كتب/عبدالاله مجيد:كانت فرشته خسروجردي التي نشأت في شمال إيران تحب أن تغني. وكان كل من يسمع صوتها في الطريق يحضنها ويقبلها على رأسها ويقول لها إنها صاحبة صوت جميل. كان هذا موقف الجميع باستثناء والديها اللذين هدداها بصب البنزين عليها وحرقها إذا ضبطاها تغني في الشارع. وقالت خسروجردي لصحيفة الغارديان (إن من الصعوبة بمكان أن يولد الإنسان بنتاً، وكارثة أن يولد بنتا وعمياء أيضاً). كان والدا خسروجردي يعتقدان أن عمى ابنتهما قصاص رباني. وكانا يضربانها واجبراها على الزواج من رجل لديه زوجتان رغم أن الأربعة، بعد زواجها القسري منه، لم يكونوا يعيشون في منزل واحد. وتتذكر خسروجردي أنها كانت تعيسة وكلما شعرت بالاكتئاب كانت تغني ولكنها كانت على اقتناع بأن الغناء في العلن مستحيل. قدمت خسروجردي التي هربت من إيران واستقرت في بريطانيا قبل خمس سنوات وصلات غنائية أمام الجمهور مع (اوركسترا الرؤية الداخلية) المؤلفة من مغنين وعازفين مكفوفين من جنسيات مختلفة خلال جولة الفرقة في بريطانيا. وشُكلت الاوركسترا بمبادرة من الموسيقي الهندي المكفوف بالوجي شريفاستاف الذي يعزف على آلة السيتار. وتضم الاوركسترا 14 عازفا مكفوفا أعمالهم تمتد من الأغاني الروحانية والترانيم الدينية إلى الأغاني الهندية التقليدية والموسيقى الكلاسيكية. وقدمت الاوركسترا إحدى حفلاتها في مطعم في لندن يتناول رواده وجباتهم في الظلام ويقوم على خدمتهم نادلون مكفوفون بينهم الياباني تاكاشي كيكوتشي الذي يعزف على آلة الفيولا في الاوركسترا. وقال شريفاستاف لصحيفة الغارديان انه فقد بصره بعد ثمانية أشهر على إعطائه دواء شعبيا لعلاج التهاب في عينيه. وروى شريفاستاف إن عائلته كانت تعيش في قرية وان والدته التي أنجبته بعد تزويجها مراهقة لم تدرك ما حدث لابنها عندما رفعت الضمادات عن عينيه. وأضاف (إن القذارة التي رمتها أمي هي كل ما بقي من عيني). وحدث ذلك عندما تبرعت جارة قائلة أنها تستطيع أن تعالج الالتهاب ولكن الدواء السام الذي أعدته احرق أعصابه البصرية وأصابه بالعمى. شريفاستالف لا يضمر أي حقد على الجارة وعندما التقاها مؤخراً لامس قدميها تعبيراً عن الاحترام. وقال (إن عماي هو الذي أوصلني إلى ما أنا عليه. ولولا عماي لكنت الآن كاتبا في الهند ولكن العمى قادني إلى آلة السيتار ودلني إلى الموسيقى). يعود أعضاء اوركسترا الرؤية الداخلية في أصولهم إلى الهند وإيران واليابان ونيجيريا ولبنان ولكنهم جميعهم يقيمون في بريطانيا. وكانت إحدى الأغاني التي قدموها في المطعم اللندني المظلم من أداء النيجيرية فكتوريا ارونواري وتقول في مطلعها (الحب أعمى/ما عليك إلا أن تلامسني ولا تخف من الظلام). قالت ارونواري التي فقدت بصرها في سن السادسة (أن الغناء هو نور عيني وان حبي للألوان انتقل إلى الموسيقى). وأضافت (عندما أُغني أشعر وكأن احدهم أشعل الأنوار).فرشته خسرودلاردي أيضاً عاشت تحولا عميقا منذ عملها في الفرقة. وقالت أنها كانت انطوائية ومحجبة ولكنها بدأت مؤخرا تضع زهورا في شعرها. وقالت (عندما أُغني أتذكر غنائي في الصغر ولكني الآن أُقرر ماذا ألبس ولا أحد يتحكم بي). أُنشئت اوركسترا الرؤية الداخلية لمنح أعضائها فرصة تحقيق ذواتهم ونيل احترام المجتمع لهم كفنانين وتعزيز ثقة الموسيقيين الذين لم يعزفوا أمام جمهور من قبل.
|
فنون
فنانون مكفوفون ينتصرون على الظلام بالموسيقى
أخبار متعلقة