يحتاج الشباب في هذا المنعطف الخطير وقبل أي شيء إلى الوظيفة، والحق يقال أن الحكومة التوافقية قطعت شوطاً جميلاً في هذا السياق وخلال فترة زمنية محدودة والمطلوب أن تستمر بهذه الوتيرة والروح الجماعية التي أعادتنا إلى أحاسيس ومشاعر وتوجهات (الزمن الجميل) زمن الألق الثوري والحضاري والوحدوي حين كان الحب والتعاون والتسامح وهموم بناء الدولة الإنسان هي الأرضية الصلبة والواحات الخضراء التي رسم فيها آباؤنا وأجدادنا ملامح هذه الأيام التي كان من الممكن أن تكون أجمل وأجمل وأكثر إشراقاً.بيد أن (تركة الإمامة) البائدة و (الاستعمار الأرعن) و (حماقات البعض السياسية) هنا وهناك هي التي عطلت آلية ومفاعيل العمل الوطني وديمومة بناء الأرض والإنسان، والخوض في هذا (الزقاق) طويل وطويل للغاية. ثانياً والكلام موجه إلى كل مسؤولينا (صغاراً وكباراً) يحتاج الشباب أكثر من أي وقت مضى إلى (الحرية السياسية) وحق المشاركة في بناء الدولة والوصول إلى مقاليد السلطة وصناعة الحاضر والمستقبل والتاريخ مع الآخرين الذين يعتقدون أنهم (نزلوا بزنبيل) أو أن على (رؤوسهم ريشة) وهذا طبعاً طموح مشروع ولا يجافي إلا العقليات المتكلسة المقيتة التي تطمح بأن تعيد الوطن إلى زمن القرون الوسطى وربما إلى ما قبل ذلك بكثير.وما نلمسه من حماقات وتشنجات و (حركات أونطة) ليس لها أي داع أو مبرر يؤكد ذلك لأن المرحلة بحد ذاتها مضطربة ولا تحتمل وجود أنصاف ساسة.يحتاج الشباب في هذا المنعطف الحاسم والخطير إلى تغيير حقيقي وجذري في البنية الثقافية والاجتماعية والنفسية للمجتمع الذي أصبح يعج بالفراغ والأفق الرمادي الفكري في ظل تنامي حدة الرؤى المتطرفة والمنغلقة واتساع مداها ولغتها خاصة في الأوساط الريفية والنائية التي يستغل وضع شبابها المزري من قبل (سماسرة الإرهاب) لا بارك الله فيهم.فالفقر والجهل والفراغ وغياب اهتمام الدولة والأسرة والمجتمع والفهم المغلوط للدين والحياة هو الذي يخلق (الإرهابي) ويبني أساساً لتشكل (الجماعات الإرهابية) و (بلاطجة العمل السياسي) الذين عاثوا في الأرض فساداً وأي فساد.المطلوب في هذه الفترة الحرجة وبشكل سريع وعاجل تحسين آليات ومفاعيل العمل الثقافي بشكل يلبي طموحات (شبيبة الانترنت) الذين باتوا يحلمون (بالتجديد) على صعيد المسرح والسينما والدراما وبهاء الأغنية اليمنية التي خفت بريقها وأفل نجمها.بالإضافة إلى المسافات والاتجاهات الثقافية والفكرية والفنية الأخرى التي غابت في لج خوائها وغياهب تخلفها لترسم أمامنا هذا الواقع الإنساني المريب .. هذا الليل الأحمق الطويل الذي جثم على صدورنا وسامنا سوء العذاب وويلات الصمت والانكسار.يحتاج الشباب يا سادة .. يا إخوتي وآبائي وأحبتي وأولياء الأمر في حكومة الإخاء والتسامح والتوافق الوطني الخلاق إلى تشجيعهم على طلب العلم والدراسة والمعرفة ليتمكنوا من بناء أنفسهم وتحقيق طموحاتهم، وتذليل الصعاب المادية في هذا الجانب أمر واجب وحق دستوري وإنساني وأخلاقي ينبغي الالتزام به والبناء عليه لنتمكن فعلياً من بناء (الشخصية الوطنية المعتدلة) القادرة على صناعة أسس متينة لمستقبل وطني وإنساني مشرق يقودنا نحو الغد الأجمل.ايضاً ومن ضمن الأولويات التي ينبغي توفيرها في حياة الشباب كشرط أساسي ومحوري لعملية بناء (الشخصية الوطنية المعتدلة) والخروج من دوامات الأزمة السياسية وكبح جماح أي موجات عنق قادمة:إقامة (المشاريع الإسكانية) وإعادة بناء وترميم الذات الإنساني للشباب وإصلاح ما يمكن إصلاحه في نسيج أرواحهم المتعبة وأحلامهم التي اصطدمت بواقع (بورصة الإيجارات) التي هدمت بيوتهم وحرمتهم من شريكاتهم.والأمر نفسه ينطبق على النساء اللاتي حرمن من فارس الأحلام وحبيب القلب بسبب أزمة الإسكان التي دائماً ما كانت ولا زالت السبب الأساسي لحالات الطلاق وانهيار الأسر وهو ما يعني يا سادة انهيار الوحدة المجتمعية على اعتبار أن الأسرة النواة الأساسية والعمود الفقري لهيكل ونسيج وبنية المجتمع.- هناك نقطة أساسية أيضاً لا بد من مراعاتها لإعادة بناء وتأهيل الشبيبة اليمنية تأهيلاً سياسياً واجتماعياً ووطنياً لتحقيق الأمن والاستقرار والنماء الحضاري، وترتكز على عملية إعادة بناء وترميم وتطوير المنهج الدراسي وخاصة في الجوانب المتعلقة بالمواد الوطنية والعلوم الإنسانية التي ينبغي أن تلامس الاعتدال والمنطق والفكر الوسطي الذي يعزز مسيرة العمل الوطني والوحدوي بآفاقه الديمقراطية التي ولدت من رحم ياسمين الثاني والعشرين من مايو الأغر .. ذاك الربيع الذي لا زال يسري في عروقاً ونبض أمانينا .. أعتقد أن هذه النقطة والنقاط الأخرى التي ذكرتها هي الأرضية السليمة والمناسبة لإعادة الشبيبة اليمنية إلى الحياة الحقيقية وآفاق العمل الوطني والإنساني الذي يعزز مسيرة الإنسان اليمني العريقة في بناء وتطوير مدارات الوجود الحضاري والإنساني.
بين الشباب والحكومة 2 - 2
أخبار متعلقة