يحسب للرئيس علي عبدالله صالح انه غير وجهة الربيع العربي الذي طالت رياحه اليمن، وجعلها أكثر سلمية وثباتا للمؤسسات الدستورية بتوقيعه المبادرة الخليجية، لضمان انتقال سلمي للسلطة، وهو موقف أصر عليه منذ بداية الأحداث قبل عشرة أشهر، مبدلاً بذلك ما رسخ في أذهان الجميع من نماذج، أكان الفرار على طريقة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، أو العزلة الدولية والحرب الأهلية والقتل كما حدث لمعمر القذافي، أو تسليم السلطة إلى العسكر وتصاعد خطاب الثأر والتشفي والانفلات الأمني كما حدث في مصر.سيشهد التاريخ لهذا الرجل إيصاله بلاده إلى بر الأمان رغم كل الأحداث الدموية التي كانت تريد بعض القوى الإقليمية منها جعل اليمن أسيراً لحروب لا تنتهي و محطة انطلاق للمؤامرات على كل دول المنطقة، إلا انه لم يهب كل الضغوط، حتى تلك التي استهدفته شخصيا عبر محاولة الاغتيال الفاشلة، وتمسك بموقفه الذي اكتشف الجميع في النهاية صوابيته، حين تأكدوا أن هدفه تغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى، محتفظا في الوقت نفسه بمكانته بين شعبه ومؤيديه، ومثيرا بتوقيعه المبادرة ارتياحا ليس في اليمن وحده، بل في العالم اجمع.لن يخرج علي صالح من التاريخ بخفي حنين أو إدانة كما هي الحال مع من يعاندون شعوبهم ويذيقونهم مر العذاب من اجل تمسكهم بكراسيهم حتى لو كان ذلك على حساب آلاف القتلى والمشردين والمعتقلين، بل سيبقى يذكر انه الرئيس العربي الوحيد الذي استطاع نقل بلاده من التقسيم إلى الوحدة، وسلم سلطاته سلميا أمام هامة عربية وعالمية كبيرة هي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبرعاية دول مجلس التعاون الخليجي، والأمم المتحدة.اليوم تدخل اليمن مرحلة جديدة أساسها التعاون المشترك بين جناحي الوطن التي قال عنها خادم الحرمين في كلمته أثناء حفل توقيع المبادرة موجها كلمته إلى وفدي اليمن” اليوم تبدأ صفحة جديدة من تاريخكم تحتاج منكم اليقظة وإدراك المصالح وتحقيق أهداف الحرية بكل إشكالها التي لا يمكن لها أن تستقيم من دون مسؤولية”، وهذه هي المسؤولية التي أدركها الرئيس علي صالح منذ البدء وكانت نتيجتها أن الغالبية اختارت العمل تحت راية الوطن لبناء دولة أكثر عصرية مستفيدة من الامتحان الصعب الذي خضعت له في الأشهر الماضية، لا تعرقل مسيرتها بعض الأصوات الرافضة لهذا الانتقال السلمي للسلطة، فيما يشرف الرئيس علي صالح من بعيد على المرحلة الانتقالية بكل راحة بال، متكئا على انجازاته الكثيرة، ومتحصنا بالملايين من المؤيدين الذين يواصلون دعم ثباته على موقفه.علي عبدالله صالح بات منذ الآن نموذجا للرؤساء الذين يستطيعون بالصبر والثبات أن يصنعوا مستقبلا أفضل لبلادهم بعيدا عن الإرهاب والترعيب، فهذه هي الديمقراطية التي تريدها الشعوب العربية.[c1]* رئيس تحرير صحيفة (السياسة) الكويتية[/c]
أخبار متعلقة