إن الاستدراك الذهني التصوري للحالة السمعية المتأتية من القراءة أي مجموعة حين يكون العنوان هو المساحة الكاملة الكامنة في الفكرة التي تمتد بامتداد المجموعة وجعل هذا العنوان هو الارتكاز المحفز على متابعة المعنى في كل نص من نصوص هذه المجموعة لكي تتكامل الدلالة التي يسعى لها الشاعر ، وهنا نجد في هذه المجموعة للشاعر عدنان الصائغ (و) الصادرة من دار الريس في بيروت 2012، قد أعطى المعنى الخفي داخل المجموعة لكي يتحكم بدلالة إبرازها حسب الإيحاء الموحي الذي يثبته حسب قدرته على صياغة هذا المحفز على امتداد المجموعة إلى حد تصبح المجموعة هي علاقة مفتوحة مع الدالة المخفية بين المعاني التي يؤشرها الشاعر كي لا يقع ضمن المحددات الخاصة بكل نص بحيث تصبح المجموعة هي الامتداد الكامل إلى المعنى الذي أصبح العنوان الحافز في البحث أو التقارب مع المعنى المخفي في داخل كل نص . وهنا ندرك أن الشاعر أمتد بالتأويل الدلالي المؤثر في صياغة جميع النص وفق ذائقة المجموعة المفتوحة لكي لا تصاب المجموعة بالترهل في المعنى أو السقوط خارج المركز الموحي و (و) هي أعادة تركيب الجملة الشعرية وفق نسقية التقارب بين التوهج الذاتي أو ابتعاده دون السقوط خارج دائرة الذات المعنوية الموحية بجميع دلالاتها البصرية والسمعية و عدم غياب سيميائية الفكرة الجوهرية التي يبحث عنها ضمن حاضر الذات أو غياب الأشياء التي سببت التصادم بين كل هذه الدلالات دون نكوص الإشارة إلى عمليات الوعي الداخلي بتركيب الجملة الشعرية الصورية داخل كل نص .إن نصوص المجموعة والمفتوحة على جميع النصوص دون إغلاق المعنى ضمن حدود النص الواحد فيشعر المتلقي كأن الشاعر قد كتبها في الزمن المتركم داخل ذاكرته المخزونة نفسه مع حوافز الزمن المتغير والمتوقف حسب امتداد العلاقات المأثرة لكتابة النص ، و أن الشاعر أستطاع أن يحافظ على التوتر الموجي في تواتر زمن القصيدة ضمن زمن المعنوي وليس ضمن السلوكيات التأثيرية على توهج الذات بمراحل مختلفة لزمن الكتابة، وطبعا هذا طرح جديد في كتابة المجموعات الشعرية أو سابقة لم تؤشر في تاريخ الكتابة الشعرية بحيث أنه عند قراءة أي نص من الممكن أن نركبه على نص آخر بحضور (و) وكأنها المفتاح التراكمي في تمازج المعنى في كل النصوص و أنها المفتاح التصاعدي الدلالي والتنازلي في تركيب المعنى في التصور الشعري والمحدد بتركيب التجاوري الصوري، فيبدأ الشاعر في النص من حيث انتهى النص الذي قبله كبنية دلالية متقاربة من حيث التضمين المعنوي للإشارة الذهنية الشعرية في تراكيب التصور الذهني المتقارب في بناء الصور الشعرية إلى حد تحقيق الحضور الكامل للمعنى المتجدد على امتداد المجموعة وليس إيهاماً للمعنى أو الانحدار نحو الغموض بسبب كثرة الدلالات في الجمل الشعرية ففي نص الكأس ص 4 ( وأصابع عازفة، سكري، / تتراقص بين الوتر المهموس، / وبين الكأس /وإلى طاولتي، يجلس قلبي / ملتحفاً غصته / يرنو ولهاً للخصر المياس /ووراء زجاج الحانة أشباح تترصدني، / تحصي حولي الأنفاس/ وأنا محتار /- يا ربي - /أين أدير القلب؟ / وأين أدير الرأس؟ )التوقف هنا هي الحيرة وعملية الإشارة إلى الاختيار فالذات هنا حضرت الصور المركبة من الأشياء الخارجية وليمتد الصراع إلى الداخل، ويشعر المتلقي أن أغلب نصوص المجموعة هي جذب ما هو خارجي إلى داخل الذات لكي يحد المعنى المركب على الاختيار بهذا الانتماء و نقل الصراع الخارجي إلى داخل الذات وكأننا أمام صراع لا يسيطر عليه إلا داخل الذات، حيث نجد التردد في اتخاذ القرار اتجاه المسميات التي تتحرك داخل ذات الشاعر بوعي مسيطر عليه بعد أخضعها إلى المسميات الداخلية، و نشعر أن مركز الاختيار هنا هو (و) التي تباعد أو تقارب هذه الاختيارات من حيث الصراع النفسي السيميولوجي داخل حركة الذات وفق أفق انتمائها ، فما بين ( سكري ، الكأس ،المياس، الأنفاس، وأنا محتار) هنا نلاحظ الخط التصاعدي في أتساع المعنى في زمن الاختناق والحيرة ما بين غيابة الوعي أو الإتيان به لتأشيرة بسبب الحيرة، وفي هذه الحالة يبقى النص مفتوحا إلى معان أخرى قد نجدها في نصوص أخرى داخل المجموعة فالشاعر هنا ينهي النص بتساؤل عن البحث عن الاختيار ما بين القلب والرأس أي ما بين الاختيار العاطفي والفكري إلى حد الوصول في ترك الاختيار إلى الرب لكي يظهر العجز الكلي في أيجاد النهاية لهذا الصراع وهذه أشارة الغربة الكلية النابعة من داخل بسبب الأحباطات التي سببتها المسميات الخارجية و أن الشاعر بسبب ما أخضع هذه المسميات إلى الوعي الداخلي لكنها بقيت خارجة عن قدرة الذات إلى تحولها إلى مسميات متآلفة مع هذه الذات وهذه هي أقصى حالات الغربة الزمنكانية (- يا ربي - / أين أدير القلب؟ / وأين أدير الرأس؟ )وفي ص 8 (مرةً.. /مرةً.. /ربما؛ نلتقي صدفةً / - آه.. يا غربتي، / آه.. يا وطني - /فنذوب / عناقاً )في هذا المقطع تتصاعد الغربة بسبب البعد عن الوطن إلى حد التشبث بالصدفة باللقاء مع الوطن بسبب انهيار الوطن داخله لأن الترابط بين الذات والوطن هو ترابط نفسي سيكولوجي لا يمكن أن نفصله عن جوهر الانتماء الوجودي لهذه الذات إلا بسبب حجم الفاجعة التي تبعد الذات عن الانتماء لهذا الوطن وطبعا هذه الحالة تكتسح الذات وتتحول إلى صراع كبير داخلها و تختلط الانتماءات الكلية داخل هذه الذات وتصبح كل مساحات الذات إلى صور أرتجاجية غير ثابتة في تحديد المعنى الجوهري الداخلي في اللاوعي أو داخل محفزات الوعي الانعكاسي الشرطي المتكون من تعمق الصور الذهنية الأنتمائية داخل كل مساحات الوجدان وأقاليم الذات التي تكونت فيها الكثير من الصور عندما عاشت داخل الوطن وقد تتحول هذه الصور إلى رموز حية تعيش داخل الذات مهما ابتعدت عن انتمائها إلى جغرافية الوطن ، وحين جعل من الصدفة لقاء و ليس هناك وطن يسعى إلى اللقاء به إلا وفق نواميس الصدفة وهذا يؤشر الأزمة الكلية داخل الذات ، مع هذا يحاول أن يعيد التصالح ذاته مع الوطن يتمنى أن يكون اللقاء ذوبانا كليا ، وهو هنا يعبر عن الذات وتصورها الداخلي ليقفز عليها لكي ينهي كل هذا الصراع وأزمته داخلية بعناق وذوبان الذات مع الوطن كليا ، لكي يبعد عن الأسئلة الذهنية عن أسباب هذا الصراع .ولكي نستمر بدلالة (و) من الممكن أن نؤشر ونربط كل هذه الجمل الشعرية مع سابقتها في النص التي قبلها لأنها امتداد إلى أزمة النص الشعري داخل ذات الشاعر وامتدادها على طول المجموعة لأن المعنى الدلالي الموحي هو الغربة .في ص..10(وإن غربتني /وإن أصعدتني / وإن أنزلتني /فدولابها لا يقر على حالة /وأن صدقت - في عيون المغفل - آمالها )وهنا هو تأكيد حول ما تم تأشيرة من غربة الذات عن الوطن وأسبابها الجوهرية ،و أن امتداد النص لدى الشاعر هو تصاعدي هرمي أو تنازلي عنقودي مع النص الشعري ، فبقدر ما سعى الشاعر في المقطع السابق إلى الذوبان الكلي مع الوطن هنا يأتي ليعيد الأزمة بتصورها الذهني الهرمي وان الذات التي تشعر الحياة واستمرارها إلا بوجود هذا الصراع والأزمة المسببة لهذا الصراع وهذا ما يؤكد أن لا حياة له خارج الوطن مع كل الوجع الداخلي الذي يشعر به اتجاهه ، و أصبح هذا الصراع هو هوية الذات التي ينتمي إليها ، حيث يؤكد هنا في صعوده أو نزوله و أن احتدام الصراع متواصل مع هذا المخفي داخل الذات (فدولابها لا يقر على حالة ) فدولابها لا يقر على حالة و لا ينتهي وحتى وأن تراءى له بأنه أنتهى وسط الآمال الكاذبة لكي يخفف حدة هذا الصراع ويعيد قولبته كي لا تصل ذاته إلى التشبث بهذه الآمال الكاذبة وحتى أن صدقت هذه الآمال (وأن صدقت - في عيون المغفل - آمالها ) فهو يمتلك الوعي الكلي لذاته خارج الغفلة التي تسبب له الإحباط والنكوص بالانتماء الكاذب والبعيد عن حقيقة وجدانه الأنتمائي الترابطي مع ما يريد من الوطن وما يجد فيه من مسببات الغربة التي تؤدي به إلى التشظي، وبهذا يصبح النص لدى الشاعر هو صوت الداخل ووفق البنية التركيبة في دلالة اللغة وأبعادها المتعددة حسب النسق العنواني للمجموعة ومسميات الصراع الداخلي الخفي المستمر ضمن حركة العنوان ( و) و هنا يمتد العنوان خارج التحديدات الثابتة لجاك دريدا لأنه وصف العنوان حسب النص الواحد ولكن هنا يمتد العنوان ليشمل كامل المجموعة وهذا خارج نسق ومبينات الأشتراطية لمنهجية الثقافة الثابتة ، لأن العنوان أصبح ثريا المجموعة وهذا جديد أو خروج عن هذه المنهجيات وهو تثبيتا لما قلت سابقا .... وفي ص18 في نص باريس(فمن أين أبدأ /طافحة خمرتي بالشجون / وباريس طافحة بالجنون / وقلبي وحيد، يصيح: العراق..... )في ص 22 في نص غربة ..2 (ما لي أسائل حاناتها:/- هل لنا جرعة / عند بغداد /قبل /احتضان /التراب)هنا مقطعان من نصين مختلفين فمن الممكن أن ندمجهما في نص واحد ونضع العنوان (و) بينهما ولا يؤثر على المعنى الخفي المحفز على البحث عن المعنى الممتد على طول المجموعة، و كما قلت سابقا أن المجموعة هو نص مفتوح في تركيب النص وفق زمن الكتابة المختلف خارجياً والتضمين داخلياً و أن الشاعر أستطاع أن يحول الزمن الخارجي إلى زمن داخلي و حول دينامكية الزمن إلى رموز وفق دلالاتها الاستبطانية المستمرة في حياكة المعنى وفق تسلسلها الانعكاسي داخل ذاتية النص المتكون من ردم الفجوة ما بين الدال والمدلول لتقارب المعنى في داخل ذات الشاعر حيث يتحول هنا الزمن إلى زمن هرمي في تقارب التعبير المتأتي من سلطة أزمة الوعي الداخلي بالغربة المستديمة داخل الذات، و أن الشاعر يلغى تحكمات الزمن الخارجي من خلال استبطان زمن داخلي الذي يؤرخ الدالة وفق ترادف المكون النفسي في تمازج الصور الذهنية مع اللغة كأداة محفزة على التعبير عن التجربة الباطنية للشاعر ضمن ذائقة التعبير التناسقي في قيمة التماثل مع الرموز العاطفية والفكرية وتشظيها الخارجي ، لعدم القناعة باستمرار حركة الغربة وما تمثله من امتداد لغربة الوطن نفسها ، عندما تكبر مساحة أزمة الذات الشعرية لأن أدوات التعبير عند الشاعر هي اللغة كصوت لساني تعبيري صوري بلاغي ، باعتبار مستويات اللغة المعبر عن الخطاب الشعري فأصبحت ( و) هي الدالة وفق منهجية المعنى المؤسس عليها في كل النصوص وطبعاً نجد اختلاف هذه المجموعة عن باقي المجموعات الشعرية التي تختار عنوان نص من نصوص المجموعة وتبني عليه العنوان وقد تكون النصوص الباقية مختلفة عن العنوان أو تشكل معنى غريباً عنه ولكن نجد أن الشاعر عدنان الصائغ يشكل بنية جديدة في تأسيس عنوان المجموعة المفتوحة على جميع النصوص من خلال العنوان ... ففي ص30 ونص ذكرى (كان المساء شهياً / وكان الزمان رخياً / وكنا صغيرين في الحب /كيف كبرنا، إذاً / هكذا؛ فجأةً / واستراب بنا حارس، /ومالت غصون، وشابت بنا الذكريات، /... / و.. / ضيع /كل /طريقه / وأعني: /صديقه )نجد هنا في هذا المقطع تمتد الـ(و) لتحكم كل المعاني التي تعطي إلى الشاعر القدرة في امتداد الرؤيا التأويلية التي تبصر المعنى بشكل صور شعرية دون أطار يحدد معناها لأنها تشمل كل كوامن النفس الشعرية في غربتها حين يتجلى في قناعتها الغربة المستديمة والمحفزة على امتداد هذه الغربة كصرخة لا تمتلك أدوات التعبير عنها سوى اللغة ، لكن في كل مراحل هذه الغربة تحاول أن تعيد التصالح مع زمنها القديم كقيمة فعلية في تحقيق الحضور الوجودي. حيث تعاد هذا النفس تركيب الذهنية السابقة التي وجدت في الذات قبل كل هذا الانشطار داخلي، و تأتي بالرؤيا كحلم كي تهدأ الذات من هذا الدوي الصارخ داخلها، و تمثل الطفولة مرحلة الغائب في حضورها ألآني ومن أجل تحقيق الابتعاد عن استمرار التشابك من حضور أزمة التصورية لكي يتم تجديد الذاكرة بعد رحيلها المنغص في تلقف الحاضر كحاضر خالي من كل الأشياء الجميلة التي أعشناها كزمن خالي من كل هذه الصراعات في الفقد والغربة، نجد هنا أن الـ(و) هو الجواب الحتمي للمعنى المتكون بالخروج من زمن الحاضر لكي نجد بعض العزاء إلى الذات أو تحقيق الاطمئنان والشعور بوجودها نأتي بزمن الغائب من الذات ولكن طالما أن الذات والغربة قد أصبحت هي هويتها المعبرة عن الأحاسيس المستديمة داخلها لا تستطيع تجاوزها ، بل نجدها تضيف غربة إلى غربتها بتفرق أو ضياع الأحبة والأصدقاء عن بعضهم ، حيث نشعر هنا تتحول الـ(و) إلى سؤال وجودي عن أسباب الفقد المستمر داخل الذات.. في ص..34 نص غربة..4 (ما آن أن تستريح ح ح ظلالك، يا صاحبي /لعنة هذه الأرض /كم غصصتنا / وكم رغبتنا / وكم شردتنا / وكم.... / م )كما تحاول الذات الخروج من غربتها الداخلية مرة تحاول أن تعيد الطفولة إلى حاضرها لكن تجد أن زمنها غير ثابت أو غير مستمر حيث يتحول الزمن الذي شابت فيها الذكريات ، وهنا تأتي الأرض كلعنة و أصبحت الغربة هي أزمات تراكمية داخل الذات لا تستطيع الانفكاك منها مع كل هذه المحاولات ، لهذا تحاول أن تجد التبرير لهذه الغربة مرة على فرقة الأصدقاء ومرة على الأرض التي سببت كل هذا النزيف الحتمي في تحقيق مشروعة الارتداد إلى الذات عبر كل هذه الأبعاد الزمنية المرتبطة داخل الذاكرة، و نجد أن الغربة تسبق الذات ولا تستطيع أن تفسرها لأنها متداخلة كليا معها ، ولكنها تحاول أن تبررها لكي لا يحدث الشرخ داخلها بعد أن تحولت إلى لعنة في ص..34 نص غربة..4 ( ما آن أن تستريح ح ح ظلالك، يا صاحبي / لعنة هذه الأرض /كم غصصتنا / وكم رغبتنا / وكم شردتنا /وكم.... / م ) وكما قلت تكون الـ(و) هي المعنى في تحقيق الدلالة داخل النصوص كافة في المجموعة حيث أن اللعنة هنا تحققت من خلال التشرد بعيدا عن الوطن ، وحولت الـ(و) منهج تفسيري لأسباب الغربة داخل الذات (وكم رغبتنا / وكم شردتنا /وكم.... / م ) وهنا الشاعر يحاول أن يناقش نفسه من خلال ظل صاحبه الغائب لأن أزمته وصلت إلى مرحلة يحاول أن لا يفسرها بإحساسه من الداخل ...ص .. 52 نص تشكيل 7 (.. أعداء كثيرون /من حروب لم أخضها /من أين أتيت لي بهم؛ /أيها الشعر )بل يحاول الشاعر هنا أن يلقي أسباب ما يمر به هم الأعداء الذين تكاثروا حوله لأنه شاعر ، و أن الشاعر يحاول الخروج من لعنة التداخل مع ما غربته التي أصبحت هي هوية الذاتية التي توسم بها بكل أبعادها النفسية والمعرفية ، و محاولة الخروج من أزمة الذات وتبريرها النفسي السيكولوجي الترادفي في البحث عن الأسباب لكي يقنع حاضره بأسباب هذه الأزمة لكي لا تتشظى خارج المعنى الوجودي في الحياة ، وتتحول (و) المعنى الذي يستديم ما تظهره الذات عبر كل تقلباتها النفسية المحاصرة بالغربة عن الوطن، فأصبح الجواب لأسئلة الذات المنطوية داخل رحلة المعنى التي تحدثها الذكريات ...ص..58 في نص قصائد قصيرة / شكر (شكراً لهم.... / إنهم يستنسخونني / بتأويلاتهم.. / وإشاعاتهم /وشتائمهم... / لهذا تكاثرت نصوصي / بين الناس)نجد هناك أن فعل المعنى المتكون في زمن القصيدة لدى الشاعر هو معنى مستشف من غربة ذاته المتداولة مع كل ما يسبب لها فقدان الهوية اتجاه الوطن ، لهذا نجد حركة المرايا في تكوين النص الشعري لدى الشاعر هي أفعال تصادمية مع يؤشره الآخرون من قيمة فعل الدالة المتحرك داخل هويته الذاتية كانسان يمتلك فعل التعبير ضمن سياق البحث عن معنى الحياة خارج أطر التي تكبله والتي يظهرها الآخرون في معنى التعبير ، لهذا نجد النص لدى الشاعر هو رحلة الذات وتجليها المعرفي النفسي في كل ما يحيط به و هذا ما يشعره بمعاناة الغربة في المكان ، يحاول أن يلغي هذه الهوية والتي تمثل نسقه الإنساني المعبر عن كيفية الاقتراب من الحياة بعيدا عن إرهاصات لا توصله إلى القناعة بطريقة حياته ، فهو لا يحاول الخروج من الأزمة بل يحاول أن يجد التفسير لهذه الأزمة كي لا تهرب ذاته عن موجبات الحياة التي ينشد لها، و نشعر أن النص لديه هو صوت الداخل المركب من ذهنية الحدث وليس المركب من مؤثرات المشاعر الحسية لأنه دائما يجلب الزمن السابق ليعطيه المعنى في الحاضر ...ص..69 في مرآة /5 (رجل سكير /شبق.. / يخاصرك في الحانة / وأنا أرقبه بغيرة /رغم أنه لم يكن أحد سواي) في هذا المقطع يحاول أن يخرج من مراقبة ذاته من الداخل بل يخرج إلى اللاوعي الكامن في الداخل وهنا الحانة لا تمثل سوى حدود ذاته بكل انفعالاتها الحسية والذهنية ، فيحاول أن يبحث عن أعادة الوعي إلى الأنا (رجل سكير) وفق تداعي اللاوعي الداخلي لكي يعرف كم هو قريب من كل ما يفكر به وقناعته التي تتمحور حولها مفاهيمه إلى كل الأسباب التي يعيشها والتي تشكل أزمة الغربة التي تعطيه كل القناعة بالهروب من الآخرين الذين يحاولون أن يهمشوه من خلال مفاهيمهم البعيدة عن فكره وقناعته، و هو يسعى إلى تثبت الذات بعيدا عن هولاء الذين يحاصروه.ص..82 في نص أخبار يومية (ماذا ستقرأ /أو ستبصر /- أيها الرائي - /بملحمة الخليقة، غير هذا الدم يجري /من جنائن بابل، حتى الحسين، / إلى نهايات البلاد، أو البشر ) لكي لا تنتكس قناعته بأن هولاء على طول التاريخ لم يقدموا شيئا يعطي الحياة في الوطن إلا مسيرة الدم ، وهذا سبب أخر لكي يثبت قناعته الفكرية بأن كل ما بداخلة من مشاعر وأحاسيس ما هي إلا قناعة قد أعطته المعرفة التاريخية والحياتية فيها وأن الأسباب التي خلقت الغربة بكل مناخاتها الذاتية الداخلية، ما هي إلا أسباب حقيقة وفق المعرفة كاملة للحياة والتاريخ ، فمنذ الخليقة والأسباب نفسها تجري لكي تصوغ حتمية الغربة التي تعيشها الذات ، وليس أسباب أنية وفق مقتربات التصور النفسي لهذا الأسباب بل هي ممتدة منذ بدأ التاريخ حتى نهايات البلاد، وهنا يصبح اليأس بعدم حدوث التغير كليا ودون مفتاح لهذا التغير في فك شفرة هذه الأزمة وأعادت الذات إلى التصالح مع تراه من أفق يأتيها بالجديد كي تصل الاستقرار والتعافي من كل هذه الأزمات المترابطة في التاريخ والحاضر و لهذا تصبح هذه الغربة هي هويته التي تجد ذاته فيها الطراوة والمحك الذي يوصلها مع الحياة برغم الوجع الكامن فيها في اللاشعور وتنقلاتها الشعورية في رؤية الحياة الممتدة حولها وداخلها ..ص..109 في نص مصارحة (.. وما الذي؛ /قد فعل الحكام، /والأولياء!؟ / هل / يروا من حالنا! / هل حسنوا من وضعنا! / هل أوقفوا مسيرة الشقاء!!؟ / يا رب..ما نحتاجه: حرية / عدل / و خبز آمن /وليس أحلاماً / ولا إنشاء )وهذا المقطع ما هو إلا تفسير حي لأزمة التاريخ الذاتي والتكوينات الحية في التصوير الفكري، وتنتقل هذه الأزمة من الذات لتشمل أزمة وطن كاملا، فالشاعر بعد أن جعل هذه الأزمة تتمحور داخل ذاته ليعيد تبصرها الإنساني كذات الوطن وليس ذاته المنفردة ، فهو جعل من أزمته أزمة الداخلية لكي يتحكم بكل أبعاد الزمن و حضور الذاكرة ضمن الحاضر لكي يعرف مدى أبعادها ليس من أجعل جعلها هوية الذاتية بل هوية الوطن لأن الوطن يمثل له كل مساحات ذاته، و أن هوية ذاته هي هوية الوطن بهذا أحال المعنى من الخاص إلى الشمول كانتماء وكحضوري إنساني داخله، لأنه أنتقل من مناشدة الوطن إلى مناشدة يتحكموا بهذا الوطن ،مع أنه لا يؤمن بهولاء الحكام لأنهم السبب في كل هذا بل ناشد الرب لكي يبقى الأزمة مفتوحة على طول تاريخ الوطن ، فالوطن لا يحتاج إلا إلى ( حرية، / عدل / و خبز آمن / وليس أحلاماً / ولا إنشاء )أن الخطاب الشعري لدى الشاعر هو التحرك الذهني التحسسي لعنصر الزمن القريب من الذاكرة والبعيد عن التوجساته الحسيه فيصبح هذا الخطاب بنيوي نسيجي ، فتتركب الصورة من توافق وعي الحاضر المعرفي في مشاعره مع الزمن المتراكم في ذاكرته فيصبح هذا الخطاب استنهاض للذات كمركز بؤري انفجاري، يحقق التصادم في تشظي الزمن الداخلي ليشمل كل مراحل التاريخ الذاتي لديه، فيتوالف الزمن كبعد حضوري وجودي، لأن الشاعر لا يسعى إلى ملء الفراغات الحسية بل يعيد ترتيب الصور الذهنية في الذاكرة من خلال الأحياء اللغوي البستمولوجي، وهذا ما يعطيه القدرة على المسك بكل أبعاد الزمن التصوري الحاضر والماضي كصيغة فعل صوري ، يرتقي بالجمل الشعرية لديه إلى صور سيميائية فكرية كما أكد عليها بول ريكور في كتابة صراع التأويلات والدراسات الهيرمينوطيقية ،حيث يدرك المتلقي بأن الغربة تصبح كطقوس الذات المنفردة في الوجع والشاملة بالمعنى و في تصورها وسط تجليها في حاضرها المتجاذب ضمنيا مع زمن الذاكرة، والشاعر هنا يعري زمن الذاكرة ويعيد خلقها من جديد وفق مناخات التذكر وينطلق من الأنا إلى الكل فالأنا لديه هي محور المجموع، فيصبح الخطاب لديه ليس نرجسيا في الوعي الرؤيوي اللساني بل هو خطاب جمعي في محور الذات الشعرية في تركيب الرؤيا والدلالات المتشظية في توزيع المعنى الخفي داخل كل نص، بهذا تصبح المجموعة مجموعة بنيوية جدلية التعاطف بالمعنى لحالة الإدراك التأويلية في حرف العطف ( و) لكي يكون هذا الترابط ضمني لا كلي ، لكي يحافظ على أشكال النصوص باستقلالية كاملة دون أخلال بالمعنى لكل نص.
|
ثقافة
قراءة نقدية لمجموعة (و) للشاعر العراقي عدنان الصائغ
أخبار متعلقة