ما أجملها وما أروعها وقد تزينت شوارعها بأكياس القمامة من كل نوع ولون ومن كل ما بقي من موائد عامرة لتستقبل عيد الحب ذلك الاستقبال العظيم والزاخر بمهرجانات الذباب والناموس والقطط الجائعة والكلاب الضالة في منظر يعبر عن أن اليمنيين قد تجاوزوا فعلا الأزمة السياسية وأن هناك حكومة وفاق تساوى فيها الجميع أمام العدالة الغذائية، فامتلأت شوارع صنعاء الفقيرة بشوارعها الغنية بما لذ وطاب من فضلات وجبات شعبية ورسمية واحتفالات كرنفالية للقمامة الوطنية لتكون صنعاء “ عاصمة للقمامة العربية “..ذلك الاستقبال الحافل المتنوع، جذب إليه بعض مدمني القات فرأيت أحدهم آخر الليل في شارع تونس وقد اتكأ على حجر في ديوان قمامة “ ليخزن “.. ومن يدري أية أفكار خرج بها وأية مشاريع لتحسين صورة المدن اليمنية واستلهام فكرة زبالية لنقل القمامة سلميا إلى خارج العاصمة بدون سقوط قتلى أو جرحى وقصف متبادل وإقامة نقاط تفتيش ونصب براميل وبدون تصريحات سياسية نارية من هذا الطرف أو ذاك.منظر العاصمة ذاك كان يحتاج إلى رسام فنان لينقل لدول الخليج والاتحاد الأوروبي والعالم كله كيف أن اليمنيين أصحاب حكمة، فما إن تشتد أزماتهم وخلافاتهم و تتراكم مشاكلهم وديونهم وقمامتهم حتى يجنحوا للسلم ويستجيبوا لصوت العقل ويقبلوا بالمبادرات، وهو ما يعني أننا الآن بحاجة إلى مبادرة أخرى ولو من الصومال الشقيق أو من أية دولة لنقل “ قمامتنا “ ومخلفاتنا من شوارع العاصمة بالطرق السلمية وإزالة المظاهر المزبلة ببنود واضحة ونصوص ملزمة لكافة الأطراف وبدون أن تسال قطرة دم واحدة إلى مكان، بل إلى متحف نحتفظ فيه بذلك “ الروث التاريخي “ وجعله مزارا للسياح والخبراء والمهتمين.لقد اتصل بي أحد الأصدقاء من خارج اليمن قبل يومين يقول “ كنت أعتقد أن سكان صنعاء سيخرجون للتظاهر على ما آلت إليه مدينتهم وسيتظاهر غيرهم من الشباب، وكنت أعتقد أن في بلدكم مسؤولين لن يرضوا بذلك الوضع وتحول صنعاء إلى أكبر برميل قمامة في العالم ولو كانت هذه المشكلة في بلدان أخرى لسقطت فيها حكومات وبرلمانات، وكنت أعتقد أن لديكم مهتمين بالبيئة، وكنت أعتقد .... “ فصرخت فيه “ كفى ، يا أخي هذه القضية ليست قضية ملحة فلدينا مسؤولون وما أكثرهم لكن لديهم مستلزمات وقاية وفي بيوتهم كمامات تكفيهم لعشر سنوات قادمة وأسرهم وأطفالهم إذا ما ازداد الوضع سوءا سيخرجون خارج البلاد مع أول طائرة، أما الأحزاب فلدينا حزب يهمه هذا الموضوع والمؤتمر والمشترك ليست هذه قضيتهما ولن تكون لأنه لاعلاقة لها بالسياسة ولا بالسياحة، والمهتمون بالبيئة لدينا خبراء في “ البيعة” والثوم والبصل والجراد، ثانيا ليست المرة الأولى التي نرى فيها هذا الوضع المزري وما يخجلنا فعلا ويحرجنا هو ليس ما سيلحق بسكانها من أمراض فقد تعودنا على المرض والجوع وانقطاع الكهرباء والماء لأكثر من عام بل ما يخجلنا هو موقفنا من أولئك الأوروبيين وكل الأجانب والعرب الذين يتوافدون على صنعاء هذه الأيام لمتابعة ومراقبة الانتخابات الرئاسية فقد كان يفترض فينا أن ننبههم قبل وصولهم بأنهم سيزورون منطقة موبوءة أشبه بمنطقة انفجار مفاعل تشرنوبل حتى يأخذوا احتياطاتهم ويحضروا معهم طائرات هيلوكوبتر لتجنب المرور في شوارع العاصمة وأخرى للإخلاء الطبي إذا ما أصيب أحدهم بوباء.ثم تساءل هذا الصديق عن الحل؟ فقلت الحل أن تشكل لجنة بإشراف دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي لإنهاء هذه المشكلة وإزالة المظاهر المقمقمة من صنعاء وأن يكون هناك جدول زمني ملزم لجميع الأطراف بالتنفيذ .. وياحبذا لو كان السيد بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة حاضرا حتى يكون له شرف توقيع اتفاق نقل القمامة سلميا إلى مكب الأزرقين أو الأسودين, حتى نقول للعالم هانحن قد حققنا انجازا آخر للوطن ..
|
آراء
صنعاء عاصمة القمامة العربية
أخبار متعلقة