة والتسويف.ومن خلال الحوار سيتم وضع أسس بناء اليمن الجديد وسيتم مناقشة مجمل القضايا المتعلقة بشكل النظام السياسي المستقبلي للبلاد وصياغة الدستور الجديد وايجاد منظومة إصلاح شاملة لكافة أوجه الخلل والاعوجاج والفساد في مختلف اجهزة الدولة وسيتم العمل على تحقيق المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية وإرساء خطط وبرامج التنمية المستدامة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والخدمي وغيرها من الجوانب.ومن اجل تحقيق كل ذلك والوصول بالبلاد إلى المستوى المنشود لابد من المشاركة بفاعلية في مؤتمر الحوار الوطني والحرص على انجاحه ليتحقق لليمن واليمنيين كافة الطموحات والتطلعات والآمال والاحلام والغايات والأهداف التي ينشدونها ويتطلعون إلى تحقيقها على أرض الواقع من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي بات يمثل طوق النجاة لليمن واليمنيين الذي يحول دون السقوط في مستنقع الحرب الأهلية اعاذنا الله منها (وأبعدها عنا وعن يمننا الحبيب).وإلى الملتقى .. .دمتم سالمين.[email protected]
|
آراء
الحوار الوطني .. طوق النجاة
أخبار متعلقة