عـصـام خلــيـديمازالت ذاكــرتي ترسم وتـسـتعـيد الـمواقف الجـلـيـلة الراسخة والرصـيـنة مــع الفنان الكبير/ محمد مرشد ناجي منذ بدايات العلاقة الحميمة والوثــيقة التــي جمعتــني به وفي لقاءات متعددة أتـذكـر فيها سلطة الأبــوة التي غمرني بفيضها لسنوات طويلة كان ديـدنـه محباً متسامحاً ناصحاً ومخلصاً في الأقوال والأفعال.. لقد كــتب (بضم الكاف) عن الفقيد الفنان المرشدي كما كتب عن سائر أمثاله مـن الناس / الـنخبـة - الهـيام والـموت حـباً في الوطن .. وبالتالي تـــبـوؤ مقامات المعاناة النبيلة والسامية.. شاقة وصعبة الكتابة حينما نسطر حروفها بحبر مداد القلب عن فقيد الغناء والوطن (المرشدي).. أحاول عـبثـاً محاكاته ولمسه من أي طرف متاح كي يستوي النص نصاً خالياً من الحرائق ، الإختراقات... وإستطرادات البــكاء.. والأحزان ، أعني إني أبـذل قصارى المعـرفة كي أبــلغ معناك والإلـمـام ولو ببعضك الكثير والجميل..
يـُـعـد الفــنان الكبــيـر مــحــمد مــرشـد نــاجــي واحـداً مــن أهـــم دعــائم وركـــائز (الغناء التجديدي العدني الحديث) بالإضافة لدوره البارز الهام والمؤثر بتقديم الموروث والفلكلور الغنائي اليمني بكل تلاوينه وإيقاعاته المختلفة والمتعددة بأسلوبٍ رائع أخاذٍ ومقدرةٍ فائقة أعادت إليه الروح والحــياة بــعد حالــة الإهـمال والنسيان . ولعل ( المرشدي ) من الفنانين القلائل الذين تمكنوا ببراعة من تقديم عطاءات ونتاجات إبداعية أستندت على محاكاة التراث اليمني برؤيته المستقلة وبمنظوره ومنهاجه ومدرسته المتميزة معتمداً بذلك على جمال وعذوبة ورقة (صوته الــذهــبي) وسلاسة وسلامة مخارج الألفاظ والقدرة الهائلة على التغيــير والــتـنويع بخلق جمل لحنية نغـــمية (ديناميكية) والاهتمام بالــمـقـامــات والايـقاعات اليمنية المصحوبة بثراء في العاطفة والـشـجــن المتـــدفـــق والمرتــبــط بــجــذور وأصــول التـربـــة الـيـمـنـية المــعــطــاء . أن صـــوت (المرشدي السـرمـدي ) ونحن نستمع إليه يخيل إلينا ونحس كأنه جاء منبعـثـاً من أعماق الأرض والتاريخ حاملاً بصوته الرخيم العذب أبرز وأهم ملامح الأصالة والحضارة اليمنية المترامية بإمتدادها وإتساعها في كل أرجاء الجزيرة العربية والخليج العربي، مـــؤكداً بــأدواته وقــدراته الإبــداعية الــمتفردة ( جدارته وحنكته) في توصيل كل تلك السمات الفنية والتفاصيل التاريخية / الإجتماعية/ السياسية بحرفية وتقنية عالية وبملكة الفنان المبدع الخلاق المتكئ بمشروعه الغنائي الموسيقي على مرجعية الثقافة والعلم وفي الإطلاع والبـــحث عن المـــعرفة بكل شـــاردة وواردة (يصــادفها فــي جامــعة الحــياة). عُـرف الفقيد منذ يفاعة الصبا وعنفوان الشباب مكافحاً ومناضلاً صلباً عاشت قضايا أمته في خلاياه الدموية وكان يتنفسها فــناً وموسيقى ونغماً مساهماً في تفعيل وسيرورة وتنامي الوعي الوطني والقومي وتطور مداركه الفكرية المنفتحة إضافة إلى مواقفه الإنسانية والنضالية الصلبة والجسورة المشهودة (الــفــذة) في مقاومة الظلم والإستعباد والقهر والعبودية والجهل والتخلف إبان الحكم الإمامي الكهنوتي في شمال الوطن سابقاً والإستعمار البريطاني في جنوبه.. فمن منا لا يتذكر أناشيده الوطنية التي الهبت همم وحماس الجماهير العريضة وأقضت مضاجع الطغاة الفاسدين الظالمين ورفدت المكتبة الفنية الغنائية الموسيقية والعربية بأعظم وأروع الأغنيات الخالدات التي كان لها السبق والريادة في توحيد الوجدان والضمير الوطني والعاطفي لكل فئات وطبقات الشعب اليمني .. ناضل في سبيل العدل والإستقرار نــاشـداً وآمـــلاً أن يعيش كل اليمنيين في سلام وسكينة وأمان. كان للفنان المرشدي نشاطات نوعية .. نخبوية.. وظيفية.. مهنية .. نقــابية .. تـربوية .. فنــية .. وسـياسية دلـف من خلالها في منظومة المجتمع اليمني .. كان رحمه الله صاحب مدرسة فـنــية استـثنائية مـتـمـيزة ، أمتــلــك فــقــيــدنـا الـمبدع ( كاريزما مرشدية مستقلة ) ورونقاً وحضوراً فنياً إذاعياً وتلفزيونياً ومسرحياً لافتاً ومتفرداً.ضيـقـة هي كتاباتنا والتأبينات ، المراثـي .. وحتى القصــائد وأنت القامة السامقة الشاهقة الباسقة (يامرشدنا ) في حضورك البــهي الطاغي الجبار كشلالات الماء المتدفقة التي لايأتيها اليباس والجفاف والتصحر .. في هذا المقام نحاول البحث والغوص في سبر أغوار تجربتك النغمية واللحنية المقامية والإيقاعية الساحرة الآسرة، آملين من خلال قراءاتنا النقدية العلمية تسليط الأضواء وإبراز المواطن الجمالية ومطارح وإنبعاثات التألق والمغايرة الكامنة في سفر رحلتك الغنائية الموسيقية الإبداعية العظيمة والخالدة ، ولعل من المفارقات العجيبة التي تجزم أنك متعدد وافـر الخصال والشمــائــل .. المحتـــشد فـــي رونـــق شخـــصك الـــواحد المتــجلي في إســمــك .. (الــمـرشـــد).. وتستحق كل هذا الحزن والوجوم والوجع والذهول المضطرد اللامتناهي .. إن لحظات القضاء والقدر أكدت مصادفة وبــتلقائية ربانية (عصاميـتك وصلابتك وجسارتـك) واجتهادك ودأبـك الحثيث بالمعنى التوصيفي والقيمي والأخلاقي والإبداعي من خلال قيامك بدورك في تأدية رسالتك الفنية والوطنية والإنسانية على أكمل وأنصع وأروع صورة لخدمة قضايا وطموحات وأمال وهموم وتطلعات بسطاء الناس من أبناء أهـلك وشعـبك ووطنك حتى الرمق الأخير من حـياتـك.لقد جاءت لحظات القضاء والقدر ومشيئة الله سبحانه وتعالى وفناننا ( العملاق ) يستعد ويتأهب لتقديم المشاركة وواجب التحية والمباركة في حفل زواج أحد أحفاده، وبعد مغادرة منزله الكائن في مدينة المنصورة وإصراره على الذهاب - رغم حالته الصحية المتعثرة- ووصوله إلى قاعة الحفل في مدينة عدن سقط مغشياً عليه وهو يصعد سلم صالة الفرح .. وقد كان الحضور من عشاق فنه ومحبيه في إنتظاره يترقبون طلعته وتشريفه ويتطلعون شوقاً ولهفة للإطمئنان عليه ورؤيته شخصياً .. لكن الأجل المكتوب سبقنا جميعاً وعلمنا أنه نقل على أثر ذلك إلى المستشفى وبعدها مباشرة وقبل أن نستوعب آثار الصدمة الأولى وصل إلينا الخبر المحزن المبكي والمفجع ذلك في خبر الوفاة ورحيله عن دنيانا الفانية إلى دار البقاء الخالد وجوار ربه .. نعم صعدت روحه العفيفة الطاهرة إلى باريها وخالقها فتحول العرس والفرح إلى موت وعزاء .وفي الواقع ( نـجــح ) الفنان القدير محمد مرشد ناجي بشكل لافت ومبهر في تحقيق كل القيم والمبادى والمفاهيم التي تحمل بمضامينها ماهية ووظيفة الفن ودور الفنان المثقف الملتزم فأبدع بإشتغالاته الغنائية والموسيقية المبتكرة الحديثة وأستطاع في نفس الوقت أن يتعامل ويتعــــاطى مع التراث والفلــكور اليمــني (برؤى ومعــالــجة فنــية حــداثيــة) ليجعله محتفظاً بأصالته وهويته ومحبباً لأذن المستمع والمتلقي في داخل الوطن وخارجه ، وتمكن ( المرشدي ) من خلال أحاسيسه ومشاعره الصادقة أن يمر على كل جبال وهضاب وسهول ووديان اليمن بكل تضاريسها ومناخاتها الساحرة الخلابة فجعلنا نطوف ونحلق مع أعماله وأغانيه الرائعة التي قدمها وأعاد صياغتها غنائياً وموسيقياً بصوته المخملي الدافئ والحنون الممتلئ بالـــعُـرب والـحُـليــات المتوهجة المعبرة لنستمع ونستمتع بفضاءات غنائية موسيقية رحبة فنستعيد بعطاءاته وإبداعاته الفنية (ذاكرة الزمان والمكان) كل الحقب والمراحل الزمنية من تاريخ اليمن الزاخر والحافل بالإبداعات الخالدة ولعل هذه الأعمال الرائعة التي قدمها تـؤكــد مصداقية ماأشرنا إليه على سبيل المثال لا الحصر : أراك طروباً ، عن ساكني صنعاء ، صادت فؤادي ، يامن سلب نوم عيني ، الفل والورد ، ياساري البرق ، يحيى عمر قال ، قال أبو زيد ، قطفت لك ، شابوك أنا ، يامكحل عيوني بالسهر ، الله أعلم ، أنا من ناظري ، المعنى يقول ، عظيم الشان ، ياغارة الله ، اهلاً بمن داس العذول وأقبل ، صادت عيون المها ، عليك سموني وسمسموني ، هلــيـبه..يا هليــبه، قال الفتى يحيى عمر، أخضر جهيش مليان ، يا نجم يا سامر ، بانجناه ، صون الغرام .. وغيرها .حمل فناننا المبدع محمد مرشد ناجي على عاتقه هموم وقضايا ونضالات أمته وشعبة فعاش مجبولاً متبنياً لها منذ نعومة أظفاره حتى آخر رمق في حياته.. عشق الأرض اليمنية وأحب أناسها بكل طيبتهم وبساطتهم ، ليجعل من موهبته وفــنه وعطاءاته وإبداعاته وســـيلة أستطاع من خلالها أن يتــصــدر (قـلب الأحداث والمتغيرات) التي عاصرها على كل الأصعدة : السياسية / الإقتصادية / الإجتماعية / الثـقافيـة / والنضالية .. فعاش متمتعاً بحساسية وطنية شديدة الرهافة متطوعاً بوافر جهوده ومعاناته والآمه من أجل إنتصار حقوق كافة شرائح وطبقات أبناء الشعب . كان فـقـيـد الوطن فناننا المتألق مهموماً منهمكاً بذلك الحس والوعي الإنساني والوطني اللامتناهي غير المحدود المضني الذي أنعكس على أسلوب عيشه وحياته فدفع ضريبته ثمناً باهظاً من صحته ومستقبله وعدم إستقراره في حياة هانئة هادئة من تبعات مواقفه الوطنية والإنسانية الجادة ، وأستطاع أن يُـغـير ويعيد تقييم نظرة (الــسلطة والمجتمع) تــجاه ( الـفـن ) لــيرتقي بــسلوكه وأعــماله الغنائية الوطــنية والعاطـفـية الــرائعة والـخــالــــدة ( بقيمة وأهمية وماهـية وظيفة الفنان المثقف والملتزم ) غير العابث واللاهي (المسلي) إلى مفهوم مغاير مختلف تماماً شكلاً ومضموناً في سلوكياته وأخلاقياته ويعـــبر عن معنى وقيمة الفنان المثقف المتمثل لنبض الشارع وهواجس مجتمعه وبيئته وأمتــه وشعبه .ومن أهم الأعمال التي عبرت عن هذا المفهوم بصورة جلية ماقدمه المرشدي من أناشيد وطنية حصدت نجاحات جماهيرية واسعة وموجعة للإستعمار البريطاني وحكم الإمامة نتذكر في هذا المقام الأعمال التالية : يـابـلادي / هـــات يـدك / ياطــير يارمادي / شعبي ثــار الـــيوم / أنا الشعب / أنا يمــني / ياطــير كـم أحسدك / ياميــناء التــواهــي / أنظر إلى بيتي / أخي كبلوني / طفي النار / والله انه قرب دورك يابن الجنوب / قائد الجيش البريطاني .. والعديد من الأناشيد والأغاني الوطنية التي ألهبت وحشدت الطاقات والهمم وأيقظت الوعي الوطني والنضالي ودفعت الجماهير الغفيرة للخلاص من ظلمات وويلات وعبودية الحكم الإمامي والاستعمار البريطاني في شطري اليمن. [c1]المــــرشــدي والأغــــنــية الـــحـــديــثـة ( فــــن التلـــحين)[/c]يعتبر الفنان محمد مرشد ناجي أحد أهم وأبرز رواد وروافــد (الغناء التجديدي الحديث ) فقد قدم إضافات تميز بها عن زملائه ومجايــليه وحسبت له في مسار تطوير الأغنية اليمنية الحديثة (فللــمرشدي وثــبات فنية) مبتكرة ذات أبعاد جمالية ورؤى ودلالات فنية مدعمة باشتغالات (ديــاليكــتيكــية) وبناءات معمارية هندسية مقامية وإيـقاعـية وموسيقية بالغة التميز والفرادة والخصوصية تتمحور في تراكيب وصياغات الجملة اللحنية النغمية الموسيقية التعبيرية التصويرية بطريقته وأسلوبه ومنهاجه الذي يعــتمد على شــقـــيـن:[c1] الشــــق الأول: [/c]يتمثل في إختياراته الأدبية الثقافية والمعرفية الواعية في (تلــحين القصائد الفصحى والحمــيــنية) التي تــبرز وتــبيـن الجملة الموسيقية وتــستــند على الثبات والركوز في صياغة تراكيب وبناءات القوالب اللحنية والإيقاعية والجمل الموسيقية وغزارة وعمق وتدفـــق القـوالب المقــــامية والنــغمـية التـــطريــبية والتعــبــيرية (والحوارية الموسيقية) وبالتالي يرتكز قوامها ويستقيم على رصانة وعذوبة ونقاء وصفاء ووضوح مخارج الألفاظ وسلامة وسلاسة المفردات والشعور والإحساس الصادق الشفاف والقوي المفعم والمضمخ بمضامين معاني الكلمات (في النص الغنائي الفصيح) إضافة إلى حالة سريان التدفق النغمي الوجداني والروحي الممزوج والمنصهر بنسيج عاطـــفي رومانســي مـع الأغـــنية - القصيدة والكلمات المغناة بشكل متناغم بـــديع ومعبر يضيف ويضفي للقصيدة والنص الشعـــري الذي يتــعاطــاه (المرشد) كثيراً من الصور والدلالات والرؤى الفنية الموسيقية والإيقاعية .. ولعل من أبرز هذه الأعمال الحانه لقصائد الشاعر العظيم محمد سعيد جرادة فقد اشتركا معاً في تقديم ( ثنائيات وأعمال غنائية متميزة رائعة) كأغنيات: وقــفـة / ذات الخال / لـقـاء / هجرت وأبعدتني / شبابك ندي ريان .. وغيرها.كما لايفوتني أيضاً الإشارة إلى (الثــنائية) المشهود لها بالإبداع والتفوق مع الشاعر المبدع والخلاق لطفي جعفر أمان والتي نتذكر منها الأعمال الغنائية الموسيقية العظيمة التالية على سبيل المثال لا الحصر : إلى متى (يا كدا.. والا كدا) / ظبي من شمسان / عرفت الحب/ ودعت حبك / مش مصدق / مع السلامة / ياريت ماكــنا.. والقائمة تطول بروائعهما..بالإضافة للأعمال الجميلة التي سنتطرق إليها تباعاً وتبين بوضوح عبقرية فناننا القـدير المرشدي كما أنها ستؤكـد ما أشرت إليه في (الـشـق الأول) مـن تـجـربـته في (فــن صياغة الألحان) وشراكته وتعاونه مع العديد من القامات الشعرية وإسهاماته الهامة في تطوير الأغنية اليمنية التي أرتقت بذائقة الناس وحفرت في ذاكرة ووجدان الجماهير اليمنية وفي الخليج والجزيرة العربية، بل إنها وضعت بصمات وملامح هامة شكلت أهم تجليات وإشراقات الأغنية الحديثة والمعاصرة ومن هذه الأغنيات الناضجات فائقة العذوبة: خــلاني وراح، صـــلاة قلـــب، دا كان زمان ياصــاح ، نظرة من مقلتيها ، سألتني عن هوايا ، طلعت بدرية ، غنوا معي غنوا ، لاتخجلي ، بــروحــي وقلــبي ، لا تطلبي الصفح مني ، بيني وبينك كلام ، على ذكراها ، أكـــيد يا حبـيــبي ، مــع الســلامــة ، ضـــناني الشــوق، أحبــها ، ياللي أنكــرت الــحب (نهاية حب)، اللقاء العظيم، ورق.. ورق، يا دموعي، مازلت أهواك ، يا عيــبتــك، اشتـــقت لك ، تـــاج النـــهار، لم يندمل جرحي.. وكثير من الأعمال التي ستظل راسخة في ضمير ووجدان الأمـة.[c1]أما الشـــق الثـــاني:[/c]من تجربة المرشدي الغنائية والموسيقية ومدرسته في فــن التلحين وطرائقه المتعددة المختلفة يتمحور في استخداماته للمفردة واللفظة الشعرية الغنائية العامية ويعتمد على الجملة الموسيقية القصيرة التي تســـتند علــى (ديناميكية حــركة ورشــاقة الأرتــام والإيقاعات) ويمكننا أن نطلق عليها أسلوب (السهل الممتنع) ، ولكنه يهتم أيضاً بالتنويعات المقامية والإيقاعية وبالمقدمات الموسيقية التي تحتاج لمحور خاص للحديث عنها بشكل مفصل ومستقل، ومن الأعمال الغنائية التي تتوافر فيها هذه المعطيات والمقومات اللحــنية والإيقاعية والموسيقية التي ذكرناها على سبيل المثال هذه الباقة المختارة من الأغــاني التالية : حبــيبي جــاني عتـــابك ، يا بـخت من حـب ، ياســـائلــي عن هــوى المحــبوب ، يـا أغـلى الحـبايـب يا غالي وزيـن، حـارس الـبـن ، بامـعــك ، لقـــيــته يا أمــاه ، ليه يابوي ، يانجم ياسامر ، غزير الحب ، ندانه .. ندانه ، ياعيدوه .. ياعيدوه ، ياغـــارة الله ، ياحبـــايب (عمرنا ليل) ، لاوين انــا لاويــن ، يا شركسي ، بانـجــناه ، بغينا الحب دايم بالتفاهم، يابوي أنا شي لله .. والعديد من الأعمال المتميزة.[c1]الـمــرشــدي والثــنائــيات المتــعــددة الــناجــحــة [/c]ربما يكون من المألوف وكما جرت العادة أن يتفوق فنان مع شاعر معين ويشكلا ( ثنـائيــة ) يشار إليها بالبنان ، ولكن الأمر مع فناننا المبدع أختلف تماماً ولا يمكن أن يحدث إلا إذا جاء الزمان بحالة إستثناء (فالمرشدي واحـد من فصيلة العظماء) حقق ماعجز عنه الكثيرون من الفنانين وشكل (ثنائيات) غنائية متعددة ناجحة مع أكثر من شاعر من فحولة وفطاحلة الشعراء اليمنيين والعرب ، وأستطاع أن يتميز ويتفرد بإبداعاته وعطاءاته الغنائية الموسيقية مع كل واحد منهم بل وكان جديراً مقتدراً بتعامله مع نصوصهم وقصائدهم المختلفة المتنوعة بحسب ثقافتهم وفلسفتهم في أسلوب ونمط العيش والحياة.. فمن منا لايتذكر روائعه وإبداعاته مع الشعراء الكبار الأساتذة : محمد سعيد جرادة ، لطفي جعفر أمان ، عبدالله هادي سبيت ، أحمد الجابري ، علي محمد علي لقمان ، حسين أبو بكر المحضار ، الأمير أحمد فضــل الــقـمـنـدان، أحمـد الـسقاف ، عبد الرحمن ثابت ، علــي بن علـي صـبـرة، نـاصــر شـيخ، مــحـمـد سـيـف كـبشي، مهدي حمدون، مطهر الأرياني ، د.سعيد الشيباني ، ناصر علوي حميقاني ، أحمد بو مهدي ، القرشي عبد الرحيم سلام ، تامر نصر، أحمد عباد الحسيني ، أحمد فؤاد نجم، علي أمان، عباس المطاع، نجيب أمان ، عبدالله سلام ناجي، محمد عبدالله بامطرف، أحمد شريف الرفـــاعي ، فــريد بركــات ، وديع أمان.. وآخرين .فللشاعر الكبير عبدالله هادي سبيت قدم هذه الأغنيات : حبيبي جاني ، لاوين أنا لاوين ، نظرة من مقلتيها ، ليه يابوي ، ياعيدوه .. ياعيدوه ، بانجناه ، يابن الناس حبيتك ، عمرنا ليل (ياحبايب)، سألتني عن هوايا..وقدم للأستاذ أحمد الجابري هذه الأعمال الهامة أيضاً: علم سيري، ياغارة الله ، أخضر جهيش مليان ، ياعاشقين ، لاتخجلي ، يا بوي أنا شي لله (مالك كدا يا هلي)، غفران (لاتطلبي الصفح مني)... وللشاعر والملحن القدير حسين أبوبكر المحضار قدم باقة منتقاة من الأعمال الجميلة أتسمت بالخصوصية منها : دار الـفـلك ، أهـل باكـرمان، دعـوة الأوطـان ، ياساري الـليلـة.وكذلك قدم للشاعر الرائع علي محمد علي لقمان هذه الأغنــيات صــلاة قــلـب ، غنوا معي غنوا .. وغيرها .وللأديب عبدالله فاضل فارع تـعاونا معاً بـتـقـديـم عـملـين غنائـين هامـيـن : بروحي وقلبي .. وأغنية مازلت أهواك .. من هنا تأتي عبقرية فناننا القدير المرشدي بقدرته على العطاء المتدفق وإمكانياته الغنائية والموسيقية التي جعلته يتجدد لحناً بديعاً وإبداعاًً بصور وأشكال مختلفة وبالطبع تأتي ثنائياته مع العملاقين محمد سعيد جرادة ولطفي جعفر أمان بصدارة القائمة في سجل المرشدي الغنائي والموسيقي الطويل والحافل .[c1]مـقـطوعـات موسـيقـية مسـتـقـلة في أغـنـيات الـمـرشــدي[/c]سمـــعت بعض التصــريحات مفـــادها أن الأستـاذ محــمد مرشـد ناجـــي يصــنف ( بالفنان الشعبي ) وفي الواقع أن هذا التصنيف مجاف للحقيقة ومغلوط جملة وتفصيلاً ولاينطبق عليه إذا توخينا الدقة في إختيار التصنيفات الفنية على (المرشدي) أو غيره من فنانينا المبدعين، ومع تقديرنا وإحترامنا لتصنيف ومسمى الفنان الشعبي إلا أن الأمر يختلف تماماً وهناك ( بــون شاسع بين توصيف الفنان الشعبي وفنان الشعب ) وفناننا الكبير المرشدي ينــطــبق عليه فنياً وموسيقياً وحرفياً وإبداعياً التوصيف واللقب الثاني مسمى ( فنان الشعب ) بكل دقة ومنهاج علمي ودراسة كما سنشرح ونوضح بالبراهين والأدلة في هذا السياق الذي سنؤكد فيه إهتمامات المرشدي وإشتغالاته الموسيقية التي لايمكن أن يُــقــدم عليها ويتعاطاها إلا ( فنان مثقف وشامل ) يمتلك موهبة الخلق والإبداع والابتكار. فإذا أعدنا شريط الذاكرة وقمنا بعملية مسح شامل وعام في هذا الإتجاه الهام لأغنيات المرشدي منذ بداياته سنكتشف إهتماماته بالمقطوعات الموسيقية كمقدمات مستقلة لأغنياته وسنجدها (مطرزة بزخارف ونمنمات مقامية وإيقاعية مرشدية ) في غاية الروعة والجمال وكانت عبارة عن (تاج موسيقي بديع وضعه على رأس أغـنـياته) الأمر الذي يؤكد بالقطع تطلعاته وتحدياته وتمرده الواعي والمسؤول عن كل ماكان مألوفاً وسائداً في ذلك الوقت أما الأدلة والبراهين فهي كثيرة منها على سبيل المثال المقدمات الموسيقية لهذه الأغنيات الشاهدة على براعته ونزعته العارمة نحو أفاق التحديث والتجديد بأعماله التي نتذكر منها على سبيل المثال : عــلى ذكراها / عرفت الحب / ودعت حبك / ضناني الشوق / أهلاً بــمن ســلم/ صــلاة قــلب / ذات الخال / مع السلامة / أهلاً بمن داس الــعــذول وأقـبل / إلـى متــى / لـقـاء / عــن ساكــني صــنعاء / أكــيد .. أكــيد / أحبــها / وقـفـة / بالله علــيك ياطــير يا رمادي / قطــفت لك/ نظرة من مقلتيها / يابلادي / تاج النهار/ هات يدك .. وكثير من الأعمال الأخرى التي أتحفنا بها في مشواره الفني .[c1]أغنــيـة عـن سـاكني صنـعــاء [/c]فــي هــذا المــقــام سنـــعــرج على هـــــذه الأبيـــات الشعــــريـة في أغـــنـــية (عـن ســاكني صنعاء) ذات الــــقصيدة الحــمينية كــلمات الــشاعر والقاضي العلامة / عبد الرحمن بن يحيى الآنسي لنستخلص من هذا العمل الفني و اللــحن الـبديـع والرشــيق (أهـم خصائص ومميزات الفنان القمة المرشدي الملحن المتجدد والمتطور) منــذ بـــدايتـــه الأولى مروراً بمشواره الـغـنائي الزاخر والحافل بالعطاءات الإبــداعــية وبالــتألق والمفاجآت..البــــدايــــة / المـــقــدمــة الموسـيــقــية .. والإشتغال على خلق جمل لـحـنـــــية نــغمية مــقــامية وإيقــاعـية جــديدة مبتكرة مغايرة عن ما كان سـائـداً حينها في ذلك الوقت فإذا أستمعنا للمقدمة الموسيقية جيداً وقمنا بتحليلها علمياً سندرك أنها لحنت على (مقام البـيات على درجة الدوكاه) وأستخدم فيها إيـقــاع الشرح العــدنــي (الثــقيـل 8/6) وكانت المفاجأة في (تراكيب جمل موسيقى صولوا العود) ، حيث أستخدم المرشدي (تـكنـــيكاً عالي المستوى ورفــيعاً) بطريقة (مضاعفة سرعة الـريشـة وزيــادة الوحــدات) إذ أن العود كان متناغماً بإنسجام بــديــع مع (الكمانات وبــقــية الآلات الوترية) في قوام الفرقة الموسيقــية فأستطاع أن يخلق ويـبتـكر مقطوعة موســيـقــية فائــقة الروعة والجمال، ثم يــبـــدأ بعد ذلك الــتمهيـــد الموسيقي والـغـناء بطـريقـة حــديــثة جــديــدة نجــد فيــها (زخرفات ونمنمات هندسية معمارية مقامية نغمية وإيــقـاعــية تـــتماهى وتــتــوحد مع روح وإحساس مدرسة (المرشـدي) فلم يخضع لخصوصية وطبيعة النص الحمـيـني المعروف والتــقــلـيـدي الذي عـــادة ما كان يـكـتـبه شاعر القصيدة الحمــينـية وعرفت قصائــده ملازمة ولصيقة بأهم الموشحات الصنعانية الــيــمنية ، لكن قــدرة المرشــدي المـوسـيـقـية الـــهائـلة مـكـنـــته مـن الخـروج من دائرة الصياغات الغنائية الموسيقية (الإحـــيائـــية) بإشتغال جــاد مبتكر تمرد به من (تـبعيـة) النص الغنائي الحميني وهيمنته على فرض أسلوب محدد ومعروف بصياغات لحنــية وإيـقـاعـية على النمط الغنائي التقليدي المتداول والسـائـد.فــقــد تــجســد نـجاح (مرشـدنـا) بتلك المــقدمة الموسيقية الرائعة وفي الخروج والتمرد من قوالب التلحين بــطريقـة (الموشح اليمني الصنعاني التقــليـدي) التي فرضته وهيمنت عليه القصيدة الحميـنية مـنــذ زمن طويل جــداً، والواقع أن رغــبة ونزعة المرشدي بتطوير الغناء اليمني إلى أسلوب آخر جـديد مكــنه من الــتـفوق والإجادة والإبداع بمهارة في تخطي تلك (المخاطرة الفـنية الصــعـبة) وتـألقـه بنجاح هذا الـلحـن وأدائه العظيم في إحدى (تجـلـياته المدهشات) المتكـئة على إشــتغـالاتــه الـواعـية، وبـناءاته الـمعمارية الـلحـنية الموسيقية المترفة الــثريــة ،فإلى مذهب الأغــنية التي صاغها من (مقـــام البـــيات على نغمة الــدوكــاه):عن ســـاكني صنعاء حــديثك هــات/ وافـــوج النسيم/ وخــفف المسعى وقــف/ كــي يفــهم الــقلب الكــليـم/ هل عــهدنا يـرعى وما يــرعـى/ يـــرعـى العــهــــود إلا الكــريم.ثم يــزداد إبــداعــه تــألــقــاً وروعة في الكوبليهات التي يــقول فــيها:تــبدلــوا عــنا ؟! / وقـالــوا عــندنــا منــهم بــديــل/ والله ما حلــنا / ولا مــلنــا عــلى العــهد الأصـــيل/ مــا بــعدهم عنـــا يغيـــرنا / ولــو طــــــال الطــويــــل/ بالله علـــيك يا ريــح / أمـــانه أن تيــسر لك رجـــوع / لمــح لــهــم تلـــميــح / بمــا شـــاهــدت من فيـــض الــدمــوع/ والشـــوق والتــبريح/ والوجـــد الـــذي بــين الضــــلوعإن المرشدي حــينما نسمــعه يردد هذه الأبـيات الشعــريــة مــموســقة ملحــنة بــتــنويعــاته النغمية التعبــيرية والتطريبــية وبصوته الدافئ والشجي نــشعر وكــأنه يحــترق لــوعة وعــشقاً وهــياماً للوصول لمحبــوبــه الغــائب، وفي الحقيقة نــجح (أبــوعــلي) ببراعة وإقــتدار في ترجمة أبــيات ومفردات ومعاني قــصيـدة شــاعرنا الكبــير القاضي العلامة (عبدالرحمن بن يحيى الآنسي) وفي التـعبـــير عن (مكنونــاتــه ودواخــلـه الــشعورية) من خلال اللحن الجميل الذي أتـحــفنا به وبكـــثافـــة الأحاسيس والشوق والشجن الذي أمتزجت لــتشكل مع صوته وحــدة فــنية متماسكة ونسيــجاً رومانــسياً عاطــفياً عكس صورة ذلك الزمان الجميل بكل صدق وأمــانــة، ونحن لا نمــلك إلا تســليــط الضوء صوب هذه الأغــنية التي تعــتبر نـموذجاً ومــثـالاً لروائع أستاذنا الجليل الفنان محمد مرشد ناجي ودوره الريادي وخدمته لتطوير الغناء اليمني .. فهي بقـيمتها الموسـيقــية والغــنائـية من وجــهة نــظري عــلامة بارزة وبصمة هــامـة أضيفت إلى رصيده الغنائي الموسيقي المشرق والمشرف ورفـدت مع عطاءاته الغنائيــة الموسيقية بـثــراء دافــق مـسار الــغـنــاء اليمني وإستمـراريته وتألـــقه نحو الأفضل والأجمل.[c1]محـــطــــــات إبــــداعــــية هـــــــامــــة[/c]تـــــألــق عـمـيـد الـغـنـاء الـيـمـنـي وأشـهـر مشــايخـه وأسـاطـيـنه الـفـنـان الكـبير/ مـحـمـد مـرشـد نـاجـي فـي تــقديـم ونـشر كــافـة الــلـهجات والألــوان الــغنائية اليمنيـة : الصنعاني / اللحجي / العــدني / اليــافــعي/ الحـضرمي / التهـامي / الأبيــني / والتعزي (الحجري) .. مـطـربـاً ومـلـحـنـاً مـن الطراز الأول وأبــدع بإبــتكار (تحــف فـــنية غنـــائية نــادرة) حــلـق من خــلالـــهــا في فضــاءات (كـونـية رحبــة) على بساط حنجرته الذهبية في الخليج والجزيرة العربية والوطن العربي وفي كل أصقاع المعمورة.قـــــدم الـفـنان الكـبـير / محمد مرشد ناجي مجموعة مـتـمــيـزة من الأصوات ودفعها لساحة الغناء اليمني مدعــمة بألحانه ورعايته ومن أبـرز هذه الأصوات الأساتــذة: طه فارع بهذه الأعمال الفــنــيـة: هجرت وأبعدتــني / غلــطة عمر/ يخاصمني ويضحك لي / مرحــب رمضان، الفنان عبد الرحمن حداد: حبـيــب القلب / لقـــيته يا أمـــاه / حارس الـــبـن، الفنان محمد صالح عزاني: أنت السبب / وأبوي إيش الذي صار/ أشــتقـت لك / يالله الســبق...، وأشترك العزاني وأحمد علي قاسم وفتحية الصغيرة في إسكــتــش (بنـت الأكــــابــــر).. وقدم للفنان عصـــام خلـــيدي (حلفـــت ما شفــرقك يا ريـــم وادي شبــام)، ( أشتــــقـــت لك يــا حبيب روحي)، كما قــدم الفنان محمد مرشد ناجي مع الخلــيــدي والــفنـانه نوال حسين مقدمة المسلسل الإذاعي (الرهيـــنـة) وللفنان أبـو بـكر سكـاريب قــدم أغــنية (مش معـقول) وللفنان أحمد علي قاسم أغــنية (ريــح الشروق) وللـفـنـانـة أمل كعدل أغنية (بامعــك) كمــا غـنـت بالإشتراك معه أنشودة الوحــدة اليــمنية (صنعاء الكروم) ، وقــدم أيـضاً للـفـنان الجـمـيـل مـحمـد عـبـده زيــدي أغــنيـة (فـلسـطـين) وللـفـنان عـوض أحـمـد نــشــيـد (يـاجــيلـــنا) وللـفنـانة المـتميزة رجـاء باسودان قـدم أغنــية (داري هـواك داري) وللفـنان محمد عبده سعد أغنية (طول جفــاه) أما مع المنلوجست المبدع والقدير الفنان فؤاد الشريــف له العــديد من الألحان والأعمال الرائعة والجميلة أتــذكر منها هذه المنلوجات: الــقـــات / كركر جمل / منلوج الزار/ يا ناس حلو المشـــكلة / أمنــعوا الهجرة / حـــلـو لــو / ســير يا طــير ســير/ يا مجلس تــشريعي/ عملت إيش بالبـــلدية...وغيرها من الأعمال الهادفة الناجحة التي حـقـقـت إنتشاراً واسعاً وجماهيرية.ولــد فقيد الغناء اليمني ( أبــوعــلــي ) في السادس من نوفمبر عام 1929م في مدينة الشيخ عثمان بعدن ، وتلقى تعليمه في الكـتاب (المعلامة) وذلـك على يد الفقيه أحمد الجبلي ، وكانت هذه المعلامة في حافة (القـــحــم) في مدينة الشيخ عثمان وقد ختم القرآن الكريم في سن مبكرة مما جعل والده يحتفي به وأقام له الحفلات أحتفاءً بختمه القرآن الكريم في هذه السن المبكرة .. ثم واصل تعليمه في مدرسة الحكومة الإبتدائية في الشيخ عثمان ولأسباب متداخلة متعددة أنقطع عن مواصلة الدراسة في المدارس الحكومية الثانوية بحجة كبر سنه (الأوفــرايـج) كما كان يقال في ذلك الوقت.. ليـــعـود مـــرة أخــرى لتـــلقي مبادئ تعليمه الثانوي واللــغة الإنجـــلـيزية في (الكـتاتيب) على يد الشيخ صالح حسن تركي جــد الفنان المعروف إسكندر ثابت رحمهما الله . للـــفنان القـــدير محمد مرشد ناجي الـعـديـد من المؤلفات والإصدارات والمطبوعات والكتب الهامة القيمة أهـــتمت بـــتوثيــق الــتراث الغنــائي المتنوع والغزير وتخصصت بــشــؤون وقـــضــايا الغــــــناء الــيـــمني القــديــم والمعــاصر أهمـــها: أغــانيــنا الشـــعبــية / الغــناء اليمــني القديم ومشاهيره / أغنيات وحكايات / صفحات من الــذكــريـات .. وله إســهامات مــؤثــرة وفاعلة تتضمن الكثير من الآراء والأطروحات في سياق المــشــهد الإبــداعي الــغــنــائي والــفـني بصورة عــامـــة.لا يسـتـطـيـع تـقــديـم أعمال (المرشدي الغـنائـية) بإجـــادة وإتـقـــان أي فــنان لأسباب كثيرة فهي تتطلب مواصفات ومميزات لا تتـوافر إلا بـصوته وثـقـــافـته الواسعة من أبرزها عــذوبـة وصــفاء ونــقــاء الــصوت ورصانـــته بإلاضافــة لـسلامـة ووضوح مخارج الألفــاظ وقدرته (الــفـــذة) على توصيل المعاني والكلمات معتمداً على براعتـه وحنكــته في إتـقان (فـن الإلقــاء الصوتي وطرائــقه المتعددة والمختلفة).أحــب الفـــنـان مـحـمـد مـرشـد نـاجـي وتــــأثــــر فـنــــيـاً بأصوات وأسلـوب غــناء العمالقة: الشــيخ علي أبــو بــكــر باشراحيـل/ الشيخ محمد جمعة خان / الشيخ عوض عبــدالله المســلمي.. ورائــــــــدا الأغــنية العــدنية خلـــيل مـحمد خلــيل/ سـالـم بامـدهـف.. ومن الوطن العربي موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.تعــامل فنـــاننا المبدع (المرشدي) مع معظم المقامات الموسيقية الشرقية العـربـية وأستخدمها في أعماله منها: الـبــيــات / الـهــــزام / الســــوزنـــاك/ الـــسـيكا / الراســــت / النـــهونــــد / الحــــجـاز / الـنـــواثــــر/ والحــجاز كــار كـــورد/ الـنــيرز راســت / راحة الأرواح... وغيرها من المقامات الأخرىابــتـــدأ الـفــنـان مـحـمـد مـرشـد نـاجـي بــاكـورة مـشـواره الـغـنـائي الموسيقي من (القـــمة) في أغــنـيـة (وقــفـــة) مـن كــلمـات الشاعـر الـعـظـيـم/ محـمـد سـعـيـد جـرادة في عام (1951م) وقام بتسجيلها بمصاحبة (نـــــدوة الموســــيقى العــدنيــــة) في إذاعـــة عـــدن (منتصف الخمسينات) من الــقـرن الــفـارط ضـمـن مجموعة أغــانــيه الشـهـيــرة التـالــية: خــلاني وراح/ شبــابـك نــدي ريــان/ طلعت بــدريــة.. وحينها كانت الأغاني تبث على الهواء مباشرة تحت إشراف الأستــاذ (تـوفـيــق إيــرانـي) ومــنذ ذلك الحين ظل (المرشدي) متربــعــاً محافظاً على مكــانـــته وجمهوره ومحبـــيــه إلى أن تـــوفـــاه الــلــه.[c1]خـــــتــــامـــــاً[/c]قـمــتُ بتــقديــم هـذه القراءة النـقديـة والفـنـية تـقـديـراً وعـرفـانـاً لأهمية مكـانـة ودور الأسـتـاذ الـفنان الـكبـيـر/ محمد مرشـد نـاجـي في مـسـار تـاريـخ الـغـناء الـيـمني وتطويــره .. نعم جاءت قراءتي النقدية بصورة مختزلة لتجربة فـنــية وإنسانية ثـريـة عمـيقـة الأثـر مـتعـددة الوجهات والمحاور ستظل راسخة في الضمير والوجدان والــذاكرة المــتعــبة المرهقة وعلى وجــه الخصوص بعد أن تــلقـت الأوساط الفـنـية والـثقـافية الأدبـيـة والإبـداعية والجماهير العريضة على إمــتداد خــارطة اليمن والخليج والـــجزيـــرة والــوطـــن العـــربــــي بــــأســـره فـــي عــصــر يـــــوم الخــمــيس الــمــوافــــق 7 / فبراير/ 2013م نـبأ خـبـر وفـــاة آخــر حصون وقلاع فـــن الغناء والطرب الأصيل، رحيل الفنان والمنــاضل المثـــقف والأديـــب والـــتربوي والـــمؤرخ محمد مرشد ناجي عن عمر ناهـز (84 عاماً).. قـــدم (أبــوعـلـي) رحمه الله إبــداعات فـنــية استثنائية ويـعـد رافـــداً للأصالة والمعاصرة ، وفي الواقع تضمنت هذه القراءة بين ثــنايـا حـروفها وسطورها النابضة في الـمقـام الأول (رســــالـــة حـــب ووفـــــاء) لواحد من أهم رواد ورموز الغناء في اليمن (وآخـر عــناقــيد الإبــداع). أجـزم أنني لا زلت أرزح تحت أعـــباء وأثـقــال وتـداعيـات وفــاتـــه.. أحـسـه مقيما في خلاياي ، صوته ، صورته ، ضحكاته ومـداعـبـاتـه لا تـفـارقـنا منذ شبابنا حتى شيخوختنا وبكل ملامحها ماثـلـة أمامي وقبـالي تعبث بلغـتي وتعطل تفـكــيري .. لقد كان مشهد تشييع الجنازة مؤثراً وموجعا ولم يكـن على الإطلاق لائـقــاً بتاريخه ومكانته وعطاءاته ونتاجاته التي أتحفنا وأسعدنا من خلالها بفـنه البــديع منــــذ (ستــة عقود من زمن الغناء الأصيل والريــادة والتأسيس).. ونستطيع القول أن تجربته الإبداعية والنضالية والوطنية وشمت في ذاكرة الوطن ، غابت الجهات الرسمية والمختصة وتصدرت الشخصيات العدنية والجماهير المحتشدة التي توافدت رغم ضيق الوقت وتواجدت لتجسد بحضورها معاني وسطوراً كتبت بأحرف من ضياء ونور أبرز وأعظم عناوين المحبة والوفاء والعرفان. أننا نؤمن بالقـضاء والـقـدر ولا إعتراض على إرادة ومشيئة الله .. (والموت) الحقيقة المطلقة الوحيدة للإنسان في الأرض .. فالنفس البشرية وديعة الخالق سبحانه وتعالى تعود إليه.. لكننا لسنا بملائكة لدينا من نقاط الضعف مايجـعـلنـا نشعر بالغربة والوحشة لفراق ورحيل (الأب الروحي الحنون والموسوعة الأدبية والفنية) فقد كان رحمه الله (مؤنـسـنا) رغم ما كان يـعـانـيه من التــغـيـيب والجــحـود وشدة وطأة المرض والوهن وكبر السن في السنوات الأخيرة ومع ذلك كان وسيظل (قاموسنا الفني ومرجعيتنا في حياته وبعد مماته ) .. وقد ووري جثمانه الثرى في مقبرة الرحمن بالمنصورة.