يقوم صندوق الأمم المتحدة كل عام بإصدار تقرير حول سكان العالم يرصد فيه أهم المؤشرات والتطورات التي يشهدها العالم في الجوانب السكانية، وبما يمكن من متابعة تحقيق الألفية الثالثة وبرنامج عمل المؤتمر الدولي للتنمية والسكان المنعقد في القاهرة عام 1994م، وفي هذا العام ركز التقرير على استخدام وسائل تنظيم الأسرة حيث تحدث عن حق الأزواج في الاستفادة من وسائل تنظيم الأسرة، وقدم تحليلا للبيانات الدولية المتوفرة حول هذا الموضوع واتجاهاتها، وبين أهم فوائد تنظيم الأسرة على صحة الأم والطفل وعلى المستوى الأسري والاجتماعي بشكل عام، ومن خلال البيانات التي أوردها التقرير نجد أن اليمن هي في معظم المؤشرات السكانية والصحية في مستوى متدنٍ بالمقارنة مع العديد من دول العالم عموما، وإذا تناولنا استخدام تنظيم الأسرة باعتباره الموضوع الرئيسي الذي تناوله تقرير هذا العام سنجد أن انتشار استخدام هذه الوسائل بين النساء في (15 - 49 سنة) هي أيضا من أقل المعدلات التي في العالم حتى من البلدان التي لا توجد لديها سياسات ولا برامج موجهة ومدعومة من الدولة في مجال تنظيم الأسرة كما هو الحال في دول الخليج العربي ما عدا سلطنة عمان، فرغم أن اليمن قد تبنى سياسة وطنية للسكان قبل عشرين عاما ولديه برنامج للصحة الإنجابية تنفذ عبر العديد من المشاريع والجهات الحكومية وغير الحكومية، إلا أن المؤشرات تبين أننا في وضع دون المستوى المطلوب ودون الأهداف التي أقرتها السياسة الوطنية للسكان، إذ يقدر التقرير أن معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة في اليمن ـ28 % بين النساء في سن (15 - 49) وهو تقدير متطابق مع ما ورد في خطة التنمية لوزارة الصحة العامة والسكان (2010 - 2015م)، بينما هذا المعدل على المستوى العالمي يبلغ 63 % وفي البلدان العربية مجتمعة 51% وفي البلدان الأقل نموا 35 %وإذا قارنا ذلك بأهداف السياسة الوطنية للسكان التي نصت في وثيقتها الثانية على الوصول إلى معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة إلى 56 % عام 2025م ومع مرور حوالي نصف الفترة أي منذ عام 2001م حتى الآن لم يرتفع هذا المعدل أكثر من 10 % على أفضل تقدير وهذا يعني انه من الصعب تحقيق هدف السياسة السكانية في هذا الجانب وما يترتب على تدني هذا المستوى من استخدام وسائل تنظيم الأسرة بين الأزواج من آثار سلبية على صحة الأم والطفل وفي استمرار معدل الخصوبة ونمو السكان في مستوى عال في بلادنا، وهذا ما تؤكده أيضا البيانات التي أوردها التقرير الدولي حيث نجد أن معدل الخصوبة قد شهد انخفاضاً ملحوظاً في العديد من دول العالم حيث يبلغ هذا المعدل على المستوى الدولي 2,45 طفل لكل امرأة وفي البلدان الأقل نموا 4,27 طفل لكل امرأة بينما يقدر هذا المعدل في اليمن بـ 6 أطفال لكل امرأة. وبالرجوع قليلا إلى الوراء وبحسب بيانات آخر مسح متخصص في هذا الجانب نفذ عام 2003م نجد أن توفير هذه الوسائل وتحسين نوعيتها ورفع وعي الأزواج حول ذلك هو السبب الرئيسي وراء تدني استخدام هذه الوسائل فقد بين هذا المسح أن 29 % من النساء اليمنيات المتزوجات حاليا واللائي لايستخدمن وسيلة لتنظيم الأسرة ينوين استخدام ذلك مستقبلا، إلا أن ما نسبته 58 % منهن لا ينوين الاستخدام مستقبلا وهي نسبة مرتفعة جدا ويرجع حوالي 40 % الخوف من الأعراض الجانبية وعدم المعرفة أو عدم الفهم الصحيح لموقف الدين الإسلامي الحنيف من ذلك وهنا تأتي أهمية تحسين الخدمة ورفع الوعي.انه من خلال ما تم الإشارة إليه نقول في هذه المناسبة أن تحسين المؤشرات السكانية والصحية في بلادنا لا زالت تحتاج إلى جهد وتعاون كل الأطراف للحاق بمن سبقونا وأن التراخي أو ضعف إرادة العمل في هذا الجانب سيكون له آثاره السلبية على جهود التنمية وعلى كل جوانب الحياة الصحية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية وأن أي مجهد يبذل في هذا الجانب هو استثمار مربح ومفيد حاليا ومستقبلا حسب نتائج الكثير من الدراسات والأبحاث التي تم تنفيذها في هذا الجانب.[c1] مدير عام الإعلام السكاني بالمجلس الوطني للسكان[/c]
اليمن وتقرير حالة سكان العالم 2012
أخبار متعلقة