في ورقته العلمية عن أولويات النساء المتضررات من النزاعات المسلحة .. ماجد المذحجي :
عرض / أماني محمد العسيري من الأهمية بمكان التحدث عن أحوال النساء المتضررات جراء النزاعات المسلحة التي تلقي تداعياتها الخطيرة بالنصيب الأكبر على حساب حياة المرأة أثناء الأزمات وما بعدها وما يمكن أن تخلقه من أنواع العنف التي تقشعر لها الأبدان ..لذا ضمن تناولنا للموضوعات التي طرحت في مسودة مؤتمر المرأة الوطني الذي عقد في صنعاء في فترة سابقة ، كان لنا وقفة مع ورقة الأستاذ ماجد المذحجي التي أبرز فيها أهم الجوانب التي تمس المرأة خلال النزاعات المسلحة ومنها التي مرت بها اليمن في فترات سابقة وفيها بين الأوضاع التي يمكن أن تقع فيها المرأة ضحية العنف الناتج عن تلك النزاعات وتأثيرها سواء في المعارك التي شهدتها أرجاء اليمن في الشمال والجنوب أومن خلال الحركات الاحتجاجية في العام المنصرم ، وأنواع العنف و الأضرار ، وختمها بعدد من التوصيات وأولوية تنفيذها في المرحلة القادمة . تحدث الأستاذ ماجد المذحجي في بداية مقدمته عن أوضاع النساء التي أعقبت النزاعات المسلحة في اليمن وقال : بسبب النزعات المسلحة المتكررة في أرجاء اليمن دفعت النساء ثمنا فادحا ، وتعاني النساء في الشمال كما في الجنوب من الآثار التي تخلفها المعارك والصراعات بين القوى المختلفة التي تشتعل في مناطق سكنها . ونبه إلى خطورة الانعكاسات السلبية التي خلفتها الحروب المتكررة في صعدة والأوضاع المأساوية في أبين التي زادت من تفاقم الحالة الإنسانية للمدنيين في مناطق النزاعات ما اضعف الانتباه العام لتداعيات كل ذلك على النساء مع وجود فقر شديد في المعطيات الإحصائية والتحليلية الخاصة بأثر النزاعات في اليمن في النساء وهو ما سيؤثر سلبا على أولويات الخطط التنموية التي يجب أن تساهم في معالجة هذه الآثار .وشدد أن على الحكومة في اليمن خلال المرحلة الانتقالية أن تأخذ بالاعتبار بشكل أساسي أولويات اليمنيات من ضحايا النزاعات المسلحة، استجابة لما نص عليه في القرار الاممي رقم (2014 ) الخاص باليمن الذي يدعو إلى مشاركة النساء في أثناء حل النزاع وكافة مراحل إحلال السلام بما يكفل الأخذ بمنظورهن واحتياجاتهن ، وان مادته السادسة تدعو الأطراف كافة إلى دعم مشاركة النساء التامة في النشاط العام على قدم المساواة في عمليات صنع القرار . وقال عن أشكال العنف التي تتعرض لها المرأة : تتعرض النساء للعنف والتمييز في أوقات السلم والحرب على حد سواء، ولكن مستويات العنف تتزايد في حال نشوب صراعات مسلحة ، حيث يطال كافة مكونات المجتمع ، كما يتم اتخاذها هدفا للعنف من قبل تلك الجماعات بغية إذلال المجتمع الذي ينتمين اليه . وأضاف انه حتى في المجتمعات التي لاتستهدف النساء فيه بالعنف بشكل مباشر أثناء الصراعات ولا يتعرضن لانتهاكات مباشرة مثل الاغتصاب أو القتل لأدوارهن المباشرة في المجتمع أو لكون أقرباء لهن يقومون بادوار قيادية في المجتمع فإنهن عادة يشكلن القسم الأكبر من موجات اللاجئين بما يسببه ذلك من مشاكل متعددة واستشهد بما جاء في منظمة العفو الدولية بان النساء هن اللاتي يشكلن النسبة الأكبر من الذين يقتلون في الحرب ويستهدفون بالانتهاكات وكذا هن الأغلبية بين اللاجئين والنازحين داخليا الذين يجبرون على الفرار من ديارهم بسبب الصراعات . وأوضح أن أشكال العنف المتعددة الممكن أن تتعرض لها النساء أثناء الصراعات المسلحة إلى جانب فقدان الأقارب من الرجال هي القتل والاغتصاب والإصابات والاختطاف و الاحتجاز كرهائن والإجبار على ممارسة البغاء والتهجير بينما قد يصبحن عرضة للاعتقال التعسفي والتعذيب ، و إن تعرضن للعنف الجنسي والاغتصاب أثناء الصراع تنالهن الوصمة الاجتماعية والاستبعاد من مجتمعهن وأسرهن ، ما يؤثر على حالتهن الاقتصادية والصحية خاصة إن كن معيلات ولديهن أطفال وبدون أقارب ذكور ، كما أن البيئة الضاغطة في مخيمات اللاجئين تشكل مناخا منتجا لأنواع مختلفة من العنف على النساء ما يفاقم إحساس أفراد الأسر من الذكور بانعدام الحيلة والفقر وانهيار الهياكل الاجتماعية التقليدية التي كانت توفر الحماية للنساء .[c1]النزاع في اليمن يثقل كاهل المرأة[/c]يتباين تأثير النزاعات المسلحة تبعا لمستوى وحجم ومفهوم النزاع وكيفية إدارته ومن ثمة حله ، ويمتد تأثيره لتغيير طبيعة الحياة النمطية والعلاقات الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية لمعظم أفراد المجتمع الذي يشهد النزاع ، حيث يظهر جليا على النساء فعلى الرغم من أنهن لايشتركن في القتال مباشرة إلا أنهن يتعرضن للموت والإصابة والاغتصاب والخطف الاعتداءات الجنسية والتفكك الأسري والنزوح وفقدان الملكية ، وأضاف في السياق ذاته إن النزاع يطلق في مواجهة النساء سواء ضمن دائرة الأسرة أو إطار المجتمع ، فتصبح المراة مسؤولة عن الحفاظ على كيان العائلة فيتحملن أعباء هائلة حيث تصبح المرأة مسؤولة عن رعاية المنزل وأفراده وتقف في تحدي إعاشته عبر الأعمال الزراعية إلى جوار دور الرجل الرئيسي ، وفي حال فقد الرجل أو موته تجد المراة نفسها وحيدة بدون رجل شكل محل اعتمادها مطولا فتتغير ظروفها بشكل سلبي حاد وهي عدم جهازيتها لتحمل مسؤولية إعاشة وحماية أسرتها التي قد تحوي أطفالا وكباراً في السن فتضطر إلى العمل مما يجعلها عرضة للاستغلال بأعمال صعبة وقاسية ذات مردود ضئيل إلى جوار مسؤوليتها في إطار المنزل والعناية به وببقية أفراد الأسرة وكل ذلك يؤدي بها إلى الانهيار النفسي والجسدي بالتالي تدهور صحتها دون أن تتمكن من العناية بنفسها .[c1]معارك صعدة خلفت آثاراً واسعة[/c]و أكد المذحجي أن النزاع المسلح في صعدة وعدد من المحافظات خلف آثار واسعة على السكان و قد تسببت بموجات نزوح متعددة كان أكبرها تلك المرتبطة بالجولة السادسة من الصراع ، فبحسب تقدير منظمة الإغاثة فان نسبة النازحين بلغت حوالي 250000 نسبة النساء والأطفال بينهم حولي 80 % ، وذكر انه لم تتوفر مصادر معلوماتية دقيقة وموثوقة عن حقيقة ماخلفته تلك المعارك من خسائر بين المدنيين وخاصة المعلومات التي توضح وضع النساء وما تعرضن له خلال القتال والنزوح وحتى عقب انتهاء المعارك . وواصل في هذه الجزئية من ورقته عن آثار الأوضاع التي اضطرت فيها النساء النازحات إلى مقاومة الظروف الصعبة وقال : فتهدم البيوت واختفاء المعيل أو فقدانه في بعض الحالات يولد ضغوطا هائلة عليها وعلى أسرتها بما سيخلفه من عدم استقرار اجتماعي ونفسي واقتصادي وصحي، حيث يوضح الضرر الأولي من النزاع وهو تدمير نمط الحياة التقليدي وأساسيات البقاء وفرص العيش لآلاف النساء عبر تدمير المنازل والمزارع التي تشكل دائرة الأمان الرئيسية لهن في تلك المناطق التي شهدت مواجهات مسلحة في عدد من المحافظات شمال اليمن .وأشار إلى جانب آخر من آثار النزوح على النساء وهو انتشار حالات زواج الصغيرات تلك الظاهرة المنتشرة في الأصل ولكنها ازدادت تفاقما بسبب تداعيات النزوح على حياة كثير من الأسر .[c1]الحركة الاحتجاجية 2011 وتغير أدوار النساء[/c]وتحدث في ورقته عن أهم تأثيرات النزاع خلال العام 2011 على النساء حيث قال : شكل سقوط النساء المشاركات في الحركة الاحتجاجية قتلى وجرحى تحولا غير مألوف في شكل التعامل مع النساء لانها عملت على تغيير بعض ادوار النساء الاجتماعية بخروجهن من إطار الدور التقليدي في المنزل والذي يحظى بالحماية الاجتماعية ليلتحقن بالنشاط السياسي العام المحتكر من الرجال ، وقد نجم عن هذا التغيير النسبي في ادوار النساء اليمنيات المشاركات في الحركة الاحتجاجية تجريدهن ضمنيا وبمستوى محدود من الحماية الاجتماعية التي كانت توفر لهن ، وفسر لاحقا ان هذه الحماية لم ترفع بشكل كلي فمازال الاعتداء على النساء أمرا حساسا اجتماعيا ، فالتفاوت في أعداد القتلى والجرحى بينهن وبين الرجال خلال تلك الحركة على مدار العام ، فبالنظر ضمنيا إلى عدد الضحايا من الرجال مقابل النساء الذين سقطوا عن طريق الخطأ في عمليات قصف متبادلة في أحياء سكنية نجد أن أعداد النساء ترتفع مقابل أعداد الرجال .[c1]أبين والمأساة الإنسانية [/c]وفي هذا الشأن أكد المذحجي أن وقائع القتال الذي شهدته محافظة أبين وعاصمتها زنجبار بين أنصار الشريعة والقوات الحكومية أدت إلى حدوث مأساة إنسانية خلقت موجة نزوح واسعة قدرت بأكثر من حوالي 250000 نازح معظمهم من النساء والأطفال الأمر الذي معه أعدت مخيمات لجوء مستعجلة في مدارس محافظة عدن .وأضاف : أن أعمال النزاع المستمرة في أبين قد دمرت السياق الاجتماعي والاقتصادي للنساء فالفكر المتشدد المرتبط بجماعة أنصار الشريعة التي تسيطر على أجزاء واسعة من المحافظة قد قيد حرية النساء الشخصية والاجتماعية بشكل واسع خصوصا مع تعطيل الفرص الصغيرة بالأساس أمامهن لممارسة أعمال يتحصلن منها على دخل خاصة في الريف حيث النشاط الزراعي مرتبط بالنساء بشكل أساسي وهو الذي يفاقم من تحدي إعاشتهن وأسرهن حين لايكون هناك عائل ذكر بالأساس أو لكونه قتل أثناء النزاع .وأشار إلى التعقيدات المحيطة بحياة النازحات من أبين التي يفرضها انعدام الخدمات الأساسية في مخيمات النازحين في عدن وقد ساهم ارتفاع درجة الحرارة بسبب سوء المناخ في تشكل ضغط كبير على الموضوع الصحي بالنسبة للنساء خاصة الحوامل والمرضعات ، كما يؤدي الاكتظاظ الشديد إلى انهيار الخصوصية بالنسبة للنساء وتزايد حالات العنف والتحرش الذي يتعرضن له .[c1]النزاعات وأثرها على النساء [/c]وأشار المذحجي هنا إلى أن تقييم وضع وأنوع العنف التي تعرضت لها النساء على المستوى التفصيلي ، سواء خلال النزعات أو لاحقا يصعب تحديده لعدم وجود إحصائيات ومعطيات بيانية خاصة بعدد النساء اللواتي تعرضن للعنف الجنسي والاغتصاب إلى جانب الأضرار المادية والاجتماعية والنفسية لعدم وجود دراسات تقييم أو تحليل عملت على مستوى ميداني حتى الآن ،ولكن على المستوى العام قسم المذحجي الأضرار التي تتعرض لها النساء من ضحايا العنف إلى : العنف النفسي الذي يرتبط بفقدان الأمل والاضطرابات النفسية أو التعرض للقصور العقلي أو الجسدي ، وفيه خص النساء من أبين والمحافظات الشمالية في مخيمات النازحين بتعرضهن لذلك أكثر من النساء من ضحايا النزاع خلال الحركة الاحتجاجية عام 2011، العنف الاجتماعي الذي ينتج عنه تغيير في الأدوار حيث تضطر النساء إلى تحمل أعباء إعالة أسرتها وأطفالها وكبار السن لغياب الرجال في العائلة، علاوة على قلة فرص الزواج وارتفاع معدلات الطلاق وتفكك الأسر وهو ما تتعرض له النساء النازحات بشكل أساسي في مناطق النزاعات في أبين وصعدة ، العنف الجنسي ويتمثل في تعرضهن للاغتصاب والتعذيب والأذى الجسدي والعبودية الجنسية والعلاقات أو الزيجات الجبرية ولجميع أشكال العنف بما في ذلك الاغتصاب والحمل بالإكراه والإكراه على ممارسة البغاء والاتجار بهن، وهو ما حدث للنساء المهمشات حيث تعرضن لحالات من العنف الجنسي من التحرش والاغتصاب في مخيمات النازحين في صعدة أو عمران إضافة إلى نازحات أبين في المخيمات داخل مدارس عدن وفق بيانات وصلت إلى منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان بحسب ما أفاد به المذحجي [c1] أولويات المتضررات من النزاعات المسلحة [/c]وفي ختام ورقته أوصى المذحجي بضرورة إيجاد قاعدة بيانات حول عدد النساء المتضررات من النزاعات في اليمن وأنواع تلك الأضرار كأولوية هامة ، وقال إن موضوع تقييم آثار النزاعات على النساء والتعامل معها يستدعي معطيات بيانية واضحة تحدد أعداد النساء وأشكال العنف الذي تعرضن له بما يمكن أي جهة من بناء خططها للتعامل مع الأمر بدقة .كما أوصى بسرعة تلبية احتياجات النساء في مخيمات النازحين والشروع في ذلك فورا من خلال برامج اسعافية والعمل على التجهيز لعودة اللاجئين إلى مواطنهم .