ليس بالأمر اليسير بناء ثقافة المجتمع بقضايا الصحة الإنجابية بالشكل الذي يأتي بالمردود القوي المفضي إما إلى تغيير السلوك أو تعديله مع تحقيق التفاعل والاستجابة المطلوبة.إنها أشق المهمات على أهميتها ، لاسيما إذا كان الموروث السلبي مترسخا والذهنيات منبودة ، لكنه يظل مطلبا أساسيا ليس لنا أن نغفله أو نفرد دوره بمعزل عن الخدمة. وكأن به منبراً لسرد الخواطر ولنقل ما لا أساس له في الواقع، بل لا بد- إذن- من صياغة جديدة تنقلنا نقلة نوعية نحو تكاملية العمل ليحصل من خلالها المواطن على الخدمة والمعلومة معاً، فهذه أهم خطوة في تأمين شروط نجاح الرسائل التثقيفية وضمان فاعليتها وقبول الجمهور بها ؛ ومتى توافرت الخدمات الصحية وجرى تطويرها لتفي بالمتطلبات ولو بالحد المعقول منها- علاوة على تيسير وصولها إلى كل الفئات المستهدفة ليكون للتثقيف الصحي دور فاعل في مسألة الإقناع والقدرة على تبديد المخاوف والمفاهيم والمعتقدات الخاطئة وكل ما من شأنه الوقوف حجر عثرة في طريق ترسيخ الوعي الصحي وصياغة ثقافة المجتمع- على النحو الذي يأتي بالمردود الإيجابي الذي يرقى إلى تكامل النجاح، وإلا فالفجوة ستظل قائمة بين خدمات الصحة الإنجابية المتاحة وانتشارها من جهة ومستوى الطلب والإقبال عليها من جهة أخرى دونما تحقيق أي تقدم ملموس في هذا الجانب.وبما أن المجتمع بحاجة إلى خدمات الصحة الإنجابية باعتبارها ضرورة حتمية وضرورة ملحة لا تنحصر أبعادها على تحسين الوضع الصحي الأسري فحسب ، بل وعلى تحسين الواقع المعيشي والاقتصادي والاجتماعي المجتمعي وهلم جرا ، فإن قطاع السكان بوزارة الصحة العامة والسكان في السعي إلى تطوير وتحسين جودة خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وتدعيم دور التثقيف الصحي في أعمال التوعية بقضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة باعتبارهما الأبرز والمرتكز الأساسي في الاستراتيجيات والخطط الآنية والمستقبلية للقطاع، تتسم فيها الرسائل والمعلومات الصحية الهادفة بالسلاسة والوضوح، إلى بغية بناء تفاعل حقيقي واستجابة حية لكل المفاهيم والممارسات الصحية الإيجابية ونبذ الممارسات غير السليمة التي لا أساس لها من الصحة. إذن فالمعلومات والرسائل جيدة الفاعلة إلى جانب الخدمات الجيدة المستوى من شأنها أن تنعكس إيجابا في تغيير السلوكيات والعادات المحفوفة بالمخاطر بما سيمكن من إحداث تراكمات معرفية لدى المجتمع تسهم على الأرجح في تغيير أو تعديل السلوك بصورة إيجابية وتحد من وقوع أي إشكال يؤثر سلباً على الصحة؛ بشكل يتيح مجالاً رحباً لوصول الرسائل الصحية الهادفة والمؤثرة التي تصب في قالب سياسات وخطط التثقيف الصحي.إذ يولي المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني التابع لقطاع السكان عناية خاصة بالاتصال الجماهيري وبتوظيف قنواته المختلفة لتوجيه رسائل هادفة في قالب مناسب يضمن وصول المعلومة إلى المتلقي ولفت انتباهه إليها، بما ينتجه من فلاشات وتنويهات وبرامج تلفزيونية وبرامج وحواريات تمثيلية إذاعية وأفلام إرشادية وأغان تنويرية هادفة وبما يبثه عبر وسائل الإعلام المسموع والمرئي، وكذلك عبر توظيفه أعمال التوعية للصحافة المكتوبة ، وللسينما المتنقلة ذات التقنية العالية الفريدة من نوعها في البلاد. بالإضافة إلى أعمال التوعية الميدانية والمطبوعات والوسائل الإرشادية المطبوعة ناهيك عن اهتمامه بالتدريب الإعلامي وتدريب المثقفين الصحيين على التثقيف الصحي المجتمعي والاتصال الشخصي بغية بناء قنوات اتصال وتدريب يكون لها قائمون ومشرفون على التدريب في التثقيف الصحي والمشورة على المستوى اللامركزي ، أي على مستوى المحافظات والمديريات ، وكل ذلك يحمل دلالات بأهمية التثقيف الصحي للمجتمع وحرص المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي على توظيف قنوات ووسائل الإعلام والاتصال في نسق تكاملي يهدف إلى نشر وترسيخ الوعي الصحي للمجتمع لبناء ثقافته الصحية.
التثقيف الصحي وتكاملية التوعية بالصحة الإنجابية
أخبار متعلقة