بات الوضع اليمني المثخن بجراحاته بيئة مواتية لانتشار عناصر الإرهاب المتطرفة التي استغلت استمرار الانشقاقات في القوات المسلحة واستمرارية إعادة إنتاج الصراعات والاختلافات الفوضوية القائمة بين مكونات العملية السياسية، لتثبت أقدامها على الأرض بهدف ضرب الاستقرار وزعزعة الأمن المجتمعي في عدد من المناطق اليمنية منها لودر أبين و عزان شبوة وعدن ولحج والبيضاء وبعض مناطق حضرموت، وما تقوم به من هجمات ومذابح واعتداءات إرهابية ذهب ضحيتها مئات من العسكريين والمواطنين اليمنيين الأبرياء، وهو الأمر الذي يفرض على الإرادة السياسية المحلية والخارجية إعادة صياغة التوجهات الرامية إلى إيصال اليمن لحالة الشفاء والتعافي من ماض مأساوي يضرب بجذوره إلى أمد بعيد يزيد على نصف قرن من الزمن وزاد الوضع سوءا في السنوات الأخيرة حين تعمقت المشاكل والصراعات، وتدثرت الأفكار والرؤى العصرية بحالة صراعية عملت على تشظي المجتمع وغرست فيه جملة من السلبيات الهادمة للفعل الوطني المستوعب لشروط التطور والنهوض بالإنسان. هذه الحالة القهرية شارك في تجسيدها على الواقع مجمل الأطراف الفاعلة في إدارة سياسة الدولة وان بنسب متفاوتة ،من هذه الأطراف من خضع للمد المصلحي الدولي الذي سعى - ومازال - يخفي بين جوانحه المؤامرة وان بشكل غير معلن لضمان أن لا يصل السياسيون إلى صياغة اليمن الجديد.واليوم هناك خطوط تماس في مجمل أروقة المؤسسات والدوائر الحزبية والاجتماعية تكاد تفجر الأوضاع وتشل الحياة بكاملها، خاصة مع تغلغل المناطقية والجهوية والتعصبات المختلفة، التي شاء البعض أن يجعل منها قنبلة موقوتة يصيب بها المجتمع بحاضره ومستقبله بمقتل إذا لم يتدارك الوطنيون من أصحاب العقول إبطال مفعولها سريعاً وقبل فوات الأوان. ولمعلوم الجميع أنه إن بقيت الأوضاع في المؤسسات العسكرية والأمنية على الحال الانقسامي الذي نراه اليوم، فإن اليمن سيبقى أسير الأزمة الأمنية والعسكرية التي سرعان ما تطيح بكل شيء، بل لقمة سهلة للطفيليين، ولأجندات إرهابية تعمل على عدم استتباب الأمن والاستقرار.وإذا ما قرأنا أسباب استفحال العناصر الإرهابية فسنجد أن هناك أسباباً عدة جاءت في مقدمتها خاصة في الفترة الأخيرة: تعاون بعض القيادات العسكرية والأمنية في تسليم مدن جعار وزنجبار ورداع لـ «أنصار الشريعة» وتمكينها من الاستيلاء على الأسلحة والعتاد العسكري الذي كان موجودا في معسكر الأمن المركزي ومصنع الذخيرة في أبين والكتيبة المشتركة في دوفس وأسلحة أخرى شجعتهم على الاستمرار في المواجهات العسكرية و في إسقاط محافظات أخرى، وكذا حالة الانقسام في الجيش والأمن في ظل ضعف القرار السياسي وتطبيق القانون، كما ساهم عدم الانجاز للمهام الموكلة للجنة العسكرية والأمنية لتحقيق الأمن والاستقرار وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها المزمنة في ذهاب المتربصين إلى حالة اليقين بأن الأوضاع الفوضوية لم تبارح مكانها ،وان عناصر الفتنة ومنتجي الأزمات مازالوا يراهنون على السير باليمن أرضاً وإنسانا فوق لهيب النيران وجسور الاقتتال في حال عدم الانصياع لمخططاتهم الدونية واستمرارهم في إدارة ثروة البلد ومصالحه العليا.إذن يبقى علينا التوجه الجاد بقوة القانون وبمساندة القوى المحلية والعربية والدولية لإخماد نيران الفتنة وهوس التملك وحب السيطرة من قبل من يحاولون إعادة العجلة إلى الوراء ، وإلا فلننتظر المأساة بكل معانيها. اللهم إني بلغت ، اللهم فأشهد.
أخبار متعلقة