كتب /ماجد الهتاري:قد أخطأت في التقييم أيها الأب الكريم أو أيتها الأم الكريمة عندما اعتقدتم أن أطفالكم قد أكثروا من الشخبطات في الأوراق وفي الكراسات والعبث بالورقة تلو الورقة في أوقات فراغهم دون أن تروا منهم أي إبداع أو هدف أو محصلة تنتج من تلك الخطوط العشوائية. فالمسألة بحاجة منكم إلى أكثر وعي بأن تلك الخطوط لها أبعاد نفسية تعكس ما في جوف الطفل ، فهو ما يفعل ذلك إلا لأن يثبت ذاته ويؤكد تكامله كما أنه يسجل ملاحظاته بالطريقة التي تتفق مع سنه .. نرى طفلاً يضغط بسن القلم حتى تظهر الخطوط قوية وقاتمة ،بل أن الآخر يقوم بالضغط على السن حتى تنكسر سنة القلم وهذا يشير إلى عقله الباطني الشديد الانفعال ، بينما ذلك الطفل نجده عكس الآخر ويخاف من المساحة البيضاء ويشغل في زاوية الورقة ويضع خطوطه فيها ولا يتمنى أن يكون أحداً يراقبه من البالغين ، والآخر ينتظر أحداً ليقوم بتشجيعه ، ومن الأطفال لا يبالي بأحد على الإطلاق فهو يقوم بالعبث هنا وهناك فيقوم بشخبطاته على الأدراج والجدران وعلى الكتب الثمينة وما إلى ذلك ..أتعلموا أخواني الآباء وأخواتي الأمهات أن كل ما يضعه طفلكم على الورق من عشوائيات التي أنت لا تستطيع تفسيرها، إن هي إلا خيـوط الإبداع والنمو الذاتي ليكون مادة معبرة في مراحل تقدم عمره حسب البيئة التي يعيش فيها سواء في المنزل أو المدرسة أو الشارع .. ومن الخطأ أن تكف أيديهم عن ذلك العمل بل لا بد أن تدعمه وتوفر له كل مستلزمات ذلك من أوراق وأقلام وممحاة ، فمن حقوق الطفل أن يعبر عن ذاته بأدواته المناسبة لسنه ويقول ما في نفسه بأي نوع من أنواع خامات الفن عما في باطنه وصدره من أفكار ومفاهيم وانفعالات ، فمهما أنت رأيت ذلك قليل الشأن ولكن في الحقيقة هي عزيزة بالنسبة إليه بل هي في إحدى درجات المصعد الذاتي الذي يرتفع به في قاموسه البصري طوال حياته .إن رسوم الأطفال من سن 4 ـ 6 سنوات تعتبر رسوماً رمزية ، فلا تنتظر منه أن يقلد الواقع تقليداً حرفياً وإنما هو يرمز لها رمزاً بتحريف بعض أعضاء جسم الإنسان مثلاً .. فيقوم بتطويل الذراع أو يقصرها أو يحذفها ويفعل ذلك أحياناً ليقول شيئاً بلغته التشكيلية، فالذراع التي حذفت قد لا يكون لها دور , والتي أطيلت لأنها تؤدي وظيفة في الوصول لقطف ثمرة من الشجرة ، وهذه الذراع ذات ثلاث أصابع وتلك تجاوزت العشرة ، فكيف ذلك ؟! إنه منطق الطفل منطق الوجدان والانفعال الذي يأتي من ثلاث حقائق ، الأولى هي الحقيقة البصرية والثانية هي الحقيقة الفكرية والثالثة هي الحقيقة الانفعالية .نلاحظ أن الدول المتقدمة والواعية يبدأ تركيزها و اهتمامها بالطفل في مرحلة الرياض من خلال إتاحة الفرصة له للتعبير عن ذاته بكل خامات الفن والإبداع حيث تأخذ بيد الأطفال نحو آفاق أوسع وأرحب ولا ينحصرون ويتقوقعون داخل الفصول بل يسيرون بهم في الرحلات الممتعة إلى الحدائق الغناء حيث الزهور والأشجار والطيور والحيوانات وما إلى ذلك من الطبيعة التي خلقها الله الخالق الباري المصور من أجل تنمية فكرهم وذاتهم وخيالهم وذكائهم لأنهم يوقنون أن الرسم عند الأطفال يتطور مع التطور الذهني والنفسي .. ولم يتوقفوا عند ذلك بل أنهم يذهبوا بهم إلى المتاحف ليرى الطفل الإنتاج الفني لأجداده ليحس وليستشعر أيضاً بالانتماء لأرضه ووطنه في الماضي والحاضر .أعزائي الآباء .. دعوا اطفالكم يشخبطون ويستهلكون كل خامات الفن والإبداع واعطوهم المزيد كي ينموا ذاتهم وفكرهم وعقلهم وروحهم وأشعروهم بسعادتكم عما يفعلون .
|
اطفال
مكانة الفن عند رياض الأطفال
أخبار متعلقة