مدينة عابقة بالثقافة والفنون
د. زينب حزامعدن مدينة الثقافة والفنون كتب لها الشعراء أجمل القصائد وغنى لها الفنانون أجمل الألحان، ولها تاريخها الحافل الذي عاشته قلاع وأبراج حجرية وفوق كل جبل موقع تاريخي هام. صراع ضار لا يبعث الهدوء في أوصال الأماكن حول صخورها إلى جدران سميكة وحول معادنها إلى مدافع وبارود. وعدن عاصمة لها تاريخها البطولي المميز وقلعة صيرة شهدت بطولة أبناء عدن، هذه القلعة التي تضلل العدو وترهب الصديق قبل أن تحمي صاحب المكان ومنطقة كريتر رغم الامتداد العمراني فيها إلا أنها انبعاث حقيقي للتقاليد التاريخية التي كانت تكون المدن من وحدة نووية تجذب إليها بقية العناصر، بوابة السوق تأخذك إلى عالم خيالي بالغ الواقعية، حركة البيع والشراء وحركة الناس اليومية تكمل ملامح الأسطورة أقواس وإبهاء وممرات وساحات مفتوحة للشمس. باعة يفترشون الأرض يبيعون الملابس والتحف والفل والياسمين والمشموم والعطور ورائحة العود والبخور تفوح من المحلات التجارية، مدينة عدن التي تحيطها الجبال والبحار، كتب عنها الشاعر اليمني عبدالرحمن السقاف في قصائده .[c1](هاجس) [/c]تطير الفراشات همساً ويدنومن القلب ينبوع وردوكالحلم غصن من الماء ماللعينين أحلى من الشهد صليوشبق الموال[c1](زمن)[/c]إلى حين تتلو مقاهي الصباح القصيدةوتمشي إلى بهجة الغش مثليجميع الشوارعوحتى تفوح بحيرات ورد صبايا (عدن)واشتم في الحلم رمل (الجزيرة)وحنا (بيت الفقيه)على كف ومطىوفي القلب نبضاً:خطانا ستبقىحكايا تدك حواري الوهن[c1](سؤال)[/c]هبيني تصورت شكلاً جديداً لنبض الهديلوفتحت فيه سماوات روحيوأشعلت في عتمة المفردات الصهيدهبيني اهتديت للحن حوىفي غموض الندى عالماًهبيني افترضت عناءلكي تدخلي سأب قيثارتيوكي تصعدي هاجساً تسامىعن اللغو حتى اختزلضجيج السماوات والأرضفي قطرتينإلا تستقر العيون الكليلةهموم النخيل؟[c1](بوصلة)[/c]إذا غام لحنيوورد الطفولة عن صوتي غابوضيعت باباً إلى النهر يفضيوكان طريقي إليه ضبابلعينيك ألقيلي نهر عينك مليون باب[c1](بوح)[/c]تبوح العبارات بي وسر اشتياقي لعينيك فاحولم تبق لي في حكايا الهوىوردة[c1]لم تقلها الرياح[/c]الشعر رسالة مفتوحة تعالج قضايا الوطنقدم شعراء عدن أجمل القصائد الوطنية والاجتماعية وهذه القصائد تحمل مضموناً وغاية نبيلة تحمل كل هموم وقضايا الإنسان من الجمالية والذوقية إلى الفكرية والفلسفة وعلى رأسها التعبير عن قضايا الوطن وهموم الإنسان بحرية دون قيد شرط أن تكون رسالة الثقافة تتماشى والقيم المحلية للمجتمع ولا تجعل في مضامينها الخراب والفساد وتخريب الذوق والذائقة فالفن رسالة بناء وتصويب وتاريخ وهي تعمل على بناء إنسان سوي متكامل من أسلوبه في الحياة مع الناس والبيت وما يمكن ان ينعكس من خلاله على الآخرين في حديثه وملبسه ومركوبه وما يمكن ان يؤثر به في عامة الناس من سلوك حميد. الثقافة والشعر رسالة من كلمات تصويرية تتجسد في أعماق الشاعر فينقلها من خلال أجمل الأبيات الشعرية إلى الآخرين فيراه لناس جميلاً ويقدرون مصداقية هذا الشاعر: يقول الشاعر اليمني سعيد البطاطي في قصيدته (يشتعل الورد بالدم):على جمرتين[c1]تكورتا في الضلوع[/c] ذهابهما العشق،وانفلق البحرانتفض النهرصار رصاصاً وجمراً على جمرتينتكورتا في الضلوع على وردتينلا فرق قال الذي يعرف اللوقال الذي يعرف الفرقفرق بين الفرق وبين التلاقيخدود من الخداخدود هو الجمرهو الورد احمر ـ تمر عراقيوماء، دماء على الراحتينهو الورد والحمر ينمو على قبضتينوبينهما الشوك والشوقوالورد ينمو ـ والحمر يعلو على القدمين[c1]يشتعل الورد بالدم[/c]نور هو الوردوالنور يأتي من الناروبينهما الشوك والشوقوالورد يعلو على الراحتينوهكذا نجد شعراء عدن تغنوا بالطبيعة وجمال الشواطئ الذهبية فالشعر عند شعراء عدن رسالة إبداعية ومجال حقيقي لجمال الطبيعة وجمال اللغة والتراث والحضارة وينضج وعيها بحقيقة وجودها، وإيمان أبنائها بالحرية والمساواة وكرامة الإنسان .