نادين فويتجيك/ منى صالح تشكل التغذية المستدامة لأهل المدن مركز الثقل الرئيسي للسنة العلمية 2012. وفي هذا الإطار ينكب طلاب الجامعة التقنية في برلين على تنفيذ مشروع زراعي ضخم وسط المدينة. البحث عن فكرة خلاقة يحتاج بعد ظهر هذا اليوم إلى قدرة خيالية كبيرة وسط المنطقة الصناعية الواقعة بين طريق سريع بستة مسارات وآخر حضري بأربعة ، فسماء برلين ممطرة وغبراء، و مزارعو المدينة يغطون في نوم الشتاء. في الصيف نبتت الاعشاب هنا فوق سطح إحدى الحاويات البحرية التي تم تحويلها إلى مزرعة للطماطم، وفي الطابق السفلي سبحت أسماك الشبوط في حوض واسع، وداخل بهو مصنع قديم للجعة تجري تجارب على أضخم مزرعة في العالم وسط مدينة. وستقام هذه المزرعة فوق سطح مجمع صناعي تصل مساحته إلى 4000 كم2. الجمع بين السمك والخضار ليس صدفة، بل نابع عن نظام معين يسمى Aquaponic ، ويشرح توبياس فيمر، من المعهد التقني العالي في برلين، طريقة عمل هذا النظام: “ إنه عبارة عن دورة مياه تجري بين السمك والنباتات”. أما الميزة الكبيرة لهذا النظام فتكمن، كما يقول فيمر، في أن “ الأسماك عندما تطرح فضلاتها التي تتشكل من مواد غذائية، ينقلها الماء إلى النباتات فتمتص هذه المواد الغذائية، وتكون بالتالي قد قامت بعملية تنقية للمياه، التي تتم إعادتها إلى حوض السمك.“الخضار التي تسقى بهذه المياه ليس لها طعم السمك” يؤكد توبياس فيمر مازحا. توبياس 25 سنة هو واحد من 15 طالبا يتفحصون الحاوية الضخمة خلال فصل الدراسة الشتوي الحالي، ليتأكدوا من صلاحيتها لتنفيذ المشروع. الطلاب يرسمون مخططاتهم على الورق، ويدرسون مدى إمكانية تحقيقها، وتحويل الحاوية حتى عام 2013 إلى أضخم مزرعة في العالم تقام وسط مدينة.[c1]تأمين غذاء مستدام للمدن[/c]كريستيان إيشترناخت أحد أفراد مجموعة” طازج من على السطح” في مشروع مزرعة المدينة “ ستكون المزرعة في حال تنفيذ المشروع بحجم ملعب لكرة القدم”. يقول كريستيان إيشترناخ، ويضيف: “ 4000 كم2 من المساحة الزراعية ستبنى داخل مستنبتات. وفي الطابق الأدنى ستوجد أحواض السمك”. ويعمل كريستيان إيشترناخت ضمن مجموعة أطلقت على نفسها شعار “ طازج من على السطح”. ولهذه المجموعة مخططات طموحة، وهي تتشكل من ثلاثة أشخاص؛ أيشترناخت، المسؤول عن التسويق والتوزيع لمنتجات مزرعة السطح، والزميلة المختصة في النباتات، ومستشار تجاري. وهم يبحثون الآن عن مستثمرين في مشروع مزرعة المدينة التي تقدر تكاليفها بخمسة ملايين يورو.ايشترناخت متفائل، والسنة العلمية للسنة الجارية هي تحت شعار”الاستدامة وبرامج الدعم” وعندما يتحدث عن ذلك يقول: “بالنسبة إلى أهل المدن لا يكاد يوجد حتى الآن إمكانية لتأمين غذائهم بشكل مستدام”. ثم يشير إلى أن منتجات سطح المزرعة صحية جدا، فالأسماك تتغذى بطعام حيوي، والشيء الوحيد الذي تتم إضافته هو سماد للخضار ومضادات حيوية للحيوانات، ويؤكد ايشترناخت “ أسماكنا سعيدة”[c1]أكبر مزرعة في العالم[/c] المواد الغذائية التي تنتجها مزرعة المدينة مقتصدة جدا في المواد الأساسية، فإذا كانت مزرعة الأسماك العادية تحتاج إلى 1000 ليتر فإن كل كيلوغرام سمك في مشروع المزرعة الجديدة يكتفي بـ( 200 ) ليتر، لأن المياه يتم تنقيتها باستمرار بواسطة النباتات، فتنشأ دورة مائية مقتصدة. علاوة على ذلك يتم توفير تكاليف النقل عبر الطرق الطويلة، لأنه يصبح بإمكان المستهلك أن يشتري حاجياته من المواد الغذائية من مزرعة المدينة مباشرة.الطالب توبياس يتعجب لماذا لم تتحول فكرة مزرعة المدينة إلى واقع منذ زمن طويل ويقول: “ في برلين يوجد كثير من المساحات البور والأماكن الفارغة، والمنازل الخربة، حيث يمكننا دون صعوبات بناء عدد لا يحصى من بيوت المستنبتات، والمساهمة عبر هذا الطريق في تأمين الإنتاج المحلي”.هذه الأفكار والتصورات لا تقتصر على برلين، فالزراعة في المدن تطورت إلى حركة عالمية، وأينعت أول ثمار لها في سويسرا، والولايات المتحدة. وعلى جميع الأحوال ستكون سنة 2012 سنة مثيرة لفريق “ طازج من على السطح” ولطلاب الجامعة التقنية. وفي حال تحقيقها نتائج اقتصادية جيدة واجتذابها للمستثمرين، قد يتحول سقف مصنع الجعة الأغبر في عام 2013 إلى بيت مستنبتات ضخم، و يصبح بالتالي نموذجا يقتدى به لزراعة الخضار الإيكولوجية وتربية السمك وسط المدينة الكبيرة.[c1]نقلا عن موقع دويتشه فيله [/c]
أضخم مزرعة إيكولوجية في العالم وسط مدينة برلين
أخبار متعلقة