قصة قصيرة
صفاء العنانيكان من عادة الأهل أن يرسلونا نحن الأطفال الكبار.. أي فوق الست سنوات لنبتاع لهم صحنا من الحمص وصحنا من الفول المدمس كل يوم .. كنت وأخي وأختي وأبناء خالتي الثلاثة نذهب في ( جوقة) سويا وكل منا يحمل صحنا فارغاً بيده ليتم تعبئته من عند الحمصاني والفوال ونعود به قبل الإفطار بقليل ليأخذ مكانه على مائدة الإفطار العامرة.كنا نراقب الحمصاني الماهر بإعجاب وهو يفرش الحمص في الصحون ويزينها بالبقدونس المفروم و حبات الحمص .. ومخلل اللفت بلونه الزاهي أو مخلل الخيار وببعض الكمون والسماق .. أما زيت الزيتون فلم يكن يضعه البائع ( لأسباب واضحة! ) وكان يتم إضافته في البيت .. وكان الفوال يغرف حبات الفول من (الفوالة )، و يدمسه ثم يضعه في الصحن، صانعاً حفرة صغيرة في وسطه ويملؤها بـ (تتبيلة) الفلفل الأخضر الحار والثوم والليمون .. وبدون الزيت أيضاً.في ذاك العمر الصغير كنا نصوم إلى العصر فقط .. ولكننا كنا نحاول أن نصوم اليوم كله لنفوز بالجوائز التي كان الأهل يعدوننا بها وأهمها كان السماح لنا بالجلوس معهم على مائدة إفطار الكبار!وذات يوم .. وبينما كنا في طريق العودة ،، قرصنا الجوع .. ونحن نحمل تلك الأطباق الشهية بأيدينا وتراها أعيننا وتشمها أنوفنا.. فقررنا أن نتذوق قليلا منها فقط .. وحين وصلنا البيت كانت الصحون فارغة !! و كانت الجائزة غير ما توقعنا!.وفي يوم آخر من أيام الشهر الكريم وفي طريق العودة من رحلتنا اليومية ..أمطرت الدنيا علينا مطرا غزيرا مدراراً وبدون توقف.. وخفنا أن تغرق صحون الحمص والفول.. وننال (جائزة) أخرى.. فما كان منا إلا أن فتحنا معاطفنا ودارينا الصحون من البلل وابتللنا نحن من رؤوسنا لأخمص أقدامنا.. ولكننا في النهاية نجحنا في توصيل الفول والحمص إلى قواعدها سالمية !.