د. زينب حزام يتميز عمر محمد با طويل بحيويته الفنية وانجازاته الجمالية ولكن هناك أشياء أخرى أكثر جوهرية تربط بينه وبين حبه للوطن حيث ينفجر بطاقة روحية لا نظير لها فتتحول حياته كلها إلى كتلة من الوهج الحضاري الفاتن خاصة عندما يجعل الشعر والفن رسالة إنسانية نبيلة تتجاوز حدود اللغات والقوميات في منبعها وفي مصبها معا.عندئذ تشتبك بالجذور الممتدة في نسغ التاريخ البشري لتمثل إضافة جوهرية لأشكال الأدب والفن والفكر الجمالي المعاصر. لقد حمل الشاعر الشعبي باطويل عشقه المبكر لشعرية الحياة والتمس منابعها في الشعر الشعبي لتحقيق أعظم قدر من التواصل الحضاري وعمل في الأدب والفن لإثراء الفكر الإبداعي واختزال فترة استيعابنا للتجربة الحضارية الإنسانية وهي وحدها الكفيلة بتلبية حاجاتنا المعرفية المعاصرة فكثير من التساؤلات الفكرية والسياسية والاجتماعية والعمرانية التي عرفناها في المائة سنة الأخيرة هي في الواقع كما يقال تساؤلات غريبة في جوهرها. وقد وجدنا في هذه المرحلة من نهوضنا التساؤلات أنفسها ونرى مكاننا منها جميعاً وإلا بقينا على الهامش بل بقينا عرضة للهيمنة مرة أخرى. وكانت اختيارات با طويل مع شعراء وأدباء مجتمعه اليمني دعوة لتطوير الصرح الثقافي والفني فقدم العديد من القصائد الغنائية من الشعر الشعبي ويجد القارئ في القصائد الشعبية للشاعر اليمني محمد عمر با طويل قوة التعبير والصدق في مشاعره الوطنيــة اتجاه وطنه ودعوته الجادة لبناء الوطن وفي قصيدته ( جيت أتخبرك يا عامر ) التي يقول فيها : جيت أتخبرك يا عامر كيف الحال للي صابر باه صبر زمانه كله أو للصبر ذا شي آخر بعد الضيق قالوا تفرج واللي قد صبر هو ظافر وأنا فاض صبري مني ما يرضى بظلمي كافر فكلمات باطويل تحتوي على كل المعاني الإنسانية بكل ما تحمله من الصور والمفردات والمعاني الرائعة التي نجدها في قصيدته زاد ماءك عالطحين حيث يقول فيها : زاد ماءك عالطحين منك أنا قد ضاق حالي كنت أحسبك انك فطين با تعرف اللي قد جرى لي با تقدر العشرة ثمين وبتكون حالي ورأسمالي وتكون لي يد اليمين وكل ما يشتيه بالي ويقول في قصيدته التي تحمل عنوان ( عبرت الحيد) : عبرت الحيد دا كله وتعثرت فوق السوم وشهرك دي مضى قاصر كيف بيزيد اليوم وضاع الوقت دا كله بين الأمس واليوم وذوقت الفطر دا كله يا ريتك تذوق الصوم كما نجده يستخدم موهبته وصدق إحساسه وجمال تعبيره في قصيدته ( يا غلي هلي) فيقول: شفنا في البحور ولهان صب يا مطر والرعد حنان طولت الغياب وطالت سنينك والعمر انقضى على ضنينك والقلب ابتلى والجسم عيدان .أما قصيدته الغنائية التي بعنوان ( سمارة) فقد نالت اعجاباً كبيراً من قبل المتذوقين للأغنية اليمنية فهو يقول فيها : سمارة يا سمارة وربي زينة وحده أوه بالله يا مسكين الغريب وحده وشفته في الزيارة وكل الناس هم بعده وكانت له أماره وشفت الورد في خده وقع وسط الصدارة وشفنا قد وقعت سده [c1] وحدة التراث الإنساني [/c]فالشاعر الشعبي با طويل اهتم بقضايا الإنسانية في كل مكان بعيداً عن المدارات المغلقة للنزعات العرقية والدعاوي السياسية أو حتى التأويلات الدينية التي تغلق الكائن على نفسه وتنزوي بالحضارة كالتعصب العقلي والانحدار الروحي لذا انتسب الشاعر الشعبي با طويل إلى وحدة التراث الإنساني من غير أن ينسى خصوصيته بوصفه شاعراً عربياً يمنياً .
|
ثقافة
قراءه نقدية في إبداعات الأديب محمد عمر باطويل
أخبار متعلقة