العلاقة الجدلية بين الحراك الجنوبي السلمي والقضية الجنوبية
[c1] العلاقة بين مفهومي الحراك والقضية الجنوبية[/c]يعد الحراك السياسي أحد أشكال الحراك الاجتماعي الذي يشهده المجتمع في الجنوب وهو نتاج القضية الجنوبية حيث يشكلان معاَ موضوعاً واحدا ولا يمكن فصلهما ، فلم يأت الحراك الجنوبي إلا معبراً عن القضية الجنوبية وكان الحراك بكل ما مثله من حركة احتجاجات ومظاهرات سلمية انطلقت في كل مدن ومناطق الجنوب قد اظهر أبعاد القضية الجنوبية للعلن، كقضية سياسية ووطنية واضحة لشعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً.[c1]الخلفية الثقافية والاجتماعية والسياسية “ تحليل سوسيولوجي مقارن بين الشمال والجنوب”[/c]يشكل الحراك الجنوبي أحد ابرز الأبعاد الثقافية والسياسية للمجتمع في الجنوب،وهو وليد للقضية الجنوبية، إذ يتصف المجتمع اليمني بأنه مجتمع تعددي في انتماءاته التي تجمع بين البنى القبلية التقليدية الراسخة والبنى التحديثية الناشئة، فالتنوع الثقافي بين الشمال والجنوب ملحوظ في الواقع الاجتماعي كالتنوع في العادات والتقاليد الاجتماعية ولكل منهما خلفياته ومنطلقاته التاريخية والاجتماعية، لقد ظلت البنية القبلية التقليدية في الشمال محافظة على آلياتها في حين تعرضت البنية القبلية في الجنوب إلى التفكك في فترة دولة الجنوب قبل الوحدة وبناء مجتمع مدني رغم استمرارها كرمز ثقافي.ولم يؤد الحراك السكاني الذي تم بعد الوحدة بين الشمال والجنوب إلى الاندماج والانصهار بين المواطنين في بوتقة الدولة الواحدة وخلق قيم الوحدة التي تعزز روح الانتماء الواحد في المجتمع، بل على العكس من ذلك فان السياسات العامة والممارسات الخاطئة للنظام ولاسيما بعد حرب 1994م، قد ساعدت على التباعد بين الشمال والجنوب أكثر مما كان عليه الوضع قبل إعلان الوحدة، وبقي الجميع محافظين على المشاعر الجهوية حيث نظر الشماليون إلى الجنوبيين بأنهم متمردون عن التقاليد اليمنية الأصيلة بسبب تأثرهم بالاستعمار وبتجربة الدولة الحديثة، في حين نظر الجنوبيون إلى الشماليين بأنهم قبائل يصعب التكيف معها،فالقبيلة مازالت القوة المؤثرة في الدولة كما اعتبروا الهجرة الواسعة من الشمال إلى الجنوب مؤشراً للسيطرة على الجنوب، ويستخدم البعض كلمة ( ... ) للدلالة على تلك الممارسات بحق الجنوبيين،خصوصاً وقد عبرت عن ذلك بعض القيادات الشمالية كتصريح محمد اليدومي الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح في العام 1997م، عند مقاطعة الاشتراكي للانتخابات النيابية، في حوار متلفز بينه وبين أمين عام الاشتراكي علي صالح عباد مقبل - جنوبي- حيث قال يمكن إن نزج باثنين مليون من الشمال إلى الجنوب وتغيير الخارطة الديمغرافية فيه.وهذا يفسر السلوك العصبوي وقد لمس الجنوبيون تلك التصرفات التي تشير إلى إقصائهم من السلطة والاستيلاء على ثرواتهم وأرضهم، يذكر أن نسبة 90 % تقريبا من الموظفين الذين انتقلوا من الجنوب للعمل في أجهزة السلطة المركزية في صنعاء أو المحافظات الشمالية بعد الوحدة قد عادوا إلى الجنوب بعد حرب 1994م،إما بإبعادهم من الوظائف القيادية أو بالتحويل أو التطفيش اللذين تعرضوا لهما هناك كقطع العلاوات المخصصة لهم مثل نظرائهم الشماليين الذين انتقلوا إلى الجنوب، كما تم نقل البعض من الجنوبيين من عدن إلى المناطق الريفية النائية بعد الحرب ووضعهم في مواقع هامشية أقل من درجاتهم العملية والعلمية،وخصوصا الضباط في الأمن السياسي والقوات المسلحة والداخلية، وقد فضلوا العودة إلى الجنوب وطلبوا التقاعد بسبب ذلك التطفيش،والتهميش الذي يتعرضون له فمن حوالي 86 مهندساً وموظفاً انتقلوا من عدن للعمل إلى وزارة الأشغال العامة في صنعاء عند إعلان الوحدة قبل الحرب لم يبق سوى أربعة موظفين فقط- على سبيل المثال لا للحصر- وعلى العكس في الجنوب حيث تم إسناد اغلب الوظائف القيادية في المحافظات الجنوبية للقادمين من المحافظات الشمالية وعلى وجه الخصوص المواقع الأمنية والعسكرية والمرافق الايرادية كالمالية والضرائب والواجبات وغيرها.وتزايدت أعداد الموظفين المدنيين والعسكريين من أبناء الشمال في كل محافظات ومديريات الجنوب بعد حرب 1994م.وقد كشفت الحرب وما تلاها من إجراءات تعسفية بحق الجنوبيين أن المشكلة هي بين ثقافتين للحكم والتي تعود إلى مفهومهما للوحدة والحكم فالوحدة بنظر الجنوبيين هي وحدة شراكة وبناء دولة حديثة تستند إلى النظام والقانون ،بينما مفهوم الوحدة عند الشماليين هي وحدة ضم وإلحاق وهي ثروة وغنيمة تقوم على القوة والنفوذ وأعراف القبيلة التي اغتصب بها الجنوب وتم تعميم ثقافة الفساد والتخلف في الجنوب بعد حرب 1994م، حيث شجع النظام على عودة المشايخ القبلية ولكنه لم يمنحهم الامتيازات والمكافآت والصلاحيات كنظرائهم في المحافظات الشمالية، بل وفي حالات كثيرة عمل على تعيين مشايخ جدد دون الرجوع إلى تلك البيوت والمرجعيات الأساسية كالسلاطين الذين عرفوا قي الجنوب، وحتى الذين عاد لهم الاعتبار إذا صح التعبير، إلا أنهم يعانون من التمييز بينهم وبين المشايخ في الشمال، وبالتالي فان عودة النظام القبلي إلى الجنوب كان يهدف إلى إثارة الفتن والحروب القبلية بين الناس ومحاربة الأشكال المدنية ليس إلا، وتكشف إحدى الدراسات الاجتماعية أن احتواءً متبادلاً تم بعد حرب 1994م بين قادة النظام وشيوخ القبائل وتشكلت نخبة مركبة، سعت لإضعاف الطابع المؤسسي للدولة والقبيلة على حد سواء فتبنى قادة النظام في تعاملهم مع القبيلة إستراتيجية تقوم على ممارستين متناقضتين شكلاً ومتكاملتين موضوعاً، تهدفان إلى إضعاف القبيلة كمؤسسة اجتماعية، وتقوية القبيلة كمنظومة ثقافية، وكذلك الأمر بالنسبة لشيوخ القبائل فهم يدعمون النظام ويسعون في الوقت ذاته إلى إضعاف الدولة كمؤسسة، وذلك يصب في خدمة النخبة السياسية والاجتماعية في آن واحد فهما نخبتان متكاملتان وليستا نخبتين متنافستين .شكلت القبيلة قوة مساندة للسلطة استفادت منها واستخدمها لتدعيم نفوذها بسبب افتقادها للشرعية المجتمعية حيث اتجهت إلى تقوية الجيش والاستحواذ على مفاصل القيادة فيه وأصبح الجيش قادراً على منح القبيلة دوراً حد من نفوذ الدولة المدنية بل وتعمقت الروابط بين الجيش والسلطة بتأثير نفوذ القبيلة.بمعنى أن مراكز القوى القبيلة هي التي تتحكم في إدارة شؤون البلاد. وعليه فقد سارت الأمور وفقاً لمنهج القبيلة وأعرافها التي توازي بين مراكز قواها الرئيسية التقليدية أو الرسمية كالمؤسسة العسكرية. فهي التي توزع وتمنح المكانة والثروة إذ تتم التعيينات الرسمية بدءاً من مدراء النواحي وانتهاءً بتشكل الحكومات من خلال التشاور بين الرئيس وشيخه ورموز المؤسسة العسكرية. وحتى تسعينات القرن الماضي بعد تحقيق الوحدة، حيث كانت الوحدة قد أحدثت خلل في تلك القاعدة أو التحالف وقد أحست هذه المراكز التقليدية بسحب البساط من تحت قدميها الأمر الذي عبروا عنه علناً بأن الوحدة تشكل خطراً على تلك القوى بدخول الطرف الآخر في إدارة شؤون الحكم” الجنوب” الأمر الذي دفع بمراكز القوى المتحالفة إلى الانقضاض على الوحدة السلمية مع الجنوب بدأ في الاتفاق الذي عقد بين الرئيس والشيخ عبد الله الأحمر عندما طلب الأول من الثاني الخروج من حزب المؤتمر وتشكيل حزب إسلامي معارض يقوم بالاتفاق على اتفاقية الوحدة وعرقلتها وخلق الأزمة مع الشريك الجنوبي..هذا ما كشفه الشيخ الأحمر في مذكراته، من هنا أول ما يلاحظ أن نشوء الخلافات بين الطرف الجنوبي وتلك المراكز التقليدية الذي ظهر بلباس الحزبية (التجمع اليمني للإصلاح) بهدف يستعيد دوره القبلي من خلال الأشكال الحديثة كالحزب مثلا. وقد وصلت تلك الخلافات إلى مرحلة إعلان الحرب الذي تحالفت فيه القوى القبلية والإسلامية والعسكرية وانتهت بإبعاد الشريك الأساسي للوحدة “الجنوب.”حيث تمكنت تلك القوى من إجهاض المشروع المدني للدولة وإعادة تحالفها القائم على المرجعيات السلطوية “القبلية والدينية والعسكرية”. وجرى تفريغ الوحدة من مضامينها السياسية والاجتماعية وعودة أسلوب التفكير والإرادة الشمولية التي أنتجها النظام السياسي السابق في صنعاء .وترجع الاحتجاجات العلنية والتظاهرات الجماهيرية في الجنوب إلى التاريخ السياسي والثقافي في الجنوب، الذي يستمدون منه تلك الروح الثورية المعبرة عن المواقف السياسية التي صنعها التاريخ الوطني المتميز للجنوبيين في كفاحهم الطويل ضد المستعمر الأجنبي، حيث استمروا طوال قرن وثلاثة عقود من الزمن يقاومونه، وقد كان له أثرا واضحا في تكوين الشخصية الجنوبية التي عاشت تحت السيطرة الاستعمارية والتي غرست فيهم روح المقاومة الرافضة للاستعمار كما هي عادة كل الشعوب التي تعيش تحت الاحتلال، حيث كان الاستعمار يتعامل مع الجنوب ضمن سياسة التجزئة “ أي فرق تسد” ولم يدخل في تصادم مباشر مع القبائل الجنوبية، إلا في حالات محددة ،وقد تعامل مع كل قبيلة بمفردها وعمل على تكريس الفرقة بين القبائل وإخضاع محمية عدن تحت سيطرته المباشرة، وترك القبائل خارج عدن تتصارع مع بعضها دون إدخال التنمية فيها،ظنا منه إنه يبعد خطر تهديده، واستمرت الاحتجاجات المقاومة للاستعمار حتى نضجت الظروف التي دفعت نحو تصاعد حركة الاحتجاجات ضد الاستعمار في كل المناطق والقبائل الجنوبية، وتواصلت لتلتحم في بؤتقة سفينة موحدة، حددت هدفها بالنضال التحرري ضد المستعمر تسندها ثقافة التحرر الرافض للاستعمار وتستمد قوتها من كبرياء وكرامة أبناء الجنوب، حيث لم يكن شعار (ثورة ثورة يا جنوب) جديد على الجنوبيين فهو الشعار الذي رفع في ستينات القرن الماضي ضد الاستعمار البريطاني، إذ كان محفزا وجامعا لكل أبناء الجنوب في نضالهم ضد الاستعمار والذي يوحي لهم قوة انتمائهم للوطن وتخليصه من الاستعمار والتخلف، وخلف هذا الشعار تحركت المقاومة الشعبية ضد الاستعمار البريطاني في الثورة التي انطلقت من ردفان عام 1963م.وأنخرط فيها الجميع وعلى وجه الخصوص الطبقات الفقيرة وأبناء الريف والعمال المدنيين والعسكريين العاملين في المؤسسات الاستعمارية، وتبارى الناس في بطولاتهم وأعمالهم الميدانية وبناء على ذلك تم منح الاستحقاق في الدولة الحديثة بعد الاستقلال للقوى المشاركة في الثورة، الجدير بالذكر أن تاريخ الصراعات داخل فصائل الثورة في الجنوب قد بدأ في فترة الكفاح المسلح، وأستمر كجز من تاريخ مرحلة ما بعد الثورة، ربما ما يجري من مماحكات بين مكونات الحراك اليوم مشابه لما حدث في الماضي بين مكونات فصائل الثورة وقد كشفت كثيرا من الأحداث التي شهدها الجنوب في السابق أن صراعاتهم تلك كانت على المكانة وإثبات الوجود أكثر منه على المصالح فقد أستشهد العديد من القادة وهم لا يملكون في منازلهم قوت يومهم وكانت حياتهم عادية لم نلمس فيها مظاهر الغنى والترف كما هو عند القيادات في المناطق الشمالية.كما أن الخلفية الدينية للحركة الصوفية التي تتواجد في الجنوب عرفت بأنها لا تشجع على الكسب المادي والمنافع الذاتية بل هي حركة تنشد الزهد وتتجه نحو كسب المعارف الدينية والظهور بالمظهر اللائق فالصوفيون لا يتباهون ولا يتفاخروا بحمل السلاح، وإجمالاً فالناس في الجنوب لا يفاخرون بالغنى والثروة وإنما كان تظاهرهم بالجاه والمعرفة على عكس الناس في الشمال الذين يجعلون من المال والثروة أساس تواجدهم وصراعهم.فقد كانت القبائل الجنوبية تتصارع وتتقاتل فيما بينها على الجاه والسلطة وليس الثروة حتى أن كبار المشايخ والسلاطين لا يمتلكون الثروة ولا يسمحون لأنفسهم استغلال نفوذهم للاستحواذ على حقوق الآخرين. كما هو الحال في الشمال، وبالعودة إلى تتبع نمط ملكية الأرض فقد لوحظ أن الأغلبية في الجنوب بمختلف فئاتهم ودرجاتهم التراتبية والاجتماعية كانوا يمتلكون أرض بنسب متفاوتة وهي دليل على بعد التوزيع العادل للثروة داخل كل قبيلة، على العكس من ذلك لوحظ نمط الملكية في الشمال يقوم على التفاوت الكبير بين الناس في المجتمع الذي يتم بحسب درجاتهم وتراتبهم الاجتماعية، إذ أن كبار الشيوخ وكبار المسؤولين والضباط هم الذين يملكون النصيب الأكبر من الأرض بوصفها أساس الثروة التي حصلوا عليها إما بالاستيلاء على أراضي الدولة باستخدام نفوذهم وشراء أراضي الضعفاء بأسلوب الإكراه، وهو الأسلوب نفسه الذي استخدموه في الاستيلاء والاستحواذ على الأراضي في الجنوب بعد حرب 1994م.إن القبائل في الجنوب كانت تحترم شيوخها في إطار العرف الذي ينظم تلك العلاقة القائمة على مبدأ الاحترام المتبادل ولاتهابهم وهناك فرق بين الاحترام والهيبة، ولا يذكر أن شيوخ القبائل كانت تتحكم بقبائلها وفقاً لهواها أو ممارسة التعسف والظلم بحقها كما هو في الشمال. أما بعد استقلال الجنوب فقد خضعت القبائل للنظام والدولة الجديدة طالما هي لمصلحة الجميع وذلك لا يتنافى مع توجيهات سلاطين ومشايخ الجنوب، و في القضايا الخاصة كان لا يتدخل المسئولون أو الشيوخ في الماضي بصورة شخصية في فرض ما يريدونه على المواطن.كما هو سائر اليوم ولا يعني أن الدولة لم تلحق الضرر بالبعض ولكن كان ذلك يتم وفقاً للنظم والقوانين وفقاً للنهج السياسي، حيث تعرضت بعض الشرائح والفئات الاجتماعية إلى بعض المظالم التي لا تتفق مع نهج الدولة حيث تم مصادرة الفائض من الأملاك الخاصة بالتجار والمؤسسات التجارية والعقارات والأراضي الزراعية وفقاً للدستور والقانون النافذ كقانون التأميم وقانون الإصلاح الزراعي لكنها لم تذهب لصالح مراكز النفوذ في السلطة، بل لصالح الملكية العامة وأعيد توزيعها على الطبقات الفقيرة أو مؤسسات تابعة للقطاع العام.ومما سبق يمكن أن نرسم ملامح الفروق بين مكونات كل من الشخصية الجنوبية والشخصية الشمالية والتي تستند إلى أبعاد نفسية مختلفة فهناك فرق بين الشخصية الجنوبية والشمالية وهذا يرتبط بطبيعة الخلفية الثقافية والاجتماعية والسياسية التي أثرت على بناء وتكوين الشخصية عبر التاريخ الاجتماعي ولاسيما من الناحية السياسية. وفي هذا الاتجاه يمكن القول إن الشخصية الجنوبية هي شخصية راديكالية ثورية تأثرت بمرحلة الاستعمار البريطاني في الجنوب والتي خلقت شخصية مقاومة للاستعمار، كما أنها متأثرة كذلك بالتجربة الاشتراكية التي تدعو للثورة الشعبية ورفع المظالم عن الناس، فهي شخصية مدنية، عكس الشخصية الشمالية القبلية التي تأخذ المواقف بأسلوب المراوغة والمداهنة ولهذا الأسلوب خلفيته الثقافية والدينية التي تعود إلى الثقافة المكتسبة من النظام العثماني وسياسة الإمامة التي تعاملت بها مع كثير من القضايا، حيث لا تظهر ما في باطن الأمور،بل إظهار عكس ما في الباطن، فهي شخصية ازدواجية كما عبرت عنها تلك الممارسات التي سلكها القادة السياسيون منذ اتفاقيات الوحدة والانقضاض عليها وما تلاها من سلوك بعد حرب 1994م ولم يكن الجنوبيون على معرفة بذلك.بدايات الحراك الجنوبي:تمتد تكوينات الحراك الجنوبي إلى تلك المحاولات الأولى التي ظهرت بعد حرب 1994م، الحرب التي أضرت بالوحدة السلمية التي قامت بين شطري اليمن في العام 1990م، وقد ظهرت التكوينات الأولى بعد الحرب مباشرة كتلك التي بدأت في الخارج مثل حركة الجبهة الوطنية للمعارضة الجنوبية (موج) التي تم تأسيسها في نوفمبر 1994م، وقد لعبت دورا في بداية الأمر في التعريف بالقضية الجنوبية وإيصالها إلى المحافل الدولية، وكذلك تأسيس حركة تقرير المصير (حتم) في عام 1997م. أو التي ظهرت في الداخل مثل اللجان الشعبية،والمنتديات والملتقيات والتجمعات الشعبية الرافضة لتلك الإجراءات التي لحقت بالجنوب والجنوبيين بعد الحرب، والمتمثلة في إقصاء القيادات الجنوبية من مواقعها في أجهزة السلطة وتسريح عدد كبير من العسكريين والمدنيين الجنوبيين من أعمالهم وعسكرة الحياة المدنية، وكانت الإرهاصات الأولى لهذه الاحتجاجات قد بدأت في العام 1995م، سواء تلك التي قام بها عمال المؤسسة العامة للسياحة عشية عيد الفطر في منطقة التواهي للمطالبة بصرف رواتبهم وتم قمعهم من قبل قوات الأمن وقتل خلالها اثنان على الأقل من العمال المحتجين ، أو تلك التي قام بها طلاب جامعة عدن في مدينة الشعب عند ما خرجوا في مسيرة احتجاجية على زيادة أسعار النفط وتم مواجهاتها بالرصاص الحي وأدت إلى مقتل أحد الطلاب.وقد عبر الجنوبيون في كل مكان عن رفضهم لعسكرة الحياة وسلب المواطنين حقوقهم وإذلالهم والنيل من كرامتهم كما حدث في منطقة السعدي يافع في 7 يناير عام 1996م، عندما قامت قوات الأمن بمهاجمة أحدى القرى بهدف سحب السلاح من احد المواطنين في القرية وتصدى لهم المواطنون راح ضحيتها خمسة من قوات الأمن، وتواصلت تلك الاحتجاجات بصور مختلفة في عدد من المحافظات الجنوبية أبرزها تلك الاحتجاجات المبكرة التي شهدتها محافظة حضرموت ومحافظة الضالع بالخروج في المسيرات السلمية التي تطالب بحقوقهم ورفض عسكرة الحياة المدنية وتم قمعها من قبل السلطات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين والمحتجين والذي راح ضحيته عدد من الشهداء منهم الشهيد محمد ثابت الزبيدي في الضالع وبن همام وبارجاش في حضرموت واعتقال حسن باعوم عام 1998م واختفاؤه لفترة عام كامل. ثم تواصلت تلك المعارضة والاحتجاجات الجنوبية في صور منتظمة، مثل تأسيس عدد من المنتديات السياسية والثقافية في عدن على وجه التحديد، وفي أغسطس 1998م تم تأسيس اللجان الشعبية والدعوة التي تصدرها الدكتور محمد حيدرة مسدوس وحسن باعوم والتي أطلقوا عليها بـ “إصلاح مسار الوحدة” ولم تستقطب تعاطفاً شعبياً كبيراً في بداية الأمر، ربما لأنها جاءت من قبل قيادات سياسية عليا في الحزب الاشتراكي اليمني،الذين يعتبره الناس في الجنوب السبب الرئيس الذي أوقعهم بهذا الخطأ ( ... ) ، كما أن هذه الدعوة لم تلقى التأييد داخل الحزب نفسه، بل عمقت الخلاف داخل اطر الحزب،الأمر الذي أدى إلى ظهور تياران في الحزب هما : التيار الأول وهم الاشتراكيين الذين يؤيدون دعوة إصلاح مسار الوحدة وأغلبهم ينتمون إلى الجنوب، والتيار الآخر يعارض ما تضمنته تلك الدعوة ، ويرون أن مسألة المظالم هي مسألة عامة في المجتمع اليمني ويمثل هذا التيار أغلبية قيادات الحزب الاشتراكي التي بقيت داخل الوطن بعد حرب 1994م والأعضاء الشماليون في الحزب، حيث تركز الخلاف بينهما حول ماجاء به مشروع إصلاح مسار الوحدة بتحمل الحزب الاشتراكي المسؤولية التاريخية تجاه ما لحق بالجنوب باعتباره معنيا بالتعبير عن القضية الجنوبية وتبنية مشروعا بالمطالبة بمعالجة آثار الحرب وما لحق بالجنوبيين من غبن ومظالم، وهي مسؤولية تاريخية بوصفه كان الحاكم في الجنوب وهو الذي وقع على اتفاقية الوحدة ويمتلك الشرعية السياسية كحزب سياسي مرخص له، يمكن أن يكون الحامل للقضية الجنوبية، إلا أن هذا الطرح لم يحظ بأي اهتمام من قبل هيئات الحزب وقياداته أو من قبل السلطة أيضاً.الجدير بالذكر أن تلك المعارضة لم تنحصر في إطار الحزب الاشتراكي فقط ، وبعد انعقاد المؤتمر العام الخامس للحزب الاشتراكي في عام 2005م ، تجلى موقف الحزب غير الواضح من القضية الجنوبية، لذا فقد خرجت المعارضة عن إطار الحزب لتنضم إلى تلك التجمعات والأصوات المناهضة للنظام خصوصا بعد تحالف الاشتراكي مع حزب التجمع اليمني للإصلاح -الشريك الرئيس مع المؤتمر الشعبي في الحرب على الجنوب عام 1994م - وشكلوا ما يسمى بأحزاب اللقاء المشترك مع بعض أحزاب المعارضة الأخرى، وجميعها أحزاب ذات منشأ شمالي ولم تدخل هذا التكتل الأحزاب السياسية ذات المنشأ الجنوبي مثل “حزب الرابطة، وحزب التجمع اليمني الذي كان يرأسه المناضل عمر الجاوي”.وفي الخارج تم تأسيس حركة تقرير المصير “ حتم” في 1998م، وكذلك تم تأسيس حزب التجمع الديمقراطي “ تاج “ في يوليو 2002م الذي يدعو إلى انفصال الجنوب والعودة إلى الجنوب العربي، وكان لهما تأثير كبير في الداخل بين صفوف الشباب، حيث اتسعت مساحة الاحتجاجات المعارضة للنظام في الجنوب لتشمل أطرافاً وتحالفات اجتماعية أوسع كمنظمات المجتمع المدني والواجهات الاجتماعية بصفتها الجهوية “ الجنوبية “ وليست الحزبية، حيث توالى بين الحين والآخر تنظيم بعض الاحتجاجات السلمية الرافضة لتلك الأعمال والممارسات التعسفية التي تمارس ضد أبناء الجنوب ونهب ثرواته وتجويع أبنائه والمطالبة باستعادة حقوقهم المسلوبة، وقد ظهرت بداية تلك الاحتجاجات المنظمة في مختلف المحافظات الجنوبية، عبرت عنها عدد من التكوينات والتجمعات الشعبية التي استشعرت مخاطر سياسية النظام ضد أبناء الجنوب بصفة عامة،بمن فيهم الذين تحالفوا مع النظام في حرب 1994م،عندما بدا التخلص منهم بإحالة جزء كبير من القادة العسكريين إلى التقاعد ليلحقوا بإخوانهم الجنوبيين الذين تم تسريحهم قسرا بعد الحرب، لذلك تم إعلان ما سمي بملتقى أبناء الجنوب في صنعاء في العام 2002م، والذي ضم عدد من الشخصيات السياسية الجنوبية وحدد جملة من المطالب الحقوقية لأبناء الجنوب.وجاء إعلان السفير أحمد عبد الله الحسني حق اللجوء السياسي في بريطانيا 2005م،الذي كان يشغل منصب سفير اليمن في سوريا ، وهو من القيادات العسكرية التي تحالفت مع السلطة في حرب 1994م، وكان قائدا للقوات البحرية ، حيث شكل انضمامه إلى المعارضة الجنوبية في الخارج عامل دعم قوي، ونقطة تحول في مسار المعارضة الجنوبية التي تقاربت فيها الأجنحة والقوى الجنوبية التي تصارعت في الماضي والتي دأب النظام على استغلال صراعات الماضي وتوظيفها لمصلحة بقائه في استمرار ممارسة الإقصاء والتهميش للجنوبيين ونهب ثرواتهم وإفقارهم.لقد استهدفت تلك الممارسات كل أبناء الجنوب وساعدت على تقارب فرقا الماضي جميعا ومهدت لإعلان ما سمى بدعوة التصالح والتسامح التي أعلن عنها من جمعية ردفان في عدن في 13 يناير 2006م،في ذكرى الحرب التي جرت بين الجنوبيين في 1986م، وكان إعلان التسامح والتصالح في هذه المناسبة بمثابة رسالة قوية يوجهونها إلى النظام،الذي هاجمها بشدة، وقد عزز ذلك التصالح في مباركة الجنوبيين المتواجدين في الخارج مما دفع قدماً بتصاعد حركة الاحتجاجات في كل مناطق الجنوب وخصوصاً بعد الاتصالات المعلنة التي كان يجريها بعض الشخصيات الجنوبية في الخارج وتذاع في المهرجانات التي تتم في بعض المناطق مثل خطابات الحسني وعلي ناصر والجفري وصالح عبيد والعطاس والقيرحي وصالح شايف.يذكر أنه عند توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية،كانت اليمن قد اشترطت على السعودية قطع المساعدات التي كانت تقدمها للنازحين الجنوبيين بعد حرب 1994م، المتواجدين بالخارج، وعاد الأغلبية منهم ولاسيما العسكريين بعد قطع تلك المساعدات الإنسانية عليهم عام 2003م، والتزم النظام بعدم مطاردتهم ومنحهم حقوقهم المسلوبة، إلاً أنه لم ينفذ التزاماته تلك بعد عودتهم، الأمر الذي أدى إلى استمرار تنظيم حركة الاحتجاجات في المجتمع بسبب زيادة حالة الفقر والبطالة والتهميش الذي يمارس ضد أبناء الجنوب ونهب خيراته من قبل المتنفذين وعدم الاستجابة للمطالب المشروعة التي يرفعها هؤلاء وقمع المحتجين والمتظاهرين سلميا وممارسة الحظر الإعلامي على تلك الاحتجاجات السلمية والديمقراطية المشروعة وصمت المجتمع الإقليمي والدولي عنها.وعليه فقد اتسع نشاط الحراك الجنوبي بانضمام عدد من الشخصيات القبلية الجنوبية إليه، مثل الشيخ طارق الفضلي بعد خلافه الشخصي مع النظام وهو من الشخصيات التي تحالفت مع صنعاء في حرب 1994م، والشيخ عبد الرب النقيب في يافع والشيخ حسن بنان في شبوة ، وغيرهم من المشايخ والشخصيات الجنوبية المؤثرة في الجنوب، والعائدين من الخارج الذين عادوا من دول المنفى خلال السنوات الماضية، وقام العسكريون بتشكيل جمعية للمتعاقدين في 2006م، في عدن ومن ثم في بقية المحافظات الجنوبية، للمطالبة بحقوقهم القانونية، وخرج هؤلاء في أكبر تجمع نوعي في 7 /7 /2007م بساحة العروض في مدينة خور مكسر باللباس العسكري مطالبين بحقوقهم ورفع المظالم التي طالت أبناء الجنوب.لقد كان هذا التظاهر مفاجئاً للنظام وللجنوبيين أيضاً حيث كسر حاجز الخوف عند الناس الذين اندفعوا بعد هذا التاريخ إلى تنظيم عدد من المظاهرات الاحتجاجية في مختلف محافظات الجنوب،وبعد ثلاثة أيام تم إقامة اكبر مهرجان بتاريخ 10 /7 /2007م في منطقة يافع بمحافظة لحج حضره الكثير من مختلف المحافظات الجنوبية وقد كان المهرجان مفتوح لم تحاصره القوات الأمنية رفع فيه علم دولة الجنوب السابقة وقد أعطى انطباع للحاضرين من قدرتهم على استمرار تلك المظاهرات والمهرجانات الاحتجاجية، وتم تشكيل منظمات الشباب العاطلين عن العمل،التي التحمت مع جمعيات المتقاعدين .وفي يونيو 2007م تم تشكيل مجلس تنسيق الفعاليات السياسية وهيئات النضال السلمي في المحافظات الجنوبية، الذي تدعو إلى تنظيم الاحتجاجات والتظاهرات السلمية المنتظمة في المناسبات الوطنية التي كانت سائدة في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كيوم الشهداء وثورة أكتوبر وعيد الاستقلال وغيرها من المناسبات التي استقطبت مئات الآلاف من المشاركين. وقد شكلت تلك الاحتجاجات والتظاهرات عامل ضغط كبير على النظام وبدلا من الاستجابة لمطالبهم الحقوقية ، لجأ الذي أطلق أيدي العسكر لمواجهتها بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين سلمياً. ودعا ما سمي بمجلس جمعيات المتقاعدين والشباب العاطلين عن العمل إلى قيام اكبر مسيرة احتجاجية في مديرية ردفان يوم 14 أكتوبر 2007م، في ذكرى الثورة وبدأت الجماهير تتوافد إلى مدينة الحبيلين قبل يومين من إعلان المسيرة من مختلف المحافظات الجنوبية ، وأقدمت قوات الأمن والقطاع العسكري المرابط في المنطقة على منع دخول الناس إلى المدينة واقتحام منصة الاحتفالات بالقوة الأمر الذي أدى إلى قتل أربعة من المواطنين وجرح العديد، إلا إن القمع والقتل لم يخمد تلك الاحتجاجات، بل على العكس فالمظاهرات استمرت في تصاعد كبير رغم قمعها من قبل قوات الأمن والتي سقط فيها عشرات القتلى وزج بالعديد في السجون اثناء تلك الفعاليات أو تلك الاعتقالات التي تتم قبل قيام المظاهرات بهدف إفشالها، كما جرت محاكمات لعدد من قيادات ونشطاء الحراك الجنوبي بتهم الانفصال وإثارة الفتنة وغيرها. كل تلك الإجراءات لم تثن حركة الاحتجاج الجنوبي من مواصلة مسيرتها الوطنية ،بل على العكس زادتها زخما وتنظيما .وقد التف الناس حول مجلس التنسيق الأعلى لجمعيات للمتعاقدين وجمعية الشباب العاطلين عن العمل، التي نظمت عدد من المظاهرات الاحتجاجية في مختلف المديريات التي شملت جميع المحافظات الجنوبية، وتم قمعها من قبل قوات الأمن والجيش باستخدام الرصاص الحي وسقط العديد من الضحايا فيها، وتحولت أيام تشييع جثامين الشهداء إلى أيام احتجاجات واسعة كانت تقام في مختلف المحافظات والمدن وعلى وجه الخصوص في عدن والضالع والحبيلين ولحج وأبين وقد منعت السلطات ذوي الشهداء الذين سقطوا في عدن من دفنهم فيها حيث كان يذهب بهم إلى مقبرة الشهداء في الحبيلين التي خصصت لشهداء الاحتجاجات السلمية، بعد حادثة المنصة.وكانت حركة الاحتجاجات تلك قد اكتسبت تأييدا واسعا من قبل المجتمع في الجنوب بشكل عام والنخب السياسية المعارضة في كل إنحاء اليمن، هذا التجاذب الجماهيري الكبير المتمثل في زخم المشاركين في تلك المسيرات والمظاهرات قد دفع بالبعض نحو التسابق في الإعلان عن تأسيس بعض المكونات السياسية للحراك الجنوبي مثل المجلس الوطني لتحرير الجنوب/ الهيئة الوطنية للاستقلال/ هيئة النضال السلمي وغيرها في زمن متقارب.وقد فرض النظام حظر إعلامي على تلك الاحتجاجات والمسيرات الشعبية كمنع مراسلي وكالات الأنباء من تغطية تلك الفعاليات السلمية، واتخاذ إجراءات مشددة ضد الصحف المحلية التي تنشر وتغطي تلك الاحتجاجات والأحداث في المحافظات الجنوبية، كما قام بإغلاق بعض الصحف بسبب تغطيتها للأحداث والمسيرات التي تتم في المحافظات الجنوبية والتي تدعو إلى فك الارتباط كما جرى مع صحيفة الأيام اليومية التي منعت من الإصدار منذ العام 2009م، وتعرض مبناها للهجوم العسكري المسلح بعد عام تقريبا من إغلاقها،استشهد فيه سلام اليافعي . وفي الخارج قامت المعارضة الجنوبية بمواصلة نضالها في إيصال القضية الجنوبية إلى المحافل الدولية عبر الوسائل المتاحة حيث ينظم المهاجرون والمهجرون الجنوبيون مسيرات احتجاجية مماثلة أمام مكتب الأمم المتحدة في واشنطن أو في بعض العواصم الأوروبية تنادي المجتمع الدولي بالتدخل والضغط على النظام لمساعدة الجنوبيين بتحقيق مطلبهم بفك الارتباط، كما لعبت قناة عدن لايف التي تبث من بريطانيا دورا كبير في مساندة حركة الاحتجاجات في الداخل وتغطيتها لفعاليات الحراك الجنوبي وإظهار القضية الجنوبية، فضلا عما يبث وينشر عبر المواقع، الجنوبية المختلفة على شبكة الانترنت ومساهمات المهاجرين الجنوبيين خارج الوطن فيها أو من خلال ما يقدمونه من دعم مالي يسهم في معالجة الجرحى الذين تطلق عليهم قوات الأمن النار في تلك المسيرات ، كل ذلك قد أوصل القضية الجنوبية إلى المحافل الدولية، فالمؤتمرات الإقليمية والدولية التي ناقشت مشكلات اليمن في السنتين الماضيتين لم تخل من الحديث عن القضية الجنوبية سواء تلك التي انعقدت في بريطانيا أو في واشنطن أو في دول مجلس التعاون الخليجي. رغم محاولات تضليل الرأي العام الخارجي ، وقمع تلك الاحتجاجات والاعتقالات والملاحقات المستمرة لنشطاء الحراك في محاولة لإخفاء حركة الاحتجاجات التي يقوم بها الحراك الجنوبي عن أنظار العالم ومنع إقامتها في عدن، حيث تم اللجوء إلى تنظيم المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية في الأرياف منذ العام 2009م.[c1] رئيس مركز مدار للدراسات والبحوث الاجتماعية..عدن