قراءة في مجموعة(واو)
قراءة: عيال الظالمي:(واو) اسم مجموعة مصورة بحرف تختلف الدلالة حين الإشارة إليه من الترجمة هو واو المعية، ولكنني أراه أفرد من جمل أنا ومنفاي، وجراحي، وعيني عبر المدى أو ربما صوت حزن وتأوه تتقطر منه هالة دخان الغربة، وألم الجحود. وقد يكون في ثنايا الروح واو قسم، أو هكذا أجده في كثير من النصوص، حين استراحة من القتال.فكان ونور وجهك يا عراق، وليل وجدك،وحق تربتك العقيق، وتبر ثوب الرافدين، ووضوء شمسك في صباحات الشموخ، ودفء ليلك حين ترتشفنا الأرصفة .مجموعة (واو) صادرة من دار رياض الريس بيروت)2011م.إنه اختصار لعمر جال به حاملا تأريخ الأزهار والازدهار،وعلى كفيه رأس وأمس انتكاس،وراية بشتى حروب الزمن. ثم صراعات رجال الطقس ألمعصوبي الأعين و الرؤوس، حمل واوه صليبا فسمر روحه به كي لا تنزلق ذات انعقاف، وصارت مساميره قوافي ومفردات جمال، منها مخضبة بنزيف همٍ وتأبط المنفى بكل نصوص غربته ولكثرة غصات روحه العراق عندما الأرض، كورها الرب بين يديه ووزع منها اللغات، الطغاة، الغزاة، الحروب، الطيوب، الخطوط، الحظوظ، وقسم فيها السواد، العباد، البلاد، البلايا، الوصايا، الحواس، الجناس، الطباق يتملك جميع حملة الأرواح القلقة المغتربين نوع من الخوف أو حالة تحتويهم تعرف بـ علم نفس الخوف لأنها لا تمزج أرواحهم بالمتعة والسرور، وانتشاء هذه الحالة من الخوف ناتج من أبسط أنواع الخوف وهو الحيرة وهذا ما يهيمن على نتاجهم الأدبي والفني تحت أنوار المنافي، وذلك لأن هذه الحالة مقيمة معهم وتنام معهم، وتصحو معهم وترتحل بارتحالهم، وإنها ليست مجرد حالة مزاجية وجدانية انفعالية، فمن خلال ما نطل عليه من منتج الصائغ الجديد أجده هائما عابرا للحدود يتلبسه فقدان اليقين فتتفاعل ذاته لا إراديا، وتطفو جواهره على يم أدبه، دون أدوات الصاغة لذا تتسربل مفرداته في خيط عقد لاليء قلقة،تتراقص كدموع محتارة الاتجاه :1 ــ أنا شاعر؛ دار بي زمني،.. واستدارأقول لثوبك يخفق في الريح هل تبصرين ــ وراء الزجاج ــ الغيوم التي تترقرق بين قميصي وقلبي؟ مدي يديك إلى غصنه، تلمسي نبضه راعشا 2 ــ البرابرة؛ الآن جاؤوا(سلبوا البيت أشياءه ) الروح أحلامهاقد يحتوي الصائغ رعب الفقدان بأوجه عدة (الضوء، الحياة، اللغة، الآخرين والموضوعات ويلتمس رعب)الظلام،والوحدة، والموت، والصمت لكنه يتحرك بخبرته الإنسانية في تعرجات المكان والزمان كهويات ثابتة مفروضة على وعيه بمعالمها المحددة ضيقا واتساعا، علوا وارتفاعا، ووفق مفاهيمه العقلية، قد يدور الإنسان في متاهة المكان الواقعي وتدريجيا يصبح غير واقعي بالدخول إلى عالم الحلم. ومن خلال روحه الهائمة بـ (مكان الصائغ) فلا يختل لديه السرد الواقعي المنظم ليقول في دوي داخلي ها أنا..أو أين أنا؟ ــ تزحف الموانئ أعمدة الكهرباء ورائيالمدينة تزحف أيضاً (مديرية الأمن ) والنصوص، والشتائم،وأغاني وحيدة خليل يمثل ويرسم ما لا يرسم أو ما لا يمثل، تحن روحه إلى الأمس، يتصاعد سؤال عينيه عن رؤية مشوشة تشبه أشباح المكان، لما تتملكه العودة للأطياف، والأرواح، الخيالات والصور الماتعة، يهزه الثوب الظاهري غير المستقر، ثوب المدينة القديم، ثوب العراق الذي رأى السوءة من خلاله، فكل ما بلغه (كمسرحية فولفانغ التي عنوانها قطعة لا يريد مسرح أن يمثلها ولا جمهور يشهدها عاد الى البيت فلم يجد البيت… لا بيت، كان شبحا خارج الباب، ربما أو ثمة وطن في حلكة، وقد بلل ثيابه أوأغرقها المطر على قارعة الطريق)*. شعر الصائغ كثيف الحضور، وقار نبي، وانفلات عطر، فيه من الحنين كم منزل في الأرض يألفه الفتى- هاأنت تطوف العالمها أنت تطوف لوحدكها أنت تنوح على ما مر( تناس ما مر ) تناساك الآخرون فماذا تنظر أو تنتظر؟تسكن الصائغ الوحشة كقفر يرتحل خاليا في جموع مشكّل بين الناس والمروج، بين الألم ووحشة البحار، أحال خوفه طمأنينة ووحشته إئتناس، وتوهمه إبداعاً ،وهى خلجات تشبه الاحتضار، أندلف في مخابئ الكلام ناهرا دهاليز المنفى، وتسائل ــ أعلي أن أدور إلى ألأبد ؟لأنهم رسموني هكذا ماذا افعل،كي أخرج مني؟بهدوء شربت قهوتهم وانسللنا من البابيشيسعنا المعزّون بنظراتهم المفتوحة على الغيابليشرب قهوتنا آخرون كأن أعمارنا رشفة بين جنازتينلقد أسرفت الأيام به فأصبح الصائغ عضواًفي عائلة ليس منها لكنه داخلها، وتتدخل الذاكرة بآليات أفعالها الإجرائية للتمثيل، وألوانه التي يختزنها من ترحاله المستمر اللا مستقر، فتنبث حركية التعبير في عنفوان عطائها، تشع رمزيا وسيميائيا لدوال تحمل تصويرا غير مباشر تارة وتأويليا تارة أخرى. بين التعامل البصري لزمكانيته ورؤيا مصاحبة أنتجتها المكابدات. فعينه بصرية (ذهنية ترسم الإشارات المباشرة أو الغير بمقدراته التعبيرية، وهيمنة بجمع الأماكن مع رؤاه بأزمانه المنتشرة ليضعنا في فضاء شعري عبر منظومات دوال ــ 1 ــ في الليل أرى شخصا آخر..لا أعرفـ ـهيتعقّبني فأغذ خطاي، وأسرعأسمعه يتوسل خلفي اصحبني ظلا لا لافأنا أخشى أن أمشي منفردا في الطرقات….2 ــ أكل اتساع السهوب، ولا حجر أشتهى ارضيأكل عثوق النخيل،ولا تمرة في صحون الجياع؟ لكل من يطل على مراياه يجدها غريبة،حيث لا أحد فيها يصلح ما يئج بنفسه من ضياء أو نور،سوى مرآته التي يرى بها صورا،فيعدل روحه قبل ان يعدلوه ببدر فهو كالإسلام رحل غريبا وكأنما بدا غريبا وعاد فوجد نفسه غريبا، وسيعود غريبا صافنا أمام تهجداته أقلّب صفحات حياتيموجة، موجة ) وأقول إلى أين ينتهي كتاب اليمّسأطلق أجنحتي وأحلق عاليا في الفضاء الأخير كنسر هرمٍ أما أن أصل أو أتحطم على الصخور وتتلاشى دموعي وأغنياتي إلى الأبد تشاكيل الصائغ نفثات تنين أدمن الوجوه الغريبة،فلم يبق شيئا إلا وأجاد به الكلام،وأغرب به،وهكذا جمع بها الحدة والتمادي،الماء والدمع،الضحك والمرض ، اللون الأبيض و الأحمر،غروب الشمس والنزوح عن الأهل السماء رمادية،هنا…روحي خضراء أشعلها الوهم، والمبتغى( وتلك البلاد البعيدة سخمها المدفعيونوما ظل من إرثنافي البلاد) سوى إرثنا في الحدادالكلمة هدية الغائب الغريب يمنحها عيوننا فنكتبها على شغاف محبتنا.تسامى بعقل متسائلا لا مشكلا،وهو ابن الكوفة عبر تساؤلاته الجريئة دخل من النافذة الظيقة آملا أن يألفوا التسامي،إستشاطوا كفرا ورموه بالجمرات، فأخطؤه وأصابوا رؤوسهم موجز تلك المختصرات تقول أن الإنسان مسيّر وليس مخير هل البياض حتف المعنى أم مرآته؟أأنا حرفه المبهم ماذا يفعل البحر بلا أمواجهماذا يفعل الرب بلا ذنوبنا؟موجز الصائغ استثمار الحس الروحاني لمضاعفة الطاقة الشعرية، فهو السارد الذاتي الشعري المستند إلى رؤية جمعية بدلالاته المكانية والتاريخية الميراثية وما يتماها باستقلاليته الأنوية،صراع إنساني إنساني، لا ننشد منه الانتصار أو الحفاظ على نظارة الشمس، أو خلق رموز مبهمة، بل طرح المعنى ومعناه على مائدة الوجد. لمن اعتمرها من البدو مراسيم قيم، أو قوانين ترسيم حدود لخارطة التفاهة.فأطاحت به السنون والحنين وكثر الإمعان،وما خلّف الدرب على رفوف ذاكرته ــ مكتبتي كبرت وحنيني وعرش حزني على الطاولةوالبلاد الحلمت تناهبها البدو والغزو، ثانيةوما عاد فيها ــ ولا العمر ــ من فسحةٍ للأغاني المؤجلة فالصائغ كعادته يزرع نقي هوائه في كل مكان مزدحم، ووجعه أبيض وواضح ومشهور كفضيحة، تاركا المظاهرات إلى الأرصفة، والدموع والصهيل للأفواه، والتنهدات والشتائم للكتب.