كمال شرف الملابس والحلي اليمنية حوارية السحر والجمال .. فبقدر ما تعبر الصناعات التقليدية عن هوية الشعوب وتعكس موروثها الحضاري والثقافي وفلسفتها في التعاطي مع أنماط الحياة المختلفة ، بقدر ما تشكل مظهراً جمالياً تدعو أدق تفاصيله إلى الشعور بالفخر والسرور تارة والتأمل المصحوب بالدهشة تارة أخرى. وعندما تحاول أن تتفحص المراجع والمصادر التاريخية لعل وعسى أن تجد ما يلمح إلى أصل الحكاية وبدايتها.. لن تجد اكثر مما يؤكد أن اليمنيين برعوا منذ آلاف السنين في كثير من الصناعات التقليدية بدرجة جعلت منتجاتها نفيسة في العالمين القديم والحديث وساعد على ذيوع صيتها الكثير من العوامل ابتداء بجودة صناعتها ودقة إتقانها والتفنن في أساليب تصميمها وأشكالها وصولاً إلى المهارة المتناهية في اختيار ألوانها وخاماتها.وفي رحلة البحث عن أسرار ارتباط صناعة الأزياء التقليدية بصناعة الحلي ارتباطاً وثيقاً بحيث لا يمكن ذكر احدهما دون الإشارة إلى الآخر يتبين أن العلاقة المتلازمة بين هذه المصنوعات علاقة أزلية تمكن الإنسان اليمني من ربطها منذ القدم بإيقاع نمط حياته الاجتماعي حتى شكلت جزءاً لا يتجزأ من مظهره وعاداته وتقاليده وحياته الاجتماعية ومعتقداته الدينية .. وتلعب العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة في اليمن دوراً كبيراً في تحديد اللون أو الشكل أو الصنف وبالرغم من تفاوت التقيد بما تفرضه العادات والتقاليد لهيئة الملبس فإن الكثير من المهتمين يعدون ذلك بمثابة الأصول ويجمعون في الوقت نفسه على أن تقيد السواد الأعظم بأصول المظهر بات أشبه بالنظام التقليدي لكل محافظة بل لكل فترة زمنية معينة. [c1]تنوع الأزياء التقليدية [/c]والأزياء التقليدية تتنوع ايضاً في كل منطقة من مناطق اليمن تبعاً للمناسبات الاجتماعية المختلفة الأمر الذي يعده المهتمون ثراءً حقيقياً تتمتع به البيئة اليمنية دون غيرها وان تنوعها يأتي تبعاً للأقاليم الجغرافية وتنوع المواد الخام الطبيعية المستخدمة وتنوع المعرفة والخبرة بطرق الحياكة والغزل بالإضافة إلى استخدام مجموعة متنوعة من المواد الأولية لصناعة المنسوجات وتلوينها وحتى الحلي وتستوحى الأشكال والزخارف والرسومات المستخدمة في تطريز الملابس والحلي من البيئة المحلية باستخدام طرق بدائية في حالة التطريز اليدوي والمكائن في حالة التطريز الآلي وعادة ما تقتصر صناعة الملابس على إبداع المرأة فيما تعتمد صناعة الحلي على تفنن ومهارة الرجل وفي كلتا الحالتين يحاول الصانع الحصول على زخارف وأشكال هندسية وألوان منظمة تتميز بدقة هندسية وإبداع فني متكامل. وتشير المصادر التاريخية إلى تنوع كبير للملابس والأزياء التقليدية اليمنية والحلي وترجع هذه الجزئية إلى الخصائص الأساسية والفنية للملبوسات اليمنية التقليدية التي تتعدد بتعدد الأقاليم الجغرافية ، غير أن التحول الاجتماعي من مجتمع زراعي بسيط إلى مجتمع حديث أدى إلى اختفاء الكثير من خصوصيات الأزياء اليمنية واندثار معظمها وجهل الكثيرين أهميتها ومثلها الحلي. فأصبحت الآن هذه الأزياء والحلي ذات قيمة جمالية وسياحية تستخدم فقط لأغراض الذكرى والإهداء فلا ضرورة لاستخدامها ، وبقدر ما قلل ذلك من كميات إنتاجها وفقدان الكثير من الخبرات المتفننة في صناعتها وجعل عملية الإقبال عليها. تنحصر في عشاق التراث وهواة الطابع القديم من السياح العرب والأجانب بقدر ما رفع من قيمتها الجمالية والتراثية وأضحت من أنفس وأثمن المقتنيات . إن علاقة الإنسان اليمني بالملابس والحلي التقليدية تتجاوز كونها رواية شيقة تفصح عن حضارة من أقدم الحضارات الإنسانية عراقة في العالم وإبداع إنسان ماهر خطها قبل زمن لتصبح بمثابة حوارية رائعة يقول مطلعها « إن في جمال الموروث الحضاري والتاريخي اليمني الوافر سحراً يتصل بحاضره المشرق».
|
ثقافة
الملابس والحلي اليمنية.. حوارية السحر والجمال
أخبار متعلقة