للأدباء نصيب في رئاسة الحكومات اليمنية، فبعد الاستاذ احمد محمد نعمان، والأستاذ عبدالقادر باجمال، يأتي الأستاذ محمد سالم باسندوة ليكون ثالث رئيس وزراء يخاطبنا بلغة أدبية سليمة..إن سماعي عن محمد سالم باسندوة كأحد مناضلي حزب التحرير تعود إلى عقود مضت حيث كنت تلميذاً في مدارس تعز، أما معرفتي به فتزيد على ثلاثين عاماً حيث كنت مع كوكبة من الشعراء والأدباء.. على رأسهم الدكتور عبدالعزيز المقالح.. من الرواد المداومين على مقيله الشهير، الذي وجدنا فيه ما يعوضنا عن خسارة مقيل الشاعر الإعلامي عبدالله حمران برحيله المحزن.بهذا أنوه بأن حديثي عنه ليس بحديث الصديق عن الصديق ولكن حديث الرأي بعين التجرد إلى شخصية صارت ملكاً للجميع خاصة وقد اختير ليرأس حكومة مهمته إخراج اليمن من أزمته ومحنته وهي مهمة عسيرة بكل المقاييس.انه ومن المتابعة لخطواته الأولى على دربه الصعب، لا أخفي أن إعجابي بحديثه إلى قناة العربية، يضاهيه إعجابي بكلمته التي توجه بها إلى نواب الشعب صباح السبت 21 - 1 - 2012م منطلقاً من حكمة الشيوخ، ومعرفة المجرب، وبعد وشمولية الناظر من على صخرة مرتفعة تمكنه من رؤية ابعد وأشمل.. وهذا ماجعل عينيه تمتلآن بالدموع وتسقط إحداها لتطفئ حرائق كثيرة.ليس هناك مايترك اثراً بليغاً في نفسي كدموع ساخنة تتجمع أو تتساقط من عين رجل، خاصة في حالتين من ثلاث، فإذا ماكان الرجل يبكي في حالة الفرح فإنه يبكي في حالة الحزن أو الشعور بالقهر، ثم حالة الخشية مما يتوقعه ويراه.. وهما الحالتان الأشد على النفس.. أمام نواب الشعب رأيت الأستاذ باسندوة كالشاعر امرئ القيس يقف، ويستوقف ويبكي ويستبكي، وهو المناضل المحارب الذي حمل السلاح، والسياسي الذي مر بتجارب كثيرة كفيلة بتعزيز رباطة الجأش.. وصلابة العود أما لماذا فهذا هو الجواب من وجهة نظري:.- لقد استحضر ضحايا أعمال العنف السياسي في اليمن (من تفجير أبناء المكاوي في عدن إلى تمزيق أسرة آل شوبر في صنعاء بقذيفة مجنونة نهاية العام الماضي 2011).- استحضر مآسي الصراع السياسي الدامي في اليمن (من أحداث أغسطس إلى حروب المناطق الوسطى، و13 يناير 86 إلى حرب 94، وما شهدته شوارعنا من سفك للدماء واسترخاص للأرواح في العام 2011).- تمثل الشخصيات التي فقدناها بنار انفلات عقال العقل (من فيصل عبداللطيف الشعيبي إلى عبدالعزيز عبدالغني وما بينهما من رموز لا تعوض).- شخَّص ما لحق بالبنى التحتية من دمار وما أصاب الناس من معاناة خلال أقل من عام.- لقد استشرف وتمثل الأستاذ باسندوة -وهو المجرب- مايمكن أن يحدث لليمن لو أتسع الخرق على الراقع، وانفرط العقد واشتعل فتيل الانفجار الكبير وما يترتب على ذلك من دمار ومآسٍ وفواجع وتشطير وتمزق وحروب أهلية وتصفية حسابات في ظل غياب كامل للعقل قبل الدولة.نكتفي بهذه الإشارة لنقول لذلك قال الأستاذ باسندوة لنواب الشعب انه لا يخشى النقد الذي سيتعرض له بسبب حرصه على قانون الحصانة.. بل إنه مستعد لتقديم حياته ثمناً لتجنيب الوطن محنة الانزلاق إلى الهاوية، وقال لهم ( رجائي إليكم كرجل عاش مراحل عدة وشهدت المصائب التي حلت باليمن وعانيت منها كما عانى منها الكثير).من مكان مرتفع أو من على صخرة عالية، كانت نظرة الباسندوة إلى ماتحدق بالوطن من مزالق ومخاطر، ان غاب العقل، فسقطت من عينيه تلكم الدمعة التي نأمل ان تطفئ ما فوق الرماد وما تحته، كما نأمل التعاون معه في أمور كثيرة تتصدرها توجيه الكلمة وجهتها الصحيحة، مادام كل شيء أوله كلام حرباً كان أو سلاماً شراً أو خيراً.. بناءً أو دماراً.
|
فكر
دمعة ساخنة من على مكان مرتفع
أخبار متعلقة