- نتفهم أن يستميت (الإصلاح) بعدن وغير عدن في حشد أعضائه لتلك الانتخابات أن كانت ستأخذ طابعاً تنافسياً ونتيجتها غير معروفة مسبقا كباقي انتخابات العالم، لكن وقد أصبحت تلك الانتخابات أو بالأصح الاستفتاء المرتقب نتيجتها محسومة سلفا والفائز فيها هو المرشح الوحيد، كونها انتخابات تحصيل حاصل للمبادرة الخليجية وتوافق حزبي اقتضته ضرورة الوصول السريع إلى مجلس الوزراء، فلا يوجد بالتالي مبررا لكل هذا الحماس المبالغ فيه وكل هذه المجازفة من قبل (إصلاح) عدن في تفجير الوضع بمدينة هي تعيش أصلا على تخوم الفوضى وشفير الانهيار في جل مناحي الحياة فيها، نقول انه لا يوجد مبرر لذلك غير حاجة في نفس قيادات هذا الحزب القابعة هناك في صنعاء مغزاها استهداف القضية الجنوبية وطمس ملامحها - مع يقيننا ان قضية شعب هي أكبر من أن يحتويها صندوق انتخابي - من خلال استثمار تلك الانتخابات لبعث رسالة للمجتمع الدولي بان الجنوب لا توجد لديه قضية بالحجم المطروح ولا لديه مشكلة إلا مع علي عبدالله صالح وان انتخاب رئيس جديد ومن الجنوب أيضا كفيل بان يكون عطارا يصلح ما أفسده دهر سلفه ذو العقود الثلاثة.هكذا يسعى مركز الإصلاح بصنعاء أن يسطح قضية بحجم القضية الجنوبية ويجعل من فروعه بالجنوب كباري مرور ليقضي وطره السياسي المرسوم، وإلا ماذا يعني أن يسعى الإصلاح بكل طاقاته إلى التركيز على إجراء الانتخابات وإبراز أهميتها فقط بالجنوب وفي عدن تحديدا وبأي ثمن مع أن باقي الساحات التي يهيمن عليها الإصلاح بالشمال لم تشهد أي مسيرة أو نشاط مؤيد لهذه الانتخابات على الأقل حتى اليوم واقتصر نشاطه المحموم في عدن وباقي الجنوب فقط؟ ونافلة في التأكيد أن ساحات التغيير هناك تقف بوجه إقامة هذه الانتخابات من منطلق رفضها للمبادرة الخليجية من أصله باستثناء غريب هو في الجنوب فقط.- فمثلما أن الاعتراض الجنوبي على الانتخابات المقبلة ليس اعتراضا على شخص الأخ عبدربه منصور فهو أيضا ليس اعتراضا على مشاركة الإصلاح فيها، بل الاعتراض هو على إجراء هذه الانتخابات في ظل مراوحة وضع القضية الجنوبية مكانها دون أن تحدد القوى المنخرطة بهذه الانتخابات موقفا مستقبليا واضحاً حيالها يركن عليها ويبعث في النفوس شيئاً من الطمأنينة ولو بحدها الأدنى لتخبو معه فورة غاضبة تجتاح النفوس، ولكن لأن شيئا من هذا لم يحصل فقد كان قرار مقاطعة هذه الانتخابات المقاطعة الإيجابية هو الخيار الوحيد الذي أبقته هذه القوى أمام أنصار الحراك الجنوبي وكل القوى الجنوبية التي ترى أن مستقبل الجنوب يساق إلى مذبح التسويات السياسية الظالمة ويراد من خلالها أن يذبح مرتين، مرة بساطور الوحدة ومرة بخنجر الثورة فمن المخجل التعثر مرتين بالحجر نفسه.- يعرف حزب الإصلاح انه عجز إلى حد كبير هو وشريكه في الحرب الظالمة التكفيرية على الجنوب المؤتمر الشعبي العام أن يسدا الفراغ الذي خلفه خروج الحزب الاشتراكي من الجنوب منذ ذلك التأريخ برغم تلك الطاقات الهائلة التي امتلكاها والمتسلحة بثروات الجنوب وإمكاناته المنهوبة وبرغم التشتت والضياع الذي عاشه الجنوب حينها، فكيف يمكن اليوم وبعد أن استنهض الجنوب بكل مكوناته الشعبية والجماهيرية والسياسية أن يفكر الإصلاح أو غير الإصلاح بان بمقدوره أن يتفرد بحسم المستقبل منفردا؟ فالخطأ الذي يصيب الإصلاح في مقتل سياسي هو انه إلى اليوم لم يعرف أن للجنوب خصوصية سياسية تختلف عن الوضع هناك في الشمال ولا بد له ولغيره من القوى السياسية أن تعي هذه الحقيقة وتتصرف وفقها.- أن الأحداث المؤسفة التي حدثت يوم الجمعة الماضية في مدينة المعلى بعدن ما كان لها أن تحدث أن كان الإصلاح في عدن أدار ظهره لتوجيهات المركز المغامر الذي يود أن ينفذ روزنامته بأي ثمن كان ونفذ فعاليته تلك في ساحته المعروفة بكريتر على الأقل من منطلق الحفاظ على الوضع كما هو عليه من الهدوء النسبي الذي يحتاجه الإصلاح لتمرير الانتخابات، ولا يعطي الفرصة للعناصر التي تريد تخريب العملية الانتخابية كما يقول، فهو أي الإصلاح أكثر حزب محتاج إلى عدم إحداث أي فوضى في هذه الفترة. ومع هذا فلا يمكن أن نعفي الطرف الآخر من المسئولية عما حدث.- نعتب على الإصلاح أنه يتحمل الوزر الأكبر من المسئولية عن تلك الأحداث كونه حزباً منظماً ولديه الإمكانات المالية والإعلامية والسياسية وهيئات منضبطة تمكنه من أن يكون عاملاً مؤثراً نحو الاستقرار وليس باحثاً عن الفوضى بعكس الحراك الجنوبي الذي هو عبارة عن حركة شعبية عفوية تفتقر للهيئات التي بمقدورها ان تكون موجهاً وكابحاً لجموع تهور أنصاره.- ثمة أسئلة كثر تنتصب أمام أعيننا باحثة عن إجابة إصلاحية شافية مثل أن نتساءل: لماذا بعد كل الوعود التي أطلقها الإصلاح أنه سيعمل بمجرد إسقاط النظام وقد سقط بالفعل رأس النظام على حل القضية الجنوبية الحل العادل أدار ظهر المجن للجنوب وتحلل من كل وعوده وذهب اليوم قدما بالترتيبات القادمة؟ فما الذي تغير بالأمر حتى يمكن أن يقتنع به الجنوبيون لينخرطوا بالعملية الانتخابية ومن بعدها العملية السياسية برمتها كما يطلب منهم اليوم؟ وبالتالي نقول لماذا يلام الجنوب والحراك الجنوبي وباقي القوى التي ترفض الانتخابات طالما والوضع لم يتغير منذ أطلق الإصلاح وعوده بل أن العملية السياسية ازدادت غموضا وتعقيدا وبالجنوب خاصة أكثر مما كانت عليه اثناء وقبل إطلاق تلك الوعود؟- يقع اللوم كثيرا على إصلاح الجنوب برغم قناعتنا بان قياداته هي من أفضل ما اختار الإصلاح ولكن اللوم الذي لا تعفى منه تلك القيادات هو أنها واقعة تحت طاعة حزبية عمياء برغم أن هذه القيادات أي القيادات الإصلاحية بالجنوب كان لها دور مميز بالدفاع عن القضية الجنوبية وشاركت بفعالية كبيرة في إبراز هذه القضية كقضية سياسية عادلة ولكن حين تصدر إليها أوامر حزبية من المركز تبتلع هذه القيادات ألسنتها وتتملكها حالة من الرعب والخوف من سطوة المركز، وبالتالي تتمكن قيادات الحزب بالمركز الصنعاني من أكل الثوم بالجنوب بأفواه جنوبية مغلوبة على أمرها وبهذا تكون قيادات الإصلاح في الجنوب وبرغم نقاء نواياها وصفاء ذهنها قد جعلت من نفسها جسرا تمر من فوقه قوافل الاستبداد إلى الجنوب أو قل (....) كما وصف الوضع بالجنوب منذ حرب 94م الجيش الموالي للثورة بصنعاء قبل أشهر عبر بيانات متلاحقة وصف بهذا الوصف كل وسائل إعلام الإصلاح واثنت عليه كل تصريحات قياداته وهيئاته الحزبية التي توسع الجنوبيين وحراكهم السلمي اليوم تهما وشتائم من قبيل مصطلحات: (البلاطجة - وعناصر مأجورة من بقايا النظام وعناصر الأمن القومي - والحراك الإرهابي المتعاون مع القاعدة والشيعة الروافض - وقطاع الطرق، وهلم جراً من حمى الصرع السياسي من تهم ومصطلحات تصعق السمع وقاحتها وتبعث على الأسى فجاجتها)، فلا تكن كقمة الجبل ترى الناس صغارا ويراها الناس صغيرة!- لم نستخدم في تناولتنا هذه مصطلح (أحزب اللقاء المشترك) لدرايتنا أن هذه التسمية ما هي إلا تسمية صورية يراد منها إفهام العوام بأن الحزب الاشتراكي راض عن كل ما يمرره المركز بصنعاء سلطة ومعارضة بالجنوب وان هذا التحالف المسمى المشترك قد جعل هذا الحزب - أي (الاشتراكي )- حصاناً ينفذ من خلاله مركز الإصلاح إلى طروادة الجنوب ليدوس بسنابكه على كل الرقاب باسم الوحدة تارة وباسم التغيير تارة أخرى وبينهما فتاوى قاتلة لا تزال تنثال من لدنها فتاوى أخرى، وللأسف فقد قبل هذا الحزب العريق على نفسه أن يكون بهذا الموقع ويحني ظهره ويمعن بالانحناء وتخلى عن دوره بالجنوب الدور الأخلاقي المفروض أن يقوم به كونه من قاد الجنوب إلى محرقة اسمها وحدة اندماجية فورية.!حكمة: ( لا يؤسفني أنك كذبت عليّ، لكن الذي يؤسفني أنني لن أصدقك مرة أخرى - نيتشة -)
|
فكر
بين يـدي حزب (الإصلاح)
أخبار متعلقة