إعداد/ إدارة الثقافة عرض تاريخي : تعتبر البداية الحقيقية للفن التشكيلي الأردني المعاصر متأخرة نسبيا قياسا بالبدايات التشكيلية العربية المعاصرة، إذ أن الفن التشكيلي العربي المعاصر قد بدأ في نهايات القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وبشكل خاص في كل من مصر والعراق والمغرب العربي . إن البدايات الأولى للفن التشكيلي الأردني قد ظهرت مع تأسيس إمارة شرق الأردن على يد فنانين وافدين كالفنان اللبناني عمر الأنسي والفنان التركي ضياء الدين سليمان . ذهب عمر الأنسي إلى عمان عام 1923 بعد أن درس الفن في بيروت على يد كل من الفنان حبيب سرور والفنان خليل صليبي، وأقام في عمان لمدة خمس سنوات علم فيها الانجليزية لكل من المغفور له الملك طلال والأمير نايف، وأتاح له ذلك القيام برسوم مائية في الأردن بأسلوب انطباعي ظهر فيها تمكن في مزج الألوان وبراعة في التصوير وخفة في الريشة، حيث اعتبرت أعماله بالنسبة لزمنه متقدمة بشكل كبير ، أما أعماله الزيتية فتدل على موهبة وتقدم نسبي في هذا المجال، وغادر عمان إلى بيروت سنة 1927 ومنها إلى باريس ليكمل دراسته في الفن ، فقد أقيم له في بداية الخمسينيات عدة معارض ما يدل على عودته للأردن في فترات لاحقة من دراسته ويعتبر من رواد الحركتين التشكيليتين الأردنية واللبنانية وان كان تأثيره في لبنان أكبر بحكم إقامته اللاحقة فيها، أما أنطوان باسيل الذي ما تزال بعض إيقوناته في كنيسة مادبا التي رسمها عام 1937 فقد هاجر في منتصف الخمسينات إلى أمريكا وتدل أعماله على مستوى فني رفيع. أما ضياء الدين سليمان التركي الأصل فقد كان ملحقا بالسفارة التركية في باريس وضابطا في الجيش التركي المقيم في بلاد الشام أثناء الحرب العالمية الأولى وبعد انتهائها عاش في فلسطين ثم انتقل إلى عمان عام 1930 وظل فيها يمارس الرسم بالألوان الزيتية حيث رسم كل من عمان وجرش وطبرية والقدس ونابلس وأقام أول معرض له في الأردن في فندق فيلادلفيا عام 1938 ، وقد تضاربت المعلومات بشأن دراسته في الفن، إذ أن معلومة تفيد بأنه درس الفن في فرنسا حينما كان ملحقا هناك ومعلومة تفيد بأن دراسته للفن كانت في إيران و لربما درس في كل منهما وتبين اللوحات التي ما زالت بين أيدينا للفنان سليمان على قدرة فذة في التصوير الزيتي سواء من حيث التلوين أو المنظور وظل يرسم حتى وافته المنية اثر عملية جراحية في مستشفى السلط عن عمر يناهز الستين. أما الفنان جمال بدران الذي ولد في حيفا عام 1909 فقد درس الفنون التطبيقية بالقاهرة من عام 1922 ـ 1927 ثم التحق للدراسة في بريطانيا من عام 1934 ـ1937 متعمقا في دراسة الفنون الزخرفية والتطبيقية وبذلك فانه يعتبر أول فنان يحمل مؤهلا أكاديمياً إضافة إلى تخصصه في فنون الزخرفة والخط وما إلى ذلك من فنون تراثية أتاحت له الإشراف على ترميم المسجد الأقصى وأعاد منبر صلاح الدين الذي احرق عام 1969 على أيدي الصهاينة وإشرافه فيما بعد على ديكورات وزخارف كل من مسجد الجامعة الأردنية ومسجد الملك عبد الله بعمان، وخلال هذه السنين ومنذ تخرجه عمل خبيرا في اليونيسكو بليبيا ومدرساً للفن والأشغال اليدوية في دمشق والقدس وفناناً متفرغاً في محترفه بمدينة رام الله منذ وقت مبكر. لقد امتاز جمال بدران باسبقية زمنية عن غيره من الفنانين إذا ما عرفنا أن أول الخريجين من بعد قد عاد في الستينيات إضافة إلى محافظته على الأصول التراثية في لوحاته الزخرفية والخطية أو أعماله بهذا الطابع التراثي الأصولي والذي لم يحد عنه رغم تعرفه على المدارس الفنية الحديثة في لندن وفي وقت مبكر وربما في أوج التوجه الفني الحديث وفي منتصف الأربعينيات كان هناك عدد كبير من الهواة يعرضون أعمالهم في صالونات الحلاقة والبيوت الأردنية والمحلات العامة أمثال سامي نعمة حلمي حميد يعقوب السكر الذي صمم العملة الأردنية والعديد من الطوابع الأردنية. أما أهم الهواة في ذلك الوقت فقد كان رفيق اللحام الذي تقاسم العرض مع الفنان اللبناني عمر الأنسي العائد إلى عمان بعد دراسته في باريس .وقد تميزت أعمال هذه المرحلة بالنقل الحرفي من الطبيعة ومعرفة نسبية بالألوان وشيء من المنظور، حيث كان للطبيعة والآثار نصيب الأسد من اللوحات. ومع بداية النكبة الفلسطينية عام 1948 وصل إلى عمان الفنان الروسي جورج أليف مغادرا فلسطين وقد كان هذا الفنان من الفنانين الذين غادروا روسيا بعد الحرب العالمية الأولى . وقد كان لهذا الفنان أثر حسن بتدريبه وتدريسه الفن لعدد من الفنانين الأردنيين أمثال مهنا الدرة، رفيق اللحام، نائلة ذيب وتميز أسلوبه بالواقعية الساذجة وقد مارس التصوير الزيتي والمائي والحبر الصيني في عمان وشارك في المعارض المقامة منذ سني الخمسينيات حتى عام 1968 حيث غادر إلى بيروت وفي عام 1951 أقيم معرض جماعي آخر في المنتدى العربي ضم أعمال إحسان ادلبي، فاليرا شعبان، كوثر شاهد، مهنا الدرة نهاية هاشم هشام حجاوي، رفيق اللحام وفي عام 1952 أقيم المعرض الزراعي الأول في عمان حيث ضم جناحاً تشكيليا شارك فيه إحسان ادلبي، رفيق اللحام، روبيكا بهو، نعيمة عصفور ،جميل مدانات ،عيسى أبو الراغب ،عبدالله السعودي، ليلى مغنم، وفي عام 1953 عرض رفيق اللحام وجورج أليف وفاطمة المحب في الكلية العلمية الإسلامية، ثم أقيم المعرض الزراعي الصناعي الثاني وضم جناحا تشكيليا عرض فيه رفيق اللحام ، جورج أليف وفاطمة المحب، وقد أقيم في عام 1953 أيضا معرض المنتدى العربي وشارك فيه أعضاء هذا المنتدى السالف ذكرهم، في عام 1953 تأسست ندوة الفن الأردنية وعرضت أعمالها في معهد النهضة العلمي حيث شارك أعضاء الندوة الذين بلغ عددهم خمسين فنانا وهاويا نذكر منهم نجاح الخياط فاليرا شعبان وربيكا بهو، نعيمة عصفور، بلقيس الروسان، رفيق اللحام، إحسان ادلبي، حلمي حميدو، عبد الله العوري مهنا الدرة وعيسى أبو الراغب، جميل مدانات، دعد التل بشارة انطاس يعقوب داكسيان خليل العمري، سامي نعمة، فخري جاكوخ خضروف عجميان، أنور زادة، كوثر شاهد حيث تنوعت المعروضات في التصوير والرسم والنحت .وفي العام نفسه أقام مهنا الدرة الصبي معرضا للوحاته أيضاً نظم فريق قتيبة الرياضي معرضاً فنيا في مدرسة العروبة باربد ضم أعمال عشرين فناناً وهاويا .وفي عام 1955 أقيم معرض ني بنادي التعاون في عمان ولا نعرف من المشاركين أحدا حيث لا تتوفر المعلومات لدينا لكن عام 1956 شهد ثلاثة معارض الأول جماعي أما الثاني فهو معرض شخصي للفنان أحمد أبو سلمى والثالث للفنان علي الغول بالكلية الرشيدية في القدس .في رام الله أقيم عام 1953 معرضا مشتركا لإسماعيل شموط وسامية الزرو، حيث تميزت الفترة ما بين 1946 - 1956 بأنها فترة الفنانين الهواة في الغالب وبعض هؤلاء في الغالب كانوا صغارا في السن أمثال مهنا الدرة الذي سيكون له دور مهم فيما بعد وعلي الغول الذي احترف الهندسة والفن معا وظل يواصل مسيرته الفنية حتى الآن. ونخلص إلى القول بأن هؤلاء الهواة قد انسحب معظمهم ولم يتبق منهم في ميدان التشكيل الأردني سوى قلة نذكر منهم رفيق اللحام ومهنا الدرة وعلي الغول ، أما جورج أليف الروسي فقد انسحب عام 1968 إلى بيروت وكان تأثيره التشكيلي ضعيفا وهذا عائد إلى ضعف إمكانياته الفنية حيث ظل يضمن المفهوم الواقعي الساذج غير القادر على امتلاك أدواته الفنية .منذ عام 1958 بدأت المعارض الشخصية تقام في المملكة إذ تخرجت عفاف عرفات وحصلت على دبلوم في الفن من بريطانيا عام 1957 وأقامت معرضها في 1958 ثم معرضها الثاني في 1959 وهي السنة التي افتتح فيها الفنان الايطالي اراماندو معهده لتعليم الفنون في عمان وبدأ يدرس عنده عدد من الفنانين الأردنيين مثل مهنا الدورة رفيق اللحام ديانا يواكيم واخرين. وفي عام 1960 أقيم معرض جماعي وسمي معرض التصوير الأول وذلك بدعوة من رئاسة التوجيه والأنباء والإعلام شارك فيه ارسلان رمضان أمل قادري أرادا كاهاهيان أديبة معاذ جوليت حداد تحسين الزعبي دعد التل ديانا يواكيم، جورج أليف، روز خوري، سلامة خوري، غزوة ملحس، مهنا الدرة، نهلا شويحات، نائلة حمارنة، الشريفة وجدان ناصر، الدكتور فؤاد الشهابي، فوزي قندح، فاطمة المحب، كمال بلاطة، رفيق اللحام، صلاح الدين الملي، أنور زادة، ويبدو أن المعرض كان يضم أعمالا في التصوير الفوتوغرافي بإلاضافة إلى الرسم والتصوير الزيتي .في عام 1961 أقيم معرض جماعي بأمانة العاصمة وتأسست رابطة رعاية الفنون والآداب في عمان وقد أقامت معرضين الأول في القدس سنة 1962 والثاني في عمان 1963 وفي الفترة نفسها تأسست ندوة الرسم والنحت الأردنية وكان لها فرع في عمان وآخر في القدس وأقامت العديد من المعارض كان أهمها معرض الخريف الذي أقيم بأمانة العاصمة وضم أعمال خمسين فنانا وهاويا. وفي عام 1970 تم تأسيس المؤسسة الملكية الأردنية للفنون الجميلة وكانت ترعاها الأميرة منى، وتكلل نشاطها بإقامة معرض للرواد ومعرض لأحد عشر فنانا عام 1972 بفندق الأردن . وفي عام 1970 تأسس معهد الفنون الجميلة التابع لدائرة الثقافة والفنون حيث ساهم كل من مهنا الدرة وعلي الغول في تأسيسه وقد شاركهما محمود صادق في فكرة التأسيس هذا وقد تم في عام 1976 تأسيس وزارة الثقافة والشباب التي أقامت معرض الفنون التشكيلية الأول عام 1977 ثم المعرض الثاني عام 1978 حيث ضم أعمالاً للرواد والشباب بلغ عددهم 30 فناناً. وفي أواخر السبعينيات تأسست الجمعية الملكية للفنون الجميلة برئاسة الأميرة وجدان علي، وقد توجت نشاطها بافتتاح المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة عام 1980 أيضاً كان هناك عدد من خريجي معاهد المعلمين والدبلوم في التربية الفنية إضافة إلى من درسوا دراسات خاصة بالفن وأكدوا وجودهم لاحقاً في الساحة التشكيلية، وبحلول عام 1981 كانت الحركة التشكيلية قد بدأت تعي دورها وتأكد ذلك من خلال مشاركتها في المعارض العربية والدولية وحصول العديد من الفنانين الاردنيين على جوائز رفيعة . يمكن القول بأن الحركة التشكيلية الأردنية الآن قد بدأت تتلمس طريقها بشكل أكثر وضوحاً من أجل تفاعل خلاق، ويتضح هذا من خلال توفر العديد من المعطيات الجديدة على الساحة التشكيلية ومن أهمها توفر قاعات العرض الوطنية بعد أن كانت هذه القاعات في المراكز الثقافية الأجنبية فقط ، منها قاعة المركز الثقافي الملكي وقاعة عالية الملكية الأردنية، إضافة إلى قاعات بنك البتراء وبنك الإسكان وجاليري الوسطى ومراسم الفنانين اسحق نحلة ومحمود طه وحازم الزعبي وقاعة التشكيليين والمتحف الوطني الأردني .تأسس قسم الفنون الجميلة في جامعة اليرموك عام 1980 - 1981 حيث كان ضمن أقسام كلية الآداب حتى انتقل إلى كلية التربية في العام 1988 ـ1989 والتي سميت آنذاك بكلية التربية والفنون وكان قد ضم قسم الفنون أربع تخصصات هي: الفنون الجميلة، التصميم والفنون التطبيقية، الموسيقى والدراما. وفي عام 2001 استقلت الفنون الجميلة عن التخصصات الأخرى حيث أصبحت قسماً مستقلاً يشتمل على ستة تخصصات وهي: الرسم والتصوير، فنون الغرافيك، التصوير الفوتوغرافي، السيراميك، النحت، والحرف التقليدية. وكان قد أنشئ قسم الفنون الجميلة بهدف تدريس الفن كمنهج تقني وعلمي فني مهم في بناء مجتمع أجمل وأرقى وأمثل.وقد جاء أيضا كنتيجة ملحة في تلبية حاجات المؤسسات المهنية والتربوية العامة والخاصة لتدريس الفنون الجميلة بحقولها الفنية وكمنهج حياة كغيره من العلوم والمعرفة. ويتطلع القسم ليحتل المكان الأعلى والأبرز على الصعيد الداخلي والخارجي في جميع تخصصاته الفنية عن طريق التحديث المستمر في سياساته وبرامجه التعليمية والخطط الدراسية ليواكب جميع متطلبات العصر الحديث بوعي وشمولية. [c1] البرامج يتكون قسم الفنون الجميلة من برنامجين:[/c]برنامج البكالوريوس: يمنح قسم الفنون الجميلة درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة (BA) بتخصصاته الدقيقة العملية كالرسم والتصوير، فنون الجرافيك، الخزف، التصوير الفوتوغرافي، النحت والحرف التقليدية. كما تدرس مساقات في النقد الفني وعلم الجمال وتاريخ الفن، وتكنولوجيا تعليم الفنون ووسائطها، ومساقات في تاريخ التخصص وعلم المواد والتقنيات واللون والتشريح الفني وغيرها من المساقات التي تعمل على تعزيز التخصص. يختص الطالب بإحدى تخصصات الفنون الجميلة ويقدم في السنة الرابعة مشروع تخرج عملياً محكماً من قبل لجنة متخصصة.برنامج الماجستير: يمنح قسم الفنون الجميلة درجة الماجستير (MA) في الفنون الجميلة النظرية مثل مساقات في النقد الفني وتاريخ الفن وعلم الجمال، وتكنولوجيا التعليم ووسائطها والتربية الفنية. ويطرح برنامج الماجستير مساقات عملية اختيارية في الفنون الجميلة مثل الغرافيك والرسم والتصوير والخزف وغيرها. ولطلبة الماجستير الحرية في التركيز على إحدى قضايا الفنون الجميلة العملية أو النظرية في كتابة الأطروحة. [c1]أهداف القسم:[/c]1 -تأهيل خريجين مختصين ومحترفين في حقول الفنون الجميلة، قادرين على تحمل المسؤولية في حمل أعباء ونشر رسالة الفن التشكيلي، ورفع وتطوير المنهج وفلسفة الحركة الفنية التشكيلية.2 -تأهيل خريجين محترفين محملين بالعلم والمعرفة التقنية والإبداع تكون قادرة على تغطية وتلبية حاجات السوق المحلية ومؤسسات التعليم العالي والتربوي الفني العام والخاص.3 -تمكين الخريج من الاحتراف الفردي والمهني والاعتماد على الذات والانخراط يسوق العمل باعتبار أن الفن رسالة وعلم ومعرفة وحرفة.4 -العمل على تنمية الفكر الخلاق عند الطلبة في إنتاج أعمال فنية إبداعية تسهم في الارتقاء بالرقي والسلوك الإنساني والحضاري وتنمية الجمال. تدريس الفن كمنهج مهم لبناء مجتمع أرقى وأمثل باعتبار أن الفن محور العلوم.
|
فنون
حركة الفن التشكيلي في الأردن
أخبار متعلقة