تعتقد بعض أطراف النزاع على السلطة في بلادنا أن بمقدورها ثني ذراع النظام الحاكم والانقلاب عليه بالقوة والارتداد عن النظام الديمقراطي القائم تمشياً مع موضة ما يسمى بثورات الربيع العربي أو الفوضى الأمريكية الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط. وتناست هذه الأطراف أن أزمة اليمن الراهنة ليست بهذه السهولة وهذا التبسيط الذي يمكن أن يتصوره المرء فالواقع اليمني أكثر إشكالية وتعقيداً لعدة أسباب وعوامل من أهمها: وجود كمية هائلة من الأسلحة قد تصل إلى ما يقارب الستين مليون قطعة سلاح في أيدي اليمنيين فإذا كان عدد سكان اليمن عشرين مليون نسمة مثلاً فإن لكل مواطن منهم ثلاث قطع من تلك الأسلحة الوفيرة التي لاحصر لها. ناهيك عن أن الدولة مازالت تمتلك القوة الضاربة التي لو استخدمتها لحلت كارثة في البلد ومازالت تمتلك زمام الأمور والسيطرة والمبادرة وتمتلك الشرعية ويمكن أن تفرض هيبتها بالشكل الذي تراه مناسباً إلا أنها تفضل لغة الحوار العقلاني مع كافة الأطراف المعارضة مع استطاعتها حسم الموقف بالقوة لصالحها فلديها من الإمكانيات ما يؤهلها للقيام بذلك ولكنها تستخدم الحكمة والعقلانية وتفضلهما على الانتحار والتهور في اتخاذ قرارات متسرعة وغير صائبة تحاول أطراف المعارضة جرها إليها لكي يصل الطرفان إلى حرب أهلية نسأل الله أن يجنب البلاد والعباد ويلاتها أو الوصول إليها.. آمين.وأي قوة أو قوى أخرى معارضة للنظام تحاول إيقاظ الفتنة النائمة ستبوء بالفشل لأن كل قوة من تلك القوى تعرف مقدار وزنها وثقلها وتأثيرها على الساحة وعلى المجتمع بأكمله وقد شاهدنا ولمسنا ذلك في تجربة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وانتخابات المجالس المحلية. وهناك سبب ثالث يقف عائقاً أمام تغلب طرف على آخر واغتصابه للسلطة أو اختطافها منه يتمثل في انقسام أغلب الأطراف المتصارعة في اليمن فالأحزاب منقسمة والقبائل منقسمة والجيش منقسم والشباب منقسمون حتى رجال الدين منقسمون وكل هذه الانقسامات أدت إلى ضعف كل تلك القوى بل وعملت على تأخير حسم الموقف لصالح طرف على حساب الطرف الآخر. وهناك سبب رابع تخشاه كل الأطراف في بلادنا فهي تعلم بأن المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي لليمن لا يقبل بانتزاع السلطة عن طريق القوة بل عن طريق الحوار والنهج الديمقراطي الذي اختطته اليمن لنفسها منذ عقدين من الزمن وتعلم تلك الأطراف أن العالم لا يقبل باستبدال نظام فاشل بنظام أفشل منه تتطابق أهدافه مع أهداف القاعدة والإرهاب في شبه جزيرة العرب. السبب الخامس له علاقة بالأغلبية الصامتة التي يمكن تشبيهها بالقنبلة الموقوتة ولا يمكن التكهن بميلها وتعاطفها تجاه النظام أو تجاه المعارضة فكل طرف يراهن على وقوف هذه الأغلبية معه ومحاولة استمالتها إليه عبر وسائل إعلامه ومن خلال خطب الجمع واستغلال المساجد للأهداف الحزبية والإسلام السياسي. وهناك سبب سادس ربما يعود للتباين الحاد بين مستويات الوعي السياسي والدهاء والحنكة والمكر السياسي بين أطراف النزاع والصراع على السلطة في بلادنا وهذا السبب عمل على إطالة زمن الأزمة وعدم انفراجها أو تغلب طرف على طرف آخر بسبب انسداد أفق المعارضة وعنادها وتصلبها ومكابرتها ومراوحتها في مكانها وغبائها في التفكير بطرق أخرى منطقية تخرجها من نفق التفكير بالانتصار السريع عن طريق الانقلاب أو الصدام العسكري وإدخال البلاد في حلقة العنف والفوضى وعدم الاستقرار وربما يعود السبب إلى اختلاف أحزاب المعارضة فيما بينها لوجود عناصر من المرتزقة بينها وتجار حروب يعملون على تثبيط وإفشال كل خطة تجعل المعارضة تتفوق على الحكومة وعلى النظام وربما تفتقر المعارضة إلى بعض الوسائل والإمكانات المادية التي تؤهلها للتغلب على السلطة كالأسلحة المدمرة والحاسمة والفتاكة التي لو وصلت إلى أيدي المعارضة لحلت الكارثة باليمن لاسمح الله. وهناك أسباب أخرى لا يتسع المجال لذكرها في مقال صغير في هذه الصحيفة تحول دون اغتصاب السلطة بالقوة.
أخبار متعلقة