بعد 50 عاماً من الثورة اليمنية..
يعتبر الهدف الأول من أهداف الثورة اليمنية الستة هو الهدف الرئيسي بينها ومفتاح كل الأهداف الثورية التي ناضل من أجلها الثوار الأحرار حيث تضمن الهدف ثلاث غايات وطنية وإنسانية نبيلة تمثلت في التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما ، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات.(50) عاماً مضت على انتصارالثورة اليمنية وعلى كتابة هذا الهدف النبيل، شهدت اليمن خلالها تحقيق منجزات كبيرة بإجماع الكل -ولسنا هنا بصدد استعراضها أو حتى تقييمها-، لكن ما يهمنا في الموضوع - وهو ما أثار تساؤلاتنا اليوم - هو جزئية صغيرة ضمن الفقرة الأولى من الهدف الرئيسي.وعادة ما نمر على هذه الجزئية مرور الكرام دون أن تستلفت انتباهنا رغم أهميتها وشدة ترابطها بما قبلها.فالثائر اليمني عندما صاغ الهدف الأساسي للثورة اليمنية وهو التحرر من الاستبداد والاستعمار أضاف لهما كلمة (ومخلفاتهما) معطوفة على ما قبلها ومساوية لهما في قدر الأهمية والخطورة.اليوم وبعد (50) عاماً من الثورة المجيدة تستوقفنا هذه المفردة بمناسبة ذكرى الثورة اليمنية ونضعها على سطور هذه المساحة التي نفردها للتأمل والتمعن فيما كان يقصده الثوار والمناضلون الأحرار ب”المخلفات الاستبدادية والاستعمارية” وأهمية التخلص منها بنفس القدر من أهمية التخلص من الاستبداد الإمامي البائد والاستعمار البريطاني الغاشم ونتساءل ما إذا كانت مظاهر تلك المخلفات لا تزال في حياتنا اليوم؟ وإذا كانت كذلك فهل نحن بحاجة إلى تجديد هذا المضمون الثوري الهام بعد 50 عاماً من قيام الثورة اليمنية؟“14أكتوبر” أثارت هذا النقاش المهم مع ثلاث شخصيات وطنية سياسية مهمة، تتباين اتجاهاتها الفكرية السياسية ووجهات النظر حول الموضوع ولكنها تلتقي جميعها في الأخير في بوتقة المسائل المصيرية المرتبطة بحاضر ومستقبل الوطن.سألنا د. أحمد الأصبحي وهو عضو مجلس الشورى وعضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم باليمن) عن مفهوم أحد أهم أهداف الثورة وهو التحرر من الاستبداد والاستعمار و مخلفاتهما، فماذا يقصد بالمخلفات الاستبدادية والاستعمارية كما رآها الثوار الأحرار؟فأجاب الأصبحي قائلا “كلمة التحرر من الاستبداد والاستعمار من حيث شخوص الاستبداد كنظام ومن حيث شخوص الاستعمار كنظام أيضاً ، وعبر عنه في قيام الثورة في اليمن في عام 62م وهو الذي أدى إلى أن تقوم الثورة الثانية اللاحقة لها في عام 63م من أجل التخلص من الاستعمار والنظام الاستعماري .بقي عندنا بعد أن تخلصنا من النظامين في الشمال و في الجنوب أنه لا يمكن أن يخرج الاستعمار أو أن تتخلصوا من الاستبداد كلية، لابد أن يكون لهما مخلفات وهذا شيء طبيعي في كل شيء ، فأنت عندما تريد أن تأتي على مستنقع ترجمه أو تتخلص منه لا بد أن تبقى بعض الأوساخ أو الأعشاب السامة وغيرها ، المخلفات شيء معروف أن تكون موجودة، لأن الاستعمار له ثقافته والاستبداد له ثقافته، فهي تظل مؤثرة على بعض النفوس وبعض الذيول ذات المصالح المرتبطة بالاستبداد والاستعمار ، وعملية التحرر من هذا تأتي بطريقة عقلانية و بطريقة التوعية و قوة الجماهير وإرادتها للقيم التي قامت من أجلها هذه الأمور.إلا أن هناك من يرتهب بطريقة أو بأخرى ويأبى على نفسه إلا أن يظل مرتبطاً بالنظام الاستبدادي والاستعماري والحنين إليهما بتعبيرات متعددة، فهذه المخلفات عندما يستعصى معالجتها بالحكمة تقوى في لحظة من اللحظات لتثير النعرات و الولاءات الضيقة وتحاول أن تستذكر عهود الاستبداد والاستعمار وتبحث عن أي وسيلة للتعبير عنهما بطريقة أو بأخرى ، لكنها تظل أمام المواطن وأمام الوعي الجماهيري وأمام النظام السياسي الوطني مرصودة ومعروفة ومكشوفة وتطوق ولا يمكن أن تكون أقوى من الثورة أو النظام الجمهوري ، ومن دولة الوحدة.- لماذا لم يكتفِ الثوار عند كتابة الهدف الرئيسي بعبارة التحرر من الاستبداد والاستعمار فقط ، وأضيفت لهما عبارة المخلفات؟الثائر عادة لا يكون ثائراً إلا وعنده التصور الكامل لماذا قام بالثورة؟ هو قام بالثورة على شيء اسمه الاستبداد وشيء أسمه الاستعمار ، والاستعمار كنظام انتهى والاستبداد كنظام انتهى ، ولكن كأتباع وأشياع للنظامين الاستبدادي والاستعماري أمر طبيعي ، لأنه صنعته ركامات من فترة طويلة جثمت على صدر شعبنا في النظام الاستبدادي والاستعماري ، وهذه المجاميع الملتفة حول النظامين كان من الطبيعي أن تظل موجودة ، ولكن الثورة ليس هدفها أن تقمع الناس لأنها قامت تعبيراً عن الشعب فهؤلاء يعطي لهم الفرصة تلو الفرصة حتى يعودوا إلى رشدهم، فأنت اليوم في ظل النظام الجمهوري وعليك أن تكون جزءاً من النظام الجمهوري ، فهؤلاء الذين أبو إلا أن يظلوا مرتبطين بتلك الانظمة - وهو ما أخذه الثوار بعين الاعتبار- أنه من الممكن أن يظلوا موجودين إلا أنهم في تخبط مستمر فهو خطاب موجه إليهم لا تعتقدوا أننا نغفل وجودكم وأي تحرك لكم هو تحت المجهر.- أثناء صياغة الهدف الرئيسي للثورة اليمنية ، هل هناك حكاية تأريخية معينة لصياغة هذا الهدف بهذا الشكل ؟ أم أنه كان هناك صيغ معينة وتم تعديلها بهذا الشكل؟طبعاً الأخوة الثوار قبل أن يعلنوا الثورة كان الحوار قائماً بين الضباط الأحرار وهم في الوقت نفسه التقطوا ما يدور في الشارع سواء على المستوى اليمني أو على المستوى الدولي ، ونعرف أنه كانت الثورة العربية والمد القومي العربي في أوجه في تلك الفترة، فكان الحديث أولاً أن عملية الثورة سواء في اليمن أو في مصر أو في الجزائر أو السودان أو أي قطر عربي كان أحد الأهداف العربية التي ناضلت من أجلها أمتنا ، وعندما التقوا أو تحاوروا فيما بينهم والتقطوا ما يدور في الشارع اليمني وجدوا أنه لابد أن تحقق الأهداف الستة بأننا جزء من ثورة عربية وكان بحكم معاناة اليمن من الاستبداد في الشطر الشمالي وأن ضريبة وجود الاستبداد والاستعمار بحكم أنهم سعوا إلى تجهيل الشعب وإلى تخلف الشعب في شطري الوطن ، سعوا إلى أن يخلقوا مجاميع حولهم مستفيدة من هذين النظامين وبالتالي كيف تعالج هذه الأمور في هذا الهدف ، فكان هذا النص موفقاً من قبل الثوار، وطبعاً التوافق هذا لأنهم التقطوا ما كان يدور في الشارع اليمني والشارع العربي ، وأن الأنظمة المستبدة ووجود الاستعمار في أكثر من قطر له مخلفاته وله مجاميعه وبالتالي في معظم الأهداف للثورات العربية تبنت مثل هذا الهدف إلا أنه كان بشكل أوضح من غيره بالنسبة للثوار في اليمن نظرا للمعاناة الخاصة ،لأنه لم يجتمع الاستعمار والاستبداد في بلد مثل اليمن بشكل واحد.- بعد مرور 50 عاماً هل مازالت مظاهر وصور الاستبداد والاستعمار ماثلة في حياتنا حتى اليوم ؟ليست بالصورة الحادة عند قيام الثورة لكن هناك في معترك الحياة السياسية والتعددية الحزبية والسياسية وقيام دولة الوحدة معطيات جديدة ومتغيرات إقليمية ودولية انعكست بصورة أو بأخرى على بعض ضعاف النفوس ، فكأنها تذكر بتلك المجاميع التي ارتبطت بالنظام الاستبدادي والاستعماري قبل قيام الثورة ،لكن هذه المجاميع كما أصنفها مغرر بهم ومظلل بهم وفئة قليلة مندسة في الصفوف لمصالح خاصة بها، شعرت بأنها افتقدت هذه المصالح دون أن تفكر بالمصلحة الوطنية العليا، فحاولت أن تتبنى بعض الأساليب التي يصعب على أحد أن يجردها من أنها صور من صور تلك المخلفات.- هل ترى أن اليمن بعد 50 عاماً بحاجة إلى تجديد هذا المضمون الثوري؟التجديد للثورة دائم ، والثورة ليست فقط بمعنى القضاء على الاستبداد والاستعمار كما حصل في بداية الثورة ، لكن تجدد الثورة من وقت إلى وقت آخر .نحن اليوم مثلاً استطعنا أن نجدد أهداف الثورة جميعها في حياتنا العامة بصورة عملية بما يتعلق بالديمقراطية والتعددية السياسية،وفيما يتعلق ببناء جيش وطني ، وفيما يتعلق برفع مستوى الشعب اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وسياسياً ، وفيما يتعلق بموقع اليمن وتقديمها كنموذج في إطار الوحدة العربية الشاملة، فالثورة بناء ، والثورة تنمية ، والثورة مؤسسات ، وهذه الأمور هي التي نعيشها اليوم ، وفخامة الرئيس عندما نتحدث عنه اليوم كقائد رمز، بمعنى أنه عاش هموم الوطن وعاش أهداف الثورة وجسدها على أرض الواقع ولهذا التفت الجماهير من حوله ، فهي لم تلتف حوله كونه رئيس ولكنها التفت لكونه قائداً مجسداً لأهداف الثورة على أرض الواقع عمليا وهذا مفهوم التجديد للثورة.فيما يتحدث الأستاذ عبد الباري طاهر وهو كاتب و سياسي مخضرم في الحزب الاشتراكي اليمني المعارض ومن الرعيل الأول للصحافة اليمنية عما هو مقصود بالمخلفات الاستبدادية والاستعمارية التي تضمنها الهدف قائلا لـ”14أكتوبر” “الاستبداد له معنى واحد محدد ، وأفضل المفكرين العرب والأدباء والمثقفين الأستاذ / عبد الرحمن الكواكبي هو أفضل من تكلم عن الاستبداد، والاستبداد هو سوء استخدام السلطة والانفراد بالرأي و الحكم بدون العودة إلى النظام والقانون، والاستبداد يتجلى في معان عديدة ، يتجلى في سوء استخدام السلطة ، وفي سوء التوجيه والإرشاد بالنسبة لعالم الدين، ويتجلى في التعصب وعدم التسامح، يتجلى أيضا لدى استبداد الأب في تربية أولاده وفي ظلمه ،فللاستبداد معان عديدة جديدة حتى منها استغلال المثقف لثقافته واستعلائه لهذه الثقافة ، وهو يعتبر شكلاً من أشكالاً الاستبداد،أيضا إساءة استخدام المال، إساءة استخدام السلطة ، إساءة استخدام المعنى الروحي للكلمة، كلها مظاهر للاستبداد والفساد وأسوأ الاستبداد هو الاستبداد الديني.- مقاطعا..لماذا؟لأن الاستبداد الديني له علاقة بمقدسات الناس ومعتقداتهم، فعندما تسيء استخدام الدين فأنت توظف المقدس لأغراض دنيوية ودنيئة وأسوأ من الاستبداد الديني التزاوج أو التحالف غير المقدس بين الديني والسياسي، فعندما يجتمع الاستبداد الديني ويتحالف مع الاستبداد السياسي هنا تأتي الكارثة لأنه يمثل قوة عظيمة جداًً وطاغية على الناس،ويبدو أثر هذا التحالف مدمر على الحياة.- هل هناك شواهد تستشهد بها في هذا المضمار؟الشواهد عديدة فالدولة الإسلامية في تأريخها الطويل وبعد انتهاء الخلافة الراشدة ، خلافة تكاد تتجلى في تحالفها السياسي والمدني والتوظيف السياسي للدين، فمثلاًَ مقتل سعيد بن جبير، قتله فيه شيء من التحالف الديني مع السياسي، نفس الطريقة أيضاً مقتل عشرات من العلماء الأجلاء محنة أحمد بن حنبل مظهر من مظاهر التحالف الديني مع السياسي في اليمن الإمامة استخدمت الدين بشكل سيء جداً ، إبادة فرق المطرزية مقتل العديد من أفضل علماء اليمن ومظاهر قتلهم والتشهير بهم والإساءة إليهم أيضا ،كان مظهراً من مظاهر هذا التحالف السيئ.- هل لازالت هذه المخلفات الاستبدادية والاستعمارية في حياتنا اليوم بعد 50 عاماً من الثورة اليمنية؟للأسف ما تزال قائمة.!!- بنفس الشكل الذي كان موجوداً في السابق؟بصور مختلفة ، فنحن في اليمن إلى الآن التربية داخل الأسرة تربية غير ديمقراطية قائمة على البابواية قائمة على فرض الرأي، قائمة على روح التسلط وليست هي تلك الروح الديمقراطية التي تتجلى في التسامح وفي حسن التربية، وكذلك في المدرسة فساد التعليم نشهده جميعا، فالمدرس للأسف ضحية وجلاد في آن واحد فلا يتلقى التثقيف ولا يتلقى التعليم ولا يتلقى التأهيل الكافي ولا المرتب المنصف، ففي نفس الوقت يتحول هو الضحية إلى أداة قمع على طلابه، بالنسبة للمسجد لا يزال التوجيه الديني توجيها مزيفاً وتوجيها خاطئاً، توجيه يتسم بالتخوين والتكفير، وهذا كله يتجمع في ذروة السلطة، فالسلطة أيضاً تمارس هذه الأساليب.- من خلال مطالعة الهدف الرئيسي للثورة اليمنية يبرز أن الهدف يشتمل على ثلاثة محاور رئيسية، فلماذا الثوار عندما تحدثوا عن التحرر من الاستبداد والاستعمار قرنوها بالتحرر من المخلفات؟أظن أنه كان هكذا من البداية، ويبدو أيضاً أن الأحرار اليمنيين كان لهم قراءة عميقة جداً ودقيقة، فكرة دقيقة للأوضاع، وعندهم تجارب وشواهد حية.إن التخلص من الإمامة وحده لا يكفي، الإمام طاغية ومستبد وظالم، لكن المسألة أكبر من الشخص، هي موجودة في المجتمع،موجودة في التقاليد ،موجودة في الثقافة ، موجودة في علاقات اقتصادية جائرة ،موجودة في مناحي الحياة ، فالخلاص من الإمام أو الخلاص من الاستعمار لا يكفيان ، وهذه الظاهرة ليست في اليمن وحدها وإنما في المنطقة العربية كلها، فهنا يذهب الاستبداد والاستعمارو تبقى القيمة الجوهرية لمعانيهما، لا يزال الاستعمار موجوداً عبر الهيمنة الاقتصادية وعبر السيطرة الإعلامية ، ولا تزال روح الإمامة قائمة فالزبيري له أبيات كتبت قبل استشهاده بأسابيع يقول فيها:والبدر في الجرف تحميه حماقتكموأنتمو مثلما كنتم له حرسلولاكم لم يدم بدر ولا حشمولم يعد لهما نبض ولا نفسيلفقون قوانين العبيد لناونحن شعب أبي مارد شرس”والبردوني أيضاً تعرض لهذه المعاني ويشير إلى هذه الدلالات بقوله:”والرجال الذين بالأمس ثارواأيقظوا حولنا الذئاب ونامواربما أحسنوا البدايات لكنهل يحسون كيف ساء الختام”؟؟فالتصدي للظلم يتجلى في شخص واحد أو في حتى عدة أشخاص لا يكفي، لابد من دراسة تشخيص الواقع وتشخيص العلاقة الاجتماعية وتشخيص منابع الظلم والاستبداد والفساد، ومواجهته مواجهات عقلانية.- من ناحية رؤيتكم كمفكرين ومثقفين، ما مدى خطورة المخلفات الاستبدادية والاستعمارية مقارنة بخطورة الاستبداد نفسه؟لاشك أن البلد خطت خطوة عظيمة جداً والخلاص من الاستعمار إنجاز عظيم ولا يمكن الاستهانة به، أيضاً خلاص اليمن من الإمامة والاستبداد مسألة مهمة جداً خطوة عظيمة على طريق المستقبل، لكن هذا لا يعني أن الناس تكتفي احلامهم وتتوقف إرادتهم ويقبلون باستمرار الظلم والاستبداد وان اتخذت أشكالاً وأساليب مختلفة ، لابد أن الشعب يعي هذه المشاكل ، لدى الناس طموح وآمال وهذه الآمال لا تتوقف، وعندما يعتقد العالم أنه قد وصل إلى ذروة ا لعلم يكون قد أجار على الناس.- إذن ما الذي عرقل الجزئية البسيطة من الهدف الرئيسي من التحقق حتى الآن بعد 50 عاماً؟المخلفات لا تزال، فالإمامة قام نظامها على الظلم والاستبداد والجور وعلى نهب المواطنين وعلى نهب الثروات و هذه لا تزال في واقعنا قائمة- ما الذي ساعد على بقائها؟الذي ساعد على بقائها أنها لم تعالج الأمور معالجة صحيحة يعني أننا لم ننتبه إلى التعليم فتعليمنا لا يزال مكبود ، ثقافتنا لا تزال عشائرية وقبلية ولا تزال تتسم بكثير من الطغيان والاستبداد ، وضعنا الاقتصادي وضع معقد ، فبلادنا لم تشهد تحول حقيقياً ، فالثورة تعثرت وانتكست الوحدة كانت قائمة على أساس حوار ديمقراطي سلمي، تحولت إلى وحدة بالحرب والقوة ، وما نشهده الآن هو استمرار لهذه العقلية التي ترى أن القوة هي أساس الحكم ، إلا ترى أن رضاء الناس وإرادة الناس واختيار الناس هو أساس الحكم .- بعد 50 عاماً من الثورة هل نحن بحاجة إلى تجديد هذا المضمون الثوري؟بكل تأكيد الناس بحاجة الآن إلى إعادة قيامة الشرعية للحكم ، شرعية الحكم يجب أن تنبع من إرادة الناس ومن اختيارهم ، فالناس هم مقياس العدالة ومقياس الحق ، فالاحتكام إلى الناس، تجديد هذه الشرعية تجديد أساليب الحكم ، قراءة معاناة الناس ، الناس الآن يا أخي معظم المدن اليمنية مهددة بالعطش، وهذه قضية يمتن الله بها على كفار قريش ( أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) فإذا لم يستطع الحاكم أن يؤمن شعبه بالنسبة للعطش ولقمة الخبز الكفاف، من أين تبقى قيمة الحكم؟فالحكم ليس القوة و ليس الجبروت وليس الدبابة وليس المدفع وإنما هو إشباع بطون الناس وإرضاؤهم وتأمينهم ، فنحن نتكلم عن أشياء كثيرة جداً، مسألة الثوابت الوطنية ،مسألة الوحدة، مسألة الوطنية هي أشياء على عيني ورأسي لكن هذه تتجلى في رضاء الناس، وطمأنينة الناس،يشعرون بأنهم آمنيون في معيشتهم ، فهذا القلق الذي لدى الناس، هذه المظاهر الموجودة في مختلف مناطق اليمن لا يمكن تفسر بالمؤامرة الخارجية ولا أن الناس يستهدفون اليمن وإنما هو أن الناس يعيشون حالة قلق فعلي .الحديث كذلك عن موضوع “التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما” كهدف من أهداف الثورة اليمنية بمعنى ماذا كان يقصد الثوار الأحرار بمخلفاتهما؟يرى في ذلك أحمد الأسودي وهو رجل فكر ديني وباحث إسلامي حيث يشغل رئيسا لمركز القرن الـ (21) للتجديد وعضو ناشط في حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي المعارض أن (المخلفات هي إحدى شيئين يا بشر “يا ثقافة وقوانين”، فهم لازم أن يتخلصوا مما يتعلق بهم سواء كانوا بشراً ينتمون إليهم وينهجون بنهجم ، أو ثقافة وقوانين ، وكما قال الزبيري :“والبدر في الدار تحميه حماقتكموأنتم مثلما كنتم له حرسفتحولوا هم المخلفات فعلاً ، تحولوا إلى الطغاة الجدد، فيحدث عن أنهم تحولوا إلى طبعة ثانية للظلم تتعاظم كلما قد أهملوا أو نسوا ، فهم لم يدركوا ما معنى المخلفات ، هذا شيء .الشيء الآخر أبقوا على كل القواعد والقوانين المتبعة أيام الطغيان ، فلم يعوا البعد الثقافي للموضوع ولم يعوا البعد القانوني للأشياء ، وهمهم أن يجددوا الطبعة أو يسنوا قوانين أشد ظلماً ، وهذا بشهادة الزبيري .- لماذا لم يكتف الثوار الأحرار بالتحرر من الاستبداد والاستعمار وأضافوا لها مفردة مخلفاتهما؟الثوار قد حددوا لنا الاستعمار والاستبداد ومخلفاتهما ، فهي كما قلت إما بشر أو قوانين و ثقافة ، وخطورتها أشد وطأة من الاستعمار والاستبداد نفسه ولذلك لا بد أن يتحرروا منها ، لكن المشكلة في الموضوع أنهم لم يتحرروا ولم يضعوا برنامج للتحرر منها أصلاً، وحتى بعد ذلك ثورة أكتوبر عندما قامت فهمت مخلفات الاستعمار بأن يتخلصوا من كل ما كان أوجده الاستعمارالبريطاني فدمروا كل شيء بما فيها التجارة والاقتصاد والنظم والقوانين وأرادوا أن يستوردوا أشياء جديدة من الخارج فدمروا كل شيء ، فعدن كانت عروسة البحر الأحمر والبحر العربي فتحولت إلى ركام وخراب وعند زيارتنا لها وجدناها عبارة عن أطلال.- برأيك هل لا زالت صور ومظاهر المخلفات الاستبدادية والاستعمارية في حياتنا اليوم؟بالنسبة لصور ومظاهر المخلفات فقد تضاعفت هذه الأيام أكثر وأصبح فيها تطور مخيف ومرعب، فعلى مستوى الثقافة والقوانين فقد أخذت المخلفات أبعاداً واسعة جدا ، ونفس الأمر على مستوى البشر.- هل نحن بحاجة إلى تجديد هذه المفهوم بعد 50 عاماً من الثورة؟لا.. نحن نحتاج إلى مفهوم جديد وليس إلى تجديد ، لابد من إبداع جديد آخر ، أما قضية أنك تكتفي بالوجود فقد اثبت الواقع فساد هذا الكلام ، وبالتالي لم نستطع أن نجتث المخلفات ، لكن لو أتينا بجديد فإن الأقوى هو الذي سيكون له الوجود أكثر ، فنحن نحتاج إلى الجديد ولا نحتاج إلى التجديد .التجديد كأنك تريد حاجة قديمة وتجددها وهذا ما ينفعش ، نحن نريد فكرة ، جديدة ، ثقافة جديدة، ونحن أيضاً إلى الآن لم نجد الجديد فنجدد في حياتنا من جديد ، والجديد الذي نحتاجه إذا اكتشفناه سيقع التجديد تلقائياً ، وقبل اكتشاف الجديد لا يمكن نتحدث عن أي تجديد. - أي جديد تقصده؟الجديد في الحياة بشكل عام ، بكل تفاصيلها ، وبكل القيم السائدة فيها .- إذن مالذي نحتاجه للحصول على الجديد؟ما نحتاجه هو أن نمتلك المشروع، فإذا امتلكنا المشروع سيكون هذا هو النقطة الأساسية والركيزة الكبرى التي نستطيع أن نكتشف فيها الجديد ، لكن إذا بقي المشروع غائباً فسيبقى الجديد غائباً أيضاً ، لذلك الناس لماذا يقاومون أي جديد ؟ لأنهم لا يمتلكون لها مشاريع،فإذا أنت تبنيت فكرة جديدة ستجد الأعداء من كل جانب ، لأنه لو تمتلك الأمة ككل مشاريعها سيكون موضوع الجديد هو حديث اللحظة وحديث كل لحظة ، وستجد أن الجديد يلقى صدىً غير عادي، فإذا امتلك الناس مشاريعهم والأمة امتلكت مشروعها عندئذ سيكون للجديد طعمه وصداه وبالتالي تتجدد الحياة تلقائياً .[c1]المتحدثون في سطور[/c]د. أحمد الاصبحي: ولد في قرية (شعبة جعفر)، في عزلة (الأصابح)، من ناحية (الشمايتين)، من بلاد (الحجرية)، في محافظة تعز.سياسي، وزير، مؤلف. درس في كتاب قريته حتى حفظ نصف القرآن الكريم، ثم رحل إلى مدينة عدن وعمره ثماني سنوات؛ فدرس المرحلة الابتدائية في إحدى مدارسها الأهلية، ثم رحل إلى دولة قطر، فدرس فيها المرحلتين: الإعدادية والثانوية، ثم رحل إلى العراق والتحق فيها بكلية الطب بجامعة بغداد، فحصل على بكالوريوس في الطب والجراحة عام 1394هـ/1974م، ثم عاد إلى اليمن؛ فعمل طبيبا في مستشفى (الثورة) العام بصنعاء، وطبيبا مناوبا في المستشفى (الجمهوري)، كما عمل في الخدمة الريفية في بعض مناطق مأرب وبلاد (المحابشة) من محافظة حجة، ثم طبيبا في المركز الطبي العراقي بصنعاء، وبعدها عمل على إنشاء الصحة المدرسية. وفي عام 1398هـ/1978م تعين وزيرا للصحة في عهد الرئيس (أحمد حسين الغشمي)، ثم أعيد تعيينه في نفس العام في بداية عهد الرئيس (علي عبدالله صالح). وفي سنة 1400هـ/1980م تعين وزيرا للتربية والتعليم، وأثناء ذلك عمل أمين سرِّ اللجنة الدائمة لحزب (المؤتمر الشعبي العام)، وقد تولى أمانة السرِّ لعدة دورات حتى سنة 1411هـ/1991م. وفي سنة 1403هـ/1983 تعين وزيرا للخارجية، وفي العام التالي تعين وزيرًا للشئون الاجتماعية والعمل. وفي سنة 1424هـ/2003م تعين أمينًا عامًّا مساعدًا للشئون السياسية والعلاقات الخارجية لحزب (المؤتمر الشعبي العام)، وخلال أعماله هذه شارك في صياغة (الميثاق الوطني)، وفي تأسيس حزب (المؤتمر الشعبي العام)، وفي العديد من المؤتمرات والندوات الفكرية محليا وإقليميا، كما شارك في عدد من اللجان الوحدوية، ويعد أبرز مؤسسي حرب المؤتمر الشعبي العام الحاكم.من مؤلفاته: -1الانطباعات ودورها في قضايا السلام . -2 تداعيات رحالة في زمن الانكسار، بمناسبة مرور خمس مائة سنة على محنة الأندلس - ط. -3أوراق في المشروع العربي، بمناسبة مرور خمسين سنة على إنشاء جامعة الدول العربية - ط. -4إطلالة على البحر الأحمر والنزاع الأريتيري - ط. -5قراءة في تطور الفكر السياسي. طبع في ثلاثة مجلدات. 6 - خمسة وعشرون عامًّا من سيرة زعيم وقائد مسيرة - ط. -7مدخل إلى الدور الحضاري للقبيلة العربية - خ. 8 - الدور الحضاري لليمن - خ.وله عدد من البحوث، نشرت في مجلات عربية محكمة، وعدد من المقالات الفكرية والأدبية والصحية في الصحف والمجلات، وفي إطار ذلك عمل رئيسا لتحرير مجلة (الصحة)، وأعد برامج إذاعية في التثقيف الصحي خلال عامين، ودرس مادة (الطب الشرعي) في كلية الشرطة بصنعاء، كما درّس مادة (الصحة المدرسية) في كلية التربية بجامعة صنعاء، وشارك في تأليف مناهج مادة التربية الصحية والتثقيف الغذائي للصف الأول والثاني من المرحلة الإعدادية. قوي الصلة بالثقافة، والمثقفين، واسع الاطلاع دمث الأخلاق تميز بحضور ذهني، ونضج فكري.متزوج، وأب لأربعة أبناء: ولدان وبنتان.أحمد قائد الأسودي: ولد ونشأ في قرية (أديم)، في مديرية (الشمايتين)، في محافظة تعز، وفيها تلقى دراسته الأولية، ثم انتقل إلى مدينة عدن؛ فدرس فيها المرحلتين: الابتدائية والإعدادية، ثم انتقل إلى مدينة تعزّ؛ فدرس فيها المرحلة الثانوية، ثم سافر إلى المملكة العربية السعودية، وحصل على بكالوريوس هندسة مدنية من جامعة الملك (فهد) للبترول والمعادن.تعين في إدارة المشاريع في الهيئة العامة للمعاهد العلمية، ثم أسس شركة للهندسة والمقاولات، واشتغل بعدد من الأعمال التجارية، ثم أسس مركز القرن الواحد والعشرين للتجديد.من مؤلفاته: -1 مشروعك الخاص يترجم وجودك. مطبوع. 2 -الصنمية. مطبوع. -3 الجاهزيات وثقافة التمكين. مطبوع. -4 التفكير المتاح الأعظم. مطبوع. -5 الحاكم: التجديد السلمي للسلطة. مطبوع.6 -الإنسان الجديد والحرية العملاقة. مطبوع. -7 التعليم للتنمية. مطبوع.وكلُّ هذه الكتب صدرت عن مركز (عبادي) للدراسات والنشر في مدينة صنعاء، وله العديد من المقالات المنشورة في الصحف والمجلات، وهو عضو في مجلس الشورى العام لحزب (التجمع اليمني للإصلاح)، ومجلس الشورى المحلي لحزب (الإصلاح) في مدينة صنعاء، ورئيس شعبة الثقافة في دائرة الإعلام والثقافة بالأمانة العامة في هذا الحزب، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ورابطة الأدب الإسلامي في العالمية، ومستشار لعدد من المنظمات المدنية، وعضو مجلس الأمناء في مؤسسة (باكثير) للآداب.وهو من الناشطين الإسلاميين منذ السبعينيات، تولى عددًا من المراكز القيادية في حركة (الإخوان المسلمين) في اليمن.يهوى القراءة، والكتابة، والسفر، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء وست بنات.عبد الباري طاهر:ولد ونشأ في مدينة (المراوعة) في محافظة الحديدة.درس في بلده، ثم في بلدة (الضحي)، من محافظة الحديدة، وفي مدينة الحديدة، ومدينة صنعاء، وفي مكة المكرمة، على جماعة من العلماء في مختلف فنون المعرفة، كما درس في كلية (الآداب) في جامعة صنعاء (قسم اللغة العربية)، وأخذ دورات عديدة في الصحافة، ثم عمل مدرسا، فموجها تربويا؛ فإداريا في مؤسسة التجارة الخارجية من سنة 1387هـ/1967م، إلى سنة 1392هـ/1972م، ثم رئيسا للتحرير في صحيفة (الثورة)، من سنة 1396هـ/1976م، إلى سنة 1398هـ/1978م، كما عمل في مجلة (اليمن الجديد)، وراسل بعض صحف الخليج العربي في الثمانينيات من القرن العشرين. كما عمل باحثًا في (مركز الدراسات اليمني)، وهو من مؤسسي الحزب (الاشتراكي اليمني)، و(نقابة الصحفيين) سنة 1396هـ/1976م، ونائب رئيس منظمة الصحفيين العالمية، من سنة 1411هـ/1991م، إلى سنة 1416هـ/1996م، وعضو الأمانة العامة للصحفيين العرب، وهو الآن رئيس تحرير مجلة (الحكمة اليمانية)، الصادرة عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ورئيس المكتب التنفيذي لمؤسسة (العفيف الثقافية) بصنعاء.من مؤلفاته:-1 اليمن الإرث، وأفق الحرية. -2 اليمن في عيون ناقدة. 3 -حوارات تحت الطبع. كما له العديد من المقالات السياسية.