غضون
* قبل عدة ليال طلبت صاحبتي مني اصطحابها صبيحة اليوم التالي إلى حديقة الحيوانات في العاصمة، وكان طلباً عجيباً بالنسبة لي لأني في تلك الليلة وقبل ساعة من العودة إلى البيت قرأت خبراً في صحيفة الكترونية يقول إن حديقة الحيوانات اغلقت بابها أمام الجمهور ابتداء من يوم أمس، وأن إدارة الحديقة اتخذت هذا الإجراء بسبب عدم توافر المال اللازم لشراء لحوم للحيوانات المفترسة وأطعمة أخرى لبقية الحيوانات والطيور!فقلت لصاحبتي: الحديقة مغلقة، وذكرت لها الخبر الذي ركنت عليه. فقالت: هل قالوا في الخبر إنها اغلقت لأن الادارة لم تجد ما تطعم به الحيوانات والطيور؟ قلت: نعم هذا ما قالوه في الخبر .. قالت: هذا خبر لا يصدق وصاحبه كذاب والذي نشره أحمق .. إذ كيف تغلق حديقة لأن إدارتها لا تجد لحوماً تطعم بها الأسود ..؟ هل إغلاقها في وجه الزوار يغني عن إطعام الحيوانات والطيور؟. قلت: لا ـ أكيد أنها ستطعم أغلقت الحديقة أو فتحت! قالت: ربنا يزكي عقلك .. إذن الحديقة مفتوحة فلا تتعلل بذلك الخبر وخذني غداً إليها.قلت: لعلهم اغلقوا الحديقة لسبب آخر نسيه واضع الخبر واستبدله بحكاية اللحوم والأطعمة (الفاسدة).* المهم .. أمسينا في قال وقيل وقررنا في النهاية الذهاب إلى الحديقة صباح اليوم التالي، وكانت مفتوحة والزوار كثر، وقلت للشاب الجالس خلف شباك التذاكر وأنا أناوله قيمة تذكرتين: قالوا انكم اغلقتم الحديقة منذ يومين؟ قال: من قال؟ قلت له: اقرأ صحيفة كذا الخبر منشور فيها قال: كذب.قلت له: لكنه خبر منشور والناس يقرؤون ويصدقون، ونحن جئنا إلى هنا بعد حيرة وتردد ولولا مصلحة لنا في مكان قريب من الحديقة جئنا نقضيها لما مررنا إلى هنا ولما كسبت الحديقة قيمة هاتين التذكرتين، وتصور كم خسرت زواراً محتملين في هذا اليوم لأنهم قرؤوا في الخبر أمس أن الحديقة مغلقة .. قال الشاب: سنقرأ الخبر وسنرد عليه .. قلت: ستردون فقط .. ردوا .. ولو كنت صاحب الحديقة سأرفع قضية وأطالب بتعويض أيضاً لأني خسرت مليون زائر اليوم بسبب الخبر.* لقد كانت صاحبتي محقة في عدم تصديقها لذلك الخبر الذي صدقته أنا لأني لم اقلبه وأدقق فيه، وعدت أقول: ما مصلحة صانع ذلك الخبر الكاذب والمضر بمصلحة عامة؟ لماذا أغلق الحديقة في وجوه أطفال ورجال ونساء بمثل هذا الخبر المغلاق الوهمي؟ ولم أجد جواباً لذلك، وهذا مجرد مثال للجنايات الجسيمة وغير الجسيمة التي يرتكبها خونة مهنة الصحافة بحق أفراد وهيئات كثيرة ويلحقون بها اضراراً مادية ومعنوية فادحة.إن حديقة الحيوانات في العاصمة بديعة، مع ذلك ينقصها الكثير، ولاتزال مساحة كبيرة منها غير مستثمرة .. وقد لفت انتباهنا أمران اثنان: الأول الاشجار البلاستيكية التي تكسر النظر وتضعف روح الحديقة، وهي تماثيل صناعية لاشجار حية موجودة في الطبيعة، فما الحكمة من نصب نخلة صناعية مثلاً بينما النخيل الطبيعي متوافر؟ والأمر الثاني غلبة الحيوانات والطيور والزواحف المجلوبة من مواطن خارج اليمن في حين أن البيئة اليمنية زاخرة بأمثالها وصنوف أخرى لا تجد في الحديقة نماذج منها.