قصة قصيرة
عندما شعرت بتباطؤ حركة الجنين داخل أحشائها، قررت أن تتمشى مخترقة ما تيسر أمامها من أروقة المستشفى ،وما كان لهذا أن يوقف سرعة تباطؤ حركة الجنين، وإذ ذاك سافرت الدموع على وجنتيها الذابلتين .بعد منتصف الليل بقليل، وحدها في أروقة طابق قسم التوليد، وبقايا جنين متعب عاش في أحشائها تسعة أشهر هي كل عمره ليعلن الرحيل وليكتمل بداخلها وجع لا يقال ...وآه من وجع لا يقال .شعرت بان روحه تنسحب منها خلسة ، قتلها اختناقه بداخلها، أخذت نفسا عميقا في محاولة يائسة منها علها تمده بقليل من الهواء ليبقى ...!! لتبقى !!، أقفلت عينيها المتعبتين بشدة غادرتها روح الجنين التي تخلقت بداخلها ردحا من شهور، شعرت (بألم في الحائط) نز الدمع الجارح من أطراف عينيها صرخت بصمت وبصوت قطعه الألم.ــ احتسبتك عند الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .ظلت تردد هذه العبارة ولم تتمالك قواها وأسلمت نفسها لمقعد في ردهة المستشفى وتلمست بطنها بيدها المرتجفة في محاولة اشد يأسا من سابقتها علها تستشعر ما يدل على بقايا حياة لطفل تمنته وتتمناه منذ سنين ، كانت ليلة قاسية وطويلة والألم فيها سيد الموقف .كان صباح اليوم التالي كئيباً، سألها شقيقها :ــ ماذا قال الطبيب اليوم ؟ــ يقول إن نبضه يتلاشى ، وان هناك سوائل في جوفه ...أما أنا فقد احتسبته عند الله .ضاقت الدنيا في وجه شقيقها حتى باتت على شكل حذاء ...اتجه إلى الطبيب الذي اكتفى بهز رأسه معزيا وعاد إلى شقيقته مخفيا شعوره بالأسى والمرارة.قالت لزوجها ...الذي كان يعلم أن طفلهما يصارع الموت من بداية الشهر الثامن :ــ أريد أن ألده ولادة طبيعية فقد علمت أن اجري عند الله أعظم !! فما هو إلا طير من طيور الجنة .قال زوجها غاضبا :ــ هذا خامس طير ...وكأننا تعهدنا طيور الجنة !!!!قالت له:ــ استغفر الله وقل لا حول ولا قوة إلا بالله.بعد أن خرجت من غرفة الولادة سالت الممرضة لماذا لم يصرخ ابني كما يفعل الأطفال عند خروجهم للحياة ؟؟قالت الممرضة:ــ (الله يعوض عليك).اجتاحها حزن شديد وغرق وجهها في بحر من الدمع وقالت :ــ دعوني الآن ...دعوني اغسله بدمعي وأكفنه بآهاتي واوسده لوعتي.قالت هذه الكلمات وغابت عن الوعي ..