ثقافة الاستشراق
نجمي عبدالمجيد هذا الموضوع يتطلب مرجعيات متعددة ومساحات أوسع لقراءة العلاقة بين التاريخ والسياسة والفكر ولان الاستشراق البريطاني وبما أسهم في المجالات المختلفة قد جعل من تراثه المرجعية التي يجب الوقوف عندها لرصد حقب أعيد تشكيل ملامحها ومعالم صاغت طرق إدارتها آلية الاستعمار الغربي الذي ظلت بريطانية المحرك الأكبر لصراعات وسياسات ما زالت أعماق تأثيرها تظهر في تقلبات أوضاع المنطقة العربية حتى اليوم. المستشرقون البريطانيون في القرن العشرين والعالم العربي دراسة للباحث واحد اتجاهات الاستشراق المعاصر هو ليزلي ما كلوجلن تلك الرؤية لنوعية الصلة بين الشرق والغرب عبر الاستشراق قد أنتجت عبر تراكم أعمالها ثقافة واسعة متعددة المقاصد أعطت إلى حد كبير سنداً لصناع القرار في الغرب. أنها ثقافة ولكنها بقدر ما أدركت خلق حالات من التقاطع الحاد بين شرق وغرب وعلى مساحة إسهاماتهم أطلق الباحث عليهم ( المستعربين البريطانين). غير أن الواجهة لا تكون الرد، الكامل عندما نحصر الغرض في الصورة، أنهم فرق وفئات وقيادات فهو يقول عنهم: ( أنهم تلك الشرائح من الباحثين والاكاديميين والرحالة والدبلوماسيين والجواسيس والمؤرخين الذين شدهم الاهتمام إلى المنطقة العربية عبر القرون وسافروا إليها وتعلموا العربية فيها ثم عايشوا أهلها وكتبوا عنهم وعملياً أسسوا لعلوم التاريخ والدراسات الخاصة بالمنطقة في الغرب). تلك الجهود العلمية التي حفظت للذاكرة السياسية أرشيفها التاريخي لم تتحرك خارج ما رسمه النفوذ البريطاني في المنطقة والذي أعطى لهذا المكان أهمية كبرى لقد لعب هؤلاء اخطر الأدوار في الشؤون البريطانية العربية سواء في سنوات الحرب أو السلم وكانوا في كل الحقب على قرب من دوائر صنع القرار واحتلوا وطائف ومراكز في وزارات الخارجية كمستشارين أو سفراء وهناك شريحة واسعة دخلت في صلب العمل التجسسي والعسكري سواء عندما كان النفوذ البريطاني في أوج مجده أو بعد ذلك. أسست مراكز الدراسات العربية في بريطانيا عام 1636م في جامعة اوكسفورد وفي جامعة كامبردج عام 1632م وكان الهدف من ذلك دينياً تبشيرياً، أي التعرف على لغة العرب وتسهيل عمل الجامعات التبشيرية هناك ولكن بعد حرب السنوات السبع ( 1756-1763م) وتراجع النفوذ الفرنسي في شبه القارة الهندية وزيادة الاهتمام بالمنطقة العربية وكذلك تصاعد دور الدراسات عنها وانجلاء موقع الهند كتاج المستعمرات البريطانية أصبح أمام لندن عدة أهداف ومنها الحفاظ على خطوط الاتصالات مع الإمبراطورية والمعابر المؤدية إليها الهامة وتحديداً طريقي البحر الأحمر والخليج العربي وهذا ما جعل بريطانيا تنخرط بشكل أوسع في المنطقة العربية وبكل المجالات وكان أن سيطر الأسطول البريطاني على الخليج العربي وعدن كمحطات له. في تاريخ 20 يناير 1917م كتب احد رجال الاستشراق والعمل السياسي في الشرق وهو السير آثرهيرتزل والذي شغل عدة وطائف ومنها سكرتير للقسم السياسي في الوزارة 1909م - 1917م تم مساعداً لوكيل الوزارة 1917 - 1921م تقريراً عن المصالح البريطانية في الجزيرة العربية جاء فيه: ( علمنا أن هناك رغبة في إعداد مذكرة توضح لماذا كان من المهم بالنسبة للمصالح البريطانية استبعاد ايطالية عن جزيرة العرب الغربية والجنوبية وساحل البحر الأحمر. 1 - إن أهمية جزيرة العرب من حيث موقعها الجغرافي - وهي تقع على امتداد اثنين من الطرق الرئيسية إلى الهند والبحر الأحمر والخليج العربي - أمر معروف ولا يمكن لأي قسم من تلك البلاد أن لايهم بريطانية العظمى التي هي الدولة الوحيدة ذات موطئ قدم في البلاد في الوقت الحاضر. إن سيطرتنا محدودة على شريط ضيق محاذ للساحل من عدن إلى الكويت وانه يعتمد في نهاية الأمر على استتباب الهدوء في المنطقة الداخلية. ولما كنا غير قادرين على التدخل في داخلية البلاد أو السيطرة عليها ، فانه الأمر أساسي استبعاد كل بذور الاضطراب المحتملة. 2 - إن الجزيرة العربية ليست دولة بأي معنى فعلي ، بل هي مجموعة من العشائر جمعت بينها المصادفة وهي مستقرة تقريباً في المناطق الخصبة قرب الساحل وفيما عدا ذلك فهي رحالة يرأسها شيوخ لا تقرب سلطاتهم الحدود الأرضية بل العشائر التي يترأسونها في وقت معين. إن سياساتهم متشابكة بصورة وثيقة وإذا نشب نزاع فانه قد يمتد إلى الجزيرة كلها. ولدينا مع العشائر والشيوخ على الساحل علاقات تنظمها معاهدات. 3 - إضافة إلى هذا كله فإننا نحتل في عدن منطقة مساحتها 75ميلاً مربعاً مع مساحة كبيرة من الأرض الداخلية وقد حددت حدودها مع اليمن والشيوخ الموجودون داخل هذه الحدود هم تحت حمايتنا. 4 - لا حاجة للتأكيد على أهمية عدن الإستراتيجية فحص عدن يكاد يكون منيعاً ضد قوات العشائر. وفي ظروف كالتي قبل الحرب تستطيع أن نحميها بقوة صغيرة جداً فنسيطر على المحمية بالنفوذ والإعانات. 5 - إن الحدود بين عدن واليمن هي حدود مع الأتراك وليس مع العرب الذين لا يحترمونها كثيراً وقد جعلت تحديدها ضرورياً دسائس جارنا شبه المستقل إمام صنعاء الذي شجعه الأتراك حينما كان يخدم غرضهم ولكنهم لا يستطيعون السيطرة عليه بصورة فعالة حين يختار أن يتحداهم. وقد سبق لنا أن اعترفنا بالسلطة التركية وكلما حدثت حادثة محلية تافهة كان هذا الإجراء الوحيد هو تقديم احتجاج في القسطنطينية وللإمام ادعاءات واسعة في الأراضي الواقعة على جانبنا من الحدود ببل أنها تمتد إلى عشائر حضرموت على ساحل الجانب الأخر من المحمية . أما في الشمال والشمال الشرقي حيث لم تحدد الحدود بعد فتحمينا الصحراء الكبرى : الربع الخالي وعلاقاتنا التعاهدية مع سلطان الشحر والمكلا التي تكون مع ذلك كافية فقط طالما لا تعرض عشائر حضرموت الداخلية للتحريض. 6 - إن عدن إضافة إلى كونها حصناً فهي ممر تجاري بري مهم مع المحمية “ كانت قيمة هذه التجارة قبل الحرب حوالي 300.000 جنيه في السنة”. وبناء سكة حديد من عدن إلى تعز - وهو مشروع مرغوب فيه لأسباب سياسية أيضاً - سيجعل من عدن المنفذ الرئيسي لتجارة اليمن. فإذا أصبحت دولة أخرى ذات نفوذ في اليمن فإنها ستقوم بإنشاء خط من الحديدة إلى صنعاء وستصبح الحديدة هي المنفذ وستخسر عدن تجارتها الحالية. 7 - إن اليمن هي التي تتركز فيها مطامع ايطالية بصورة رئيسية واليمن منطقة صغيرة مثل الجزيرة العربية وحينما يخرج الأتراك من الجزيرة العربية فإنها لن تقع بيد سيد عربي واحد فالإدريسي كما نعلم سيدعي بالأراضي الممتدة إلى الجنوب حتى الحديدة بما فيها الحديدة وإمام صنعاء سيطالب بالقسم الأعظم مما تبقى وهنالك على حدودنا بعض الشيوخ “ مثل ماوية “ ممن سيكون بقاؤهم مستقلين أمراً في مصلحتنا. وقد تعهدنا بموجب معاهدة أن نضمن استقلال الإدريسي في إقليمه “ وهو غير محدد” وان تقوم بالتحكيم بينه وبين الأمام حينما تتضارب ادعاءاتهما . وربما كان الإدريسي والإمام نقيضين لا يمكن التوفيق بينهما وإن كانت إزاحة الأتراك قد تؤدي إلى تقاربهما. 9 - ويتضح من الوصف السابق للظروف السياسية العامة أن ظهور ايطالية في اليمن سيخلق في غرب الجزيرة العربية وجنوبها هياجاً لن يكون قاصراً على تلك المنطقة وأننا بصفتنا الدولة المجاورة سنكون المتضررين الرئيسيين منها. إن موافقتنا على ذلك ستكون موضع استياء الشريف الأكبر والعرب كإخلال بالثقة نحو ما يسمى “ الدولة العربية” ومن الممكن أن يشترك في هذا الاستياء جميع العالم الإسلامي بما فيه الهند الذي سيعتبر أننا بعد أن خذلنا الأتراك نقوم الآن بخذلان العرب وسيعود هذا باثر غير مرغوب فيه على سمعتنا كدولة صديقة للإسلام وقد عاد بالفائدة على العرب دعمنا لهم ضد الأتراك ولكنهم لم يعودوا يحبوننا وحينما يزول الخطر التركي فليس من المؤكد مطلقاً أن تقع وطأة كراهيتهم علينا وستكون تلك الكراهية مضاعفة إذا ظنوا اننا لم ننقذهم من الاتراك الذين هم مسلمون على الاقل الا لنسلمهم الى الدولة المسيحية المكروهة اكثر من غيرها. وإذا كان الإدريسي يرحب بالإيطاليين بسبب علاقته السابقة، فمن المؤكد أن الإمام سيعارضه، وسيكون معنى ذلك أن تنشب على حدودنا معارك ستنتهي، في أحسن الأحوال، بسلم غير مستقر، نظراً لأن الإيطاليين سيكونون مرهقين بدرجة لا تسمح لهم بحركات حاسمة في التلال.ويجدر بنا أن نعلم من خلال خبرتنا السابقة بعلاقات الإيطاليين مع السنوسي في برقة، والاحتكاك الناجم عن ذلك مع مصر، ماذا يجب أن نتوقع في عدن، وعلينا أن نتوقع قبل مرور مدة طويلة أن نتورط نحن أنفسنا في معارك على حدودنا إن لم يكن في داخلها. ومن جهة أخرى إذا كان الإمام يقبل بالسيادة الإيطالية فيجب أن يكون من المنتظر أن قسماً من الثمن الذي سيطلبه سيكون التأييد (الضمني على الأقل) لادعاءاته التي لا تتعارض مع ادعاءات إيطالية، أي في محميتنا وفي حضرموت ولن يكون لنا خلاص من دسائسه إلا بمناشدة روما، مما يحتمل أن يكون أقل ثمرة من مناشدتنا للقسطنطينية.إذا كانت هذه التوقعات قائمة على أساس صحيح، فمن الواضح أن موقعنا في عدن يجب أن يتخذ على أساس مختلف تماماً وبدلاً من الاحتفاظ بقلة من الجنود في الحصن، ومن ممارسة سيطرة ضعيفة على العشائر عن طريق الإعانات المالية، فسنضطر إلى المحافظة على المحمية بالقوة، وهذا بالتأكيد ليس احتمالاً تنظر إليه حكومة صاحب الجلالة باطمئنان.10 - لقد أظهرت الحرب الحاضرة كيف يمكن استعمال الإسلام ضدنا، والجزيرة العربية ذا أهمية كبيرة للعالم الإسلامي، ليس فقط كمهد الإسلام ومركز المدن المقدسة، بل أيضاً بالنظر إلى أن موقعها الجغرافي يجعلها أسفيناً بين مسلمي أفريقيا ومسلمي الهند والأقطار المجاورة.11 - إن النجاح النهائي لسياسة حكومة صاحب الجلالة في الشرق الأوسط يستند إلى حد بعيد على نقل الخلافة من تركيا إلى بلاد العرب. وهذا بدوره يعتمد على إمكان جعل حاكم الحجاز قوياً بصورة كافية ليقوم بدور حاكم مستقل، وهذا أيضاً يستند إلى الدول المسيحية على بعد كاف، ولكن احتلالاً إيطالياً لليمن يؤدي بسبب الصلات القائمة بين المنطقتين، إلى جعل إيطالية سيدة الحجاز. وقد قال سيد عربي للكرنل جيكوب منذ سنة 1912م: “إذا ذهبت اليمن ذهب الإسلام”.هذه بعض الأسباب التي حدت بنا إلى أن نتحفظ، فنص في الاتفاقية الإنجليزية - الفرنسية على أن الحكومتين البريطانية والفرنسية تتفقان بأنهما لن تحصلا، ولن تسمحا لدولة ثالثة بالحصول على امتلاك أراض في الجزيرة العربية، وللغرض الحاضر تكون منطقة النفوذ مساوية لتملك الأراضي).تصاعدت أهمية المستعربين البريطانيين في الربع الأول من القرن العشرين مع زيادة تسارع النفوذ البريطاني في الشرق الأوسط، ذلك الفعل السياسي دفع بتلك الإمبراطورية إلى معرفة الكثير عن المنطقة، حيث أصبحت تنخرط في كل زواياها فعملت على تجنيد خبراء في كل المجالات والتخصصات لدراسة هذا المكان وتقديم المشورة والأفكار الهامة المساعدة على وضع البرامج العملية المصاحبة للتوسع العسكري والاقتصادي.غير أن الجهد الرسمي لم يبدأ من الصفر، فقد كان عمر الاستشراق البريطاني في تلك الحقب يقاس بالقرون، في العقدين الأولين من القرن الماضي ظهرت أسماء مستعربين مهمة لعبت عدة أدوار في إعادة تركيب شكل المنطقة مما ترك أثره على حالها حتى الآن، وأبرز هؤلاء توماس لورانس الذي عرف باسم (لورانس العرب) وديفيد هو غارت والسير مكماهون، وقد شغل منصب رئيس المكتب العربي في القاهرة والذي أسس تحت إشراف وزارة الخارجية البريطانية عام 1916م، وكانت مهمة المكتب زرع الخلافات وإثارة النقمة على العثمانيين وإدارة الاتصالات مع العرب، ومكما هون كان هو ضابط الاتصال مع الشريف حسين، والتخطيط لقيام الثورة العربية ضد الأتراك في عام 1916م.وكذلك السير مارك سايكس وزير الخارجية البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) والذي وضع صياغة اتفاقية سايكس - بيكو مع وزير خارجية فرنسا جورج بيكو بتاريخ 16مايو 1916م، وقد احتوت على الشروط التالية:أن تحصل روسيا على ولايات أرضروم وطرابزون ووان وبتلبس (المعروفة بأرمينيا التركية)، وعلى منطقة تقع في القسم الشمالي من كردستان على الخط الممتد من موش وزعرت وجزيرة ابن عمر والعمادية إلى الحدود الإيرانية. وكانت هذه المنطقة تبلغ في مساحتها 60.000 ميل مربع ممتدة بين البحر الأسود ومنطقة الموثل - أورمية، وتحتوي على ثروات غنية بالنحاس والفضة والملح.أن تحصل فرنسا على القطاع الساحلي المشتمل على سوريا، وولاية أطنة والمنطقة التي يحدها جنوباً الخط الممتد من عينتاب وماردين إلى الحدود الروسية المقبلة، وشمالاً الخط الممتد من الاداغ والمار بقيسرية وآف داغ ويلدز داخ وزارة إلى أجين خربوط، وهي المنطقة المعروفة اعتيادياً باسم كيليكية.أن تحصل بريطانيا على القسم الجنوبي من بين النهرين مع بغداد، وعلى ميناءي حيفا وعكا في فلسطين.أن يتألف من المنطقة الكائنة بين الممتلكات الفرنسية والبريطانية اتحاد لدول عربية صغيرة أو دولة عربية واحدة، وان تقسم هذه المنطقة من جديد إلى منطقة نفوذ فرنسية وبريطانية وتتألف المنطقة الفرنسية من داخلية سورية وولاية الموصل من بلاد ما بين النهرين، أما المنطقة البريطانية فتمتد ما بين فلسطين والحدود الإيرانية.أن تعلن الأسكندرونة ميناء حراً.أن تدول فلسطين.كان مارك سايكس من أكثر البريطانيين ميلاً للمشروعات الصهيونية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقد عمل بكل جهد ونشاط لإقناع الخارجية البريطانية واللورد بلفور لإصدار الوعد الذي عرف باسم (وعد بلفور) عام 1917م.ومن هؤلاء هيوبرت يونغ (1885 - 1950م) وهو عسكري وإداري بريطاني عمل لفترات طويلة في المنطقة العربية، وشغل فيها عدة مناصب هامة، عين في عدن، حيث بدأت علاقته الطويلة بالبلاد العربية، فقد تعلم فيها اللغة العربية وأصبح مترجماً للجيش البريطاني في عدن.عام 1908م تم نقله إلى الهند ومنها سافر إلى سورية والعراق، وفي عام 1915م أرسل مرة أخرى للعراق وعمل مساعداً للضابط السياسي، وبطلب من لورانس العرب تم نقله إلى عمليات الحجاز فقام بعمل تنظيم وسائل النقل، عين في الدائرة الشرقية التي تم تأسيسها في وزارة الخارجية وبعدها عمل في الدائرة الشرقية بوزارة المستعمرات، وبعد ذلك سكرتيراً لدائرة المستعمرات في جبل طارق عام 1929م وبعدها نقل إلى بغداد فأصبح مستشاراً في مكتب المندوب السامي البريطاني في الأعوام 1929 - 1932م، ثم وزيراً مفوضاً عام 1932م، وله كتاب هام عنوانه (العربي المستقل).كذلك السير غيلبرت كلاتين (1875 - 1929م) والذي يعد من خبراء بريطانية في قضايا الوطن العربي، تخرج ضابطاً في جيش بريطانيا عام 1895م، وكان مرافقاً لكتشنر في مصر والسودان وشارك معه في حروب عطبرة وأم درمان.ثم نقله إلى الجيش المصري عام 1900م، بعدها أصبح سكرتيراً خاصاً لحاكم السودان العام نقل للخدمة الدائمة في حكومة السودان، وفي عام 1914م عين وكيلاً للسودان وكذلك شغل منصب ضابط استخبارات في القاهرة، وعند قيام الحرب العالمية الأولى عين مديراً للاستخبارات العسكرية في مقر القيادة العامة في مصر.ونظراً لمعرفته وخبراته الواسعة في شؤون المنطقة العربية، استعانت به الحكومة البريطانية من أجل تقييم وضع الثورة العربية وتأسيس (المكتب العربي) في القاهرة لتوجيه مسيرتها.عاد إلى مصر عام 1919م، مستشاراً لوزارة الداخلية، عين سكرتيراً عاماً لحكومة فلسطين من 1922م، إلى 1925م، سافر إلى اليمن عام 1926م للتوسط بين الإمام يحيى وحكومة عدن البريطانية، ولكنه فشل، بعدها فاوض الملك عبدالعزيز آل سعود لعقد معاهدة جدة عام 1927م التي وضعت حداً للخلافات وأنهتها بين بريطانيا والحجاز، عام 1929م عين مندوباً سامياً لبريطانيا.كل هذا يدل على أن للاستشراق وثقافته أفعال كبرى في صياغة مصائر العرب وتغيير أحوالهم ونقل أوضاعهم، فهو ثقافة وسياسية وتاريخ وصراع مصالح تذهب فيه الشعوب ضحية غفلتها بسبب تجاهلها لهذا الجانب من هيمنة العقل الغربي، لأن السياسة ثقافة ومعرفة لصناعة القرار.