معالم
عقرا بلدة صغيرة تقع على سفح الجبل المعروف باسمها ، تسميتها بلغة العراق القديمة السريانية وتعني الجذر أو أسفل الجبل، لها منظر خلاب ،سكنها السريان الآشوريون واليهود منذ قديم الزمان وشاركهم الأكراد في الأزمنة المتأخرة، عرف أهلها الأصليون بممارسة مهنة الحياكة والصياغة التي ما زال البعض منهم يزاولها في الموصل وبغداد ويبرعون بها، هجرها اليهود عام 1949 وبدأت هجرة الآشوريين منها بعد عام 1961 نتيجة الضغوطات التي مورست بحقهم ، وكان في القرية مقر للمطرانية الذي أغلق نهائيا بسبب تلك الهجرة. وباتت عقرا التي تقع شمال غرب العراق بعد أن سكنها الأكراد تعرف بـ «تاكري» وتتبع اليوم محافظة دهوك بعد أن كانت تابعة لمحافظة نينوى وبهذا أصبحت تابعة لمنطقة الحكم الذاتي الكردي.كانت تسمى قديما بحسب المخطوطات العراقية القديمة التي دونت باللغة السريانية وبحسب الرحالة العرب بـ (مركا) ومعناها (المرج). اعتنق سكانها الديانة المسيحية منذ القرن الثاني، وتشهد على ذلك كنائسها وأديرتها، ومن أهمها دير (بيث عابي) وكنيسة السريان الأرثوذكس المنقورة في الصخر في أعلى قلعة عقرا. ونتيجة قدوم البعثات التبشيرية الأوروبية للمنطقة غير السريان الأشوريون في عقرا مذهبيهم العراقيين (النسطوري واليعقوبي) ليعتنقوا المذهب الأوروبي الفاتيكاني (الكاثوليكي) وسموا من وقتها بـ (الكلدان) وتأسست بعدها أسقفية كلدانية عام 1833 وتولى إدارتها المطران مار اوراها. قلعتها الأثريةتوجد في عقرا قلعة أثرية شامخة تطل على المدينة ، وقد بنيت فيها مئات الدور بحيث تشكل طرازا معماريا فريداً من نوعه، وهي قديمة جدا قدم تاريخها . جزء منها صخري والبقية ترابي. وهي مربعة الشكل طول ضلعها 110أمتار وبذلك تكون مساحتها 12,100متر مربع. كما يوجد على مقربة من البلدة بقايا وخراب دير مار قرياقوس الذي يطل على قرية برتا الآشورية التي تبعد مسافة عشرين كيلومترا عن عقرا ولا زالت المئات من عوائلها تعيش في المدن العراقية المختلفة وقسم آخر في المهجر. تكثر في هذه المنطقة والاقضية المجاورة لها الآثار والمنحوتات الأشورية التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني الشهير هنري لأيار. أما أجمل ما في عقرا منظرها القائم على منحدر قلعتها الأثرية. ويشبه هذا الجبل بتكوينه الطبيعي مدرجاً رومانياً، فيخال للناظر إليها من بعد أنها تتكون من طبقات بعضها فوق بعض تطل على واد فسيح بساتينه تزدان بالأزهار وأشجاره مبدعة بالثمار فإذا ما مد الشتاء رواقه لبس الجبل المذكور ثوبا قشيبا من الثلوج .. وفيها من الفواكه اللذيذة والأشجار المثمرة الكثيرة ما يفيض عن حاجاتها فتمون بها مدينة الموصل والقرى الملحقة بها .. وبطيخها من أجود أنواع البطيخ في العراق وتينها مشهور بنكهته وحلاوته.. أما الأرز الذي تجود به تربتها فقد نال شهرة واسعة في عموم العراق.إذا أردنا أن نتعرف بتاريخ عقرا العراقية الغابر السحيق، علينا أن نقلب صفحات التاريخ إلى الوراء حتى زمن سحيق. ففي الحقبة التي كانت تغمر منطقة الشرق الأوسط بأكملها مياه بحر هائل أطلق عليه العلماء بحر تيثيس، وبعد انحسار مياه هذا البحر شيئا فشيئا، برزت عقرا إلى الوجود. كانت هناك أصداف متكلسة من حيوانات حاملات الثقوب، ذات أشكال هندسية جميلة، عثر عليها في مناطق بحرية مختلفة يعود تاريخها إلى أكثر من 420 مليون سنة.. يعود تاريخ إنشائها إلى العصر الطباشيري أي بداية ظهور القرى والمدن في العالم .. ولعل الاكتشافات التي يقوم بها العلماء الاثاريون مستقبلا تزيح الستار عن شيء كثير من تاريخ هذه البلدة التي هي من أقدم مدن العراق قاطبة.