سطور
حسين با زياد منتدى الخيصة الثقافي الاجتماعي بالمكلا - وهو أقدم المنتديات الثقافية في الجمهورية اليمنية كان على موعد هذا الأسبوع مع الاطلالة الجميلة للدكتور ( نزار محمد عبده غانم) الشاعر والأديب والفنان والطبيب الذي أبحر بالحاضرين صوب مرافئ عدن الثقافة والمدنية والتعليم التي بدأت تشكلها بصورة اكبر بعد مرور نحو مائة عام على حملة الكابتن ( هينس) الشهيرة على عدن التي انتهت باحتلالها عام 1839م، والتي كانت قبل هذا التشكل تخضع للإدارة الانجليزية والهندية في محاولة فاشلة وبائسة لطمس عروبة أبناء عدن الذين بدأت في منتصف الثلاثينيات إرهاصات تقدمهم لاحتلال مواقع الإدارة والتعليم والثقافة وما إلى ذلك من مواقع العطاءات الإبداعية الخلاقة. و أوضح المبدع الجميل د. نزار غانم أنه في تلك الأثناء وبالتحديد عام 1932م كان احد شباب عدن يقرر استكمال دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت وهو التربوي والشاعر الراحل د. محمد عبده غانم على غير رغبة أبيه الذي كان يأمل أن يتجه نحو التجارة غير أن الأب رضخ لرغبة الابن كيف لا وهو ابنه الوحيد من زوجته الأولى وتجلى ذلك في حرص الأب على السفر معه إلى بيروت والاطمئنان على التحاقه بالدراسة بل وحتى العودة في نهاية الدراسة إلى بيروت لأخذه معه في طريق العودة إلى عدن - سنوياً - حتى أكمل دراسته الجامعية في بيروت عام 1936م. وتطرق د. نزار إلى عشق الدكتور ( محمد عبده غانم) طيب الله ثراه للعمل التربوي وللشعر لافتاً إلى فوز قصيدته ( ابنة الراقصة) بالمسابقة الشعرية لطلبة الجامعة الأمريكية في بيروت والى إشادة الناقد العراقي ( سلطان ناجي) بقصيدته ( حديث الجماجم) و قصيدته الغنائية ( عذبيني) التي نالت شهرة واسعة وغناها المطرب الراحل ( احمد بن احمد قاسم ) طيب الله ثراه في آخر فيلمه المعروف ( حبي في القاهرة) فضلاً عن قصيدة ( انفجار) التي جادت بها قريحته في الثلاثينيات وهي قصيدة تفعيلة موضحاً أنه بعد عودة والده د.محمد عبده غانم إلى عدن كانت المدينة تشهد حراكاً ثقافياً وفنياً واعلامياً ، فصدرت العديد من الصحف والمجلات بضمنها ( فتاة الجزيرة) لمحمد علي لقمان في 1 /1 /1940م وكذلك في الخمسينيات وبضمنها ( النهضة) لجرجرة و(البعث) لمحمد سالم با سندوة و (الرقيب) و(الأيام) لمحمد علي با شراحيل ، فيما رأس د. ( محمد عبده غانم) نادي الإصلاح العربي في ظل هذا الحراك الأولي في تلك الفترة. وتطرق د . نزار إلى اهتمام والده بالقطاع التربوي بصورة اكبر وكان ابناً لهذا القطاع الذي تدرج فيه من مدرس إلى مفتش إلى نائب مدير المعارف ثم مديراً للمعارف منوهاً بحرصه كشاعر على تشجيع المواهب فقدم لخليل محمد خليل عام 1949م أغنية ( حرام عليك) ولمحمد سعد عبدالله أغنية ( محلى السمر جنبك) عام 1951م و ( يا زين المحيا) لسالم با مدهف في العام نفسه و ( عذبيني ) لأحمد بن احمد قاسم عام 1958م وغيرها من الأغاني لكن هذه هي الأولى لهم من كلمات الشاعر والتربوي القدير (د. محمد عبده غانم) طيب الله ثراه. الجدير بالذكر أن (الدكتور محمد عبده غانم) الذي نال درجة الماجستير من جامعة لندن ، ثم الدكتوراه من الجامعة نفسها عن أطروحته عن الشعر الصنعاني عام 1969م حاصل على وسام الآداب والفنون من الدرجة الأولى الذي كرمته به اليمن الديمقراطية سابقاً وسلمه له (المهندس حيدر أبو بكر العطاس) في فبراير 1990م كما أطلق اسمه على احدى الثانويات بعدن ويعتبر من الشخصيات الوطنية والتربوية والثقافية التي كتبت اسمها بماء الذهب.