[c1]* إسرائيل تلعب دورا رئيسيا في سوريا وهذا يصيبني باالذعر .. فهي سعيدة جدا بما يجري ، وترى العالم يتولى عنها مهمة تجميل نفسها .. وليس هناك بلد عربي ناج، تونس غير مستقرة .. والسودان منقسم .. والشام في حالة توتر وفلسطين منسية والعراق يتمزق.. نحن أمام مرحلة للصراع العالمي من أجل السيطرة على مصير وثروات المنطقة وتقسيمها وتقاسمها . * تركيا لن تتصادم مع إسرائيل على وجه الإطلاق، ولا ننسى أن إسرائيل في حلف الأطلسي، وكذلك تركيا عضو في الحلف، لكن إسرائيل شريك صامت فيما تتحرك تركيا بطموح عثماني متهور.. لكن شكل المستقبل سيكون عربيا ولا ينبغي أن يكون تركيا.*للمرة الأولى تصبح مصر بلا مشروع قومي كما حدث في عصر عرابي وسعد زغلول وعبد الناصر.. وأتمنى أن يدرس مرسي وجماعته ما حولهم [/c] كشف المفكر العربي الكبير محمد حسنين هيكل النقاب عن اجتماع عقدته في لشبونة لجنة حكماء تضم قادة سياسيين مخضرمين في نوفمبر 2010 يمثلون 12 من الدول الصناعية الغربية الكبرى في العالم برئاسة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية الأسبق ، حيث قالت اللجنة في تقريرها إن الغرب يواجه تهديدات غير محددة، ليست لها حدود سياسية وجغرافية، وليست ممثلة على الأرض لكنها متسربة وفاعلة ومؤثرة .. كما قالت اللجنة في تقريرها إن الغرب يواجه أنظمة تستحق أن تذهب، ولكن كيف يواجهها؟ حيث لن يستطيع تكوين حلف مشابه لحلف بغداد ويستلزم طريقة مختلفة تسمى "الباب المفتوح"، ومعناها أنه سوف تنشأ أشياء لا يمكن التنبوء بها، ولكن من الواجب أن يتحسب لها، من المغرب إلى باكستان والخليج ، مشيرا إلى أن هذه الدول فوجئت بما حدث في تونس ومصر بعد شهرين من ذلك الاجتماع، لكنها كانت تتوقع حدوث ذلك، الأمر الذي سهل مهمة التعامل مع هذه التطورات استنادا إلى تقرير اللجنة وتوصياتها .وقال هيكل في حديثه مع لميس الحديدي على قناة سي بي سي الفضائية إن مصرفي ظل الحكم الحالي أصبحت بلا مشروع، منوها بأن مصر كان لديها مشروع من أول الثورة العرابية وهو مشروع الاستقلال، كما أن سعد زغلول كان عنده مشروع الاستقلال وجلاء الإنجليز، والحركة الوطنية كلها كانت تحاول جلاء الإنجليز، وعبد الناصر أجلى الإنجليز، وحقق مشروع التنمية والسد العالي وتأميم القناة .وأوضح هيكل أن مصر حتى الآن تعيش على إنجازات مشروع عبد الناصر، ولو لم يكن لديها السد العالي ودخل قناة السويس لوقع الاقتصاد المصري إلى الحضيض. وأبحر هيكل في الوضع الإقليمي، والتغيرات الدولية، متناولا كل ما يحدث في العالم العربي من اضطرابات، من تونس إلى مصر وسوريا العراق وليبيا، وتساءل هل هذا محض صدف أم أنها مؤامرة ومخطط؟!.وبدأ هيكل حديثه يوم أمس الأول الخميس في برنامج "مصر أين.. وإلى أين؟" على فضائية "سي بي سي" مع الإعلامية لميس الحديدي، بآخر التطورات على الساحة المصرية ، وتوابع الدستور والفرقة السياسية في الشارع المصري.ونظرا لأهمية ما جاء في هذا الحديث تعيد (14 أكتوبر) نشره تعميما للفائدة: - هل ترى أن عناصر التفاؤل أقوى في العام الجديد أم التشاؤم؟- - طبيعة الحياة هي الأمل، لا يمكن أن يشعر أحد بيأس لأنه بذلك يخطئ في حق الحياة، البعض قد يتعثر لكن السياق العام في التاريخ كله يكون إلى الأمام، في هذه اللحظة قد نكون متعثرين لكننا لا بد وأن نأتي لمرحلة هزيمة اليأس.- ما قراءتك لخطاب مرسي أمام مجلس الشورى؟- - البلد في حالة تسمى بـ"صدمة الأمر الواقع"، الذي لم يكن أحد مستعداً له، وأكثر تشبيه لذلك حينما تم تدريبنا على الحرب، ومشينا على الطريق الساحلي مع كتيبة إسرائيلية والعساكر بيغنوا بحماس، وعندما وصلنا منطقة ما قبل منطقة "الحمام" بدأ الضرب على جنود جدد غير مستعدة، فبالتالي حدث حالة "صدمة الأمر الواقع"، أعتقد أننا في مصر مفاجؤون ولدينا صدمة الأمر الواقع ونثور ضد أشياء لا تعجبنا ولم يعلم أحد الحقيقة، وعندما نلجأ إلى الحقيقة جميعنا نقوم بإلقاء اللوم على بعضنا، لذا فصدمة الأمر الواقع دائما مخيفة.لا أريد أن أظلم مرسي، لكنني أظن أنه مفاجأ مما يرى، وبالتالي ليست لديه حلول ولم يعط لنفسه وقتا يدرس طبيعة الظروف والتحديات التي أمامه، حينما تشاهدين خطابه فهو خطاب موجه إلى من هو أمامه، ومن وجهة نظري هو خطاب محاط بشكوك كثيرة، والعالم الخارجي مندهش من أدائه، أنا كنت منتظراً أن يكون لدى الإخوان كفاءة أكثر من ذلك، وأن لديهم في الخفاء من هم أفضل مما نراه، لذا فهو اكتشف أن الصورة أقل مما قدر. الشعوب تريد أن تعرف الحقيقة فقط، من أهم مشاهد في العالم مشهد تشرشل حينما قال ليس لدي ما أقدمه سوى الدم والدموع، لذا ثار عليه الشعب، كنت أتمنى أن يقف الرئيس مرسي ويقول الحقيقة عندما شاهد الخلافات بين الإخوان وجبهة الإنقاذ الوطني، وأجد القيادات غير متفقة ولديها رغبة في الإقصاء.- هل ترى أن هذا الخطاب كان موجها للداخل بصراحة أم عينه على الخارج؟- - حينما نكون موجودين ولم نر صورة كاملة لما أمامنا نستسهل ما نرى، أما بالنسبة للداخل لم يرَ مرسي بما فيه الكفاية، كنت أتمنى أن يجرى مشاورات لكن ليست بهذه الطريقة. - ماذا ترى عن ضمان مرسي لاستقلال القضاء؟- - لا نزال نتكلم في المحفوظ والمألوف من العبارات الجاهزة المعلبة، ولابد أن ندرك أن هذه المرحلة تقتضي خطابا جديدا. مثلا أنا لا أنتصر للقطاع الخاص، لكن أنت لديك، كسلطة، التلفزيون المصري والإذاعة المصرية أرضية تصل للجميع، وأيضا الصحف القومية ووزارة الإعلام ووكالة أنباء الشرق الأوسط، ولديك أكثر من 90 % من ملكية وسائل الإعلام، ما الذي يجعلك تضيق بـ 10 % للنظر للخارج إذا تحدثت بأن هؤلاء يسيطرون على الإعلام، أنا غير منحاز إلى هؤلاء، لكن العالم الخارجي جميعه ينظر إلى التجربة الحيوية بحرية الرأي والديمقراطية، ولا أستطيع أن أنكر وجود مزيد من الحيوية في هذه الـ 10 % من القنوات الخاصة، لماذا لم تنافس الجرائد الخاصة، العبقرية هي إتقان العمل وشيء آخر غيره ألا وهو الموهبة، أنت لديك مدافع لكن لم تضرب، ما مشكلتك؟!. - ماذا يراد بالإعلام الخاص؟- - الإعلام لديه سطوة الحضور الدائم والمنتظم، ليس عندنا فقط بل في كل مكان، بما لهما من تأثير مقلق، فبلا جدال هذه الحيوية تقلق سلطة لا تريد أن يزعجها أحد، وتريد أن تقوم بعملها دون محاسبة من أحد، نحن نخبر الآخرين ونفتح الملفات ونقول آراء ونبحث عن حقائق، هذه هى وظيفة الإعلام، أنا مسؤول أن يكون قارئي ملما بأطراف جميع المشكلات التي تجري أمامه، لكن عادة السلطة تضيق بهذا، فجزء من هذا الإعلام أصبح صناعة، والصناعة أصبح بها رأس مال كبير، هل وضعت قواعد للقنوات الخاصة وأحد خالفها؟ لابد من وضع حدود ومعايير للأمن القومي ومعايير للأخلاق ومعايير للدستور، معايير الأخلاق يحددها العصر الذي نعيشه، كل الناس تولد بتربية وبيئة معينة، ومعايير الأخلاق لا تقنن، فهي عرف للقاعدة والسلوك، ولا يمكن لأحد أن يضعه في قانون. - هل هذه القوانين الجديدة ستُركِّع الإعلام الخاص؟- - هذا الموضوع الاقتراب منه محمي بجمهوره، ومحمي بأخلاق مجتمع يرفض أن تغلق نافذة واحدة، جزء أساسي في الأخلاق خارج القانون.-هل تشعر أن هناك ترصدا على الإعلام الخاص؟- - أشعر بأن هناك قلق، وأشعر بعدم فهم لرسالة الإعلام، وعدم تقييم بالحساب، إذا لم تكن قادراً على المنافسة بـ 90 % من صحف وقنوات تملكها الدولة والحزب الحاكم ضد 10 % تملكها أحزاب المعارضة والمستقلون فتلك كارثة، فهي خاضعة للقانون العام، لا يريد أحد أن ترصد حركته، كل شخص يريد أن يشتغل بمنأى عن الرقابة، نحن غير مدركين أن هذا أصبح عالماً واحداً بنفس المؤثرات والأجواء. ـ ماذا عن حديث مرسي عن فلسطين وسوريا؟- - لم يعجبني خطاب الرئيس الذي غابت عنه فلسطين، شعرت إن الكلمة الحاسمة عند التيار الإسلامي لم تكن موجودة ، فالتيار الإسلامي تكون قضية القدس بالنسبة له هي نقطة ركيزته. - - ظهر حديث عن اليهود وعودتهم وتعويضهم إذا لا يرغبون في العودة إلى مصر بحسب تصريحات قالها عصام العريان بصوته ولسانه .. وقد أثارت تصريحات العريان ارتياحا في إسرائيل وغضبا في أوساط الشعب المصري والشعوب العربية وارتباكا في داخل جماعة الإخوان المسلمين؟ * ليس هناك شيء يسمى تعويضات اليهود المصريين على الإطلاق، مصر لم تدفع شيئا بعد كامب ديفيد، أتمنى ممن يتحدثون أن يأتوا بوثائق التحقيقات عن اتفاقية "لافون"، والتي كان بها وزير الدفاع وموشى ديان رتبوا عملية تخريب في مصر تعتمد على اليهود المصريين، وجاءت عملية أخرى بقيادة "سابير"، قالوا فيها نرجوكم لا تقتربوا من الجالية اليهودية، كل العائلات اليهودية لم تحمل جنسيات مصرية، فجميعهم جنسيات إنجليزية وفرنسية وسويسرية، بعض الوزراء الإسرائيليين هالهم ما يحدث مع اليهود في مصر، وقالوا هذه الجالية مستقرة ابعدوا عنهم لا تنظموا بينهم شبكات تجسس.وأخطر ما جاء في هذا الكلام التلميح لتعويض اليهود المصريين في حال عدم العودة.. وهذا يسعد إسرائيل كثيرا؛ لأنـها تراه مدخلا مثالياً للمقايضة بتعويضات للاجئين الفلسطينيين مقابل حق العودة.- بالنسبة للوضع الاقتصادي في مصر.. لدينا رسائل متضاربة بين الواقع وبين ما يقوله الرئيس؟- - هذا جزء من عدم نقل الواقع والحقيقة، نحن في واقع اقتصادي شديد الخطورة، والعالم الاقتصادي والبنك المركزي والخبراء شهدوا على ذلك، وجزء من هذه الأزمة سببها خطاب مرسي، عندما وقف أمام مجلس الشورى وتحدث بتفاؤل عن هذا الموضوع بدا أن الرئيس لا يرى الصورة على حقيقتها.الناس قالت إنك مطمئن، لكن هو عنده العوامل تغلب إن المسألة هاتتحل بالتفاؤل، لكنه أعطى رسالة خطأ في وقت خطأ، كان لابد وأن يجلس كاتب الخطاب مع المسؤول عن البنك المركزي قبل كتابة الخطاب، ويجلس أيضا مع الاقتصاديين، أوضاعنا جميعها لا تحتمل الهواة، الناس أعطوا لمرسي الأغلبية، بعد أن وصلت للسلطة إذا فأنت مسؤول عن الحقيقة، الخطأ الأساسي أن مرسي لم يقدم للناس تصوراته بمفاتيح الحل للظروف التي نواجهها، هذه هي المشكلة.- ماذا يجرى في العالم العربي.. هل كل الثورات صدفة أم مخطط؟- - كل الدول فى الدنيا لديها مقاصد عليا وإستراتيجية وطريقة في الوصول إلى هذه الأهداف، الأقوياء هم من يرسمون الإستراتيجيات، فمن يملك التخطيط هو من يملك القوى، في كل الصراعات الذي يبدأ هو طالب الشيء لا يوجد ضعيف يقوم بعمل إستراتيجية، وهناك أقوياء فى العالم يسعون للسيطرة عليه، ويسعون لتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح لشعوبهم، وهذا هو منطق الأشياء والحياة الإنسانية على مستوى الأفراد، الشعوب القوية لا تغير إستراتيجيتها، فعلى سبيل المثال أمريكا لا تغير إستراتيجيتها، فهي تخرج إلى خارج محيطها وتزحف حيث تجد لها مصالح، لذا فالقوى الأمريكية بدأت تدخل في صراع سواء على مستوى العقيدة أو المستوى العسكري، مع الاتحاد السوفيتي مثلا، في الحرب الباردة، تواجه الاثنان في إطار عالمي، وانتصرت قوة الشعوب في النهاية، وهذه المعركة انتهت بهزيمة الشيوعية السوفيتية وإن بقيت الدولة الروسية في حدودها.في هذه الفترة سياسة أمريكا سارت بمنطق "طي البساط" كما قال "دالاس"، أي أن هذه الأرض التي زحفت عليها الشيوعية لابد وأن تنزاح في الحرب الباردة، وأنهم حصلوا على مكاسب ولابد وأن يتم "طي البساط"، عندما انتهت هذه المرحلة وانطوى البساط، وأصبحنا في مرحلة جديدة.نحن عودنا الناس إن العالم الخارجي ليس موجوداً، العالم أوسع من الأرياف، الغرب لا يزال يطلب مطالبه الطبيعية في السيطرة، فعلى سبيل المثال ما حدث في العراق يعتبر نوعا من "طي البساط".عندما أتى أوباما كانت المشاكل كبيرة للغاية، قال أوباما نحن أمام صراع طويل ونحن لم نستطع نتكلف بكل هذه التكاليف، نحن نريد مشاركة الآخرين لنا، الرئيس أوباما رفض فكرة إعادة ترسيم الحدود لأنها بلا جدوى، فلم تعد هناك حدود سياسية، لكن تقسيم مصالح، وإعادة تقسيم الحدود الجغرافية يتم على أساس شركات البترول في المقام الأول، وأنظمة الحكم العربية لم تكن متسقة مع عصر يحترم قيم الحرية، وكان التصور أن المنطقة مقبلة على التغيير بشكل غير محدد، ولا أعتقد أنه كانت هناك مساعدات لثورات الربيع العربي. مثلا، أتوقع استقلال جنوب السودان منذ وقت بعيد، نظرا لاختلاف الدين بين المنطقتين.وفي نوفمبر 2010 اجتمعت لجنة "الحكماء الـ12" من كل العالم، وقالت إننا نواجه تهديدات غير محددة، ليست لها حدود سياسية وجغرافية، ولأول مرة نواجه تهديداً ليس لقوى ممثلة على الأرض لكنها متسربة وفاعلة مؤثرة علينا، ونحن نواجه أنظمة تستحق أن تذهب، كيف نواجهها؟ حيث لن نستطيع تكوين حلف مشابه لحلف بغداد ويستلزم طريقة مختلفة تسمى "الباب المفتوح"، ومعناها أنه سوف تنشأ أشياء لم نستطيع أن نتنبأ بها، ومن واجبنا أن نتحسب لها، وليس لدينا قوات لمواجهتها، الحلف تكون له مسؤولية موجهة للجنوب بالدرجة الأولى من باكستان والخليج، ومن يستطيع من دول الحلف عليه أن يتقدم طبقا لإستراتيجية الباب المفتوح لإتمام المهمة.- هل تركت تجربة العراق تذكارا أو ندبة عن الأحداث الجارية؟- - هناك تجربتان لهما أهمية. التجربة التركية، حيث إن الإسلام موضوع مركزي في أي حرب على ما هو قادم، وفي تركيا أدرك الناتو أهمية الإسلام المنظم.أما العراق؛ اكتشفوا أهمية الفرقة الداخلية التي يصنعها اختلاف المذاهب الدينية.في مؤتمر لشبونة قدروا مخاطرهم وأهدافهم، في أن سياسة الباب المفتوح تكمل مهمة "طي البساط" في كل ما يتعلق بالحرب الباردة، والبترول على سبيل المثال يمثل لهم أهمية كبيرة في وقت الحرب الباردة، حيث البترول الليبي وأهميته لأوروبا الغربية دون الحاجة إلى قناة السويس، وذلك اختفى في الحرب الباردة، لذا فجميعنا استفدنا من الحرب الباردة.ببساطة فرنسا وإيطاليا كلفتا بشمال إفريقيا من أول ليبيا وحتى المغرب، والأمريكان كلفوا بمصر وإسرائيل والسعودية، ما يكفي لأن نؤدي بدورنا في هذا الإطار، وتركيا الأقرب إلى سوريا ولبنان ومنطقة الشام، الخطة الموجودة بسياسة الباب المفتوح وعملية طي البساط، والأقرب إلى ساحة العمليات.أعتقد أن كل العالم كان يدرك أن النظم شاخت لدرجة لا تستطيع أن تبقى، فنحن في عصر السماوات المفتوحة، حتى فكرة الاستقلال حدودها مرسومة مابقاش ينفع.- كان هناك مساعدات لقيام هذه الثورات؟- - أعتقد أن ناس رأوا أن هناك منطقة مقبلة على التغييرات أكثر مما هو طبيعي لا يمكن تتسق مع أي عصر يحترم قيم حرية أو منطق، العصر الحديث جاء بأدوات تحريك يستطيع أن يتصور أنه يتحرك لكن في أي اتجاه لا نعلم.الحدود السياسية العراقية تضع طوائف لا سبيل إلى الحياة بعدها، عادة الأوطان لا تحتوي كل هذه التناقضات، فعلى سبيل المثال بلجيكا لا تستطيع أن تستقر لوجود وحدتين متناقضتين، ولدينا بلاد تنشأ بظروف سياسية، فهناك مشكلة في العالم العربي كبيرة، وهى أن الحدود التي نشأت بعد الخلافة العثمانية كانت عشوائية، الدخول في عملية تطابق الديموغرافيا سوف يؤدي إلى مشاكل قوية.تركيا في تركيبتها بها علويون وأكراد، أوباما ضرب مثلاً بالسعودية وقال إن ذلك من الممكن أن يؤثر في السعودية، كل المغرب العربي لدينا مشكلة قوية به، على سبيل المثال المغرب كله عربي والجزء الآخر من البربر، السودان دولة جديدة عملتها الاكتشافات الجغرافية فالشمال كان إسلامي عربياً والجنوب كان حركته إلى الدول الإفريقية لكن ذلك تم العدول عنه، لا يستطيع أحد أن يتحمل تبعة الجغرافيا والحدود المصرية.- ليبيا مثلا هناك مصالح واضحة فيها، شركات أمريكية؟- - نعم بها مصالح أمريكية وإنجليزية تم توزيعها بعد سقوط القذاقي، وذهب بنفس النسب وبنفس الطريقة، موضوع البترول هناك شبه اتفاق عليه، والحصص مفهومة ومعروفة منذ اكتشاف البترول في إيران، وتم الاتفاق على أنه حيوي ومهم يوزع بطريقة معروفة بين الناس.مؤتمر لشبونة توقع أن منطقة البحر الأبيض منطقة زحف، وعلى حلف الأطلسي أن يعتمد على أطراف قريبة من مواقع الحوادث، ففرنسا وإيطاليا موجودة في المشرق العربي، والكل فوجئ بأن موضوع تونس وثورتها جاءت على غير الترتيبات.- أين روسيا من هذه الترتيبات؟- - ليس فقط روسيا ولكن إسرائيل أيضا، روسيا ترى ما يحدث وتريد إبعاد الخطر عنها، فهي ترى أن هناك بلادا مشاكسة وعانت منها معاناة شديدة، وهي المنطقة التي خسرت بها الحرب الباردة، هي جرت استشارتها حتى قبل مؤتمر لشبونة، لأنه لا يمكن اقتسام بترول في العالم وتحييد روسيا، فهي استشيرت بخاصة قبل الحرب في ليبيا، وتم اتفاق بينها وبين أوروبا وأمريكا، وكان هدفها ألا يحقق طرف واحد مصلحة على حساب الآخر، ولا تنزل قدم على أرض، بمعنى عدم المشاركة بالحرب البرية، وأن يتركوا الليبيين يحاربون بأنفسهم، وكان هذا الاتفاق، ولكن حلف الأطلسي خالف القواعد والشروط الروسية ونزل على الأرض، وهو ما يفسر موقف روسيا من الأزمة السورية.-الدول العربية شاركت في حرب ليبيا؟ وهل تشارك في سوريا الآن؟- - الدول العربية شاركت بالرمز في ليبيا وفي كل مكان، وفي سوريا تشارك الدول العربية بلا حدود، وهناك قوات عربية تشارك في سوريا أيضا.إسرائيل تلعب دورا رئيسيا في سوريا وهذا يصيبني بالذعر، فهي سعيدة جدا بما يجري، وترى العالم يتولى عنها مهمة تجميل نفسها، وليس هناك بلد عربي ناج، تونس مش مستقرة، والسودان منقسمة، والشام مرتبك ومتوتر وفلسطين منسية والعراق يتمزق .. نحن أمام مرحلة للصراع العالمي من أجل السيطرة على ثروات المنطقة وتقسيمها وتقاسمها وهذا طبيعي وهذه ملامحه.- هل روسيا خرجت من توزيع منابع النفط خاصة بعد تجربة الحرب الأمريكية في العراق؟- - روسيا خرجت، لكن روسيا لم يكن لديها مانع، هي اعترضت ووضعت شروط في المرحلة الأولى ووجدت أن العراق يتجه إلى انفراجة، بخاصة أن تكاليف الغاز كانت عالية جدا على الأمريكان، فهم اعتقدوا أن الموضوع سهل، وتكلفوا "بلاوي سودا" في العراق، وطلعت نتيجتها في أغنى بلد عربي خسارة كاملة، وقلت للسفير الإنجليزي إنكم ستواجهون ما لا تتوقعونه في العراق، وآخر بلد عربي يمكن أن تحوموا حوله من أجل تطبيق الديمقراطية كما تزعمون هي العراق.- هل تم "طي البساط" بمفرده.. أم كان هناك دفع من أطراف خارجية؟- - البساط نفسه تآكل في العالم العربي، ولابد أن تتقدم يد لكي تطويه، لكن ما حدث في تونس ومصر لم يفاجئ أحدا، ثورة تونس كانت متوقعة، لكن المفاجأة هي من الذي قام بالثورة، لأن المتصور أن يقوم بالتغيير هي القوات المسلحة، بأن قائد الجيش يرى أن السلطة لا تستجيب للشعب فينقلب على السلطة، بخاصة أنها أكبر دولة بوليسية موجودة، فالناس في الخارج تصورت انقلابا وتغييرا بالسلاح، لكن فوجئوا بخروج جماهيري لا يتوقعه أحد، وفوجئوا بأن النظم فقدت قابليتها للحياة لدرجة استعدادها للرحيل، زين العابدين بن علي مشي في ليلة واحدة، ومبارك تصور أنه لا شيء موجود، وحينما تيقن أن الثورة حقيقية، قال خلاص، هي نظم شاخت وحققت ما تحتاجه وحققت ثروة، واعتقدت أنها يمكن أن تنجو بها، كان ينقصهم إرادة البقاء والحرص عليها، ولكن لا أحد نظر للمسؤولية.- هذا في مصر وتونس.. لكن في سوريا وفي اليمن حدثت مقاومة؟- - في سوريا ظل بشار يقول إنه مسؤول عن شعب سوريا وخصومه يقولون من أجل العلويين، فهناك جزء من هدف عام أكبر من شخصه، لكن في مصر لم يكن هناك هدف عام، فالهدف العام كان موجها للتوريث حتى مبارك لم يكن حريصاً عليه وانتهى الموضوع.العالم الخارجي لم يفاجأ بقيام ثورة ولكنه فوجئ بأن من قام بها الجماهير، وفوجئ بانهيار النظم سريعا، وكانت خطة الطوارئ الموجهة لمصر من أمريكا هي أن عمر سليمان يكمل بدلا من مبارك، بمساندة المجلس العسكري، لكن فشلت الخطة.- لماذا فشلت خطة الطوارئ الأمريكية؟- - لأنهم فوجئوا بحجم الشباب الثائر والرافض لذلك، كان الهدف هو استبدال جنرال محل جنرال، لكن قوة التأثير الجارف في الشارع أقنعتهم أن مبارك لا يمكن التمسك به، فبمجرد أن رفعوا أيديهم عنه خلاص انتهى.- لكن تم استبدال جنرال محل جنرال، وهو طنطاوي مكان مبارك؟- - لالا طنطاوي كان موضوعاً آخر، كمان اللي طلع طنطاوي نفسه هو جزء من الضغط الأمريكي، لكن صعب أن يكون هناك مجلس ثورة من ناس على سن المعاش، فيه فرق بين مجلس قيادة ثورة عام 1952 وبين المجلس العسكري.- الحديث عن خطة الباب المفتوح والتكليفات، تونس مين مكلف بها؟ ومصر مين مكلف بها؟- - ما حدث بتونس ومصر تلقائي وحقيقي، والتدخل جاء بعد أن فوجئ الجميع بما جرى، وتونس خطوة مدهشة لأنها كانت تجريبية، وخروج الناس في مصر مفاجئ أيضا، بدأ الناس يتصورون أن لحظة التغيير في العالم العربي وفي الشرق الأوسط آن أوانها، وعليهم أن يتحركوا، فالدور الفرنساوي مستعينا ببعض القوى العربية بدأ يتحرك في ليبيا، وتركيا بدأت تتحرك، لكن لم يتصور أحد أن الحكاية ستطول، واللي فاجأهم إنه بينما الحالة الثورية في مصر تستوي ومبارك يسقط ويستعد للرحيل، الكل تصور أن هذا النموذج هو القادم، يعني انتفاضة شعبية "شخطة" كدة النظام القديم يسقط، لكن ما حدث في سوريا وليبيا طال أكثر من ذلك.أعتقد أن أهم الظواهر التي ظهرت في الربيع العربي هي تركيا، وهي تستحق الاهتمام، فهي المعمل الأول الذي جرّب به التيار الإسلامي، أنا حضرت مناقشة قانون "تتريك كل شيء" عام 1949 في البرلمان، حتى الأذان لا يكون عربيا، لكن تركيا لديها حيرة بين روح الإسلام فيها وبين طلب العلمانية من أجل اللحاق بأوروبا.الغرب يرى أن الإسلام السياسي عنصر لا يمكن إغفاله، وإن دوره جاي، وهو الشيء الذي تبنى عليه أي خطة للمنطقة، ولا يوجد إسلام أفغاني أو غيره أو باكستاني أو سعودي، فيه إسلام واحد، لكن كل واحد يأخذ منه ما يلائم ظروفه ويحقق أهدافه.أول مساعدة ضد جنرالات بيحكموا كانت موجودة في تركيا لصالح الإسلاميين، بمعنى إن الأمريكان الذين رأوا الإسلام عنصر ثبات ومقاومة واستقرار، وإن مسألة العلمانية في تركيا مش نافعة، كما أن الشعب الأوروبي لم يكن مستعدا لقبول تركيا عضوا في الاتحاد الأوروبي، ولكن مستعد أن يقبلها عضوا في حلف الأطلسي لأنها إسلامية، ويكون مجالها هو العالم العربي، خصوصا أن المنطقة بدأ بها فراغ ناتج عن خروج مصر من المعادلة، لدينا ثلاثة أشياء أن العلمانية في تركيا ليست مناسبة لتحقيق الاستقرار فيها، ثانيا رابط الإسلام لابد أن يدخل كعنصر فاعل، الأمريكان يضيقون بحكم الجنرالات، فهم يريدون ألا تقوم دولة كردية في العراق، الأتراك شعروا أنهم لم يجنوا مكاسب في حرب الخليج الأولى ولا الثانية، وغضبوا من أمريكا لأنها تريد أن تتخذ أراضيها ممرا لدخول العراق دون فوائد لهم.- ما الدور التركي الآن في الدول العربية مع بداية الثورات؟- - حزب العدالة والرفاهية التركي، الموجود لدينا الآن في مصر باسم حزب الحرية والعدالة، المتمثل في الجنرالات الإسلامية، وتجربة حكومة تشبه حكومة أردوغان، والتوفيق بين إمكانيات التقدم ولغة الدين، تركيا مهيئة بالتراث العثماني أن ترث الدور، فيه قبول للناس والتمسك ببقايا ظلال تركية قديمة، وفي مصر أصبح "الحياة بقى لونها تركي"، ومسلسلات تركي وحريم السلطان والبضائع، تركيا ورونا، إن الإسلام السياسي يستطيع أن يقود تجربة ناجحة في النمو، لكن لا ننسى أنه في الحرب العالمية الثانية، فرقتين أمريكيتين نزلوا تركيا والبرلمان غضب، لكنهم أخذوا كمية مساعدات كبيرة.ـ هل يوجد تشابه بين حزب الحرية والرفاهية التركي وحزب الحرية والعدالة المصري؟* العدالة والرفاهية في تركيا جاء بعد 70 سنة من العلمانية، وهذا الحكم جعل تركيا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، لكن المشكلة في حزب الحرية والعدالة في مصر أنه جاء بعد تخلف شديد جدا، وهو مهدد إذا لم يفتح عينيه أن يصبح أكثر تخلفا منه، بخاصة أنه سيستغل العقائد.في تركيا كان هناك تواصل بين العلمانية التي انتهت وبين الحكم الجديد، كان هناك صلة الإسلام في الظل، لكن العلمانية اشتغلت على السطح، هم لم يكسروا مجرى التاريخ، ولكن في مصر ما حدث أنهم كسروا مجرى التاريخ، فقسموا مصر إلى مراحل ولا يعترفون إلا بأنفسهم مع إنكار الآخرين وهذا خطأ، الفرق الوحيد بين تركيا ومصر أن أردوغان يجلس وفوق رأسه صورة كمال أتاتورك مؤسس الدولة، لم ينسوا أن قبلهم دولة استمرت 70 سنة.في مصر ناس جاية بفراغ فكري في مراحل إفلاس، ليس لدي مانع أن يستلهم التجربة التركية من بعيد، لكن لما حد يقول لي إن أوغلو مثلا وزير الخارجية التركي يقول إنه لديه مشروع عثماني، والخلافة العثمانية كانت أكثر ظلما وجورا لأنها كانت تحكم باسم الإسلام، كان معاهم سلاح الدين، أنا عاوز تركيا تبعد عن الموضوع ده، ولا أتصور إطلاقا أن يكون شكل ما هو قادم تحت اسم خلافة عثمانية أخرى.- هل تحاول تركيا أن تستبدل دور مصر القيادي؟- - دور مصر القيادي مسكين، وهناك عدة دول حاولت أن ترثه، حاول صدام حسين ومعمر القذافي والسعودية، والعالم العربي تايه يحتاج إلى بوصلة، وغياب مصر أفقد المنطقة كلها اتجاهها، وهناك من يعتقد أن تركيا يمكن أن تحل محلها، لا .. تركيا ليست جزءا من العالم العربي، هي دولة لها ماض عثماني في المنطقة، ولها أفعال تشرف القائد العثماني هناك في إسطنبول ولكن لا تشرف الشعوب العربية التي عانت الظلم العثماني وواجهته .. هنا نريدهم أصدقاء فقط .- لكن هناك حالة انبهار في مصر بالتجربة التركية وهناك تعاون اقتصادي.* في ظل سياسية الباب المفتوح ليس غريبا ذلك، وأمريكا ليست قلقة على هذا الانفتاح بين مصر وتركيا، لكن الغريب هو قلق إسرائيل لأنهم لا يريدون لأحد أن يملا هذا الفراغ، مع العلم أن تركيا لن تتصادم مع إسرائيل على وجه الإطلاق، ممكن يبقى فيه احتكاك فقط، ولا ننسى أن إسرائيل في حلف الأطلسي، وكذلك تركيا عضو في الحلف، لكن إسرائيل شريك صامت ولكن تركيا تتحرك بحرية، بصراحة أنا لا أريد حلف الأطلسي، أنا عاوز هذه المنطقة تواصل تطورها، أنا مش عارف هتطلع إزاي من شكل الخريطة اللي موجودة فيها، وأعتقد أن في هذه العثرة أنا قلق على ما يحدث بها، لكن لدي أمل أن تلملم جراحها بشكل أو بآخر لكن شكل المستقبل عربي ولا ينبغي أن يكون تركياً.- هل فيه علاقات تركية قطرية؟- - فيه طبعا علاقات، ده طبيعي، لكن في سوريا بانت هذا العلاقة لأن الطرفين لديهما أهداف مشتركة، وتركيا دخلت فيها بالتكليف.- هل أصبحت مصر جزءا من التكليفات التركية؟- - ليس تكليفا، وما تفعله تركيا الكل يوافق عليه في الغرب فهدفها معروف، لكن كل هذا الهوس اللي هب علينا من مسلسلات تركية وغيره ليس مقبولا.- ما دور السياسة المصرية.. هل تغلق الأبواب؟- - لا أحد يستطيع أن يغلق الأبواب، ما ينبغي أن تتركي زهورا تتفتح، خلي القوى تخرج وتتصدى، متحاربيش حد، دعي مصر تعبر عن نفسها بقدراتها وموروثها الثقافي وإثبات وجودها جنبا إلى جنب، المشكلة أن تكتم ما يتفتح، ولا أحد يستطيع أن يأتي ليكتم، ولكن يخلق نوعا من التوتر، نريد من تركيا أن تكون قوة مؤثرة، لكن ينبغي أن ندرس التاريخ التركي، ونفهم ماذا نريد نحن بالضبط.- تفتكر الإدارة المصرية تفهم هذه الأشياء؟- - حتى الآن، ليس لدي شواهد تثبت أنها تفهم، لكن أتمنى أن الوقت والتجربة تظهر، وأنا أعترض على كل من يقول أنه ينبغي إسقاط الدستور أو إسقاط مرسي، مش هينفع، نريد أن نقلل حجم القلق لدى الناس، ولكن كيف يتعامل مع زمانه وأهله، عاوزين يصل البلد إلى نوع من الرؤية المشتركة، كنت أتمنى أن يخرج مرسي برؤية، مش رؤية إسلامية ولا إخوانية، لكن رؤية لمصر في هذا العصر، الإسلام يكمن في قلبي وكل مشاعري، لكن العصر لازم يكون موجود، وهذه الرؤية تقتضي المصالحة وطرح جديد والنظر حولي ودراسة للإقليم وما يجري فيه.أنا معنديش مشروع لأول مرة مصر بلا مشروع، من أول الثورة العرابية مصر كان عندها مشروع الاستقلال، وسعد زغلول كان عنده مشروع الاستقلال وجلاء الإنجليز، والحركة الوطنية كلها كانت تحاول جلاء الإنجليز، وعبد الناصر أجلى الإنجليز، ومشروع التنمية والسد العالي وتأميم القناة، إحنا حتى الآن نعيش على إنجازات مشروع عبد الناصر، لو معندناش السد العالي ودخل قناة السويس هيقع الاقتصاد، نفسي يكون فيه مشروع مصري جامع، كيف يمكن أن يدرس مرسي وجماعته ما حولهم، ونطلع برؤية لهذا البلد؟
مصر أين .. وإلى أين ؟
أخبار متعلقة