أحمد علي عولقيالفنان الكبير محمد مرشد ناجي ، صاحب التاريخ العريق المحفور في ذاكرة الأرض والإنسان الذي أشجى وجدان الناس بأعذب الألحان.. مسيرة سبعين عاما من العطاء والإبداع الفني.يتجسد الوفاء للوطن بالعناية والتكريم لأبنائه المخلصين.. عندما يتعرض فنان بحجم وقيمة محمد مرشد ناجي لأزمة صحية، الذي يرقد بمنزله في هدوء يعاني قسوة المرض والألم ولا يجد من يرعاه ويهتم به فهذه مصيبة من المصائب، عندما تتنكر الدولة للرواد الذين قدموا حياتهم في خدمة الوطن، افنوا زهرات شبابهم وجهدهم في الإبداع.. عقوق الأوطان وجحودها لأبنائها المخلصين عندما تمارسه الدولة التي تزعم أنها في خدمة الوطن والشعب. يجعلنا نتساءل لماذا الجحود والنكران للصادقين والمخلصين من أبناء الوطن؟.أن إرساله إلى الأردن مجرد تبرير من الدولة بأنها قامت بواجبها نحو هذا الفنان العظيم الذي استطاع أن يعبر عن هموم الوطن.. معاناته وآماله وتطلعاته في أصدق تعبير بأروع الألحان وأجمل الكلمات.أليس من الأجدر أن ترسله الدولة إلى ألمانيا أو بريطانيا؟، أم أن العلاج لهذه الدول مخصص لذوي الوجاهة والنفوذ والسلطان والمفسدين في الأرض؟.انه النكران في أبشع صورة أن تتجاهله الدولة وتتركه يئن ويتوجع في منزله ولم تقم بواجبها الوطني نحوه ، بينما نرى آخرين يصابون بالتخمة من كثرة الشبع وتقوم الدولة على وجه السرعة بصرف المبالغ الطائلة لعلاجهم في أحسن المستشفيات الأوروبية واستجمامهم في أجمل المنتجعات.حياة المرشدي مسيرة حافلة بالعطاء والجهد اكبر من أن تحتويها الأسطر ، حياة مليئة بالبذل والإبداع في مجال الفن والموسيقي والغناء فقد كان من الرعيل النموذجي جيل العطاء والأصالة والفن الجميل ، حياة حافلة بالمنجزات والقيم والعبر والدروس التي تستحق أن تدون والتي أهلته ليكون عن جدارة الصوت الذي لا يغيب عن ذاكرة الوطن على مر الأزمان .غنى للوطن والثورة أجمل الألحان الوطنية فأغنية أنا الشعب لا زالت عالقة في الأذهان ولا زالت الجماهير ترددها:أنا الشعب زلزلة عاتيةستخمد نيرانهم غضبتيستخرس أصواتهم صيحتيأنا الشعب عاصفة طاغية أنا الشعب قضاء الله في أرضيأنا الشعبعلى قبضة إصراريسيفنى كل جباري... وأغانيه الخالدة للثورة السبتمبرية منها.. أغنية (ياطير يا رمادي)أنا فدا صنعاء فدا بلاديفدا حقول البن في وسط واديأنا فدا (السلال) بكر يناديوأغنية (هنا ردفان):هنا ردفان من عقلي ولبي هنا ردفان من روحي وقلبيهنا كوخي هنا أهلي وصحبيهنا وطني الكبير وكل حبيهنا ذهبت جدودي لتصنع لي وجوديوتكسر بي قيوديالفنان المرشدي المبدع والثائر والعاشق للوطن صاحب الأخلاق العالية سخر فنه لخدمة القضايا الوطنية والاجتماعية، حينما صاغ من اجلها أروع الألحان الثورية التي ألهبت الروح والوجدان في نفوس الشعب.. الحديث عن هذه الشخصية الوطنية لا يمل فله من المآثر والرصيد الفني عبر عقود من السنين ما تحتاج إلى أكثر من كتاب.قبل الختام أود أن اسرد حكاية واقعية تبين أصالة ومعدن هذا الفنان العملاق، في منتصف الثمانينيات كنت في جدة في زيارة لصديق (العروي اليافعي) بائع كفرات وفجأة عبر زجاج المحل أشاهد الفنان المرشدي فخرجت مسرعاً إلى الشارع واحتضنته وسلمت عليه ثم دخلنا المحل فقدم لنا العروي الشاي .فقال المرشدي أريد شراء أربع كفرات لسيارتي ، فاحضر العروي الكفرات وقد لحقته وأخبرته بان الكفرات على حسابي فأصر العروي أنها على حسابه برغم انه ليست لديه معرفة شخصية به، فأخبرته انه لا مجال للنقاش الآن ولكن المرشدي بفطرته بذكائه الحاد يفاجئنا بقوله المرح وهو يبتسم اقسم بالله أنني لن أخذ الكفرات إلا بعد دفع الثمن.. حاولت معه بإلحاح شديد أن يقبل الهدية ولكنه رفض رفضا قاطعا، هذا هو المرشدي قامة شامخة وهامة عالية مليئة بالشمائل والأخلاق العالية الرفيعة .محمد مرشد ناجي مدرسة فنية تخرج منها العديد من الفنانين و لحن للكثير من الفنانين والفنانات، وهو يحظى بالحب والاحترام والتقدير ليس على المستوى المحلي فقط وإنما على المستوى العربي، وكثير من الفنانين العرب يتغنون بأغانيه.الحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه وأسال الله العظيم بالعرش الكريم أن يمن عليه بالشفاء العاجل و الصحة والعافية وطول العمر في طاعة الله ومرضاته.[c1] دموع القلم [/c]إذا أردت أن تتعرف على شعب فاستمع إلى موسيقاه فالموسيقى وجدان الشعوب.. نيتشه. الموسيقى هي أسمى من أن تكون أداة للهو والسرور فهي تطهر النفس وتريح القلب.. أرسطو
أخبار متعلقة