لفت انتباهي خبر في احد المواقع الاليكترونية يفيد بأن أنصار الشريعة في رداع قد وافقوا، بعد تفاوض، على الانسحاب من المدينة بسلام دون أن تطلق رصاصة واحدة، ويحق لي ولغيري أن يسأل.. لماذا لم يتم نفس الأمر مع أنصار الشريعة في زنجبار، تفاوض بسلام بدلا من التدمير والقتل والتشريد الذي أصاب أهلنا في أبين، فهؤلاء من أبناء أبين وأولئك من أبناء رداع لكل منهم نفس الحقوق وعلى كل منهم نفس الواجبات؟!. هذه علامة، أما العلامة الأخرى فهي ثورات المؤسسات، كما يسمونها، إذ في الشمال قامت هذه الثورات في طيران اليمنية وصحيفة سبتمبر والجهاز المركزي للمحاسبة في تعز، وربما غيرها، ولدينا في الجنوب، وعدن على وجه الخصوص فلا نرى سوى أفعال تؤجج الضغينة بين الناس لحسابات يعلمها من هم وراء هذه السلوكيات. وهناك علامة ثالثة وهي إقدام جهات محلية على تكسير البناء العشوائي في منطقة المعلى وهي تعلم أن الناس ستنتقم بصورة أكثر عشوائية وهو ما أدى إلى إصابة أحدهم بجروح (نتمنى له الشفاء) وإغلاق الشوارع وإقلاق سكينة السكان في تلك المناطق على الرغم أن البناء العشوائي كان يجري على مرمى حجر من مبنى محافظة عدن ولم تكلف المحافظة نفسها بإبلاغ الناس، حتى بإشعارات كتابية، أن بناءهم مخالف. يجب الخروج عن النص لإحداث التغيير مثلما يجب الخروج على قوانين الحاكم للقيام بثورة، لكن ليس كل خروج عن النص أو التمرد على القانون عملا تغييريا أو فعلا ثوريا. ما تعيشه عدن، وبعض محافظات الجنوب، في هذه الأيام لا يمت بصلة إلى العمل التغييري أو الفعل الثوري، انه ضرب من العبث يمس الحياة المدنية والنظام والسلوك الحضاري والانتماء، بجملة أخرى يمس كل شيء جميل ينتسب لعدن وللجنوب وكل سلوك سوي تتميز به عدن بوصفها عنوان الجنوب وقلبه النابض. إلى عهد قريب كان احدنا إذا شاهد فعلا أو سلوكا يمس النظام والانضباط مثل التعدي على الأملاك العامة من عمود الإنارة إلى المدرسة والمتنفس (حديقة أو شاطئ) يهب محتجا ولن يجد نفسه وحيدا فسرعان ما يلتف حوله كثر يؤازرونه، وإذا رأى سلوكا مخلا حتى مجرد مخالفة مرورية يهب الناس في وجه المخالف يستنكرون مخالفته دون أن ينتظر أي منا جهات أمنية أو رجل مرور، كان الناس قد جبلوا، تلقائيا، على استنكار الفعل أو السلوك الشاذ أيا كان. كنا نشكو فيما مضى أن التعدي والعبث الذي أصاب عدن خاصة والجنوب عموما كان من دخلاء (الفيد) من صائدي (البقع) وأعداء المتنفسات وسالبي حقوق الناس والباحتين عن الإثراء كيفما اتفق. لكن ما نراه اليوم من عبث هو بأيدي أبناء الجنوب أو أدعياء الانتماء له (سلطات محلية، وأدعياء الفعل الثوري، ومواطنين)، وهو لا يبشر بأن الجنوب في الطريق الصحيح لاستعادة سلامه الأهلي والمكانة التي تميزه، فقطع الطرقات وتخريب الشوارع وإطلاق الأعيرة النارية وشحن الناس ضد بعضهم لا يدخل في الفعل الثوري ولا يؤسس لسلام اجتماعي وإنما هو زرعا للنار تحت الرماد. أن ما يحدث اليوم في الجنوب هي (شيطنة) وبفعل فاعل وهو ما يلحق ضررا بكل أبناء الجنوب دون استثناء، أحزاب وحراك سلمي ومنظمات وسلطات محلية ومختلف الرؤى بما فيها آراء أنصار الشريعة، طالما قبلوا بالحق المتكافئ في التعبير السلمي، وكل المواطنين، ولا يملك الوطن مخرجا إلا بتعاطي كل هؤلاء مع مسؤولياتهم تجاهه، وكفى.
|
فكر
(شيطنة) الجنوب
أخبار متعلقة