سطور
د: وحيد القلشفن البورترية الذي حل محل تسجيل صور الملوك والحكام والشخصيات المشهورة في المجتمع على اختلاف مجالات الشهرة التي جعلت من هؤلاء الأشخاص نجوما ورموزاً لمجتمعاتهم بطبيعة الحال. برع الرسامون في رسم الأشخاص ومطابقة ملامحهم لدرجة ربما تتفوق على كاميرا التصوير الفوتوغرافي،خاصة أن هؤلاء الرسامين كانوا يمتلكون ناصية التقنية،حيث كانوا يصنعون ألوانهم بأنفسهم من الأتربة والأكاسيد اللونية الخام بعد خلطها بالزيوت وخلافه من مكونات صناعة الألوان الزيتية حتى أن أشهر الشركات المنتجة للألوان الزيتية تطلق اسم الفنان (رامبرانت ) على الألوان التي تنتجها.أشتهر الفنان الهولندي ( رامبرانت) الذي يعتبر أحد أعمدة الفن التشكيلي الأوربي في القرن السابع عشر بأنه الأكثر براعة في تصوير الأشخاص والملامح الإنسانية العميقة والمفعمة بالانفعالات الحزينة غالباً، وكان يرسم الأشخاص وسط خلفية قاتمة تقترب من اللون الأسود أو البني القاتم جداً .. ثم يضيء الوجه من زاوية علوية .. ولا تجد أن الضوء قد ذهب إلى الأجزاء التي ينبغي أن يذهب لها منطقياً ..فهويتحكم في مسار الضوء وفقاً لسياق درامي معين .. فيدعه يسقط على الأجزاء من الوجه والملابس التي يريد أن يوليها اهتمامه .. باعتبار أن الملابس تظهر المكانة المادية والسلطوية والاجتماعية وربما الطائفية أيضاً . أما الأجزاء التي يرى الفنان أنها ليست ذات مضمون رئيسي في موضوع الصورة فلايدع النور يصل إليها حتى لو كان منطق انتشار الضوء يخالف هذا .شركة (كوداك) العالمية المتخصصة في مجال التصوير الفوتوغرافي وإنتاج الأفلام والأجهزة والكاميرات .. تصدر نشرات وإرشادات فنية لعملائها تتحدث عن نظام للإضاءة في استوديو تصوير البورتريه - أطلقت على هذا النظام اسم الفنان الرسام رامبرانت ( Rembrandt) - حتىيتمكن المصور الفوتوغرافي من أن يحقق تشابها في النتيجة مع الطبيعة الضوئية التي ابتدعها الفنان التشكيلي.الكاميرا في يد مصور فنان ومثقف وصاحب رؤية ويدرك أبعاد الحياة بطريقة فلسفية عميقة،يستطيع أن ينتج ( بورتريها) له قيمة الأعمال الفنية الكبيرة من الرسم (التصوير الزيتي) .فهل سيكون مصير فن البور تريه هو مباراة بين المهارة اليدوية والحرفية للرسام مع آلة التصوير ؟! أم أن الفنان التشكيلي- باعتباره كان ويزال وسيظل حامل المشعل وكاشف الأسرار وممهد الطريق - سيصل إلى أهداف أخرى بعيدة المنال عن آلة التصوير .. تعبر عن الطبيعة الحقيقية لدور الفنان باعتباره باحثاًومختر عاًفي عالم الشكل ( Form).. وأيضاً باعتباره مالكا لناصية الخيال الذي لا تحده آلات ولا تكنولوجيا. فبعدما كان المهم هو الملامح المميزة للشخصية التي يقوم الرسام بعمل صورة شخصية لها (بورتريه) .. فماذا لو تحولت الأهمية عن جانب الشخصية وملامحها المميزة إلى جانب الطابع المميز للفنان في الرسم؟ .. وإذا كان الفنان يرسم ما يرى ،فماذا لو أنه رسم ما يعلم وليس فقط مايرى..؟ باعتبار أن العين البشرية لها قدرة محدودة على الرؤية ؟.. هذا المفهوم وتطوره هذا الذي دفع الفنان(بابلو بيكاسو) إلى تصوير البورترية من الجانب ومع ذلك يظهر الآذنتين وليس أذن واحدة.. علاوة على أن استلهامها لأشكال الأقنعة الخشبية الأفريقية .. وما عليها من مبالغات تعبيرية .. قد دعم الرؤية التكعيبية من ناحية .. كما قدم نوعاً من تشوه الملامح الإنسانية التي تضررت من أهوال الحربالعالمية الثانية والحروب الأهلية وخاصة في أسبانيا.