( يعترف جميع السياسيين اليمنيين سواء كانوا من مواليد المحافظات الشمالية أو الجنوبية أو الشرق أو الغرب بأن هناك قضية جنوبية يجب حلها، ولكن إذا ما عدنا إلى أول كلمة في هذا المقال وهي كلمة “يعترف”، وحذفنا منها حرف التاء فسوف تصبح الكلمة “يعرف” بدلاً من أن يعترف، ومن هنا يمكن أن نسأل أنفسنا هل يعرف جميع السياسيين اليمنيين ما هي القضية الجنوبية كي يعملوا على حلها؟ الإجابة لا. والدليل على ذلك أن الخلافات تبرز بشدة عند الدخول في تفاصيل الحلول والمبادرات المقترحة، وليست هذه الخلافات جهوية شمالية جنوبية كما يتصور البعض، بل خلافات أعمق ناجمة عن غياب تعريف أهل القضية لها وإنكار معظمهم لجذورها).الفقرة أعلاه ماخوذة من مقال الزميل منير الماوري الموسوم (مبادرة لحل القضية الجنوبية من جذورها) المنشورة في صحيفة (الجمهورية) وعدد من الموقع الالكترونية. لاحظوا أهم ما في العبارة هو السؤال الذي سأل فيه الماوري نفسه وأجاب عليه بالنفي (هل يعرف جميع السياسيين اليمنيين ما هي القضية الجنوبية كي يعملوا على حلها؟) . ونحن نقول له نعم يعرف السياسيون اليمنيون والعرب ما هي القضية الجنوبية لان الحراك السلمي قد وضعها على الطاولة وأصبحت رقماً صعباً لا يستطيع احد تجاوزها أو القفز عليها وقد كانت التضحيات الغالية والجسيمة التي قدمها شعب الجنوب كفيلة بإيصالها إلى أروقة الدول والمنظمات والهيئات العربية والإقليمية والدولية وكان آخر من عرفها هو ولي نعمتك اللواء علي محسن الأحمر الذي قال إن (النظام حكم الشمال بالاستبداد والجنوب بالاستعمار). رأيت كيف يا منير حكم الجنوب بـ ( ... ) ليس هذا فحسب بل أصبحت تتسيد المشهد السياسي بامتياز فإذا كانت القضية الجنوبية لا يعرفها احد كما أشرت لما أخذت منك كل هذا الاهتمام واستطيع إن أقول إنها أصبحت كابوساً جاثماً على صدرك يؤرقك ويلاحقك كظلك إلى درجة جعلتك تهرف بمالا تعرف. يبدو أن الردود المتتالية على مقالات الماوري قد تمكنت من خلخلة دفاعه وجعلت مرماه مفتوحاً على مصراعيه لتسجيل الأهداف دون عناء وهذا ما نحن بصدده هذه المرة ولاحظوا معي ما قاله الماوري في العبارة التالية: (ومثلما يختلف الفلسطينيون بشأن مكان حق العودة هل يكون إلى الضفة الغربية وغزة أم إلى المنطقة الخضراء أم إلى فلسطين التاريخية كاملة؟، فمن جانبهم يختلف الحراكيون الذين يقدر عددهم بربع سكان المحافظات الجنوبية في أحسن التقديرات حول الزمن الذي يريدون العودة إليه).صحيح أن هناك مشاريع متعددة ورؤى مختلفة ولكنها تبقى اجتهادات ولا يحق لأي احد إن يدعي بتمثيل الجنوب أو انه هو على صواب والآخرين على خطأ ،ولذا فشعب الجنوب هو صاحب الحق في تقرير مصيره عن طريق الاستفتاء وبإشراف دولي وإقليمي ولا أجد مبرراً لقلق الماوري على الوحدة فلماذا الخوف من الاستفتاء إذا كنت تثق فيما تقوله بأن من يريد استعادة الدولة هم ربع سكان الجنوب فدع نتيجة الاستفتاء هي من يرد على ذلك وهذا هو الهدف الأول في مرمى الماوري. عمل الماوري على تقسيم الحراكيين إلى ثلاثة تيارات هي: تيار العودة إلى ما قبل 1994، تيار العودة إلى ما قبل 1990، تيار العودة إلى ما قبل 1967،وعند حديثه عن التيار الثاني قال إن أصحاب هذا التيار ينادون بفك الارتباط وقسمهم إلى ثلاثة إطراف وأشار إلى البيض والعطاس كأطراف في هذا التيار وأضاف لهم هذه المرة جنوبيي السلطة كطرف ثالث حيث قال : (والطرف الثالث هو فريق حراكي جديد بازغ لتوه من أنصار الرئيس علي عبدالله صالح، الذين زايدوا كثيرًا باسم الوحدة وتحولوا فجأة إلى متطرفين نحو الانفصال، بعد أن أصبح مشروعهم الجديد هو الانتقام من شعبهم بتقسيم الأرض بعد نجاحهم في تقسيم النفوس).لاحظوا معي عنصرية الماوري فجنوبيو السلطة الذين التقطوا اللحظة التاريخية وسجلوا موقفاً متقدماً تجاه قضيتهم (القضية الجنوبية) وقرروا الانحياز إلى أبناء جلدتهم هم من وجهة نظر الماوري متطرفون وانفصاليون وانتقاميون ويسعون إلى تقسيم الأرض بينما الشماليون الذين كانوا من أهم أركان وأعمدة النظام المنظمين لثورة الشباب من وجهة نظر الماوري ثوريون ووطنيون ومخلصون حتى وان كانت أيديهم ملطخة بدماء الشعب وهذه قمة العنصرية وهذا هو الهدف الثاني في مرمى الماوري.أما الهدف الثالث فتابعوا معي كيف ولج في مرمى الماوري من ضربة جزاء صحيحة وواضحة.عند حديث الماوري عن التيار الثالث الذي اسماه تيار العودة إلى ما قبل 1967م قال إن أصحاب هذا التيار يريدون العودة إلى المشيخات والإمارات والسلطنات التي كانت قائمة قبل وحدة 1967م القسرية ويقصد بها دولة الاستقلال فإذا كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي دخلت الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية وحدة قسرية من وجهة نظر الماوري فهذا يعني أنها تفتقر الى الشرعية اي باطلة ويترتب على ذلك بطلان كل ما ترتب عليها من نتائج بما فيها الوحدة من منطلق ( ما بني على باطل فهو باطل ) وهذا ينطبق على انقلاب سبتمبر وما نتج عنه من قيام الجمهورية العربية اليمنية وما تلاها من إجراءات لأنها كانت قسرية فرضها الجيش المصري على الشعب في الشمال بالقوة وكذلك الحال مع المبادرة الخليجية المرفوضة من الشعب والمفروضة من الخارج هي باطلة ويترتب عليها بطلان كل نتائجها من حكومة الوفاق إلى قانون الحصانة إلى نقل صلاحيات الرئيس لعبدربه منصور هادي وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية التي يراد منها تتويج هادي رئيساً .نعود لنقف أمام فقرة أخرى من مقالة الماوري وهي لب الموضوع الذي لخص فيه مبادرته لحل القضية الجنوبية وبشكل سخيف لا يخلو من السخرية وأترككم مع الفقرة . (تتلخص هذه المبادرة في العودة إلى الماضي القريب البعيد، أي إلى عام 1920، حيث كانت الضالع والعلوي والشعيب وأجزاء من يافع العليا وأجزاء من الصبيحة خاضعة لسيطرة الإمام يحيى حميد الدين، وبالتالي فإن فك الارتباط يمكن أن يتم على هذا الأساس، أي أن تعود تلك المناطق إلى أصلها الشمالي، مقابل أن يتولى كاتب هذه السطور إقناع أبناء المحافظات الشمالية بالتنازل عن محافظة البيضاء كاملة بما فيها إمارة رداع القاعدية أو على الأقل إعادة أراضي سلطنة البيضاء القديمة إلى أصلها الجنوبي).محاولة الماوري تزوير التاريخ وقلب الحقائق هي امتداد لنظام ( ... ) ولكن بصبغة ثورية فعندما طالب بأن تعود الضالع والعلوي والشعيب وأجزاء من يافع والصبيحة إلى أصلها الشمالي أوقع نفسه في خطأ كبير لأنه قال إن تلك المناطق كانت تخضع لسيطرة الإمام يحيى ولم يقل إنها كانت جزءاً من المملكة المتوكلية وهذا يعني بأنها كانت محتلة مثلها مثل أي بلد خضع للاستعمار وكلنا يعرف بان الدولة الزيدية احتلت تلك المناطق عام1920م كرد فعل على احتلال القوات البريطانية لمدينة الحديدة عام 1918م وتسليمها للسيد الإدريسي عام 1920م إلا إن تلك المناطق نهضت وقاومت ذلك الاحتلال وتمكنت بمساعدة بريطانيا من طرد القوات الزيدية عام 1928م وهذا هدف رابع في مرماك يا منير.أما الهدف الخامس فسأحرص على تسجيله من ضربة حرة مباشرة.. أشار الزميل الماوري إلى أن البيضاء أصلها جنوبي وهذا صحيح ولكن من دون رداع يا منير وقد دخلت القوات الزيدية إلى البيضاء عام1948م بطلب من سلطان مسورة حسين بن احمد الرصاص الذي استنجد بالإمام يحيى ضد خصمه عبد القوي صالح الحميقاني الذي تمكن من هزيمة السلطان حسين الرصاص بمساعدة قبائل يافع التي كانت تربطها بالشيخ الحميقاني معاهدة صداقة ،وقد تمكنت قوات الإمام من إلحاق الهزيمة بالشيخ عبد القوي الحميقاني إلا أنها رفضت الخروج وتم ضم البيضاء إلى لواء رداع حينها ولم تستطع قبائل البيضاء النهوض وتعاملت مع الوضع الجديد كأمر واقع .. وهذا هو الفرق بيننا وبينكم يا أخي.
|
فكر
خمسة أهداف في مرمى الماوري
أخبار متعلقة