الضرة في حياة المرأة اليمنية
تحقيق / دنيا هاني: تعدد الزوجات هي قضية اجتماعية في مجتمعاتنا العربية ولها العديد من الجوانب السلبية في نظر البعض بسبب عدم تقبل النظرة المجتمعية للزوجة الثانية أو من تعرف بـ (الضرة) فهناك من ينظر لها بأنها إنسانة ظالمة لأنها اقتحمت حياة امرأة أخرى لتشاركها زوجها، والقليل من يرون أنها إنسانة دفعتها الظروف للقبول بهذا الوضع.وهناك العديد من التجارب الناجحة وأيضاً الفاشلة في مسألة زواج الرجل من أخرى فبعضها تنتهي بالطلاق وبعضها تنتهي بمشاكل لا نهاية لها وبعضها تنتهي بنتائج غير مرضية للطرفين .بعض الفتيات يرفضن مبدأ الزوجة الثانية ويفضلن أن يبقين طوال حياتهن عوانس على أن تشاركهن نساء أخريات في أزواجهن . وهناك من يقبلن بذلك حتى يهربن من لقب ( العانس ) ويتمسكن بمثل «ظل راجل ولا ظل حيطة»..فبين القسمة والنصيب وبين القبول والرفض وبين السلب والإيجاب وما حلله الشرع في هذا الشأن وبين الاختلاف في وجهات النظر وكذا الظروف التي تفرض على المرأة القبول بأن تكون ضرة لامرأة أخرى أو تقبلها لدخول امرأة أخرى حياتها قمنا باستطلاع بعض تجارب النساء في هذا الجانب.[c1]إهانة [/c] قالت الأخت نوف 21 سنة: نعم سوف أقبل بالزواج من رجل متزوج بأخرى إذا كنت أحبه فالشرع حلل له بالزواج من أربع و إذا كان غير مقصر معي وسوف يعطيني حقوقي كاملة فسوف أرضى بذلك.بالنسبة لي كانت لدي ظروف شخصية منعت الشخص الذي أحبني من الارتباط بي وأن أكون الزوجة الأولى بالنسبة له فتزوج بأخرى. لكن بعد أن انتهت الظروف وأصبح قادراً على اتخاذ قراراته بنفسه من دون تدخل الأهل طلبني للزواج مرة أخرى فوافقت.. فلا مانع عند أهلي خاصة أن والدتي كانت الزوجة الثانية وعانت الظروف نفسها بالنهاية نقول كل شيء قسمة ونصيب.. فالإنسان منا يمر بظروف صعبة تفرض عليه أن يقبل أمورا خارجة عن إرادته.وتابعت حديثها : واني وافقت من الزواج به وهو متزوج بأخرى فذلك لا يعني أن أرضى أن يتزوج علي فهذا مستحيل لأنه بفعلته هذه قلل من كرامتي وأعتبرها إهانة بالنسبة لي ولا أنسى موضوع الغيرة.. يكفي أني رضيت أن أعيش هذا الوضع وبالآخر يأتي بأخرى .. فإذا قام بذلك فلن أستمر معه. فقبولي بذلك كان لأن الظروف منذ البداية فرضت علينا الفراق وكانت حائلاً بيني وبينه وكنت أتمنى لو كنت أنا الأولى في حياته لكن الزمن لا يرحم و( ما كل ما يتمنى المرء يدركه).[c1]ظلم واضطهاد[/c]أما الأخت أم محمد 23 سنة مطلقة فقد تزوجت برجل سعودي الجنسية يكبرها سناً ومتزوج بأخرى ولديه أولاد والسبب كان الظروف الصعبة التي كانت تعاني منها هي وأهلها لهذا قبلت به شريطة أن يكون لها سكن خاص بها لكنها عندما سافرت وذهبت معه تفاجأت بأنه أسكنها مع زوجته الأولى وفرض عليها العيش معها رغماً عنها وهي لم تكن راضية بهذا الوضع ولكن لم يكن بيدها أي شيء تفعله وهي في الغربة سوى الصبر والقبول ولكن نتيجة لظلمه لها والاضطهاد والمعاملة القاسية التي تلقتها من زوجته الأولى سئمت من العيش معه على هذا الحال ( فلم أكن راضية من البداية وانصدمت عندما جعلني أمام الأمر الواقع فقد كان إحساسا صعبا لا يوصف ولم أستطع التأقلم معه والعيش بمنزل واحد مع زوجته التي كانت تغير عليه كوني أصغر منها سناً وأفوقها جمالاً وحدثت الكثير من المشاكل حتى طلبت منه الطلاق وعدت لبلدي وأحاول الآن تربية ابني ولو فكرت بأن أرتبط مرة أخرى فلن أتزوج برجل متزوج بامرأة أخرى أو أن أعيش مع ضرة ويكفيني ما قاسيته من تجربتي الأولى وأفضل من أرتبط به ألا يكون متزوجا أومطلقا فبنظري لو تزوجت برجل ولديه أولاد فسوف يفضل أولاده على ابني وإذا تزوجت وزوجي تزوج بأخرى فسوف انفصل عنه فوراً ولن أرضى بهذا الحال أبداً).وأنصح البنات اللاتي لم يكملن السن القانونية للزواج بألا يتسرعن ويتزوجن في سن مبكرة لأن عواقبه وخيمة وألا يقبلن على أنفسهن أن يدخلن على ضرة أو تدخل عليهن ضرة ويعانين مثل ما عانيت ويصبحن هن وأولادهن في الشارع وهذا عن تجربة شخصية..[c1]العادات والتقاليد[/c]الأخت (ل.ج.م) 33 سنة مطلقة: أنا قبلت أن أدخل على ضرة ولكني لا أقبل أن أسكن معها في بيت واحد، تجنباً للمشاكل والحساسية وطبعاً الغيرة..وما جعلني أقبل بهذا الوضع إني تزوجت أول مرة من شخص كنت أنا الأولى بالنسبة له ولكن لم يكن هناك نصيب بيننا فانفصلنا وتزوجت من كنت أحبه قبل زواجي من الأول ووافقت من الزواج به ولكن دون علم أهله لأن أصله من يافع وعندهم العادات والتقاليد تفرض على الرجل الزواج من أهله فقط ولا يخرج خارج إطار العائلة ولكن أهلي وأصدقائي والمقربين كانوا يعلمون بهذا الزواج وحدثت مشاكل كثيرة وفضلت الانفصال عنه وآمنت بنظرية أن الرجل بالنهاية مرجعه إلى زوجته الأولى وأولاده وتبقى الثانية محطة عابرة بالنسبة له .بعد تجربتي وبعد أن ذقت الأمرين تغيرت وجهة نظري لأمور كثيرة لهذا أنصح كل فتاة لم تخض تجربة الزواج بعد أو أي امرأة مطلقة بالا ترضى على نفسها أن تكون الزوجة الثانية لأنها سوف تعاني الكثير خاصة في ظل هذه الأوضاع .الرقم واحد وقالت الأخت منى 18 سنة: بالنسبة لي لن أرضى بأن أكون الزوجة الثانية أو أدخل على ضرة أوان يتزوج زوجي علي.. أريد أن يكون الرجل الذي أتزوجه لي وحدي. وإذا حصل وتزوجت وفرض علي أن يتزوج بأخرى فسوف أخيره بيني وبينها أو سوف أطلب الطلاق فهذا هو الحل. [c1]النصيب جمعنا[/c]وروت أم عهد 38 سنة قصتها وقالت: تزوجت من رجل متزوج بأخرى ولكنه كان على خلاف معها وانفصلا، وافقت على الزواج منه وهو متزوج بأخرى لأنه حكى لي ظروفه واستحالة استمراره مع زوجته فوافقت ببادئ الأمر على ذلك واستمرت خلافاتهم إلى ما بعد إنجابي الابن الأول ثم سافر إلى البلاد التي تقطن فيها زوجته الأولى وعاد ومعه ابنته بيده وطلب مني استضافتها فترة ورحبت أنا بالفكرة خاصة أنها كانت ما تزال صغيرة بعمر سنتين ونصف فقرار انفصاله من زوجته الأولى لم يكن لي ذنب فيه، ثم بعد ذلك قمت بتربية ابنة زوجي واعتبرتها كابنتي وحتى الآن هي معنا ولم أفرق بينها وبين أخوتها وهي تقول لي (ماما).وتضيف أم عهد: أنا لم ادخل على ضرة حتى أخرب بيتها النصيب هو من جمعني بزوجي بعد استحالة استمراره معها وأنا لم أكن سأوافق أدخل على ضرة إلا عندما عرفت ظروفه واستحالة استمراره معها.[c1]لفتــة[/c] هذه الحالات لم تكن إلا واقعاً تعيشه المرأة اليمنية فالحكاية ليست فقط تقبل المرأة لزوجة أخرى أو زواج المرأة من رجل متزوج، الحكاية تكمن في سبب تقبل المرأة للزواج والدخول على ضرة هل هي حقاً الهروب من شبح العنوسة أم الهروب من ضغوط الأهل المفروضة عليها.فبعض النساء قمن بتجربة الزواج والموافقة على أن تكون ضرة لزوجة أخرى ولكن أكثر هذه التجارب باءت بالفشل ولم تنجح ، فتهدمت بيوت وضاع أطفال لأن الاختيار من الأول لم يكن صائباً، فرغم الظروف التي تفرض على بعض النساء يجب أن يكون العقل حاضراً في تقرير سير حياتها قبل أن تقول: «نعم موافقة».. وإلا فالطلاق هو نهايتها.- وفيما يخص الآثار الاجتماعية والنفسية لظاهرة تعدد الزوجات على المرأة ومدى تأثير ذلك على الأبناء كان للدكتور/ عبد الرحمن عبد الوهاب علي اختصاصي في الصحة النفسية أستاذ الصحة النفسية المساعد في جامعة عدن رأيه حول ذلك وقال: تعدد الزوجات تتداخل فيه عوامل عديدة ولعل أهم الآثار التي توصلنا لها في دراسة علمية قمنا بها في هذا الجانب إذتشير النتائج إلى وجود آثار نفسية واجتماعية و تعدد الزوجات يؤدي إلى اضطرابات نفسية عند المرأة في ظل الحياة الزوجية القائمة على المشاكل والخلافات والتوتر. ويمكن القول إنه ينشأ عن تعدد الزوجات آثار اجتماعية ونفسية على المرأة منها أنه:- يسبب المشاكل والخلافات داخل الأسرة.- يساعد على الطلاق.- يضعف العلاقة العاطفية بين الزوج وزوجاته.- يزيد من التوتر وسرعة الانفعال.- يضعف الإشباع العاطفي لكل الزوجات.- يضعف العلاقة بين الأبناء والآبـاء.حيث أن المشاكل الأسرية وتفاقمها وعدم معالجتها لها من أهم الأسباب المؤدية إلى الاضطرابات والأمراض النفسية كالإحباط ، القلق ،الاكتئاب ،الانفعالات الشديدة ... إلخ. وهنا تبرز أكثر وضوحاً الآثار الاجتماعية والنفسية سواء من حيث الآثار السلبية التي تعاني منها المرأة في حياتها الزوجية والأسرية الناتجة عن تعدد الزوجات والتأثيرات النفسية تتجلى بعدم الشعور بالسعادة وسرعة الانفعال إلى جانب مشكلات النوم والأرق والانطواء والانعزال والخوف.آثار تعدد الزوجات على الأبناء : الأبناء هم الذين يحصدون أي مشاكل اجتماعية ونفسية تنتج عن تعدد الزوجات باعتبارهم ترمومتر الأسرة الذي يستجيب لأي مشاكل أو خلافات أو إهمال يحدث في داخل الأسرة من قبل الآباء، ويؤثر على الأبناء ويؤدي إلى عدم متابعة الأسرة لواجبات الأبناء ويضعف العلاقة بين الآباء والأبناء وشعور الأبناء بعدم تماسك الأسرة والتأثير السلبي على التحصيل الدراسي.من الآثار النفسية حدوث تغير سلبي في سلوك الأبناء بسبب فقدان الاطمئنان النفسي مايؤدي الغيرة والحسد بين الأبناء والى الكره والنفور الذي من شأنه أن يؤثر سلباً على شخصية الطفل ويخلق له المشكلات في المستقبل ، كما يضعف تعدد الزوجات العلاقة بين الآباء والأبناء ويقلل من الاهتمام بالأبناء وفهم احتياجاتهم من قبل آبائهم ، ويعجز الأب عن السيطرة على خلافات الأبناء من أمهات مختلفة . أما بالنسبة لتقبل المرأة تعدد الزوجات فهو يعود لأسباب متعددة منها:- الخوف من الطلاق .- تدخل الأهل.- التركيز على العائد المادي (الإغراءات المادية) بالنسبة للبعض.- الحفاظ على الأبناء.- أن تكون المرأة عاقراً، أو لا تلد سوى البنات واعتقاد بعض الناس منذ القدم أن الذكر امتداد لأبيه.- الخوف من العنوسة.[c1] همسة للرجل[/c]على الرجل أن يحكم عقله جيداً عند اتخاذ قرار الزواج من أخرى ويراعي مشاعر زوجته الأولى حتى يتجنب هدم بيت الزوجية، صحيح أن الشرع حلل للرجل الزواج من أربع ولكن هناك شروط لهذا التحليل وهو أن يكون هناك سبب لزواجه بالأخرى كأن تكون زوجته عاقراً ولا تنجب أو تكون خلفتها بنات وهو يريد ولداً مع أن هذا يعتبر جهلاً وعدم رضى بما قسمه الله، وأن تكون دائمة المرض أو لاستحالة عيشهما سوياً تحت سقفاً واحداً ومع هذا يجب عليه أيضاً أن يتصف بالعدل والمساواة.وهنا الحكم الشرعي واضح وصريح في هذا الصدد ولا يحتاج إلى الشرح وفق ما ورد في الكتاب والسنة وأعمال الصحابة والتابعين بقوله تعالى: «وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة». فهذه الآية أصلفي مشروعية تعدد الزوجات ويخطئ من يخلط بين هذه الآية والآية التي تقول :«ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم» فهذه الآية نزلت لبيان عدم إمكانية العدل بينهن من حيث المشاعر والعواطف والأحاسيس فحسب. فمهما حاول الرجل أن يعدل فلن يستطيع لأنه لا يتحكم بقلبه ومشاعره.فعليك أيها الرجل أن تراعي حق المرأة ومشاعرها جيداً وتذكر أنها هي من وقفت معك وشاركتك حياتك بمزاياها وعيوبها.