غضون
* لما قال المفكر والكاتب العربي الخبير محمد حسنين هيكل إن ما يجري في اليمن ليس ثورة بل قبيلة تحاول أن تتحول إلى دولة، غضب منه كتاب إصلاحيون وموالون لقائد الفرقة الأولى مدرع وأولاد الأحمر رؤساء قبيلة حاشد، وبدلاً من مناقشة رؤية هيكل راحوا يرمونه بالتهم والطعن في عرضه، وثأروا لثورتهم على هذا النحو وهم في الأساس يؤدون دور مثقف القبيلة التي يعلمون جيداً أنها قد حملت بقايا الشباب المعتصمين مشروعها الكبير الذي تحاول من خلاله إحلال نفسها مكان الدولة بصورة متكاملة، بعد أن تمكنت خلال الفترات الماضية - بنفوذها وبمساعدة الدولة- من أن تكون نصف دولة أو دولة موازية للدولة التي حاولت الحركة الوطنية بناءها، ولم تفلح في ذلك بحكم تغلغل نفوذ وقوة القبيلة في نظام الحكم وتحالفه معها. وما يدور اليوم في اليمن هو حركة مسلحة قبلية، وحاشدية تحديداً، تضافرت معها حركات مسلحة تأثير القبيلة فيها واضح لأن بنية تلك الحركات قبلية في الغالب، وكل هذه هي حمالات المشروع القبلي لإحلال القبيلة محل الدولة، وبعد أن وجدت القبيلة أن هناك محاولات جادة لبناء دولة القانون أو دولة المؤسسات ازدادت ضراوتها.* وثأروا من هيكل بدعوى أنه أنكر وجود ثورة شبابية في اليمن، ولا مبرر لهذه الحمية المفتعلة لثورة شباب غير موجودة فعلاً، بدليل أن كل ما يدور حول هذه الأزمة السياسية من تفاعلات ومساعي تسوية لا تأخذ في الحسبان ما يسمى الثورة الشبابية، ولا تعدها طرفاً سياسياً، ولا يوجد أصلاً من يمثلها، ولم يعترف بها مجلس الأمن الذي لم يذكرها في قراره المعروف، فالأمر كله اعتصامات ومظاهرات يستخدمها المشترك وحلفاؤه كقوة ضغط ليس إلا، وأكد قياديون في الإصلاح غير مرة ان حزبهم سوف ينهي هذه المظاهر بمجرد البدء في تنفيذ المبادرة الخليجية.لقد خرج الشباب في البداية في ثورة للمطالبة بالتغيير، ولأن التغيير ليس مطلباً للقوى التقليدية فقد خشيت من تطور ثورة الشباب وصولاً الى تحقيق تغيير، لذلك بادرت الى اكتساح الساحات الشبابية وحملتها مشروعها الخاص وألغت المشروع الشبابي.. اختصرت المهمة في تنحية شخص الرئيس، وعسكرت المسيرات وأحلت القبائل المسلحة محل الشباب الذين غادروا خيامهم.* كل ما يتعلق بالشباب من أنشطة فعاليات وهيئات صار مسخراً لخدمة الإصلاح ومشايخ حاشد الكبار واللواء علي محسن وفرقته.. وكل هؤلاء مشروعهم قبلي.مهمة من تبقى من الشباب تنظيم مسيرات تضامن مع علي محسن والصلاة على جثامين من قتلوا في الحصبة في سبيل مشروع شيوخ الأحمر، حتى المجلس الوطني الشبابي الذي يترأسه محمد سالم باسندوة مشغول بالدفاع عن علي محسن وشيوخ الأحمر أكثر من أي شيء آخر، ومن يجمع ما صدر عن هذا المجلس من بيانات ويفرزها حسب القضايا التي تبناها سيجد أن ثلاثة أرباعها لا علاقة لها بالشباب او القضايا الحقيقية للشباب، والمجلس المذكور الذي ولد ميتاً لم يكن فيه للشباب أي تمثيل، وهذه الأيام يسعى بعض الشباب المستقلين الذين يصرون على الادعاء أنهم ثوار، يسعون لتشكيل مجلس وطني بديل أو نظير لمجلس باسندوة. وبعد هذا كله يقوم كتاب اللواء ومشايخ القبيلة والإصلاح بالصراخ في وجه هيكل وشتمه لمجرد أنه أطلق وصف ثورة القبيلة على عنف القبيلة التي تريد أن تكون دولة بديلة للدولة، بعد أن كانت دولة موازية للدولة أو دولة داخل الدولة.