قبل ان انتقل إلى السيناريوهات المرافقة للمداولات حول خيار الفيدرالية وغيرها من الخيارات المطروحة على الساحة ولم تتعرض لها ورقة الأخ إبراهيم، أود الإشارة إلى أمرين أشارت إليهما ورقة الأخ إبراهيم، الأمر الأول يتعلق بمسألة منح الحكم الذاتي المصاحبة لخيار الفيدرالية الثنائية وهل بالإمكان فعلا تحقيق ذلك لمناطق دون أخرى!! الأمر الثاني يتعلق بما أشارت إليه ورقة الأخ إبراهيم بشأن وجود ظاهرة التمايز الثقافي بين الشطرين ذلك التمايز يدعونا لطرح مفهوم الهوية الوطنية وماهية الأدوار التي تلعبها الثقافة فيها إلى جانب دور الثقافة السياسية فيها وهنا دعونا نتفق حول القول إن الهوية الثقافية أساس متين للمواطنة فكيف نفه م ذلك إذن إذا أشرنا إلى وجود تمايز ثقافي بين الشطرين، ذلك سيدعونا لتحديد ماذا نعنيه أو تعنيه ورقة الأخ إبراهيم حول فهم ذلك التمايز وهل هو تعبير يفضي إلى مزيد من إخصاب التلاقي والتماسك أم انه بيان لحدود فاصلة ترحل بعيدا عن معاني ومفاهيم البيئات الثقافية التي تتكامل على نطاق التواصل بين البشر والجغرافيا والعلاقات الإنسانية داخل فضاء إنساني رحب حيث والثقافة هي المتحكمة في تحديد طبيعة الهوية الثقافية فهل علينا المرور إذن هنا ببراءة بين تعبيري التمايز الثقافي والبيئة الثقافية الحاضنة لأن وحدة الثقافة تجعل من الهوية عنصرا جوهريا في تكوين الشخصية الوطنية والهوية باعتبارها الأنا المتصل وهي التي تحدد علاقة الذات بباقي الأطراف وعليه إذا كانت الأزمة الحالية تنطوي على تناقض في مفهوم الهوية فما هو يا ترى هذا التناقض وهل نفهم التمايز الثقافي باعتباره نافيا للهوية الوطنية وليس إغناء لها، الأمر هنا يحتاج ويقتضي مزيدا من التأمل والتحليل.أخيرا... وفي ضوء ما تضمنته الورقة في خيارها الوحيد، خيار الفيدرالية الثنائية سيظل السؤال مطروحا وماذا بشأن أيةِ خيارات أخرى تلبي رغبات وطموحات الجنوب كشعب وواقع ومستقبل..؟ هنا تتعدد السيناريوهات ولكن السبيل إلى اختيار أي منها ليس سهلا وليس هينا خاصة إذا ظلت القراءات على ما هي عليه من تمزق وتعدد وتباين في الرؤى والافتقاد إلى وحدة الأداء وميلها الدؤوب للعزف المنفرد وهنا علينا التأكيد على أهمية تبني رؤية موحدة ووحدة الأداة لكي يحقق شعبنا في الجنوب الطموحات التي يسعى إليها بعد أن فجع بالأداء السيئ من قبل من آلت إليهم قيادة سفينة الوحدة التي تحطمت على برزخ حرب 94م ومن الطبيعي أن تقود وضعية افتقاد الرؤية ووحدة الأداء والميل للعزف المنفرد إلى بروز سيناريوهات أخرى تجاور خيارات الفيدرالية وفك الارتباط نشير إليها على النحول التالي:[c1]1 - سيناريو الحوار الوطني:[/c]هذا السيناريو يطرح ضمن توافقات وقراءات دولية وإقليمية، مبدأ الحوار الشامل بين أطراف المشكلة السياسية بالبلاد بأبعادها وأولوياتها المختلفة والأطراف الأساسية هنا هي السلطة السابقة وبقاياها والمشترك والحراك الجنوبي والحوثيون.هذا السيناريو صادر بشأن قرار مجلس الأمن رقم 2014 ومدعوم بالمبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة، صحيح أن المشاركة إرغاما ليست واردة لكن الغياب عن أعمال مؤتمر الحوار ليس فيه حكمة سياسية إذ يمكن داخل أروقة المؤتمر أن يطلب كل طرف مشارك تحديد وضعه بالطريقة والأسلوب الذي يراه مناسبا لحل قضية مهمة وأساس المشكلة السياسية برمتها وفق مرئيات الطرف الذي تم الاعتراف دوليا به كممثل وحيد لها لا يمكن فرض أي تسويات يراها دون سقفه الذي حدد خيارا بشأنه مع كل الأطراف والقوى التي لها صلة بالقضية الجنوبية مع التأكيد على ان يكون الحوار حوارا إستراتيجيا وليس حوارا تكتيكيا، مؤتمر الحوار الوطني لا نرى بديلا له إلا الاحتراب والتشرذم، ومن ثم لابد ان تجير لأجل نجاحه كل السبل والممكنات المدعومة بتوافق دولي وإقليمي وهي فرصة ينبغي للعقل السياسي الناضج قراءة أفضل السبل للاستفادة منها وهنا نشير بكل الوضوح إلى أهمية مغادرة الخطاب الذي يقول خارج قاموس السياسة إن مؤتمرا كهذا أمره لا يعنينا وأمر الثورة في الشمال أمر لا يعنينا كذلك، لماذا الإصرار على فقد الحلفاء والأصدقاء، المتوقع والمأمول نجاح أعمال المؤتمر لأن البديل عن النجاح هو الدمار بعينه ويتمثل بما يلي:أ- غياب ممثلي الحراك عن أعمال المؤتمر الوطني يخشى معه افتقاد دعم الأطراف الراعية لهذا المؤتمر للقضية الجنوبية وعدالتها كما يخشى من جانب آخر إذا انهارت أعمال المؤتمر اتجاه الأمور نحو عسكرة الأزمة مع كل ما يحمله ذلك التوجه من مخاطر ومحاذير نرجو أن يحسب لها ألف حساب.ب -إذا كانت المؤشرات تشير إلى احتمال فشل المؤتمر نتيجة عزوف أطراف بعينها داخل المشترك لا تساعد على نجاح أعمال المؤتمر من خلال تقدمها بمواقف واضحة المعالم تعالج بطريقة صحيحة ومستقبلية أساس القضية الجنوبية وانعدام بروز مثل ذلك الموقف سيقود لا محالة إلى تفكك عرى الروابط التي تجمع المشترك وستقود ربما إلى تمزقه وربما قد يقود إلى بروز تحالفات ضد القوى المدنية.ج- بروز مواجهات مؤجلة بين قوى متطرفة داخل حزب الإصلاح (جناحيه الأكثر تطرفا والأكثر قبلية) وجبهة الحوثي وبينهما تدور الشوكة السلفية وهدف المواجهة العمل على كسر شوكة أحد الطرفين تمهيدا للبديل القادم.د- إخماد ما تبقى من نيران الثورة في ثنايا تمكين البديل الجاري تمهيد أرضيته لتتبوأ بلادنا مكانتها ضمن مشاريع الربيع العربي الجاري تمكينها في أكثر من قطر عربي بمباركة أمريكية وبتمويل خليجي/قطري الهوى.[c1]السيناريو الثاني: سيناريو مشروع مارشال اقتصادي[/c]قد تكون الغلبة لهذا السيناريو إذا اتجهت حكومة التوافق - وفي حالة نجاحها في استيعاب الساحات الشبابية - صوب إعادة القراءة الجادة للمشهد السياسي الدامي للتعقيدات الدائرة بداخله - القضية الجنوبية - وبما يمكنها من النجاح فعلا في التعامل والاستيعاب لمتطلبات القضايا السياسية الملتهبة ذلك النجاح سيقود وسيمهد السبيل لقراءة جيدة للمشهد الاقتصادي التنموي المطلوب وفق منظور إستراتيجي يتجه بحكمة وعقلانية نحو حشد جيد للموارد وتوجيه أكثر جودة يساعد البلاد على الخروج من أزمتها الاقتصادية الطاحنة.الأمر يطرح نفسه هنا كضرورة ليتلازم الإصلاح السياسي الجذري مع برنامج مارشال اقتصادي مضمون التمويل ومخططة اتجاهاته ومحددة أولوياته تدار فيه الموارد وتوجه بطريقة علمية تخدمها موازنات غير تقليدية بتخصيصاتها وتوزيعاتها وطرق صرفها وأساليب متابعة إنجازها ومراقبتها تخدم اتجاهات تنموية تشكل التنمية المستدامة والمتوازنة أبرز أهدافها تسعى لتحقيق عدالة اجتماعية أبرز ملامحها وضماناتها ضرب بؤر البطالة وبؤر الفساد سعيا لإنجاز وتحقيق معدلات حقيقية في مستويات المعيشة والصحة وتحسين التعليم وإحداث زيادات حقيقية في مستويات الدخول، مشروع يمثل ثورة اقتصادية مواكبة للثورة السياسية التي لا تتوقف لأننا نريد الاستمرار في الاتجاه الصحيح وعدم الوقوف حيث نحن الآن في عداد الدول الأفقر لأن المرء إذا وقف حيث هو فسيكون عبدا.. ونحن لا نريد ذلك مطلقا.
|
فكر
هل ستنجح الفيدرالية في اليمن... وكيف!!؟ (2 - 2)
أخبار متعلقة