مشروع رعاية الموسيقيين الشباب .. وأحلام طارت في الهواء
د. زينب حزام في واقع الأمر انه حتى هذه اللحظة لا يوجد مشروع لما يسمى فرقة موسيقية شبابية لرعاية الموسيقيين الشباب وأصحاب المواهب الفنية. من الممكن طبعاً الدخول في مناطق نقاشية وجدلية عن الواجب من رعاية وحماية الفرق الموسيقية الشبابية وحماية المواهب الفنية ورعايتها، ويمكن الإشارة هنا إلى العديد من المحاولات لإقامة التجمعات والندوات الفنية والمهرجانات الغنائية والتوصيات التي كان محورها الرئيسي ضرورة رعاية المواهب الفنية وتشكيل الفرق الموسيقية الشبابية ومشاركة الشباب في تطوير وتجديد الموسيقى اليمنية الأصيلة. وعلى مستوى الفن حدث ولا حرج عن جهود فردية في تسجيل بعض الأغاني الوطنية والعاطفية من قبل بعض الفنانين والفنانات الشباب وهذه الجهود الفردية اقتصرت على تسجيل (السيديهات) وأغاني الحفلات ونستطيع القول انها محاولات إبداعية لتجاوز السائد للتاكيد على عن القول إن الإبداع مرادف للحرية. وعلى مستوى الفن ايضاً فان اغلب المهتمين بالموسيقى الأصلية أصروا على أنها تغوص في التراث اليمني وتستلهم روح وكيان الشعب اليمني فإن اغلب هؤلاء أهملوا الموسيقيين الشباب . وليست كل الأمور بهذا السوء إذ يمكن الإشارة إلى الكثير من العلامات المضيئة في الطريق من خلال ما نراه في رغبة بعض الموسيقيين والفنانين الشباب في تشكيل فرق فنية خاصة بهم والبروز في الساحة الفنية بكل جدارة .. ولكننا نعود ونقول إن الجهود الفردية لا تصنع كيانات فنية يمنية بحجم الطموح والآمال.. المشروع الموسيقي والغنائي متعثر بشكل عام وربما لا وجود لفرق موسيقية يمنية موحدة ومتميزة.. والحديث عنها مجرد مشروع موسيقي يعتبر في واقع الأمر حديثاً تغلفه الأوهام ولا يستند إلى حقائق الأمور. [c1]هموم الموسيقيين في الماضي والحاضر [/c]لقد تحمل المطربون في عدن التي لم يكن الغناء فيها محرماً مسؤولية الحفاظ على التراث الغنائي القديم ونشره بشتى الطرق ولولا وجود الغناء الصنعاني في عدن وغيرها من المناطق التي لم تكن خاضعة لحكم آل حميد الدين لتلاشى ذلك التراث الذي انحدر إلينا من عهد الإمام شرف الدين (ت 965هجرية ـ 1556م ) وربما قبله كما جاء في (شعر الغناء الصنعاني) للدكتور محمد عبده غانم. وفي ندوة الموشح اليمني التي نظمتها وزارة الثقافة والسياحة في عدن بتاريخ 28 نوفمبر 1984م ( مكتبة صوتية احمد بومهدي ) أشار الأستاذ الكبير عبدالله البردوني إلى دور عدن في الحفاظ على التراث الغنائي القديم حيث قال : ( إن أي متابع للفنون سوف يسجل لعدن آية الاحتفاظ لأنها أول من سجلت الأغاني اليمنية في آخر الثلاثينات والأربعينات ولولا التسجيلات التي تسجل هنا في عدن لما سمعنا ( منا سب أهيف) و( نسيم الصبا) ولا مثل ( وا مغرد بوادي الدور) هذه التسجيلات في الحقيقة شكلت احتفاظها بالتراث. واليوم نرى أن الأغنية الصنعانية قد خرجت إلى المستوى الإقليمي والعربي وذلك بفضل الموسيقيين والفنانين اليمنيين الذين تحدوا الصعاب والهموم وخرجوا بالأغنية اليمنية إلى المستوى العربي أمثال الفنان القدير أبو بكر سالم بلفقيه والفنان القدير عبدالرحمن الحداد والفنان القدير احمد فتحي والفنان الكبير الراحل محمد سعد عبدالله والفنان القدير محمد مرشد ناجي والفنان القدير أيوب طارش والفنان الكبير الراحل فيصل علوي ، وغيرهم من الفنانين اليمنيين الذين قاموا بتهذيب وتشذيب الكثير منها وإعدادها وتقديمها من خلال الفرق الموسيقية العربية وادخلوا عليها المقدمات الموسيقية وأثروها باللازمات وملء الفراغات الزمنية وأعطوا الآلات اليمنية التقليدية الدور الرئيسي في تنفيذها كالعود مثلاً وإظهار الطريقة اليمنية التقليدية في الأداء والأسلوب والمحافظة على اللون اليمني وروحه ونكهته من خلال استخدام تقاسم الفرتاش ذات النغم المميز وكذلك الاستعانة ببعض ضاربي الإيقاع اليمنيين لإظهار الإيقاع اليمني الصحيح بأنواعه المختلفة. إن مساهمة هؤلاء الموسيقيين والفنانين في نشر الأغنية اليمنية بألوانها المختلفة والتعريف بها في الخارج سوف يسهم في الحفاظ على تراثنا الغنائي وفي أن يحتل مكانة مرموقة ومتقدمة ويخلق نوعاً من التنافس الشريف في مختلف الفنون على المستوى العربي والدولي وفي النهاية سوف يضع حداً لما يحصل هذه الأيام عند البعض الذي تأثر بالألوان الغنائية اليمنية واخذ ينهل من معينها دون مراعاة لذكر المصدر أو نسبها إلى أصحابها الحقيقيين ونحن لا ننكر أنهم بهذا أنما يسهمون في نشر الأغنية اليمنية بشكل أو بأخر لما لهذا الفن من أصالة وشهرة ونجاح لكننا نقول لكل من استهواه الغناء اليمني : لا بأس من اغتراف ما هو مفيد وناجح ومشرق بشرط الإشارة إلى أصحابه الحقيقيين لضمان حقوقهم المادية والمعنوية والحفاظ على هوية الغناء اليمني ونقدر تقديراً عالياً جهود المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون ونطالبها بالمزيد من العمل وإعطاء هذا الجانب أهمية خاصة ونطالب ايضاً الجهات المعنية في وزارتي الثقافة والإعلام بإعداد قانون يحمي الإبداع اليمني وأصحابه ويقاضي كل من يتجرأ وينسب لنفسه أي عمل يمني في كل مجالات الإبداع المختلفة. يقول الباحث والموسيقار اليمني عبدالقادر قائد: ... تختلف الحان الموشح الغنائي اليمني المعروف بالأغنية الصنعانية عن سائر الألحان التراثية في البلاد العربية جميعاً وذلك أن تراكيبها الموسيقية المكونة لجملها اللحنية اليمنية على موازين إيقاعية لرقصات شعبية ومقامات موسيقية بنفحة محلية تنفرد بها دون غيرها جعلت منها الحاناً مميزة راقية المستوى وأضفت عليها نكهة يمنية خاصة).