ســطــور
أول درس في الموسيقى ننهله قبل ولولج الدنيا في بطن الأم، يبدأ بالإيقاع الفطري المنتظم في الأعماق الفيضية والحضن الواسع بحنان الدنيا الهبة المسحورة بالنجدين.. وتنمو المعرفة اليانعة في السطور الأولى بأسرار الوثاق الحميم في علاقة الجنين بنبضات قلب الأم.. قبل فيض بحر الحنان..إذا صح أن يكون هناك فصل دراسي أول يسبق الغذاء.. أو يلحق به، سيان وقبل الإلهام بالفجور والتقوى وكمال التسوية للنفس!!.. وإذا صح أن تكون هناك سطور وكتاب؟! هل يفقه أولو الألباب؟ في الموسيقى أسرار كثيرة.. أسرار لا تنقص.. لأنها تحفظها.. وتعطيها دون محاباة!!أية قوة يمكن أن توازي قوة الموسيقى الواضحة والمستترة.. البينة والتلقائية.. والخفية كذوات الخدور.. والمبهرة كسحر البكارات!!وأوائل النعيم الروحي الذي لا تعوضه الأطعمة والغنائم الأخرى الفانية!!الموسيقى تبقى مستيقظة إذا قامت من النوم ومن أجل ذلك يتحف الليل حياتنا بالأضواء والألوان التي تحرك السكون.. لأنها لا تريدنا أن ننام!!تلك العلاقة بالموسيقى مجانية، رغم أنها غالية جداً تشبه الهداية لما يرتقي بالنفوس ويصقل صفاء الأرواح!!كأنها نافذة للنجاة، لذلك يطيب الترتيل وتستدعي اللذاذات التي لا توصف!!الموسيقى أيضاً لا تبور ولا تهترئ ولا تبيت ولا تتخمر.. ولا يعرفها الدود.. والخبق!!الغريب أن الموسيقى تخلق الإنسان من جديد في هيئة سوية مع كل انعطاف.. أو انحراف.. أو تملل أو انكسار!! وتفعل ذلك كل يوم.. وفي كل صلاتها بالإنسان.. والحيوان ولا تبالي وكأنها حياة في الحياة وضد اليأس.. والخمول.. والفناء.هنيئاً لك أيها الإنسان لأنك تجد السعادة في المعنى الجليل والصوت الجميل!!الموسيقى مطر آخر.. لأنها تغسل كما تسقي!! وتطهر كما تشفي.. وتغور لتسكن في الأعماق ولا تتجمد.الأشباح الأليفة روضتها الموسيقى.. لكنها لا تقدر على الوحوش الكاسرة.. أو ربما!!ظل الإيقاع يسكن في خطواته، وحين توقف الرقص في الفراغ المكشوف.. لم تسكن الموسيقى، ظلت تنمو وتخضر، وتثمر في أعماقه، وتشعل الباطن بما يكشف أسرار الظاهر!!