من خلال اعتقاد البعض بأن الكاتب الصحفي هو الأقرب لتفسير الواقع السياسي أكثر من غيره سألني أحدهم عن سر تواري الشيخ عبدالمجيد الزنداني عن وسائل الإعلام، خصوصاً خلال هذه الفترة المزحومة بالتعليقات وبالتصريحات ذات الصلة بالحوار الوطني المزمع عقده في 18 من شهر مارس القادم.كان بودي التهرب من سؤال كهذا كون الإجابة عليه تندرج في إطار علم الغيبيات خاصة أني لست من اتباع الشيخ أو من اللصيقين به طوال يومه، إلا اني آثرت الإجابة ولو من باب الاجتهاد كي لا تتزعزع ثقة هذا السائل بي ككاتب وبالصحافة بشكل عام، إذ لم أجد من تفسير يرضي فضول هذا السائل غير القول إن الشيخ ربما منهمك في هذه الفترة في أبحاثه واكتشافاته الطبية من منطلق حرصه على التخفيف من المعاناة البشرية لاسيما تخفيف المعاناة عمن يعانون من مخاطر الأمراض المعضلة التي عجز الغرب رغم إمكانياته البحثية والمختبرية الهائلة من اكتشاف عقاقيرها الناجعة فوضع الله سره في شخص هذا الشيخ الجليل الذي لم تتوقف اكتشافاته لكثير من الأمراض البشرية المزعجة والقاتلة والمحيرة لعلماء العالم منذ سنوات عدة مضت .لم يمض على تفسيري هذا الذي أقتنع به السائل غير ساعات فقط إلا وظهر شيخنا من جديد من خلال تصريح أدلى به في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة لمناقشة ما سماه مستقبل الحوار الوطني .. هذا الظهور الذي جعل السائل يسارع إلى الاتصال بي ليقول لي : قلت لي إن الشيخ منهمك في أبحاثه واكتشافاته خدمة للبشرية وها هو ظهر مجدداً مهدداً بأن لا أمن ولا استقرار طالما استبعد وغيره من علماء الهيئة من المشاركة في الحوار الوطني القادم.قلت له: صدقني أنا، لا تصدق عينك فربما من ظهر في المؤتمر هو شبيه بالشيخ .. أما الشيخ الحقيقي المفرغ نفسه لخدمة البشرية فهو في معمل أبحاثه ومختبراته ولا يمكن أن يفكر بحوار هو من اختصاص الساسة ورجال الاقتصاد والقانون إيماناً منه بضرورة أن يعطى الخبز لخبازه.على اعتبار أن الشيخ عبدالمجيد صرح بتصريح كهذا أود القول لشيخنا هنا إن طابع هذا الحوار سياسي بامتياز :كون دوافعه وبواعثه هي ثورة فبراير2011م التي هب الناس في هذا البلد لإشعالها ولإنضاج جذوتها في مواجهة نظام استبدادي أستأثر بكل خيرات وثروات هذا الوطن مقابل إلحاقه الأذى بكل أطياف المجتمع تمثل بالإفقار وبالتجويع وبالتجهيل بل وبتكريس الإحباط في نفوس الكثير بهدف التسليم بعدم إمكانية التغيير الذي هو سنة من سنن الله في خلقه. من هذا المنطلق فإن ملايين الناس حين ثاروا على نظامهم الديكتاتوري لم يثوروا لكونه لم يحكم بكتاب الله وسنة رسوله الأعظم وإنما لمغالاته في الجور وفي الاستبداد وفي نهب الثروات وفي وأد آمال وأحلام الشعب في التغيير وفي التحديث، أما ما يتعلق بالدين فما من أحد في هذا البلد إلا ويتمسك بدينه الحنيف وبثوابته التي لا نقاش فيها بحيث تحتاج إلى حوار .. حوارنا القادم هو في أمور دنيوية بحتة سياسية واقتصادية في الأساس، الأمر الذي لا يتطلب للخوض في هكذا حوار علماء دين أو كيفية الشروع فيه ، بحيث يكون حواراً على الطريقة الإسلامية كما في الأضحية التي تتطلب تسمية الله وتوجيهها نحو القبلة قبل الشروع بذبحها.ما يحتاجه الناس في بلد مضطرب كهذا جراء تداخل الاختصاصات في بعضها البعض هو أن يلزم كل واحد موقعه، وأن يلتزم بتخصصه، الدين مثلاً له علماؤه وفقهاؤه بينما في السياسة وفي الاقتصاد وفي علم الإدارة فإن لكل علم منها علماءه وجهابذته ومفكريه .. .. الخلط بين هذا العلم وذاك وبالذات بين علم السياسة وعلوم الدين ، كخلط الماء بالزيت .. دليل على ذلك ما مرت به أوروبا من ظلمة ومن تخلف في القرون الوسطى جراء التداخل بين اختصاصات الكنيسة واختصاصات الحاكم، دليل آخر هو ما يجري اليوم في كل من مصر وتونس من رفض لكل هذا التداخل والتعارض في الاختصاصات .إذا ما تحسس كل واحد في هذا البلد جمجمته لمعرفة ما تحتويه من معلومات عندها لن تجد على الإطلاق من سيحاول إقحام نفسه في عمل ليس من اختصاصه فلطالما يحزنني أمر كثير من الناس ممن يحاولون بشتى الطرق المشاركة في مؤتمر الحوار على طريقة العامل اليمني الباحث عن لقمة عيشه الذي لا تعجزه أية مهنة، وما إن يجرب حتى يكتشف عجزه. وأقول لهؤلاء: الحوار الوطني يعد قضية هي بحجم الوطن وبحجم سكانه ، بينما الشاهد على هذا الحوار هو التاريخ الذي لن يغفر لأي مخبول أقحم نفسه في هكذا مهمة وطنية وتاريخية مقابل ما سيتقاضاه من أجر يومي.ما يتعلق بالشيخ عبد المجيد لا أدري ما الذي حال دون إشراكه في مؤتمر الحوار من خلال القائمة المتعلقة بتحالف المشترك الذي من أهم ركائز مكونه السياسي حزب الإصلاح الذي ينتمي إليه الشيخ الزنداني والذي يعد من رعيله الأول، ومن مؤسسيه ومن كبار قادته بل ورئيس مجلس شورى هذا الحزب لفترة من الزمن.. سؤال هو برسم حزب الإصلاح لا برسم الرئيس أو اللجنة الفنية للحوار أو برسم الوطن الذي يتهدده الشيخ بعدم أمنه واستقراره في حال عدم مشاركته وأعضاء هيئته الدينية في الحوار القادم كما جاء في مؤتمره الصحفي.
|
آراء
إنه حوار لا أضحية .. أيها الشيخ
أخبار متعلقة