صدق أو لا تصدق!! أحاول في الأيام الأخيرة أن أهرب من الحديث عن الإخوان، إلا أنهم مثل القط الذى يثير المشاكل في بيتك، فإذا حملته للتخلص منه في أبعد مكان ممكن إذا بك تفاجأ به عند عودتك للبيت متربعاً على الكنبة الوثيرة التي اعتاد الجلوس عليها وخربشها بأظافره الحادة، كيف عاد وكيف اقتحم البيت مرة أخرى، عِلْمُ هذا عند الله، له في خلقه شؤون، ولنا في الإخوان شجون بعد أن أصبحوا في حياتنا كلصقة بالغراء،لا أريد أن يتصور أحدكم أن كلماتي هذه هي بمثابة جر شكل الإخوان، إذ كنت قد نويت فعلا في مقالي الأول لـ«المصري اليوم» أن أبتعد عن الشر حتى لو اضطررت للغناء له، ولكننا في هذه الأيام نشهد الذكرى الثانية للمأسوف عليها ثورة يناير، لذلك كان ولابد أن نتحدث عن الإخوان بحسب أنهم الآن يجلسون على الكرسي نفسه الذي جلس عليه كل الفراعين المستبدين، ويبدو أن للاستبداد عدوى ليس لها تطعيم، ولذلك وجب الحديث عن الإخوان والثورة.يقول البعض بصيغة التأكيد بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير إن الإخوان يسعون دائماً إلى ابتلاع الثورات، يدخلونها في دور الكومبارس، ثم سرعان ما يحصلون على دور البطولة فيها، فشلوا في هذا في ثورة يوليو ولكنهم نجحوا في ثورة يناير، فهل ابتلعوا ثورة يناير بالفعل؟ ويقول البعض الآخر إن الإخوان ضد التحالفات الوطنية وإنهم لا يستمرون في تحالف أبداً، لأنهم دائماً وأبدا يبحثون عن مصالح تنظيمهم التي قد تكون أعلى عندهم من مصالح الأمة لذلك فهم الذين يبدؤون في الاصطدام واللدغ وفض التحالفات ويُذيقون الآخرين من هذه الكأس مرات ومرات، وأظن أن مصر كلها عرفت مؤخراً أن هذا صحيح؟أما الإجابة عن السؤال الأول فهي صحيحة في معظم الأحيان، ولكي نسبر غور الإخوان ونظرتهم للثورات ينبغي أن نفهم طبيعة ثورتنا، فكما يقول الجميع: لم يكن أحد يتوقع أن تقوم ثورة في مصر!! والذين لم يتوقعوا الثورة إما أنهم فقدوا الثقة في الشعب وظنوا أنه سيظل مخدراً غائباً عن الوعي الوطني، وإما أنهم بالغوا في قوة النظام الضعيف، ولكن الثورة رغم الدهشة التي أصابت الجميع كانت تـُخفي نفسها تحت جبل جليد وهمي، وكما يقول علماء الاجتماع: «إن أعظم الثورات هي التي تنجح في إخفاء لهيبها»، وكما أن هناك موت الفجأة الذي يستعيذ منه الصالحون فهناك ثورة الفجأة التي يستعيذ منها الحكام.إذن هل يستطيع أحدنا تلخيص قصة الإخوان مع ثورة الخامس والعشرين من يناير في كلمة أو في كلمتين، سيضطر حتماً كاتب المقال إلى القيام بهذا التلخيص لذلك أقول: اتفق أو توافق الإخوان مع المؤسسة العسكرية وتعلموا من درس ثورة يوليو، إلا أن الإخوان الذين وصلوا للحكم بعد الاتفاق مع المجلس العسكري وقعوا في خلافات جمة مع البسطاء من أفراد الشعب ومع معظم أو كل القوى السياسية الثورية والإصلاحية، وقد غاب عن الإخوان أن الاختلاف في عالم السياسة وارد إلا أن الخلاف مع بسطاء الشعب والوقوف منهم ومن القوى السياسية المختلفة موقف العداء هو بمثابة انتحار سياسي، وأكبر دليل على أنهم على وشك الانتحار أنهم لم يستعيذوا من ثورة فجأة قد تداهمهم وتقوض عرشهم قريباً.
ثورة الفجأة
أخبار متعلقة