محمد البذيجييا صاحبي تراءت أمامي الشجون، واختفى الوقت المسجى في مرايا السكون، كنت تشدو كثيراً وبصمت مفجع، كنا نتنقل معاً في البحث عن الهيدراء، ومهدئات الموت، كنت الحبيب، وكنا أشقياء جداً، لم ننتبه للحظة ما أنك ستكون فاراً من ألق النص، ومن اقترابنا منك ، وشجننا البعيد لروحك ..يا صاحب الكهف، نحن هنا ، نترقبك عبر ثقب يتوسد بلادة السماء، ونافذة ضوء خافت تنبلج منه روحك فتضيء أرواحنا، نتحدث عن رمزي الذي افتقدناه، لكننا نتحدث عن رمزي الذي لا ينسى ولن ينسى يا صاحبي كنا أوغاداً بما يكفي، وجبناء أيضاً، استهلكنا الوقت وطحنتنا الاختلافات الممقوتة ، عبثنا بذاكرة مسيرتنا كما لو كنا أعداءها، رغم انك غادرتنا بقلب ابيض ونقي إلا أن رحيلك يغتالنا كل يوم ، لم يعد هناك (رمزي) في هذه الدنيا يشبهك .. فاجعة هو الرحيل وفاجعة هو أن تستمر به يا صديقي .. !!نحن من كنا نبحث معك في صيدليات المدن عن (الهيدراء) لم نفكر بالبحث عن كابحات (الموت) ولا حتى الاستقرار على رأي واحد لتكون بيننا ، كنت مؤمنا بأنك ستموت غداً ، وكنا نحلم بأن نقضي في الغد يوماً رائعا في منزل عبدالغني الهياجم، أو في كهفك العتيق أو ملاهي الشيخ عثمان أو في استراحة هيلتون، وأماكن كثيرة تشاركنا في وضع خطواتنا التي لن تمحى ..أنت الحي يا صديقي ، ونحن نموت يومياً ولا نقدر ثمن هذا الموت ، ولا نعرف لماذا لم نحي بعد ، اشعر إننا نغتال كل حين ولا نجيد إلا شرعنة الاغتيال، وشرعنة الموت المجاني في مداكي الأصدقاء ..!سأخبرك الآن عما تركته خلفك، عن ثورة وضعتَ مداميك اندلاعها قبل الرحيل، وتنفست من الغازات السامة التي أدت إلى تدهور صحتك حينها ، هذه الثورة لم تنجز شيئاً ، إذ أن (الغشم) الثاني (لا يزال يستعبث صنعاء ، وقد توالد كثيراً وأنتج (غَشمة) كُثراً ، كما إننا ننتظر صديقنا أحمد عبدالرحمن يبلغنا عن انتهاء انجاز طباعة أعمالك الشعرية، بعد وفاتك يا صديقي كان لزاما علينا أن نقيم أربعينية تليق بك ، لكن لم تتح لنا آلة القتل ذلك ، ومنذ رحيلك أيضاً لم نلتق نحن أصدقاءك ، يحاول عيسى البريهي وعبدالغني الهياجم إحياء (رابطة جدل ) إهداء لروحك ولم نعلم أيضاً إلى أين وصلوا ، حتى كوخك نشتاقه كثيراً ولم نعرف بعد كيفية الوصول إليه ، لا نريد أن نزور ذلك الكهف لنخرج منه أحياء نتنفس ، ولو كنا نعلم انه سيهدينا موتاً لائقاً لكُنا اتجهنا جميعاً إليه الآن ، لكن كوخك وحدك الذي يأبى إهداء طرق الموت المميزة إلا للأنقياء أمثالك يا رمزي..خذ هذه أيضاً يا رمزي ، حسابي الذي كنا نتحدث بواسطته في شات الفيس بوك - حتى قبل وفاتك بأيام -قد إصابته لعنة التهكير، وطلبت صداقتك من حسابي الجديد ، ولكنك لم تقبل الطلب حتى الآن ، إذا استطعت أن تعطي حارس (المقبرة) إيميلك وكلمة السر الخاصة بك فدعه يقبلني والكثير من طلبات الصداقة التي تنتظر هذا الشرف، إذ أن (عبدالمجيد التركي ) والعديد من الأصدقاء يضعون إشارة لك في كل منشور ينشرونه على صفحاتهم الشخصية، ينتظرون أن تقرأها يا صديقي ، أنت حي وهذا شعورنا الدائم ، لكنك ذهبت للاستراحة من وجه الهيدراء وهذا ظننا الجميل بك ..!!أصدقاؤك الأموات هم أكثر سعادة بك ، أما نحن هنا ، فنحاول فقط أن نتجدد بك، وان نتجهز للقائنا بك ، كلنا ننتظر هذه اللحظة كما تنتظر (فاطمة رشاد) هذه المادة وغيرها من الأصدقاء لأحياء يوم الذكرى الأولى لرحيلك عنا كم هي مفجعة الكلمة ولكنني أدرك انك في القلوب تذكر سيظل هذا التاريخ ضمن تدوينة أيامنا الحزينة، سنبكي كثيراً فيه، وسوف نحييه كما يجب ، إلى أن نلتقيك جميعاً أو واحداً تلو الآخر ..
|
ثقافة
رسالة إلى صاحبي .. صاحب الكوخ الشاعر رمزي الخالدي
أخبار متعلقة