المرأة بين مشاركتها في صنع القرار والعنف ضدها
14 أكتوبر / متابعات : في ظل ما تشهده المنطقة العربية من انتفاضات وحراك شعبي وإعادة نظر في العقد الاجتماعي والمدني وقوانين الأحزاب، يبقى السؤال الأبرز المطروح في هذا السياق ما دور المرأة في المعترك السياسي في هذه الحقبة التاريخية الجديدة وكيفية زيادة تمثيلها في مراكز صنع القرار في المنطقة العربية؟. اتخذ هذا الموضوع حيزا مهما في نقاشات اليوم الثاني للدورة الخامسة للجنة المرأة في الإسكوا التي عقدت أعمالها في بيروت، حيث قدمت منسقة الدورة فاطمة سبيتي قاسم تحليلا مقارنا يتناول ضعف مشاركة المرأة في صنع القرار في الشأن العام ، وذلك على الصعيد الإقليمي باعتبارها إحدى الإشكاليات التي تقف حائلا دون تمكين المرأة وتقدمها واعتبارها شريكا أساسيا في العملية الإنمائية. وألقت قاسم الضوء على فصول هذه الورقة التي تضمنت إشكالية وجود المرأة في مراكز صنع القرار، الاجتهادات والمبررات السابقة لضعف تمثيل النساء في القطاع العام ، وإمكانية انخراط المرأة في الأحزاب السياسية ، إن هي اختارت دخول المعترك السياسي ، كمدخل رئيسي لتفعيل مشاركتها في صنع القرار في الشأن العام. وأشارت قاسم إلى أن الحصول على البيانات والإحصائيات حول النساء داخل الأحزاب السياسية في البلدان العربية يتسم بالصعوبة لأن طبيعة هذه البيانات متغيرة ويلزمها تحديث دائم، ناهيك عن أن بعض الأحزاب تمتنع عن نشرها بحجة أنها سرية وبالأخص في زمن الانتخابات واشتداد التنافس بين الأطراف ، لكن رغم هذه العقبات ، تقول قاسم إن التحليل بين أنه على المرأة أن تفرض وجودها أكثر في الحقل السياسي، لاسيما أن وصولها إلى مراكز صنع القرار يستند على عوامل عديدة بما فيها المتغيرات والخيارات الشخصية. وأوضحت أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة عضوية المرأة مرتفعة جداً في الأحزاب ذات التوجه الديني التي تمتاز بدرجة عالية من التدين، بينما نسبة تمثيلها في مراكز قيادية داخل هذه الأحزاب ضئيلة مقارنة بالأحزاب الأخرى، لذلك تبين أن تقدم المرأة في المعترك السياسي يأخذ في أغلب الأحيان النمو المستقيم . وبالاستناد إلى النتائج التي توصل إليها التحليل، أضافت قاسم أنه اتضح وجود علاقة مضطردة بين وجود المرأة في مراكز صنع القرار داخل الأحزاب السياسية ونسبة ترشيحها على اللوائح الانتخابية ، الذي يساعد على معرفة أي من الأحزاب هو (صديق للمرأة) فيشجع وصولها إلى مراكز صنع القرار في أي نظام سياسي كان. [c1]العنف ضد المرأة [/c]وقدمت رئيسة مركز المرأة في الإسكوا مهريناز العوضي عرضا حول الممارسات الفعالة للقضاء على العنف ضد المرأة ، تناولت فيه موضوع الإبلاغ عن جرائم العنف ، مشيرة إلى أنه ورد في تقرير التنمية البشرية للبلدان العربية لعام 2009 أنه في عام 2002 كانت معدلات جرائم القتل والاعتداء الموثقة في البلدان العربية من أقل المعدلات في البلدان النامية والمتقدمة. كما تحدثت عن برامج الرعاية والحماية للنساء المعنفات ، ذاكرة أنه تم في فلسطين تأسيس مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في عام 1991، وفي لبنان قامت بعض مؤسسات المجتمع المدني بتقديم الخدمات للنساء المعنفات مثل منظمة (كفى عنفاً واستغلالاً) التي تعمل على مكافحة كافة أشكال العنف والاستغلال الموجهة ضد النساء والأطفال، و(الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة) والتي تعمل على كسر جدار الصمت حول معاناة النساء ، وفي مصر، تم إنشاء ثمانية مراكز للإيواء منذ عام 2003، تدير وزارة التضامن الاجتماعي أحدها. وتناولت العوضي برامج الإرشاد النفسي للنساء المعنفات والخطوط الساخنة للإبلاغ عن العنف ، والتي تعمل معظمها بمقابل مادي، ما يؤثر على قدرة النساء المعنفات خارج العواصم أو المدن الكبيرة على الاستفادة من هذه الخدمة. وألقت العوضي الضوء على التحديات المتعلقة ببرامج المساعدة القانونية للمرأة التي تتلخص بعدم توفر الموارد المادية الكافية لرفع حالات العنف ضد النساء أمام المحاكم ، وعدم قبول عدد كاف من المحاميين للترافع في حالات العنف ضد النساء بأجر رمزي، مشيرة إلى أنه للتغلب على هاتين المشكلتين قامت بعض الجمعيات الأهلية مثل “كفى عنفاً واستغلالاً” في لبنان ومركز قضايا المرأة المصرية في مصر بتعيين محامين لمتابعة قضايا العنف أمام المحاكم. واختتمت رئيسة مركز المرأة في (الإسكوا) بعرض أبرز برامج وحملات التوعية في البلدان العربية لمكافحة العنف ضد المرأة. [c1]التمييز ضد المرأة [/c]كذلك قدمت المسؤولة عن الشؤون الاجتماعية في مركز المرأة في (الإسكوا) رانيا الجزائري عرضا حول التقدم المحرز في تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في البلدان العربية ، مشيرة إلى أن عددا من التحديات لا يزال يعوق تحقيق المساواة بين الجنسين وتقدم المرأة في المنطقة. وقالت إن البلدان العربية صادقت على الاتفاقية باستثناء السودان والصومال وفلسطين، البلد الذي يشغل صفة مراقب في الأمم المتحدة ، غير أن العديد من البلدان تحفظت على مواد موضوعية من الاتفاقية ما يعيق تنفيذها بالكامل، لاسيما المادة (2 ) التي تلزم البلدان الأطراف بضمان المساواة والمادة (16) حول حقوق المرأة في شؤون الزواج والأسرة ، بما في ذلك الطلاق وحضانة الأطفال . وأشارت أيضا إلى أن معدل مشاركة المرأة العربية في الاقتصاد وفي البرلمانات هو الأدنى في العالم، إذ يبلغ ( 22 ) في المائة و( 11) في المائة تقريبا على التوالي . وأشارت الجزائري إلى التوصيات التي تضمنها التقرير لوضع السياسات الهادفة إلى مواجهة بعض التحديات التي تعوق تنفيذ هذه الاتفاقية في المنطقة العربية في سياق الإصلاحات التشريعية، تعديل الأنماط الثقافية والأفكار النمطية حول دور المرأة في المجتمع، ضمان حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، ومكافحة العنف ضد المرأة .