إعداد/ زكي الذبحاني ناسور الولادة مشكلة لطالما أُسيء فهمها .. تتوارى على استحياءٍ في غياهب الخجل وخلف أستار الحياء، فلا تكاد تُذكر بين الناس على الرغم من أنها موجودة وليست غائبة، لكنها تُلقي بعبءٍ ثقيل على كاهل المصابة، وتسفر عن معاناة كبيرة يقع في شراكها- غالباً- نساء صغيرات في مقتبل العمر قُدر لهن الولادة في سنٍ مبكرة أدنى من(18)عاماً، فيما أجسادهن ومنطقة الحوض تحديداً ليست في حالة استعدادٍ للولادة الطبيعية بسبب ضيق هذا الموضع من الجسم.بالتالي تتعسر ولادتهن وتطول بمعزلٍ عن الرعاية التوليدية اللازمة بالمستشفى تحت إشراف كادر طبي، ما يفضي إلى حدوث ثقبٍ أو شق في مجرى الولادة(قناة المهبل) يتصل بالمثانة البولية أو بالمستقيم أو بهما معاً، الأمر الذي يؤدي إلى أضرار سيئة صحياً ونفسياً واجتماعياً وحتى أسرياً باعتبار ناسور الولادة - بإجماع المختصين والباحثين- من ضمن مسببات الفرقة بين الزوجين وقد يقود إلى التفكك الأسري والطلاق.تذكر المصادر الطبية أن ناسور الولادة يُفقد المرأة التحكم بالبول أو البراز أو بهما معاً بحسب طبيعة الشق أو الثقب إن كان متصلاً بالمثانة أو بالمستقيم، والسبب فيه- بطبيعة الحال- تعسر الولادة وطول مدتها، وبالتالي تؤدي هذه المشكلة إلى انبعاث الروائح الكريهة. كما تتسبب كثيراً بالتهابات شديدة من شأنها التسبب بالعقم وعدم القدرة على الإنجاب مستقبلاً ما لم تتم معالجتها ومعالجة المشكلة جراحياً.وتذكر الدكتورة/ كريمان راجح- مدير عام تنمية المرأة بوزارة الصحة العامة والسكان، أن لمشكلة الناسور الولادي بعداً نفسياً واجتماعياً، فالحالة المزرية - بسبب هذا المرض- تجعل المرأة تؤثر الانعزال عن محيطها الاجتماعي والأسري، لتبقى حبيسة نفسها محاطة ًبهواجس ومخاوف يمكن مع استمرارها أن تفضي إلى دخول المريضة في مرحلة يأسٍ تضمحل معها حالتها النفسية والمعنوية لاسيما إذا لم تجد من يأخذ بيدها ويعالجها، حيث تبقى محل نفور داخل المنزل وكثيراً ما يساء معاملتها سواءً من قبل الزوج أو على مستوى المحيط الأسري عموماً، أي ممن يشاركونها العيش بالمنزل من أهله، كأم الزوج أو أخواته...وقد يصل حال الإيذاء إلى ما هو أسوأ بحسب ما أفادت به الدكتورة/ كريمان، فتستعر المشاكل بالمنزل لتنتهي بالهجر أو الطلاق والتفكك الأسري.كل هذا يحدث في الواقع وليس من نسج الخيال جراء مشكلة يمكن معالجتها، ولكن يسدل الستار عليها بدلاً من المعالجة كي لا يعلم الناس بأمر المرض ، ليلفها الصمت حتى النهاية!! فالوصم سمتها وطابعها!فيا لها من كارثة ينسج تفاصيلها البعض! ويظل أساسها وبنيانها الجهل بحقيقة ناسور الولادة وسوء التقدير واللامسؤولية، فما العيب في مرضٍ سببه تعسر الولادة وطول فترة الوضع؟ ليتفهم المجتمع حقيقة المشاكل التي يسببها ناسور الولادة تلافياً لتلك التداعيات المؤلمة، فيعمل الوالدان - قبل كل شيء- على التهيئة الجيدة للفتيات فيهتمان بتعليمهن وبتغذيتهن جيداً لينشأن بحالة صحية تهيئهن للزواج والحمل والولادة مستقبلاً.وبعد الزواج تنتقل المسؤولية إلى كنف الزوج فعليه أن يراعي زوجته ويرعاها، وبالاتفاق معها يخططان معاً للإنجاب حفاظاً على صحتها، فإذا كان سن الزوج أقل من (18)عاماً..عملا معاً على تأخير الحمل لأمدٍ تكون فيه الزوجة مهيأة نفسياً وبدنياً لهذه المرحلة الحساسة، أو عند الحد الأدنى تأجيله حتى بلوغها سن(18) عاماً. كذلك ألا تتم الولادة الأولى للبكرية بالمنزل وإنما بالمستشفى أو بالمرفق الصحي الذي تتوافر فيه خدمة توليدية ملائمة وكوادر طبية وصحية متخصصة من أجل أن يكون بالإمكان الحد من مخاطر تعسر الولادة وطول مدتها التي تعد سبباً في وفاة الكثير من الأمهات بل والسبب الوحيد للإصابة بناسور الولادة لمن قُدر لهن العيش. أيضاً المسؤولية تكمن في معالجة هذا المرض من البداية بقطع الأسباب والسبل الممكنة له من الاستمرار عبر تقليص عدد حالات الإصابة إلى أدنى مستوى.وفي حال حدوث الناسور وصار واقعاً لا مفر منه، لزم على الزوج أو الأهل معالجته، حيث يستلزم تدخلاً جراحياً بالمستشفى، لا أن يتملص من مسؤوليةٍ سائله عنها رب الخلائق وعنها سيحاسب إذا أساء وتخلى. فالله لا يرضى بظلم ٍ أو ضيمٍ أياً كان، وقد حرم الظلم على نفسه وجعله محرماً بيننا..وشريعة الإسلام للحق نصير، وهي تحرم وتجرم الظلم بين الناس، فكيف بظلم الزوج لزوجته المريضة شريكة حياته؟ فيما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) استوصى بالنساء خيراً فلا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم.[c1]المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكانيبوزارة الصحة العامة والسكان[/c]
ناسور الولادة .. إلى متى نتجاهله؟
أخبار متعلقة